الجزيرة:
2024-06-12@04:23:26 GMT

باكستان.. انتخابات بلا عمران خان

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

باكستان.. انتخابات بلا عمران خان

أيام تفصلنا عن انتخابات حامية الوطيس في باكستان المقررة في الثامن من فبراير/ شباط الحالي، لتفرز لنا برلمانًا فدراليًا وأربعة برلمانات محلية، تدير الأقاليم الباكستانية الأربعة، والتي تشكل أكثر من رُبع مليار نسمة.

لكن هذه الانتخابات تجري في ظروف داخلية وإقليمية ودولية صعبة للغاية- لاسيما مع الفجوة التي حصلت بين العسكر الذين حكموا البلاد أكثرَ من نصف عمرها، إثر توتر العلاقة مع زعيم حزب "الإنصاف" عمران خان الذي أُقيل من الحكم، ثم تم إدانته وسَجنه، وهو التقليد الغالب بين العسكر والسياسة على امتداد تاريخ باكستان، بأن يسبق إقالةَ أي رئيس وزراء منتخب توترٌ في العلاقة، ثم حرمان من العمل السياسي يصحبه النفي والإبعاد غالبًا، ربما باستثناء حالة عمران خان الذي كان من نصيبه الحرمان من المشاركة السياسيَّة مع السَّجن.

عمران خان.. الغائب الحاضر

الحكم على زعيم حزب "الإنصاف" عمران خان بالسَّجن عشر سنوات مع وزير خارجيته سابقًا شاه محمود قريشي بتهمة تسريب وثائق تخص أمن الدولة، أثار حفيظة المؤيدين والمتعاطفين مع الحزب، وزاد من الشقة بين الحزب الممثل للطبقة الشبابية، وبين الدولة العميقة الممثلة بالعسكر، لاسيما أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ باكستان التي يتهم فيها رئيس حكومة بتسريب وثائق تخصّ أمن الدولة.

كان عمران خان ووزير خارجيته قد سرَّبا للعلن برقية واردة من السفير الباكستاني في واشنطن تفيد بتهديد حكومة خان، ما أدَّى إلى إقالته وتنحيته عن السلطة، وبدأ على إثرها يروج عمران خان وجماعته أن الجيش أزاحه عن السلطة بأوامر أميركية، ونظرًا لرواج نظرية المؤامرة وتحديدًا فيما يتعلق بالتدخلات الأميركية في باكستان التي خبرها الباكستانيون على مدى تاريخهم القصير، فإن تصريحات خان قد لقيت رواجًا، وقبولًا، خاصة وسط الشريحة الشبابية، حيث انتشرت كالنار في الهشيم.

المعركة الانتخابية على ما يبدو، ستكون بين حزب "الشعب الباكستاني" بزعامة بيلاول بوتو وزير خارجية باكستان سابقًا، ونجل بي نظير بوتو، وبين حزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف العائد من لندن بعد حرمان من العمل السياسي سنواتٍ بقرار قضائي

ربما لو لم يتم تسريب الوثيقة، فإن مسألة قبول التورط الأميركي في إزاحته لن تكون بالمستوى الذي حصل بعد تسريب الوثيقة، فقد سبق أن اتَّهم غالبيةُ رؤساء وزراء باكستان السابقين ومن بينهم نواز شريف وبي نظير بوتو أميركا بتنحيتهما عن السلطة، حين أقدم الجيش على ذلك.

وما زلت أتذكر حين قالت لي بي نظير بوتو في مقابلة صحفية، بعد إقالتها الثانية في عام 1998: إن من أقالها شركة يونوكول الأميركية، وذلك لتفضيل بوتو يومها شركة بريداس الأرجنتينية على يونوكول في الحصول على مشروع مد أنابيب الغاز من تركمانستان إلى باكستان والهند عبر الأراضي الأفغانية.

بعد أيام على هذ الحكم بالسجن عشر سنوات، أُضيف إليه سجن لـ 14 سنة مع زوجته بشرى، وذلك بتهمة بيع هدايا تلقاها من رؤساء دول، وهو الأمر الذي يعارض القوانين التي تحكم مسلكيات كبار رجال الدولة.

