يقول خبراء ومحللون إن تزايد الحديث الإسرائيلي عن الوصول بالعمليات العسكرية إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، يعني وقوع كارثة بحق النازحين الموجودين بالمنطقة، مؤكدين أن الموقف المصري خاصة، والعربي عموما من هذه الأزمة يبدو متخاذلا.

وقال اللواء فايز الدويري إن الأحاديث تتزايد بشأن وجود تنسيق إسرائيلي مصري بشأن رفح ومحور فيلادلفيا بينما لا يوجد موقف مصري واضح من هذه الأحاديث.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الدويري إن وصول الحرب إلى رفح يعني كارثة حقيقية "لأن أكثر من مليون نازح لن يكون أمامهم مكان يذهبون إليه، خاصة أن مصر تؤكد رفضها تهجير الغزيين إلى أراضيها".

وتحدث الدويري عن صعوبة حسم معركة خان يونس حتى يقال إن النازحين سيعودون إليها، مشيرا إلى أن حديث وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت عن حسم الأمور بالمدينة خلال أسبوع يتناقض مع الواقع على الأرض.

وأوضح أن خان يونس بها أقوى ألوية كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)-، وأشرس كتائب الفصائل الأخرى، مستبعدا بسط إسرائيل سيطرتها عليها خلال أسبوع، كما يقول غالانت.

تسويق انتصار زائف

الرأي نفسه ذهب إليه الخبير في الشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين، بالقول إن حديث غالانت عن قرب حسم معركة خان يونس، يأتي في إطار محاولات تسويق انتصار غير حقيقي للداخل الإسرائيلي، الذي ينتظر هذا الانتصار صباح كل يوم منذ 4 أشهر.

وفي السياق، قالت داليا فهمي -أستاذة العلوم السياسية بجامعة لونغ آيلاند- إن تحويل الحديث إلى رفح يعكس شعور الحكومة الإسرائيلية بأن الشراع غير راضٍ عنها، ولا عن نتائج العملية العسكرية.

لكن هذا التحول إلى رفح -برأي داليا- يعني أن الفرص الإستراتيجية تتضاءل أمام الحكومة الإسرائيلية، ويطرح أسئلة بشأن شكل النصر الذي تريده إسرائيل، والمكان الذي يمكن للنازحين الذهاب إليه.

ومن وجهة نظر إيهاب جبارين، فإن هذه الضبابية تعكس عدم وجود خطة لدى إسرائيل، ويؤكد أن مجلس الحرب يواصل البحث عن نصر ينقذ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقادة جيشه.

إلى جانب ذلك، فإن إسرائيل تحاول -أيضا- تحقيق كل الإنجازات التي أخفقت في إنجازها حتى وهي تحتل القطاع، خصيصى ما يتعلق بالأنفاق، كما يقول إيهاب، الذي يعتقد أن إسرائيل تخطط لاحتلال رفح وفيلادلفيا، وضمهما للمنطقة الآمنة التي تريد إنشاءها.

موقف مصري مبهم

غير أن دخول إسرائيل إلى رفح -حسب داليا- مرهون بالموقف المصري إلى حد كبير، "وهو موقف يبدو معقدا جدا؛ لأن القاهرة لا تتعامل بطريقة نظيفة في هذه المعركة"، وفق تعبيرها.

وأضافت "مصر حصلت على ضمانات من الرئيس الأميركي جو بايدن بأنها لن تشارك في تهجير السكان، وهي في الوقت نفسه تحصل على رشاوى للسماح بعبور المساعدات (7 آلاف دولار للشاحنة)، رغم أن ما يدخل لا يمثل 10% من الاحتياجات، كما أنها تحصل -كذلك- على 7.5 آلاف دولار من كل فرد يرغب بمغادرة القطاع.

وترى داليا أن علاقة مصر بإسرائيل وأميركا مبهمة، وأن على القيادة المصرية نقل الرفض الشعبي للتهجير إلى الأطراف الأخرى.

أما الدويري فقال إن الموقف المصري والعربي عموما هو "موقف متخاذل ما لم يكن متآمرا"، مضيفا "لو كان هناك موقف عربي واضح، لما جرى ما يجري".

