قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري إن تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال في قطاع غزة أمر متوقع في هذه المرحلة من الحرب، مع بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي التوغل بعملية عربات جدعون إلى عمق المناطق المبنية.

وأضاف أن طبيعة هذه المرحلة تفرض على فصائل المقاومة اعتماد تكتيكات الكرّ والفرّ، من خلال نصب كمائن مركبة تشمل الاستطلاع، والاستدراج، ثم تفجير العبوات الناسفة والألغام، واستخدام الأسلحة القصيرة مثل "التاندوم" و"الياسين"، يليها الاشتباك المباشر ثم الانسحاب إلى العقد القتالية في الأنفاق أو المباني المدمرة.

وشدد في تحليل للمشهد العسكري في قطاع غزة على أن هذه الكمائن لن تكون الأولى ولن تكون الأخيرة، متوقعا تكرارها خلال الأيام المقبلة في مختلف مناطق قطاع غزة، في ظل ما سماه "ديناميكية المقاومة" التي تتطور وفق قدراتها المتاحة.

وكانت الأيام الأخيرة قد شهدت تصاعدا لافتا في وتيرة العمليات النوعية التي نفذتها فصائل المقاومة، تزامنا مع إعلان الاحتلال عن توسيع عملياته الميدانية جنوبي القطاع، خاصة في مدينة رفح، حيث يواجه مقاومة عنيفة في محيط معبر كرم أبو سالم ومخيم الشابورة.

إعلان

وقد أقرت مصادر عسكرية إسرائيلية بمقتل وإصابة عدد من الجنود خلال هجمات مباغتة تعرضت لها قواتها.

عمليات مستقلة

وفي تعليقه على العمليات الثلاث التي وقعت خلال اليومين الأخيرين، أوضح الدويري أن كل واحدة منها جرت في مكان مختلف ومن قبل فصيل مقاوم مختلف، مما يدل على استقلالية التخطيط والتنفيذ وتوزع العمل الميداني.

وأشار إلى أن عملية محاولة اختطاف القائد الميداني في ألوية الناصر صلاح الدين، أحمد كامل سرحان، بخان يونس جنوبي قطاع غزة، نُفذت على الأرجح عبر وحدة إسرائيلية خاصة تتبعت تحركاته بعد عودته إلى منزله، مرجحا تورط وحدات مثل "دوفدوفان" أو "شَلداغ".

ويرى الخبير العسكري أن يقظة القائد في ألوية الناصر صلاح الدين ورفضه الوقوع أسيرا أدى إلى فشل العملية، رغم استشهاده، لافتا إلى أن أسره لو تم كان سيكون مكلفا جدا للفصائل الفلسطينية لما يحمله من معلومات حساسة.

وقد نشرت ألوية الناصر بيانا نعت فيه قائدها الميداني، وأكدت أن فشل الاحتلال في أسره يمثل "هزيمة استخباراتية وميدانية"، في حين أكدت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تراقب بدقة أداء القوات المتوغلة ولن تسمح لها بالتمركز في المناطق المدنية.

كمين معقد

أما العملية الثانية، فكانت كمينا معقدا نفذته كتائب القسام في بيت لاهيا، وذكّر بأساليب عمليات "كسر السيف" و"أبواب الجحيم"، من حيث التخطيط الذي شمل استطلاعا ميدانيا، واستدراجا للقوة المقتحمة، وتفجير حشوات ناسفة، ثم الاشتباك المباشر، وتأخر نشر تفاصيل الكمين حتى عودة المقاومين إلى مواقعهم الآمنة.

وبثت كتائب القسام لاحقا مشاهد مصورة للعملية أظهرت تفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار كثيف من مسافة قريبة، وهو ما أكده جيش الاحتلال لاحقا معلنا مقتل عدد من جنوده خلال الاشتباك.

العملية الثالثة، وفق الدويري، تمثلت في تفجير حقل ألغام زرعته سرايا القدس في أحد المحاور التي تمر منها آليات الاحتلال، وتم تفجيره لحظة عبورها، مما أدى إلى تدمير عدة آليات وإصابة من فيها، بحسب ما نشرته السرايا في بيانها.