حرمان عمران خان من العمل السياسي، وسجنه عشر سنوات، قد يدفعان الكثير من الناخبين الباكستانيين إلى التصويت له، خاصة وسط الشريحة الشبابية التي ترى في إقالته وحرمانه ثم سجنه ظلمًا واضحًا له، ولذلك لا يستبعد البعض أن يحقق نجاحًا في الانتخابات، بينما تتخوف شريحة منهم من عمليات تزوير للانتخابات، وهو ما قد يزيد من التّوتر السياسي والاجتماعي في البلاد، مما سيلقي بتداعيات سلبية على البلاد ومستقبلها.

المعركة الانتخابيّة بين شريف وبوتو

في الثامن من الشهر المقبل يتنافس 19 مرشحًا على المقعد النيابي الفدرالي أو المحلي الواحد، وهي أعلى نسبة في تاريخ الانتخابات الباكستانية القديمة، فقد تنافس عام 2017، سبعة عشر مرشحًا على المقعد الواحد، لتزيد بذلك نسبة التنافس عن انتخابات عام 1971 بـ 280%.

المعركة الانتخابية على ما يبدو، ستكون بين حزب "الشعب الباكستاني" بزعامة بيلاول بوتو وزير خارجية باكستان سابقًا، ونجل بي نظير بوتو، وبين حزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف العائد من لندن بعد حرمان من العمل السياسي سنواتٍ بقرار قضائي.

أما عمران خان وحزبه "الإنصاف" المحرومون من العمل السياسي بقرار قضائي أيضًا، فيشاركون في الانتخابات من خلال قائمة المستقلين، إذ بلغ عدد مرشحي عمران خان 236 المنافسين على مقاعد البرلمان الفدرالي، فزادت نسبة المرشحين المستقلين للانتخابات الحالية لـ 63%، بعد أن كانت 53% في الانتخابات الماضية، لعب المستقلون دورًا في تشكيل الحكومات المحلية السابقة من انتخابات 2018، فكانوا بيضة قبان حقيقية في هذه الانتخابات.

وبحسب مركز جالوب لقياس الرأي فإن نسبة دعم عمران خان تراجعت من 60% في العام الماضي إلى نسبة 57% بحسب الاستطلاع الذي صدر في العاشر من شهر يناير/ كانون الثاني، بينما زادت نسبة دعم نواز شريف في نفس الفترة من 36% إلى نسبة 52%، أما حزب "الشعب الباكستاني" فقد تراجعت نسبة دعمه من 36% إلى نسبة 35%.

نواز شريف الذي يتحدّر من إقليم البنجاب أكبر الأقاليم الباكستانية، والأكثر حضورًا في عملية صناعة القرار زادت شعبيته في الإقليم بحسب الاستطلاع من 57% إلى 60%، ويبلغ شريف من العمر 74 عامًا، وكان قد تولى رئاسة الحكومة لأول مرة عام 1990، ويبدو أن العسكر مرتاحون لعودته من لندن، لاسيما أن التحدي الاقتصادي كبير أمام باكستان، وبمقدور شريف أكثر من غيره التعاطي معه، نظرًا لخلفيته التجارية. وفي حال فوزه بالانتخابات سيكون رئيسًا لوزراء باكستان، للمرَّة الرابعة في تاريخه وتاريخ باكستان.

سبق للمحكمة العليا أن مهّدت الطريق لعودته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من خلال تبرئته مما نسبته إليه في السابق، فرفعت عنه الحرمان من التعاطي السياسي، ليعود الآن من لندن ويشارك في الانتخابات وربما يقود البلاد خمسَ سنوات مقبلة.

تراجعت نسبة ترشيح المرأة في الانتخابات الحالية عن الدورات الماضية، إذ لم تتجاوز نسبتها 4.77% من نسبة المرشحين، مما حرمها من بلوغ العتبة التي حددتها لجنة الانتخابات، وهو السقف الأدنى لضرورة مشاركتها كمرشحة والتي تبلغ 5%، فحزب عمران خان بلغت مشاركة المرأة فيه 8%.

أما على صعيد الشريحة الشبابية التي تتراوح بين 18- 25 سنة، فقد تراجعت النسبة بين مشاركة 19% في انتخابات 2018، إلى مشاركة حزب "الإنصاف" مثلًا بنسبة 17% من الشباب، أما حزب "الشعب" فكان أعلى منه، حيث بلغت النسبة 18%، لتتراجع نسبة مشاركة شباب حزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف إلى 13% فقط.