وأشار الدويري إلى أن حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن وجود عراقيل في الجانب الفلسطيني وليس المصري من معبر رفح البري، "يتناقض مع فكرة السيادة المصرية"، حسب قوله.

وأضاف الدويري "لقد فُتح المعبر رغم أنف إسرائيل في 2012 (خلال فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي)، ودخل أعضاء الحكومة المصرية إلى قلب غزة خلال الحرب".

بدوره، خلص إيهاب إلى أن إسرائيل تحاول تدمير كل البنية المدنية في القطاع؛ لأنها تدرك أن هذا سيكون النصر الوحيد الذي يمكن تحقيقه في هذه المعركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى رفح

إقرأ أيضاً:

تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط

بقدر ما أظهر استمرار حرب الإبادة تصاعُد الخلاف بين إسرائيل وبين الغرب الأوروبي، بقدر ما أظهرت تداعيات وقف الحرب خلافاً متنامياً مع آخر حليف لتل أبيب أي واشنطن، وكما قدرنا سابقاً ومنذ أكثر من شهرين مرا على البدء بتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة، فإن حكومة بنيامين نتنياهو، لم تلتزم تماماً بتلك الخطة، التي وافقت عليها على مضض، ليس من سبب إلا لأن وقف الحرب جرى دون ان تحقق هدفها بعيد المدى، وهو تهجير سكان قطاع غزة، وضم أرضه تالياً لدولة إسرائيل الكبرى، وتجلى عدم التزام إسرائيل بوقف النار من خلال قتل نحو أربعمائة مواطن، ومواصلة تدمير ما تبقى من منازل، كذلك عبر تعميق ما يسمى بالمنطقة الصفراء التي تحتلها دون ان يكون فيها سكان سبق لها وان أجبرتهم على النزوح، والأهم ان مواصلة إطلاق النار، تبقي على احتمال مواصلة الحرب قائماً في مخيلة أركان الحكومة الإسرائيلية، بما يعني بأنها منذ البادية راهنت على وقف تنفيذ الخطة عند حدود الخط الفاصل بين مرحلتيها الأولى والثانية.

والحقيقة هناك كلام كثير يمكن أن يقال، لنؤكد على أن إسرائيل اليمينية المتطرفة حالياً، تعتقد بأنها وصلت إلى اللحظة التي أعدت لها أولاً أوضاعها الداخلية، وثانياً العلاقة مع الجانب الفلسطيني، وثالثاً الشرق الأوسط برمّته ليكونوا قد باتوا جاهزين لقيام دولة إسرائيل العظمى، عبر مصطلح خادع قال به بنيامين نتنياهو علناً وصراحة قبل أكثر من عام، وهو تغيير الشرق الأوسط، والأهم هو أن نتنياهو وطاقم الحكم المتطرف يعتقد بأنه إن لم يحقق ما يصبو اليه الآن، فلن ينجح في ذلك لاحقاً، أي ان هذه الحرب ليست كما كانت سابقاتها، حيث دأبت إسرائيل على شن الحروب سابقاً بمعدل مرة كل بضع سنوات، تحتل خلالها أراضي عربية إضافية، او تحقق أهدافاً أمنية_سياسية، وحين تواجه عقدة مستعصية توافق على وقف لإطلاق النار، لتقوم بالتحضير لتحقيق ما عجزت عنه فيما بعد، هذه المرة يعتقد المتطرفون الإسرائيليون أصحاب مشروع إسرائيل العظمى والكبرى، بأن العالم يتغير بسرعة في غير صالحهم، لذلك فهذه هي فرصتهم الأخيرة، لذلك يمكن القول بأنهم غامروا لدرجة ان يخسروا تأييد الغرب الأوروبي، ويغامرون اليوم بالمراهنة حتى آخر رمق من تأييد ودعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ذلك أن أميركا بعد ترامب ستكون ذات موقف مختلف.

