الفلسطينيون والحرب الإلكترونية.. قراءة في كتاب
تاريخ النشر: 8th, February 2024 GMT
الكتاب: الجهاد الرقمي: المقاومة الفلسطينية في عهد الرقمي
الكاتب: إيريك سكاريه، ترجمة منصور العمري
الناشر: منشورات المتوسط، ط1، ميلانو- إيطاليا، 2018.
عدد الصفحات: 238 صفحة
ـ 1 ـ
يحاول الباحث النرويجي إيريك سكاريه الناشط الحقوقي ومحرر موقع Infofada الإلكتروني المناصر للفلسطينيين أن يعرّفنا بما يصطلح عليه بالعصر الرقمي للمقاومة الفلسطينية.
في الآن نفسه مثّلت وقائع "الرّبيع العربي" اكتشافا لأداة ناجعة يمكن أن تعتمد في مناصرة الشعب الفلسطيني.. فنفّذ الهاكر السعودي "أوكس عمر (oxOmar) من أشهر الهجمات الإلكترونية ضد إسرائيل مستهدفا موقع تل أبيب للأوراق المالية، وخطوط العال الجوية الإسرائيلية ونشر 400 ألف رقم البطاقات ائتمان إسرائيلية ودعا الهاكر المسلمين للنسج على منواله. وعامّة تضاعف عدد المواقع الإسرائيلية المستهدفة. وهذا ما جعل سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس يرى في الهجوم فتحا لـ"ساحة جديدة للمقاومة ضد الجرائم الإسرائيلية". ولكن "النضال البرمجي باعتباره وسيلةً للمقاومة ضد الاحتلال" لم يطرق أكاديميا. ويعتبر عمل الباحث فاتحة مؤسّسة لمثل هذه الدّراسات.
ـ 2 ـ
يشير الباحث إلى البراغماتية المميّزة لإسرائيل التي تخوّل لها استغلال مختلف الظروف وتحويلها لصالحها. فقد جعلت من سقوط الاتحاد السوفييتي، فرصة لاستقطاب نخب يهود جمهورياته السابقة وتحويلها إلى رأس مال بشري. فثلثا المهاجرين الذين وصلوا إليها كانوا من أصحاب الخبرة في القطاعات العلمية والتقنية. ورغم تراجع قطاعها العسكري الصناعي بسبب نهاية الحرب الباردة استثمرت في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جيّدا. وأنفق جيشها موارد ضخمة على التكنولوجيا الفائقة التطوّر. وكان لهذا الأمر وقعه الخاصّ على كامل مناحي الحياة، ذلك أنّ الجيش الإسرائيلي يلعب دوراً رئيساً في دفع الشّباب إلى مجال التكنولوجيا. ويتولى ذلك من خلال وحدات النخبة 8200 (وهي وحدة الحرب الإلكترونية)، والفيلق العسكري للكمبيوتر، وفيلق الإشارة، وغيرها من الوحدات التي تعتمد على الإلكترونيات بدرجات مختلفة.
وبتحوّل المعركة إلى البعد الإلكتروني وجد الفلسطينيون أنفسهم مرة أخرى يواجهون جيشاً يفوقهم عدّة وعتادا وخبرة. فالبنية التحتية السيبرانية في المناطق الفلسطينية كانت ضعيفة بطيئة التدفّق، ويرجع ذلك أساساً إلى أن بيرك، أكبر شركة للاتصالات في إسرائيل، لم تكن معنية بالسوق الفلسطينية.
وتجلّت هذه البراغماتية أيضا في قدرتها على الاستفادة من ظروف ما بعد اتفاقات أوسلو عام 1992. فقد وظّفت الاتفاق للترويج إلى فكرة الاقتصاد الإسرائيلي الآمن لاستقطاب الاستثمارات في التكنولوجيا الجديدة ووفرت لها الحوافز الضرورية. فشركة إنتل، وهي واحدة من أكبر المنتجين في العالم للرقائق الإلكترونية، كانت تدفع أكثر من 30 في المائة من دخلها في شكل ضرائب في الولايات المتحدة، ولمّا انتقلت إلى إسرائيل أعفيت منها كلها في تقريباً. وهكذا تدفق عليها الخبرات الأجنبية. ومنها أفادت شركاتها المحليّة للتكنولوجيا فائقة التطوّر.