الشباب والثقة بالنظام السياسي

لعلَّ الأهم فيما يتعلق بشريحة الشباب ليس تمثيلهم أو عدم تمثيلهم في هذه الانتخابات، وإنما تراجع الثقة على ما يبدو في العملية الانتخابية، وهم يرون الحرمان السياسي الذي يعانيه بشكل متكرر قادة سياسيون، مثل نواز شريف، واليوم عمران خان ومن قبلهما بي نظير بوتو وشخصيات سياسية أخرى، ناهيك عن التهم التي وجهت لعمران خان وتسببت في سَجنة بقضيتين؛ الأولى: هي تسريب أسرار دولة وتحدثنا عنها، وكانت عقوبتها السجن عشر سنوات، والثانية: تلقيه هدايا من رؤساء دول خلال فترة حكومته، ثم قيامه ببيعها.

وهو الأمر الذي تسبب بفقدان الطبقة الشبابية الداعمة له، الثقةَ بالنظام السياسي والانتخابي في باكستان، وهو ما سيكون له تداعياته الخطيرة والعميقة ربما على الأمن والاستقرار الباكستانيين.

وفي استطلاع للرأي أُجري أخيرًا في باكستان، شارك فيه 2050 مستجوَبًا، وضع أكثر من 74% منهم ثقتهم في مؤسسة الجيش من ضمن ثماني مؤسسات تم اختيارها في عملية الاستطلاع، بينما برزت لجنة الانتخابات العامة الأقل ثقة في كل هذه المؤسَّسات الثماني، وتصدّرت المحكمة الباكستانية العليا المرتبة الثانية بحيث حصدت نسبة 58%، بينما جاءت الأحزاب السياسية في المرتبة الثالثة.

مثل هذا الاستطلاع يعكس مدى فشل المؤسسة التي ترعى الانتخابات العامة وتنظمها وتعلن نتائجها، وبالمناسبة كان المشمولون بالاستطلاع تتراوح أعمارهم بين 18، 35 سنة؛ أي من شريحة الشباب.

عنف ما قبل الانتخابات

يتخوّف الكثيرون من موجة عنف قد تؤثر على مسيرة الانتخابات، لاسيّما مع تَكرار الحوادث العُنفيّة التي شملت معظم الأحزاب المشاركة قبل أيام، وعلى رأسها حزب "الإنصاف" بزعامة عمران خان، وحزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف، وحزب "الشعب الباكستاني" بزعامة بيلاول بوتو، وكذلك حزب "العوام القومي" يساريّ التوجّه، بالإضافة إلى أحزاب إسلامية، وكثير من الأحزاب المناطقيّة.

هنا لا بد من أن تتنبه الحكومة الانتقالية المشرفة على هذه الانتخابات لمخاطر هذه التهديدات، ومعها قوى الأمن، فقد اغتيل مرشح لحزب "الإنصاف" بزعامة عمران خان بمنطقة باجور القبلية، وتبعه مقتل أربعة مؤيدين للحزب في تفجير لفعالية انتخابية بمنطقة سيبي، وتكرر ذلك في كراتشي، وكذلك في منطقة شمال وزيرستان القبلية حين استُهدف مرشح مستقل لكنه نجا بأعجوبة، وتعرض مرشح تابع لحزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف لمحاولة اغتيال في تربت بمنطقة بلوشستان، لكنه نجا منها، وإن كانت مثل هذه الحوادث معهودة في الانتخابات الباكستانية، ولكن يظل الخوف والقلق مسيطرَين على الشارع الباكستاني من إمكانية تطورها وتدهورها.

تحديات داخلية وخارجية للحكومة المقبلة

يقف على سُلّم أولويات تحديات الحكومة الباكستانية المقبلة، الواقع الداخلي، لاسيما المتعلّق بالنظام السياسي، وطريقة التعاطي مع مؤيدي عمران خان الغاضبين والقادرين على تعبئة الشارع الباكستاني في كل لحظة، بما يعرقل ويعيق عمل ونشاط أي حكومة باكستانية، بالإضافة إلى تحديات اقتصادية بعد تراجع الروبية الباكستانية بنسب مخيفة، وخوف رجال المال والأعمال على مصير أعمالهم وتجارتهم.