إعلان

وتأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه التساؤلات داخل الأوساط الإسرائيلية حول فاعلية العمليات البرية، لا سيما مع اعتراف تقارير أمنية بوجود "محدودية في الإنجاز التكتيكي"، و"ثغرات في التنسيق بين الوحدات"، في مقابل تصاعد أداء الفصائل الفلسطينية على الصعيدين الاستخباراتي والميداني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الفلاحي: كمين الشجاعية عملية عسكرية متكاملة عكست قراءة دقيقة لمسرحها

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الكمين الذي نفذته سرايا القدس في حي الشجاعية (شرقي مدينة غزة شمالي القطاع) يمثل عملية عسكرية متكاملة، اتسمت بالتخطيط المسبق والدقة في التنفيذ، وأظهرت قدرة المقاومة على نقل المعركة من مرحلة إلى أخرى بزخم متواصل أربك الجيش الإسرائيلي وأفقده توازنه.

واعتبر الفلاحي -في تحليل للمشهد العسكري في غزة- أن مراحل الكمين، من إعداد حقل الألغام إلى استهداف الدبابة والمنازل، ومرورا بالاشتباك المباشر، تؤكد أن المقاومة وضعت خطة متسلسلة شملت التحضيرات اللوجستية، مثل حفر نفق أرضي خلال 3 أيام، وهو ما يدل على قدرة تنظيمية عالية وكفاءة قتالية متميزة.

وكانت الجزيرة بثت مشاهد حصرية لكمين مركب نفذه مقاتلو سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– ضد رتل للجيش الإسرائيلي في مربع الهدى بشرق الشجاعية، بدأ بتفجير عبوات مضادة للدروع استهدفت الآليات المتوغلة في المنطقة.

وبعد التفجير، استُهدفت دبابة إسرائيلية بقذيفة "آر بي جي"، في حين تحصنت القوات الإسرائيلية داخل المنازل القريبة، ليتم قصفها لاحقًا بصواريخ "107" وقذائف "تي بي جي"، وسط اشتباكات مباشرة من المسافة صفر مع عناصر المقاومة.

شمولية التخطيط

وأوضح الفلاحي أن أحد أبرز المؤشرات في هذا الكمين هو تعدد الأسلحة المستخدمة وتنوعها، بما يعكس مدى شمولية التخطيط، إذ تم توظيف العبوات الناسفة، والصواريخ المضادة للتحصينات، والهاونات، إلى جانب إشراك مجاميع قتالية صغيرة تتمتع بخبرة عالية، وهو ما يشكل السمة الأساسية لحروب العصابات.

وأشار إلى أن المقاومة امتلكت زمام المبادرة في جميع مراحل العملية، خاصة في قدرتها على رصد تحركات العدو وإحكام السيطرة النارية عليه، مع توثيق دقيق لكل خطوة عبر منظومة قيادة وسيطرة متقدمة، وهذا ما ظهر في التصوير الميداني الذي رافق العملية منذ بدايتها حتى لحظات الاشتباك النهائي.

إعلان

من جهته، أكد قائد عملية الشجاعية في سرايا القدس -في تصريح للجزيرة- أن نحو 40 جنديا وضابطا إسرائيليا وقعوا بين قتيل وجريح في هذا الكمين، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال فقدت القدرة على رد الفعل واكتفت بالهروب والصراخ، في حين رُصدت جثث متفحمة لجنود داخل المنازل المستهدفة، وفق تعبيره.

وتابع الفلاحي أن اللافت في العملية أن المقاومين توقعوا تحركات العدو، فقد أدركوا أن الجنود سينسحبون إلى المنازل المجاورة بعد تفجير الدبابة، وهو ما دفعهم لتجهيز صواريخ لاستهداف تلك المباني، مما يعكس فهما دقيقا لأسلوب القتال الإسرائيلي ومهارة استباقية في رسم رد الفعل المحتمل.

قدرات لوجستية عالية

وأبرز الفلاحي -في حديثه- الدور الحيوي الذي أدته وصلة النفق الأرضية التي حفرت خلال 72 ساعة، قائلا إن إنجازها بهذه السرعة وفي منطقة متوغلة يعكس قدرة لوجستية عالية في ظروف استثنائية، ويؤكد مرة أخرى أن المقاومة باتت تعتمد في إستراتيجيتها على مبدأ المبادرة وتحديد أرض المعركة وفق إرادتها.