بعد اتفاقات أوسلو تأسس عدد من شركات الاتصالات الفلسطينية، يذكر منها الباحث إيريك سكاريه شركة "جوال" الاحتكارية. ولكن الرّبط بين مختلف المستخدمين ظل يعتمد على البنية التحتية الإسرائيلية أساسا. فالمكالمة بين فلسطيني وآخر كانت تمر عبر البنية التحتية الإسرائيلية وتكون بالنتيجة تحت تصرف الإسرائيليين الذين يراقبون كلّ أنشطة المجال الرقمي ويمنعون عديد التطبيقات. ثم سمحت إسرائيل بشيء من الانفتاح تحت عنوان "تعزيز السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين". ولم يكن هذا الإجراء بلا مقابل. فقد خوّل لها ذلك التجسس عليهم ورصد تحرّكاتهم ومصادرة آرائهم. ففي الفترة الفاصلة بين أكتوبر 2015 وفيفري 2016 اعتقلت أجهزتها أكثر من 150 فلسطيني بناء على مشاركاتهم لآراء على الفايسبوك لا أكثر.
ـ 3 ـ
من العوامل التي دفعت الفلسطينيين إلى الانخراط الفاعل في الجهاد الإلكتروني ذلك الشعور بالإحباط بعد أن تأكدت لديهم عدم جدية إسرائيل في تنفيذ تعهّداتها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية وبعد أن فقدوا الإيمان في قدرة المجتمع الدولي على مساعدتهم في إنهاء النزاع. فقد أفشلت كلّ من إسرائيل والولايات المتّحدة مفاوضات كامب ديفيد الثانية وأسرع المجتمع الدّولي إلى تحميل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات المسؤولية على ذلك. ولمّا اندلعت الانتفاضة الثانية تبعا لهذا الفشل، واجهت إسرائيل مظاهرات الاحتجاج بردود قاسية. فأطلقت ضد المتظاهرين العزّل، في الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، منها مليون طلقة ذخيرة. في نهاية الانتفاضة تجاوز عدد الشهداء 2200 فلسطينيا. وكان أكثر من 85 في المائة منهم على الأقل من المدنيين وكان ثلثهم من الأطفال. ثمّ صعّدت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 من هجماتها العسكرية مجدّدا. وتبنى ساستها خطابا يعلن أنّ هجمات قواتها لا تشنّ فقط للدفاع عن المدنيين الإسرائيليين، وإنما هي "مكافحة للإرهاب" و"انخراط إسرائيلي في نضال العالم الحر ضد قوى الظلام التي تسعى على تدمير حريتنا وطريقتنا في الحياة ".
في هذا الإطار إذن، ظهر الجهاد الإلكتروني وارتفعت الأصوات التي تنادي ب"المقاومة السيبرانية". فمثلت أول العمليات الفلسطينية ردودا عمّا كانت إسرائيل تسميه ب"ـالحرب الإلكترونية". وفي 6 أكتوبر 2000 اخترق ناشطون برمجيون عالميون 40 موقعاً إسرائيلياً منها المواقع التابعة للكنيست ووزارة الخارجية وبنك إسرائيل وبورصة تل أبيب في بضع ساعات تعاطفاً مع الفلسطينيين وردّت إسرائيل باختراق موقع حزب الله اللبناني. ثم تجاوزت الظّاهرة المحاولات الفردية. فظهرت جماعات الهاكر الفلسطينية والعربية، منها فريق هاكر غزة، وفريق أنينموس اللذين هاجما البنية التحتية السيبرانية الإسرائيلية وعملا هجماتهما على لفت الانتباه إلى القضية الفلسطينية.
