ردت بغداد بلهجة حازمة على دعوات نواب جمهوريين في الكونغرس الأمريكي لفرض عقوبات فورية على العراق، بدعوى خضوع القرار العراقي لنفوذ طهران. ورفضت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي هذه التصريحات، مؤكدة أن "السيادة العراقية ليست للمساومة"، وأن البلاد ليست ساحة لتصفية حسابات إقليمية أو دولية.

موقف البرلمان العراقي.

. تصريحات لا تمثل الإدارة الأمريكية

قال النائب مختار الموسوي، عضو لجنة العلاقات الخارجية، في تصريحات لـ"شفق نيوز" اطلعت عليها "عربي21"، إن دعوات بعض نواب الكونغرس "مواقف إعلامية متطرفة لا تمثل الإدارة الأمريكية"، نافياً وجود هيمنة إيرانية على القرار السياسي في العراق، مشددًا على أن العلاقات مع طهران تجري في "إطار طبيعي كما هو الحال مع بقية الدول".

وأكد أن واشنطن تدرك أهمية العراق الجيوسياسية، وتسعى لعلاقات مستقرة معه، وأن لا نية حقيقية لفرض عقوبات، واصفًا التصريحات الأمريكية بـ"الدعائية"، في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة.

خلفيات التصعيد.. حملة ضغط جمهورية قبل الانتخابات

وكان عضوان جمهوريان في الكونغرس دعيا، الأربعاء، إلى تجميد المساعدات الأمريكية وفرض عقوبات، متهمين الحكومة العراقية بالخضوع الكامل لنفوذ طهران، خصوصاً داخل الأجهزة الأمنية. واعتبر مراقبون في بغداد أن هذا التحرك هو جزء من حملة ضغط سياسي ضمن إطار الصراع الأمريكي-الإيراني، وتحديدًا في ظل التحضيرات للانتخابات الأمريكية القادمة.

السوداني.. قرارنا الوطني مستقل.. ونتحرك لضبط السلاح

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المعروف بسياسته الوسطية، رفض الاتهامات الأمريكية، مؤكدًا أن الحكومة العراقية تسعى إلى تعزيز استقلال القرار الوطني، وأن بغداد توازن بعناية علاقاتها مع واشنطن وطهران دون الانحياز لأي محور.

وفي إطار الرد على الضغوط الأمريكية، بدأت حكومة السوداني تنفيذ خطوات للحد من نفوذ الفصائل المسلحة، أبرزها تفعيل قانون "قوات الرد السريع"، ومراقبة تسليح الجماعات المرتبطة بالحشد الشعبي، وفرض سيطرة الدولة على الحدود، استعدادًا للانتخابات البرلمانية القادمة.

العلاقات مع إيران.. بين الجوار والمصالح والسيادة

تربط العراق وإيران علاقات تاريخية عميقة تشمل ملفات الاقتصاد، الأمن والطاقة. لكن بغداد تشدد على أن هذه العلاقات لا تعني هيمنة سياسية، وأنها تسعى لإبراز استقلالية القرار العراقي، في وقت تشكل فيه فصائل موالية لطهران تحديًا حقيقيًا في مشهد السيادة الوطنية.

وتواصل الحكومة حوارها مع طهران حول الملفات الحساسة، بينما تعمل داخليًا على إعادة ضبط التوازن بين المؤسسات الأمنية والفصائل المسلحة، في محاولة لصياغة عقد سيادي جديد يحفظ للعراق قراره واستقراره.




حلفاء طهران في العراق.. شبكة متشابكة من النفوذ

تمتلك إيران شبكة من الفصائل المؤثرة في العراق، أبرزها "عصائب أهل الحق"، "كتائب حزب الله"، و"كتائب الإمام علي"، التي تمثل قوى سياسية وعسكرية واقتصادية فاعلة. هذه الفصائل: سياسيًا: تهيمن على كتل نيابية وتشارك بوزارات ومناصب سيادية، أمنيًا: تتحكم بجزء كبير من الأجهزة الأمنية من خلال "الحشد الشعبي"، اقتصاديًا: تستثمر في مشاريع كبرى جنوب العراق وتدير شبكات تمويل تتجاوز الحدود.

ورغم محاولة الحكومة دمج "الحشد الشعبي" داخل الجيش النظامي، إلا أن بعض فصائله تعمل باستقلال شبه تام، وتمثل امتدادًا مباشرًا للنفوذ الإيراني.

تسريبات.. عملية عسكرية مرتقبة ضد الحشد بدعم أمريكي

كشفت مصادر عراقية رفيعة أن مسؤولين في مجلس الأمن القومي الأمريكي أبلغوا سياسيين عراقيين بأن عملية عسكرية مرتقبة ضد فصائل الحشد الشعبي قد تبدأ بين يونيو ويوليو المقبلين، بالتعاون مع الجيش العراقي و"بموافقة إيرانية غير مباشرة".

ووفقًا لتلك المصادر، فإن واشنطن ترى أن مبرر بقاء الحشد انتهى بعد القضاء على تنظيم "داعش"، وأن تمدده بات يهدد توازن القوى الإقليمي وفتح الحدود مع إيران.

كما تحدثت أنباء عن استعدادات داخلية في الحشد، خاصة من قبل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، لتحصين مواقعهم في بغداد ومحيطها، تمهيدًا لأي مواجهة محتملة.