لذا قد يكون مجيء نواز شريف المنحدر من هذه الطبقة، رسالة طمأنة لهم، وللاقتصاد الباكستاني، بالإضافة إلى دوائر المال والأعمال العالمية، فقد قدّر صندوق النقد الدولي التضخم في باكستان لعام 2023 بـ 29.2% بعد أن كان في العام الذي سبقه 12.1%، بينما انهار حجم الناتج المحلي في عام 2022 من 6.1% إلى .5% لعام 2023، وسيبقى التحدي الدولي مهمًا وحساسًا جدًا، من حيث الموازنة بين العلاقات الباكستانية مع الصين وأميركا والهند وروسيا، في ظل احتدام التنافس بين هذه القوى الدولية والإقليمية، الذي وصل إلى حروب مباشرة أو غير مباشرة بينها، وبالتالي فإن باكستان تقف في عين العواصف الدولية.

لكن بغض النظر عمن سيفوز في انتخابات الثامن من فبراير/ شباط فإن السياسة الخارجية الباكستانية من نصيب وحصة العسكر، ولا يمكن أن يسمحوا لأي رئيس وزراء بالاقتراب من الخط الأحمر، والذي كان بارزًا في اقتراب عمران خان من روسيا عشية غزو أوكرانيا، فانقلب العسكر عليه، مما أدى إلى غضب أميركا منه، والمشاركة في الإطاحة به، كما يعتقد عمران ومؤيدوه، ولذا فأي صدام مقبل بين العسكر ورئيس حكومة باكستان مرتبط بهذه الحساسية المفرطة، حيث يرى العسكر أنهم الضامن لوجود وبقاء باكستان، ومثل هذه المفاصل أدوات لهذا الضمان.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرابطة الإسلامیة الشعب الباکستانی من العمل السیاسی هذه الانتخابات فی الانتخابات فی باکستان عمران خان عشر سنوات حرمان من من لندن بین حزب ة التی

إقرأ أيضاً:

اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟

يختتم الناخبون في 21 دولة بالاتحاد الأوروبي، بما في ذلك فرنسا وألمانيا، انتخابات البرلمان الأوروبي التي استمرت أربعة أيام، الأحد، في ظل توقعات بتحقيق الأحزاب اليمينية مكاسب غير مسبوقة قد تمنحها نفوذا أكبر في رسم السياسات وصناعة القرار داخل الاتحاد الأوروبي.

وتجري عمليات التصويت الأحد في حوالي عشرين دولة لاختيار أعضاء البرلمان الأوروبي، في ختام ماراثون انتخابي قد يعيد تشكيل التوازنات السياسية في البرلمان الأوروبي.

ودعي أكثر من 360 مليون أوروبي للإدلاء بأصواتهم لاختيار 720 عضوا في البرلمان الأوروبي، في انتخابات انطلقت في هولندا الخميس وفي دول أخرى يومي الجمعة والسبت.

وسيتم الإدلاء بالجزء الأكبر من الأصوات في الاتحاد الأوروبي، الأحد، حيث تفتح فرنسا وألمانيا وبولندا وإسبانيا مراكز التصويت، بينما تجري إيطاليا يوما ثانيا من التصويت.

مجموعات البرلمان الأوروبي

ويعد البرلمان الأوروبي أحد الكيانات الثلاثة الرئيسية بالاتحاد الأوروبي، إلى جانب المجلس الأوروبي الذي يبقى أعلى هيئة بالتكتل، ويضم رؤساء الدول والحكومات، ومجلس الاتحاد الأوروبي الذي يعرف كذلك بالمجلس الوزاري، والذي يضم ممثلين وزاريين مختصين عن كل بلد.

ولكل دولة من الدول الأعضاء عدد من المقاعد البرلمانية يتناسب مع عدد سكانها. وينقسم الأعضاء داخل الاتحاد إلى فرق ومجموعات برلمانية بناء على توجهات البرلمانيين وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية.