لا يختلف هذا النضال الافتراضي، في فهمه، عن النضال المادي. فهو يهدف إلى إجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها بشكل مباشر وإلى لفت نظر المجتمع الدولي إلى أن هناك شعباً فلسطينياً فقد وطنه.وسريعا ما أخذ هذا الجهاد أبعادا أكبر. فتحوّل إلى حرب إلكترونية عربية -إسلامية/ إسرائيلية. فمن الفرق التي انخرطت في هذه المعركة "الوحدة" (UNITY) و"بوابة الشبكة الإسلامية العالمية للإعلام". فاختُرق الموقع الإلكتروني لجماعة الضغط الإسرائيلية [إيباك] من قبل قرصان باكستاني يسمي نفسه الدكتور نوكر. وذكرت الوحدة العسكرية الإسرائيلية للحفاظ على أمن الكمبيوتر، إن معظم الهجمات جاءت من لبنان ودول الخليج. وبالمقابل وسعت إسرائيل من نطاق حربها الإلكترونية هذه. تحالفت مع أمريكا كما هو الحال في العالم الفعلي. وكانت دودة الكمبيوتر "ستكسنت" التي أصابت أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في المفاعلات النووية الإيرانية وشبّهت بصاروخ عسكري أطلق في الفضاء الإلكتروني أبرز ثمار هذا التحالف. فحسب مصادر من وكالة الاستخبارات الأمريكية فقد كان ذلك الهجوم عملا مشتركا بين وكالة الأمن القومي وإسرائيل.
ـ 4 ـ
يعرض الباحث عددا من التشكيلات المنخرطة في الجهاد الرقمي الفلسطيني نكتفي بعرض فريق هاكر غزة باعتباره نموذجا ممثلا لها.
لقد ظلّ تنظيم الفريق مجهولا. لم يُكتب كثير عن هذا الفريق الغريب، والمستمر منذ نحو عقد من الزمان. ولكن إيريك سكاريه تمكن من التواصل مع بعض أعضائه وكسب ثقتهم ليقدّم معلومات أثره هذا.
أنشئ هاكر غزّة عام 2007 . ومن هجماته تلك التي نفّذها في 23 أكتوبر 2012 . فعطّلت بواسطتها جميع حواسيب الشرطة الإسرائيلية. ثم انتشرت البرمجية الخبيثة التي أرسلها الهاكر في مختلف الدوائر الحكومية الإسرائيلية الأخرى. فتوقفت خوادم الشرطة الإسرائيلية. وقُطع الوصول إلى الإنترنت. وحُظر استخدام وحدات التخزين. أما في فيفري 2014 فقد استهدف الإدارة المدنية في يهودا والسامرة، وهي الوكالة حكومية التي تتعامل مع كافة الأمور الإدارية في المنطقة (أ) بالضفة الغربية .
يشتمل تنظيم الفريق على قيادة من ثلاثة أفراد وأعضاء من غزة وشركاء من الدّول العربية. فينتظمون في شكل مجموعات مقسمة حسب الاختصاص. ويتقاسمون الأدوار عند قرصنة موقع معين كأن يتولى بعضهم قرصنة الإعدادات ويتولى بعض ثان تحميل الرسائل الإلكترونية وهكذا.. ولا يعرف هؤلاء الأعضاء بعضهم البعض. فتواصلهم يتمّ من خلال استخدام المنتدى وأدوات الاتصال المختلفة على شبكة الإنترنت فقط. ف"يشبه هذا التنظيم للناشطين الإلكترونيين مجموعات وألوية المقاومة الأخرى في خطها الهيكلي التنظيمي والسرية، حتى لا يؤثر بصورة سلبية على بقية المنظمة. أحد الأمثلة على ذلك هو الجهاد الإسلامي الفلسطيني"، وتعمل المجموعات مع عدة خلايا ضمن تسلسل هرمي. فيعرف شخص من خلية (الوسيط) شخصاً واحداً في خلية أخرى دون بقية أعضائها، حتّى إذا ما تعرضت خلية واحدة للخطر، لن تُمس بقية المنظمة بأكملها بسوء.