وفي المقابل، رأى الفلاحي أن مشاهد فرار الجنود الإسرائيليين إلى داخل أحد المنازل الذي ضم نحو 10 عناصر ثم استُهدف بصاروخ "107"، أظهرت حالة من الارتباك في صفوف الجيش وفقدانه القدرة على المناورة، مما أدى إلى وقوع خسائر كبيرة في الأرواح وتدمير شبه كامل للمبنى.

وكان القائد الميداني في سرايا القدس قد أشار -عبر قناة التنظيم في تلغرام- إلى أن جنوده نفذوا كمينا مركبا ضد رتل آليات إسرائيلية، بدأ بتفجير حقل ألغام، ثم استُهدفت القوات التي لجأت إلى المنازل بصواريخ موجهة وقذائف متخصصة، قبل أن يتطور الاشتباك إلى مواجهة مباشرة على الأرض.

وأضاف الفلاحي أن استخدام القاذفة من داخل غرفة مغلقة لاستهداف الدبابة يظهر إصرار المقاومين، رغم أن الرد الناري من الفوهة يشكل خطرا على الرامي نفسه، فإنه عكس إقداما واضحا لدى المنفذين الذين تعاملوا مع العملية بروح قتالية عالية وخبرة تراكمية مكتسبة من تجارب سابقة.

طمس الخسائر

وحول تدخل الطيران المروحي الإسرائيلي، أوضح أن هذه المروحيات غالبا ما تستخدم لتقديم إسناد قريب أو لنقل القتلى والجرحى، لكن في معارك المدن وعند تتداخل مواقع الاشتباك، يصبح التمييز بين الصديق والعدو أمرا بالغ الصعوبة، مما يفقد الغطاء الجوي فعاليته في لحظة الاشتباك.

وتابع أن الجيش الإسرائيلي يسعى في كل مرة لطمس خسائره وتخفيف وقعها على الجبهة الداخلية، موضحا أن الإعلان عن عدد القتلى لا يعكس الواقع، خاصة في حال استهداف مركبات -كالمدرعات والدبابات- التي تحمل أكثر من فرد، وهو ما يجعل الخسائر أكبر مما يُعلن رسميا.

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد ذكرت أن 30 ضابطا وجنديا قتلوا منذ استئناف الحرب في 18 مارس/آذار الماضي، في حين أشارت صحيفة هآرتس إلى مقتل 20 جنديا خلال يونيو/حزيران الماضي، وأعلنت وسائل إعلام عبرية مقتل 3 جنود يوم الجمعة شمالي وجنوبي القطاع.

وأكد الفلاحي أن العملية كشفت عن منظومة متكاملة لدى المقاومة، تبدأ من جمع المعلومات واختيار مسرح المواجهة، وتصل إلى استدراج القوات وتكبيدها خسائر مؤثرة، مرجحا أن تكون حصيلة القتلى الإسرائيليين في كمين الشجاعية أكبر بكثير مما اعترف به جيش الاحتلال.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الفلاحي: كمين الشجاعية عملية عسكرية متكاملة عكست قراءة دقيقة لمسرحها
  • في ختام أسبوعه الأول.. المخيم الطبي الثاني لجراحة حَوَل العين ينجز 150 عملية جراحية مجانية في المخاء
  • الدويري: المقاومة تصعّد عملياتها بضربات متزامنة ومتباعدة جغرافيا
  • جيش الاحتلال يعترف بمقتل جندي جديد بنيران المقاومة شمال قطاع غزة
  • حدث أمني واشتباكات عنيفة جنوبي قطاع غزة
  • تزايد المؤشرات لإبرام اتفاق غزة واستعداد كييف لشراء أنظمة دفاع جوي.. تفاصيل
  • “سرايا القدس”: قصفنا مستوطنة “سديروت” بالصواريخ
  • إعلام العدو يقر: حماس تفك شيفرة الجيش وتحوّل جنوده إلى أهداف مكشوفة في غزة
  • خبير عسكري: عمليات المقاومة المتتالية تحرم الاحتلال السيطرة على الأرض
  • "القسام" تستهدف دبابة ميركافا.. ومقتل جندي إسرائيلي و5 إصابات بهجمات في غزة