وبعد انتهاء الانتخابات في أوروبا، ستسعى الأحزاب السياسية إلى تعزيز التحالفات القائمة وتشكيل تحالفات جديدة.

وتقوم معظم الأحزاب السياسية في البرلمان الأوروبي بتشكيل تحالفات مع بعضها البعض، مكونة مجموعات أكبر مع أولئك الذين يتشاركون نفس الأيديولوجيا. ومن المتوقع أن تهز انتخابات هذا العام المشهد السياسي للبرلمان مع توقعات بزيادة في دعم الأحزاب اليمينية المتشددة مما سيعزز المجموعات القومية واليمينية المتطرفة.

وفي الوقت نفسه، ستبحث الأحزاب الجديدة في البرلمان الأوروبي عن مجموعات للانضمام إليها، وبعض الأحزاب التي أعيد انتخابها تبحث أيضا عن تحالفات جديدة.

خارطة التحالفات

1. حزب الشعب الأوروبي (EPP)

يمثل أكبر تجمع سياسي، وموقعه أقرب إلى يمين الوسط. ويضم أحزاب كبيرة مثل الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني (CDU) و"منصة المواطنين" البولندية. ويحظى بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان، ومن المتوقع أن يحتفظ بموقعه كأكبر مجموعة في البرلمان القادم.

2. التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D) 

يشار إلى هذه المجموعة عادة باسم الاشتراكيين والديمقراطيين، وهي ثاني أكبر مجموعة. وتضم أحزابا مثل الحزب الاشتراكي الإسباني والحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني.

3. كتلة "تجديد أوروبا"

تجمع هذه المجموعة بين الأحزاب الوسطية والليبرالية، بما في ذلك حزب "النهضة" الذي يقوده، إيمانويل ماكرون. ومن المتوقع أن تخسر مقاعد في الانتخابات.

4. المحافظون والإصلاحيون الأوروبيون (ECR)

تبقى المجموعة التي تحدث عنها محللون وصحفيون وسياسيون أكثر من غيرها خلال الأسابيع الماضية، وفقا لصحيفة "الغارديان"، التي أشارت إلى نقاش حول ما إذا كان يمين الوسط سيفتح الباب لمزيد من التعاون مع بعض أعضائها على الأقل.

وتضم هذه المجموعة، أحزابا مثل "إخوة إيطاليا" بقيادة، جورجيا ميلوني، وحزب "القانون والعدالة" المحافظ البولندي، إضافة إلى تجمعات مثل "فوكس" اليميني المتطرف الإسباني وحزب "استعادة فرنسا"، الذي أسسه، إريك زمور.

5. الهوية والديمقراطية (ID)

ويتشكل ائتلاف "آي دي"، من مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة، بما في ذلك "التجمع الوطني الفرنسي" بزعامة، مارين لوبان، وحزب الحرية النمساوي و"فلامس بيلانغ" البلجيكي. وفي مايو، تم طرد حزب "البديل الألماني" من المجموعة بعد سلسلة من الفضائح.

6. الخضر

ومن المتوقع أن تخسر مجموعة الخضر، التي تضم أعضاء مثل الخضر الألمان، مقاعد في هذه الانتخابات.

7. اليسار

تضم هذه المجموعة أعضاء مثل "فرنسا الأبية" الذي يقوده، جون جاك ميلانشون، و"شين فين" الأيرلندي.

اليمين المتطرف يتجه لـ"اجتياح" برلمان أوروبا.. ما التداعيات على القارة؟ مع اقتراب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، يظهر أن الساحة السياسية الأوروبية على موعد مع "تحول جذري" قد يعيد رسم خارطة سياسات الاتحاد الأوروبي وتوازن القوى بداخل أروقته، في ظل تصاعد شعبية الأحزاب اليمينية المتطرفة في أغلب أنحاء القارة وتوقعات تحقيقها مكاسب تاريخية في الاستحقاقات المقبلة. استطلاعات رأي

وتتوقع استطلاعات للرأي أن يخسر الليبراليون والخضر مقاعدهم، مما يقلل أغلبية يمين الوسط ويسار الوسط ويعقد الجهود الرامية إلى إقرار قوانين جديدة للاتحاد الأوروبي أو زيادة التكامل الأوروبي.