ويمارس فريق هاكر غزة النضال البرمجي باستقلال عن الانتماء الحزبي بعد أن دبّ الشّك في قدرة الأحزاب السياسية على المقاومة الفاعلة وبعد أن منحتهم الوسائط الجديدة أرضية خصبة للحركات المستقلة، العفوية بعيدا عن هيمنة المؤسسة السياسية الجامدة. "فكانوا يعيدون صياغة أنفسهم من شبان فلسطينيين عاديين وغير هامين إلى أفراد منخرطين في النضال الوطني بعيدا عن احتكاره من قبل الأحزاب السياسية" أو التحكّم في إيقاعه ومداه.
ـ 5 ـ
يمثّل الجهاد الإلكتروني الفلسطيني حلقةً جديدة تضاف إلى حركة المقاومة الفلسطينية متلائمةً مع ما يفرضه العرض من رقمنة وتطوير. ولئن عُرّف النضال الإلكتروني تعريفات مختلفة فإن ما يعني الباحث منه هو القرصنة ذات الدافع السياسي والاجتماعي بما تمثّل من أسلوب جديد في الاحتجاج. ويقتبس من تعريفاته المعتمدة التي تتوافق وفهمه له ما يلي: "يسعى النضال الإلكتروني إلى ترجمة مبادئ العمل المباشر في العالم الافتراضي. فالاعتصام الذي يحدث في الشوارع ويهدف إلى إفشال اجتماع ما، يمكن أن يقابله حصار للرسائل على الإنترنت والذي يهدف إلى إفشال دعم الكومبيوتر للاجتماع". والأمر نفسه يتعلّق بفكرة "المقاومة". فالمصطلح يشمل وسائل واستراتيجيات مختلفة نوعياً ويصنف فعلها إلى المقاومة المسلحة وغير العنيفة أو المقاومة الفاعلة والمنفعلة. وترتبط سياسيا بالنضال الشرعي، خلافاً لمصطلح "الإرهاب" الذي يعني النشاط العنيف غير الشرعي.
ويؤكد إيريك سكاريه أنه يتحدّث عن مقاومة للاحتلال وينأى عن السرد التطبيعي الذي يعتمد عبارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فالصراع يكون بين "أنداد". ويصدر في اعتماده هذا من قرار مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة رقم 242 الذي يعلن أن احتلال الأراضي الفلسطينية غير قانوني ومن القرار رقم 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة ومن موقف محكمة العدل الدولية تعد الجدار العازل والمستوطنات غير شرعية، وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي.
ولا يختلف هذا النضال الافتراضي، في فهمه، عن النضال المادي. فهو يهدف إلى إجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها بشكل مباشر وإلى لفت نظر المجتمع الدولي إلى أن هناك شعباً فلسطينياً فقد وطنه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب الفلسطينية الاحتلال غزة احتلال فلسطين غزة كتاب كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بعد أن
إقرأ أيضاً:
أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة
تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وتشير تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2023 تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي منحت جيشه "جهازا استخباراتيا متطورا آنيا".
إنتاجات مركز موشي ديانبدأ الجيش الإسرائيلي استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2019، فقد أنشأت الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وفك الشفرات والحرب السيبرانية مركز "موشي ديان" لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يضم مئات الضباط والجنود، في محاولة لتسريع عملية توليد الأهداف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وكان برنامج "فاير فاكتوري" لتوليد الأهداف وتحديد كميات الذخيرة المناسبة هو الأول الذي أنتجه مركز "موشي ديان". وبحسب تقرير لمجلة "ذا نايشن" الأميركية، نشر في 12 أبريل/نيسان 2024 فإن الوحدة المذكورة تتعاون بشكل وثيق مع شركات أميركية تزودها بأعداد كبيرة من الأجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن تلك البرامج والأجهزة تعتمد على كمية بيانات هائلة مصدرها التقارير الاستخباراتية السرية، ومنها الواردة من وكالة الأمن القومي الأميركي، لتحديد الأهداف وضربها.