لن نعيد في هذه المقالة، ما سبق لنا وقلناه عن دوافع وتفاصيل تلك الصورة، التي اتضحت خلال حرب العامين على فلسطين وعلى ست دول شرق أوسطية، لكن بالمجمل فإن كون إسرائيل كدولة بعد نحو عشر حروب خاضتها، بل بعد ما يقارب من ثمانين عاماً، على قيامها، أي منذ نشأتها حتى اليوم، والأهم بعد اربع معاهدات سلام وقعتها مع ست دول عربية، وعدد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار، ما زالت في حالة حرب، ليس فقط مع فلسطين، بل مع الشرق الأوسط برمّته، والأخطر بعد ان كانت تبدو في حالة حرب مع الدول العربية، بغض النظر عن كلها أو بعضها، باتت حالياً في حالة حرب مع الدول العربية والدول الإسلامية، وباختصار، باتت الشوفينية الإسرائيلية لا تكتفي بمواصلة مطالبة واشنطن بالحفاظ على تفوقها العسكري على مجمل دول المنطقة فرادى ومجتمعين وحسب، بل باتت تقول علناً بأنها تسعى لتغيير الشرق الأوسط، ولا تنكر ان طريقها لذلك هو إفراغ الشرق الأوسط من عوامل القوة العسكرية، بما يشمل تغيير الأنظمة، وأنها في سبيل ذلك تواصل شن الحرب، وأنها لا تثق بأحد، ولهذا فهي اليوم باتت في حالة حرب مع فلسطين ولبنان وسورية واليمن وإيران، فيما علاقتها متوترة مع الآخرين: مصر، الأردن، تركيا، قطر، السعودية، أي الجميع.

والحقيقة أن كون إسرائيل ما زالت في حالة حرب، منذ نشأتها، وهذا أمر لم يحدث في تاريخ العالم، سوى مع الدول الاستعمارية، نقصد المغول والبيزنطيين الذين أقاموا في مناطق شاسعة من العالم قروناً، كذلك الاستعمار في القرن العشرين، مثال الجزائر وفيتنام، يعني أو يؤكد بأن إسرائيل ورغم انه لاح وكأن اتفاقيات او معاهدات السلام التي عقدتها مع مصر أولاً ثم فلسطين والأردن، ولاحقاً مع الإمارات، البحرين والمغرب، قد وضعت حداً، او أنها قد فتحت الباب لإغلاق باب الحروب بينها وبين محيطها الشرق أوسطي، العربي والإسلامي، لكن ذلك لم يحدث، ولا حتى في عالم الرياضة، حيث هي حقل لجمع الدول، بما بينها من خلافات، حيث كان فريق الاتحاد السوفياتي في ظل الحرب الباردة يشارك في مباريات كرة القدم مع منتخبات الغرب الأوروبي في كؤوس العالم، بينما إسرائيل تشارك ضمن المنافسات الأوروبية، رغم أنها دولة آسيوية جغرافياً، وكثيراً ما انسحب المشاركون في مسابقات رياضية دولية، من دول عربية إفريقية ودول إسلامية تجنباً لمنافسة الرياضيين الإسرائيليين.

أي أن معاهدات واتفاقيات السلام والتطبيع، خاصة المصرية والأردنية منها، بقيت حبراً على الورق الرسمي، بينما كان توقيعها مناسبات لرفع وتيرة مواجهة التطبيع على الصعيد الشعبي. باختصار نريد القول، بأن إسرائيل لا قبل ولا خلال ولا بعد توقيع أربع اتفاقيات ومعاهدات سلام، صارت دولة طبيعية في الشرق الأوسط، وهي ما زالت دولة لم تحظ بشرف عضوية ذلك النادي الدولي، وربما كانت هذه الحقيقة التي لا شك بأنها تنغص حياة الإسرائيليين، أحد الدوافع التي تجعل منها شعاراً لمن يطمح في الحكم، وقد كان شعار السلام منذ ما بعد إعلان قيامها عام 48 طريقاً للأحزاب التي تنافست على الحكم خلال عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات حتى توقيع معاهدة كامب ديفيد مع مصر، أما شعار الشرق الأوسط الجديد، فقد تلا انتهاء الحرب الباردة، ورافق مفاوضات مدريد التي أجبر عليها اليمين الليكودي الحاكم عام 1991، وإعلان اتفاق أوسلو من قبل آخر حكومات اليسار، وبالتحديد من عراب أوسلو الإسرائيلي شمعون بيريس، الذي حرص على ان تشمل مفاوضات الحل النهائي مع (م ت ف) مفاوصات متعددة الأطراف، إقليمية بالطبع، لتقديم ما يغري الجانب الإسرائيلي بقيام شرق أوسط جديد، كنادٍ اقتصادي تكون لها فيه عضوية فاعلة، بالتوازي مع المفاوضات الثنائية مع الجانب الفلسطيني التي ستفضي الى الانسحاب الجغرافي.