هارون محمد: واشنطن تُلوّح ولا تنوي المواجهة.. والسوداني متردد

في هذا السياق، شكك الإعلامي والسياسي العراقي هارون محمد، في تحليله المصوّر عبر "يوتيوب"، في صحة هذه التسريبات، معتبرًا أن الولايات المتحدة تمارس تلويحًا إعلاميًا أكثر من نيتها الدخول في مواجهة مباشرة.

وقال إن رئيس الوزراء السوداني لا يمتلك القرار ولا الجرأة الكافية لمواجهة الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أن أجهزة الدولة الأمنية منقسمة الولاء، ولا يمكن التعويل على مشاركة الجيش ككتلة واحدة في أي عملية.

ووصف الادعاءات بشأن "موافقة إيرانية" بأنها مبالغ فيها وغير واقعية، مؤكدًا أن طهران تعتبر الحشد أحد أذرعها الإستراتيجية، ولن تقبل بإضعافه. كما اعتبر أن الضغوط الأمريكية الحالية مرتبطة بصراع داخلي بين الجمهوريين والديمقراطيين، أكثر من ارتباطها بقراءة موضوعية للوضع العراقي.



سيادة العراق على المحك.. والمعركة أبعد من بغداد

في ظل تصاعد الخطاب الأمريكي ضد النفوذ الإيراني في العراق، وسعي حكومة السوداني لإظهار استقلال القرار الوطني، يبدو أن العراق يسير على حبل مشدود بين واشنطن وطهران، وسط معركة نفوذ تتجاوز حدود بغداد.

المعركة، في جوهرها، ليست فقط حول الحشد الشعبي أو العقوبات، بل هي اختبار لقدرة العراق على فرض سيادته، وضبط أمنه، وتحرير قراره السياسي من هيمنة الخارج، أياً كانت بوصلته.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العراق العلاقات إيرانية العراق إيران امريكا علاقات تقرير المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحشد الشعبی فی العراق

إقرأ أيضاً:

الخارجية الإيرانية: الاتهامات الغربية ضد طهران هدفها تشتيت الانتباه عن "جرائم غزة"

طهران - صفا

قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن الاتهامات الصادرة عن الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية ضد إيران "باطلة ومفبركة" وتهدف إلى الضغط على الشعب الإيراني وتحويل الأنظار عن "الإبادة الجماعية" في غزة.

وأضاف بقائي، اليوم الجمعة، أن أمريكا وفرنسا وعددا من حلفائهما يكررون اتهامات "سخيفة لا أساس لها"، ضمن ما وصفه بـ"حملة خبيثة لزرع الخوف من إيران"، وفقًا لوكالة "تسنيم" الإيرانية.

وتابع: "الدول الغربية التي وقّعت البيان ضد إيران "ترعى وتستضيف عناصر إرهابية"، مؤكدا أن عليها تحمل مسؤولية دعم الإرهاب ومخالفة القانون الدولي".

كما لفت متحدث الخارجية الإيرانية إلى ما وصفه بـ"العدوان العسكري الأمريكي والإسرائيلي الأخير على إيران"، داعيا هذه الدول إلى احترام ميثاق الأمم المتحدة والكف عن "السلوك غير المسؤول".

وأكد أن "مثل هذه الحملات الإعلامية والسياسية ليست سوى هروب إلى الأمام"، في ظل استمرار "الدعم الغربي للإبادة في غزة"، حسب تعبيره.

وأمس الخميس، أدانت وزارة الخارجية الإيرانية، "فرض أمريكا عقوبات جديدة على مجموعة من الأشخاص الطبيعيين والقانونيين والسفن المرتبطة بقطاعي الطاقة والنفط الإيراني".

ولفتت إلى أن "عقوبات أمريكا الجديدة عداء متواصل من قبل صناع القرار في واشنطن تجاه شعبنا"، مشيرة إلى أنها "تهدف لإضعاف البلاد وحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية".

وأعلنت الحكومة الأمريكية، يوم الأربعاء، "فرض سلسلة جديدة من العقوبات على إيران، تستهدف 50 فردا وكيانا، وأكثر من 50 سفينة يشتبه بأنها عائدة إلى أسطول تجاري يملكه نجل مسؤول كبير في طهران".

مقالات مشابهة

  • ملف تهريب النفط العراقي يعود إلى الواجهة.. وتحذيرات من عقوبات أمريكية مرتقبة
  • قرارات ترامب.. وسيلة تفاوضية أم هيمنة أمريكية على النظام العالمي؟
  • اعتقال خمسة عناصر من الحشد الشعبي اعتدوا على مفرزة مرور وسط الموصل
  • العراق الواقف على لغم الحشد الشعبي
  • بغداد توفد وزيراً الى طهران لتأمين كميات الغاز لتوليد الكهرباء
  • الخارجية الإيرانية: الاتهامات الغربية ضد طهران هدفها تشتيت الانتباه عن "جرائم غزة"
  • ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
  • العراق: الميليشيات وحرب الموارد!
  • عقوبات أمريكية تطال 5 كيانات وشخصاً في إيران بسبب أبابيل
  • انقسام متزايد في الكونغرس الأمريكي بشأن تسليح “إسرائيل” وسط تفاقم المجاعة في غزة