وتضرر العديد من الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة، وتساورهم مخاوف بشأن الهجرة وتكلفة التحول نحو الطاقة المتجددة، ويشعرون بالانزعاج بسبب التوترات الجيوسياسية المتزايدة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا، وفقا لرويترز.

ويبدو أن حزب الخضر الأوروبي سيكون من بين أكبر الخاسرين في الانتخابات. 

ويواجه الحزب رد فعل عنيف من العديد من الأسر والمزارعين وقطاع الزراعة الذي يعاني من ضغوط شديدة بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي باهظة التكاليف التي تحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

والتوقعات بالنسبة لكتلة "تجديد أوروبا" الليبرالية قاتمة أيضا، نظرا للتوقعات بأن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، سيهزم حزب إيمانويل ماكرون في فرنسا.

وذكرت صحيفة بوليتيكو، أن حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف يتجه للحصول على ثلث الأصوات، وهو ما يزيد عن ضعف الدعم الذي يحظى به أقرب منافسيه.

وفي ألمانيا، وعلى الرغم من سلسلة من الفضائح، يتجه حزب البديل لألمانيا (AfD) إلى احتلال المركز الثاني، متفوقًا على جميع الشركاء في الائتلاف الحاكم بقيادة المستشار، أولاف شولتز. 

أما في إيطاليا، يحلّق حزب إخوة إيطاليا الذي تقوده رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني بعيدا عن بقية الأحزاب المنافسة.

وفي النمسا، يمكن أن يمهد فوز حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف الطريق لانتصار في الانتخابات العامة للبلاد في أكتوبر.

وسيواجه رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، أصعب اختبار له منذ سنوات أمام زعيم المعارضة الجديد، بيتر ماجيار. ومن المتوقع أن يخسر حزبه "فيدس" ثلاثة من مقاعده الـ 12. وقد تضر نتيجة أسوأ من ذلك بطموحه في قيادة اتحاد للأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في أوروبا، وفقا لـ"فاينانشال تايمز".

ومع توقع نتائج مماثلة في العديد من الدول الأصغر في الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يضم البرلمان الأوروبي المقبل عددا أكبر من الأعضاء المنتمين إلى اليمين المتطرف مقارنة بالقوة المهيمنة تاريخيا في البرلمان، وهي تكتل الشعب الأوروبي المحافظ التقليدي، وفقا لبوليتيكو.

الحسابات والتداعيات المرتقبة

وفشل اليمين الأوروبي حتى الآن في تشكيل "مجموعة عملاقة"، حيث أن أعضاءه منقسمون، لا سيما فيما يتعلق بروسيا ومدى مشاركتهم في العمل التشريعي أو الاكتفاء بمعارضته بشكل منهجي ومتواصل، وفقا لصحيفة "فاينانشيال تايمز".

وكانت مجموعة الهوية والديمقراطية (ID) تقليديا مؤيدة لروسيا وتفضل مغادرة الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، مع سعي لوبان وغيرها من السياسيين في المجموعة لاستقطاب الناخبين في الانتخابات الوطنية المقبلة، فقد عدّلوا خطابهم.

وتطمح لوبان تشكيل مجموعة كبرى مع حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين (ECR) بقيادة ميلوني، وأعضاء من الحزب الحاكم المجري فيدس، الذين تم استبعادهم من حزب الشعب الأوروبي (EPP) ولم ينضموا إلى أي مجموعة أخرى في البرلمان المنتهية ولايته.

وبينما من المرجح أن تظل الأحزاب الشعبوية والقومية في أوروبا مفككة للغاية بحيث لا تستطيع ممارسة نفوذ صريح بعد فرز الأصوات، مساء الأحد، فإن مجرد حقيقة نجاحها ستؤدي إلى "اضطراب سياسي"، وفقا للصحيفة التي شددت على أن "نتائج البرلمان الأوروبي تعد، في نهاية المطاف، بمثابة مؤشر لتوجه السياسة الوطنية في بعض العواصم الأوروبية الأكثر أهمية".

ومن المتوقع أن يكون للنجاح الكبير الذي تحققه الأحزاب اليمينية المتطرفة، والتي كانت تُعتبر في السابق شديدة الخطورة لدرجة تجعل التعاون معها أمرا مستحيلا، تأثيرا أعمق وأشمل على المشهد السياسي الأوروبي.

