الخليج الجديد:
2024-06-15@06:00:09 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT

مأزق المجتمع المدني العربي اليوم

"مأزق" المجتمع المدني العربي اليوم

يطرح عدوان إسرائيل على غزة أسئلة متعدّدة على المجتمع المدني العربي على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة.

تتعرّض منظومة القيم الغربية اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية.

تتلقّى مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، حكومات أو مؤسّسات معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه المؤسّسات والدول انحازت لعدوان إسرائيل على غزة.

توترات وأزمات متلاحقة نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، لا تصيب فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل مركز إنتاج القيم الديمقراطية وادّعاء الحرّيات الأكاديمية!

* * *

أحد أكبر الخاسرين والمتضرّرين اليوم من الحرب على غزّة المجتمع المدني العربي، إذ تطرح عليه الحرب الحالية أسئلة متعدّدة، على صعيد القيم والدور والأجندة، بصورة غير مسبوقة سابقاً، ومردّ ذلك انحياز الولايات المتحدة وأغلب دول الغرب الكبير والسافر لعدوان إسرائيل على غزة، وتجاهل كامل لكل قيم حقوق الإنسان والحرّيات والقيم الإنسانية والأخلاقية والديمقراطية في التعامل مع ملفّ "الإبادة الجماعية" في غزّة.

لربما يتجاوز المجتمع المدني هذه الأزمة الكبيرة، بعد نهاية الحرب على غزّة بالتدريج، لكنه سيبقى يعاني من آثارها بصورة كبيرة وجوهرية فترة طويلة؛ ما يعود إلى أسبابٍ عديدة، ثلاثة منها رئيسية:

يتمثل الأول في المعضلة الأخلاقية، إذ تتلقّى أغلب مؤسّسات المجتمع المدني تمويلاً من الغرب، سواء على صعيد الحكومات، أو حتى المؤسّسات المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، أو المؤسسات الدولية والإقليمية، وهذه معضلة أخلاقية، فهذه المؤسّسات والجهات والدول انحازت للعدوان الإسرائيلي، وتخلّت عن كل ما يتعلق بالقيم التي دعمت مؤسّسات المجتمع المدني لتحقيقها في مجتمعاتها.

ويرتبط السبب الثاني بسؤال المصداقية؛ فالقيم التي تتبنّاها أغلب مؤسّسات المجتمع المدني العربي الحالية تقوم على التقاطع الواضح مع القيم الديمقراطية والليبرالية، وأجندات حقوق الإنسان، والحرّيات الإعلامية والعامة، وغيرها من ملفّات متعلقة بهذا المجال المشتبك مع المجتمع المدني والثقافة الغربية.

وتتعرّض هذه المنظومة بأسرها اليوم لاختبار المصداقية والشك لدى أغلب فئات المجتمع العربي التي رأت بأمّ عينيها زيف الدعاوى الأميركية والغربية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، عندما يتعلق الأمر بالإنسان العربي، فمن الواضح أنّها تأتي ضمن أدنى اهتمامات الحكومات الغربية.

في المقابل، نجد أنّ خطاب "صدام الحضارات" طغى على جيل الشباب في العالم الإسلامي اليوم، وهو يشاهد هذا الانحياز الكامل للغرب، خصوصاً من الولايات المتحدة، واستدعاء المسؤولين اليمينيين الإسرائيليين والأميركيين رموز وخطابات دينية لتبرير الموقف الإسرائيلي ودعمه بصورة كبيرة، بغضّ الطرف تماماً عن حجم المعاناة الإنسانية الهائلة في غزّة.

السبب الثالث، الانكشاف الاستراتيجي، إذ طالما اتّكأت مؤسّسات المجتمع المدني على قلق الدول العربية من ردات الفعل الأميركية والغربية لأي انتهاكات لأجندة حقوق الإنسان والحرّيات العامة، وما يتعلق ببعض ملفات الديمقراطية، وهي الأجندة التي تراجعت أهميتها بصورة كبيرة ضمن سياسات أميركا والغرب تجاه العالم العربي والإسلامي، منذ مجيء إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، وتجديد الصفقة التاريخية مع "الأنظمة السلطوية" العربية، وصعود الاتجاهات اليمينية الشعبوية عموماً في دول عربية وأوروبية عديدة.

مع ذلك، بقي هنالك خلال الأعوام الماضية اهتمام من مؤسّسات أميركية وغربية ببعض ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان، أما اليوم فمع الحرب على غزّة، فواضحٌ أنّ هذا الاهتمام تراجع إلى أدنى مستوى، إن لم يكن تبخّر بالكلية من الاهتمامات من السياسات الأميركية والغربية عموماً.