أي أن الشرق الأوسط الجديد بمفهوم بيريس الذي بشّر به قبل أكثر من ثلاثة عقود، آخذاً بعين الاعتبار المتغير الكوني بعد انتهاء الحرب الباردة، ونشوء العلاقات بين الدول على أساس الشراكة الاقتصادية، اعتمد على أن نفوذ الدول بات مرهوناً باقتصادها وليس بتوسعها الجغرافي أو قوتها العسكرية، بينما شرق أوسط بنيامين نتنياهو، هو نقيض ذلك تماماً، حتى أن السلام عند بيريس كان يستند لمبدأ الأرض مقابل السلام، بينما عند نتنياهو يعني فرض الأمن بالقوة العسكرية، وقد كان يمكن أن يتحقق شرق أوسط جديد على أساس شراكة دوله وشعوبه في الأمن والسلام والرخاء الاقتصادي، ضمن نظام عالمي قائم على هذا المفهوم أساساً، ومثل هذا الشرق الأوسط ليس بعيداً، مع ملاحظة العلاقات البينية بين دوله، العربية والإسلامية، اي دول الخليج ومصر وكل من تركيا وايران، لكن ما حال دون ذلك هو إسرائيل بحكوماتها اليمينية التي تقول بتغيير الشرق الأوسط كله ليتوافق مع طبيعتها الاستعمارية، بينما المنطقي هو ان تتغير هي لتتوافق مع شرق أوسط طبيعي متوافق مع النظام العالمي.

هذه الوجهة هي التي ستفرض على إسرائيل التغيير الداخلي، وأهم سماته لفظ اليمين المتطرف، وإعادة التأكيد على دولة المؤسسات الديموقراطية، وذلك بالشروع فوراً في تحقيق جملة من الشروط هي: الانسحاب من ارض دولة فلسطين ومن الأراضي العربية المحتلة، وتصفية كل المناطق الأمنية، وإن كان لا بد من مناطق أمنية فعلى الجانبين، ثم تطبيق حق العودة والتعويض، مع تقديم ضمانات أمنية لدول الجوار، لأن إسرائيل هي الأقوى عسكرياً وهي التي تعتدي وتحتل، كذلك نزع الصفة الدينية عنها وبث رسالة سلام وتعايش للجوار.

وأهم أمر على إسرائيل أن تُقْدم عليه او إعلان الحدود الجغرافية النهائية للدولة، وكذلك دستورها الذي يثبت بأنها دولة طبيعية مدنية تعيش مع جيرانها وفق منطق حسن الجوار، كل ذلك يتطلب أولاً إحالة نتنياهو، عراب إسرائيل الكبرى الى المعاش السياسي، ثم إسقاط اليمين المتطرف، حتى يمكن التوصل لحل الدولتين.

الأيام الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • تأهيل إسرائيل لعضوية الشرق الأوسط
  • هل تنفذ إسرائيل تهديداتها ضد لبنان؟.. محللون يجيبون
  • الجمعية العامة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بإنهاء قيودها على وصول المساعدات إلى غزة
  • الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بإنهاء قيودها على وصول المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة تعتمد قرارا يطالب إسرائيل بضمان وصول المساعدات إلى غزة
  • الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهام
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
  • إعلام إسرائيلي نقلا عن مسؤول: لقاء نتنياهو وترامب المرتقب سيحدد موقف إسرائيل من التصعيد في لبنان
  • محللون: العقوبات الأميركية وحدها لن توقف الحرب في السودان
  • خالد الغندور يستعيد ذكرياته مع إيهاب توفيق ونجوم راحلين