قراءة في صعود اليمين المتطرف

وذكر تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، أنه على الرغم من تنوع تيارات اليمين الراديكالي، إلا أنها تتقاسم رؤية للعالم تتمحور حول الدولة القومية العرقية، والعداء تجاه المهاجرين، لا سيما المسلمين منهم، والتشكيك في بمنظمات كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وأحيانا حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وبغض النظر عن الانقسامات الداخلية التي تعصف بهذه الأحزاب المتحمسة، يشير تقرير "بوليتيكو" أيضا إلى أن روسيا نقطة الخلاف الأبرز. فبينما تعد بعض الأحزاب، كالبديل من أجل ألمانيا (AfD) أو حزب الحرية النمساوي، من أنصار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الصريحين، فإن أحزابا أخرى كإخوة إيطاليا والقانون والعدالة البولندي، تقف في مقدمة معارضيه، إما عن قناعة أو لأسباب براغماتية.

ومع انتقال اليمين الراديكالي من الهوامش إلى مركز الواجهة، بات يستقطب أصوات شرائح واسعة من المجتمع.

وتشمل قاعدة مؤيديه مزارعين وعمالًا يحمّلون سياسات الاتحاد الأوروبي مسؤولية تدهور أوضاعهم المعيشية، وناخبين من الطبقة الوسطى قلقين إزاء الهجرة وتآكل ما يعتبرونه قيمًا تقليدية. كما يستقطب بشكل متزايد شبابا يشعرون بالقلق حيال ارتفاع تكاليف المعيشة، أو منبهرين ببساطة بكل جديد.

وتلعب الهجرة دورا محوريا في جاذبية اليمين الراديكالي، إلى جانب قضايا الحرب الثقافية كالإجهاض وحقوق المثليين. ومؤخرا، أضافت الأحزاب الشعبوية الأوروبية الغضب من اللوائح البيئية إلى قائمة القضايا الساخنة التي تتبناها.

ومما يعزز زخم اليمين الراديكالي غياب البدائل الجذابة، وفقا للتقرير الذي أشار إلى أنه "في أوقات عدم الاستقرار التي تتسم بالحروب والأوبئة والغموض الاقتصادي، عادة ما يلجأ الناخبون إلى الأحزاب التقليدية الحاكمة".

لكن اليوم، تفككت تلك الأحزاب في العديد من البلدان، وتقول الصحيفة. إنه "بعد عقود من الصراع بين اليمين واليسار الأوروبي على الوسط السياسي، انهارا كملاكمين مخمورين، تاركين الساحة مفتوحة لمنافسين جدد".

وسيترك وصول اليمين الراديكالي إلى الواجهة الأوروبية تأثيرا طويل الأمد. فالولاءات السياسية التي تتشكل في بداية سن الرشد غالبا ما تستمر مدى الحياة، ذلك أن القاعدة الانتخابية لهذه الأحزاب تتشكل أساسا من الفئات الشابة.

مقالات مشابهة

  • فرنسا.. اليمين المتطرف يوحد صفوفه لخوض الانتخابات التشريعية
  • زاخاروفا: انتخابات البرلمان الأوروبي جرت في ظل انعدام المنافسة العادلة
  • سعر اليورو ينخفض لـ 1.075 دولار نتيجة تجدد حالة عدم اليقين السياسي في أوروبا
  • 5 عِبر يمكن استخلاصها من الانتخابات الأوروبية
  • انتخابات تشريعية عاجلة بفرنسا.. هل يعود اليمين المتطرف للمشهد السياسي بعد غياب؟
  • الانتخابات الأوروبية: تصاعد اليمين المتطرف في ألمانيا وارتفاع نسبة المشاركة في فرنسا
  • فرنسا: 45.26% نسبة المشاركة في الانتخابات الأوروبية حتى الساعة 5 مساء
  • فرنسا: 45.26% نسبة المشاركة في الانتخابات الأوروبية
  • اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. هل يُعيد تشكيل المشهد السياسي للقارة؟
  • عمران تنتقد خوري لعدم محاولتها التطرق لمشروع الدستور والتعرف على ما يتضمنه