أكثر الأطراف شماتة بمؤسّسات المجتمع المدني، وأقصد هنا التي تحمل رسالة سياسية مرتبطة بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، هي الحكومات العربية، التي طالما اتّهمت، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، هذه المؤسّسات والعاملين في هذا الحقل بالعمل لصالح السفارات الغربية.

وربما وصلت بعض الخطابات والنقاشات الداخلية إلى وصمهم بالعمالة والخيانة، وعملت على تشويه صورة هذه المؤسسات والربط بينها وبين الأجندات والخطابات الغربية، وهو الأمر الذي استثمرته، وستعمل على ذلك في المرحلة المقبلة.

كتبت الباحثة الشابة، ميرنا السرحان، قبل أيامٍ مقالاً مهماً (نشره الموقع الإلكتروني لمعهد السياسة والمجتمع) عن أزمة القيم والحريات الأكاديمية في عقر دار الغرب، وفي مصنع الإنتاج المعرفي ومركز تأطير القيم الديمقراطية والليبرالية، والمقصود الجامعات الغربية والأميركية نفسها.

وقد استشهدت بالتوترات والأزمات المتلاحقة التي دخلت بها هذه الجامعات والأكاديميين، نتيجة الموقف من الحرب على غزّة، وهي أزمة تصيب ليس فقط السياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، بل المركز الأساسي لإنتاج القيم الديمقراطية وادّعاءات الحرّيات الأكاديمية نفسها!

*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب أميركا الحريات الليبرالية المصداقية حقوق الإنسان الإبادة الجماعية المجتمع المدني العربي عدوان إسرائيل على غزة الدیمقراطیة وحقوق الإنسان المجتمع المدنی العربی هذه المؤس المؤس سات

إقرأ أيضاً:

أمريكا وبريطانيا وكندا تتهم روسيا بالتدخل في الانتخابات المولدوفية

اتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، اليوم الخميس، روسيا بتنفيذ نشاط تخريبي والتدخل في الانتخابات المولدوفية.


وجاء في بيان على الموقع الرسمي للخارجية الأمريكية أن حكومات كندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، متحدون في مواجهة الأنشطة الروسية ضد المجتمعات الديمقراطية.

وأكدت الحكومات "مواصلة دعم أوكرانيا في دفاعها عن حريتها واستقلالها ضد العملية الروسية واسعة النطاق"، والوقوف بحزم "ضد محاولات الكرملين المستمرة لاستخدام المعلومات المضللة والأنشطة السرية لتقويض السيادة والعمليات الديمقراطية"، وفقا للبيان.

وقال البيان إن الانتخابات الحرة والنزيهة والمستقلة هي حجر الزاوية في أي مجتمع ديمقراطي.

وأشار إلى أن التهديد الذي تمثله روسيا يكتسب أهمية خاصة في عام 2024، وهو العام الذي سيذهب فيه مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الشمالية إلى صناديق الاقتراع لاختيار قادتهم في الانتخابات الأوروبية والوطنية والإقليمية والمحلية.

لفت البيان إلى أن رئيسة مولدوفا مايا ساندو والمؤسسات الأمنية في مولدوفا حذروا من أن الكرملين يسعى إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية في مولدوفا في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل والاستفتاء على عضوية مولدوفا في الاتحاد الأوروبي.

أووضح البيان أنه "اليوم ودفاعاً عن قيمنا الديمقراطية المشتركة، نتخذ هذه الخطوة لتحذير شركائنا الديمقراطيين وحلفائنا من أن الجهات الفاعلة الروسية تنفذ مؤامرة للتأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية في مولدوفا في خريف عام 2024".

 

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي السابق يتحدث عن استمرارية مشروع الراحل المهدي المنجرة في الدفاع عن القيم
  • «أبوظبي للدفاع المدني» تطلق برنامج التوعية لعام 2024
  • أمريكا وبريطانيا وكندا تتهم روسيا بالتدخل في الانتخابات المولدوفية
  • محافظ المنوفية يسلم أجهزة كهربائية ومنزلية لــ 53 عروسة من المقبلات على الزواج
  • المحكمة العالمية لفلسطين في جنيف تعلن برنامج عملها لملاحقة مجرمي الاحتلال
  • المحكمة العالمية لفلسطين في جينيف تعلن برنامج عملها لملاحقة مجرمي الاحتلال
  • تحذير إسرائيلي: نتجه نحو مأزق أمني خطير لهذا السبب
  • بمناسبة عيد الطبيب البيطري… إطلاق الرابطة السورية للصحة العامة والبيئة
  • العالم الحر..!
  • المنظمة الديمقراطية للشغل تدعو حكومة أخنوش لاتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء عمل الأطفال