إعلانوفي مؤتمر عقد يومي 15 و16 فبراير/شباط 2023 في مدينة لاهاي بهولندا وشاركت فيه أكثر من 60 دولة، رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة".
مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمةيستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها:
التنبؤ الاستباقي. التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم. تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة فهي:
نظام "لافندر"تستعمل إسرائيل نظام "لافندر" في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.
ونقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها"، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.
ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن "لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب".
ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا لافندر "كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت".
نظام "أين أبي؟"نظام "أين أبي؟" من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.
إعلانوبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.
نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.
وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك "تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها".
ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن هذا النظام "يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين"، مشيرة إلى أن خوارزمية "غوسبل" تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.
يقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم "عمود النار".
نظام "فاير فاكتوري"كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.
إعلانيحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.
وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.
نظام "الكيميائي"كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.
وللنظام قدرات دفاعية وهجومية، فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.
نظام "فاير ويفر"نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.
وبحسب موقع "آي إتش إل إس" الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف "زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية".
صُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.
نظام "فلو"وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.
إعلان نظام "هنتر"وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.
نظام "زد-تيوب"وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.
بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أميركية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.
ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.
كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات "نوفا 2" الذاتية القيادة وهي صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" أو إلى التدخل البشري.
والمسيرات الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600″، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.
وهذا النوع من المسيرات قادر على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم في مهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وتمتلك قدرة على الطيران مدة 40 دقيقة.
دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي دبابة إيتان إيه بي سيفي يناير/كانون الثاني 2022، كشفت شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم "إيتان إيه بي سي"، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجّه المركبة بالنظر فقط.
إعلانوركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع "غيل"، ومنظومات دفاعية نشطة من نوع "معطف الريح"، وهي قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في وقت واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.
مراقبة الحدود بالذكاء الاصطناعييستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة.
ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:
نظام "قطيع الذئاب": وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين. نظام "الذئب الأزرق": وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب". نظام "الذئب الأحمر": ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم. انتقادات واسعةوجهت انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.
فقد قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.
ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج "لافندر" في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن "الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21".
وفي أبريل/نسيان 2024، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا أعرب فيه عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملتها العسكرية في غزة، قائلا "إن هذه الممارسة تعرض المدنيين للخطر وتطمس المساءلة".
إعلانمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، إذ قالت في تقرير لها نشرته في 10 سبتمبر/أيلول 2024 إن "استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تعقب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة".
وتابعت أن "الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
أما مديرة هندسة ضمان الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي بأميركا هايدي خلاف فقالت إنه "نظرا لسجل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافل بمعدلات الخطأ المرتفعة، فإن أتمتة الأهداف بشكل غير دقيق ومتحيز لا يختلف في الواقع عن الاستهداف العشوائي".
كذلك وجهت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مارتا بو انتقادات لاستخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على قطاع غزة، وقالت إن "الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنحها تأثيرا كبيرا على القرارات التي يجب على البشر اتخاذها".
وانتقد المحامي السابق في الجيش الإسرائيلي لتال ميمران استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في الحرب، فقال "أشعر بالقلق بشأن دقة عملية صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي في ضباب الحرب. هل سيحدث هذا الأمر تغييرا جذريا من حيث الجودة؟ لا أعتقد ذلك".
وقالت كاثرين كونولي الباحثة في مجموعة "ستوب كيلر روبوت" إن أي تغيير في البرمجيات "يمكن أن يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تصبح شبه مستقلة، بل تصبح مستقلة تماما في اتخاذ القرار".