أسرار الأطباء النفسيين.. هؤلاء المرضى الذين يأكلون الورق
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
يتحدث تقرير للكاتبين الدكتور هوغو بوتيمان والدكتورة لوسي جولي -والذي نشرته مجلة "لوبوان"– عن مرض البيكا، وهو اضطراب في الأكل يتميز بالابتلاع المتكرر والطوعي لمواد غير مغذية وغير صالحة للأكل، مثل الأوساخ والطباشير والغبار والدقيق والطين والرمل والورق.
ونجد أول أوصاف لمرض البيكا في العصور القديمة بقلم الطبيب اليوناني أبقراط ثم غالينوس في القرن الثاني الميلادي، لكن لم يتم الاعتراف بها رسميا في تصنيفات الطب النفسي حتى القرن الـ20، وأصل الكلمة يأتي من الكلمة اللاتينية "pica" (العقعق)، في إشارة إلى شره الطعام لهذا الطائر الذي يتمتع بسمعة مشبوهة في الغرب.
وأوضح الكاتبان أنه إذا وجدت طفلك البالغ من العمر عامين وهو يمضغ العجين فلا داعي للذهاب إلى أقرب طبيب نفسي، فهذه السلوكيات شائعة بين الأطفال الصغار الذين يميلون إلى وضع أشياء مختلفة في أفواههم دون أن يكون ذلك مرَضيا.
ورغم ندرته النسبية فإن اضطراب البيكا يؤثر في المقام الأول على المرضى الذين يعانون من اضطرابات النمو العصبي أو الاضطرابات التنكسية العصبية (عندما يتدهور الدماغ مع تقدم العمر، مثل مرض ألزهايمر أو الخرف الجبهي الصدغي).
وغالبا ما يلاحظ التخلف العقلي أو اضطرابات النمو الشاملة في الأطفال الذين يعانون من اضطراب الأكل هذا، وفي البالغين قد تترافق المراحل الحادة من الاضطرابات النفسية، مثل الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام، مع دوافع الأكل القهرية الشبيهة بالبيكا، لكن هذه الأعراض الغريبة عادة ما تختفي عند علاج المرض.
وفي هذه الاضطرابات يمكن أن يؤدي الخلل في الإدراك الحسي إلى تعطيل القدرة على التمييز بين الأطعمة الصالحة للأكل والمواد غير الغذائية.
وأشار الكاتبان إلى أن الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الرغبة التي لا يمكن كبتها في تناول المواد غير الغذائية مثل الطباشير أو التراب أو الدقيق يمكن أن تحدث أثناء الحمل لدى النساء اللاتي لا يعانين من صعوبات نفسية، فنحن نعلم الآن أن التحولات التي تحدث في دماغ الأم تؤثر على التغيرات في مذاق الطعام وتفضيلات الشم أثناء الحمل، ولكن سبب هذه الشهية لهذه المواد غير العادية لا يزال مجهولا.
نقص الحديدوقد أظهرت الدراسات أن نقص الحديد أثناء الحمل يزيد بشكل كبير خطر الإصابة بالبيكا كما لو أن الدماغ يطلق استجابة غريزية للتعويض عن نقص التغذية، كما لوحظت سلوكيات الأكل هذه أيضا في الحيوانات، ففي جنوب أفريقيا يمكن للزرافات أن تلتهم العظام والأرض عندما تجف الشجيرات التي تتغذى عليها.
وتختلف العناصر التي يتم تناولها بشكل كبير بين الأوقات والثقافات، ولكن كل مريض بشكل عام لديه مادة مفضلة، وبعضها أكثر ضررا من البعض الآخر، مثلا قد يتناول المريض الورق، مما يؤدي إلى تدهور صحة القولون وحدوث نزيف مزمن.
مواد أخرى يمكن أن تسبب التسمم مثل الرصاص أو الزئبق أو ثقب الجهاز الهضمي، ففي عام 2014 توفي ألماني كان يستهلك الأغصان الخشبية بانتظام بسبب الاختناق بعد أن ثقب بلعومه بواسطة غصن، ويحكي مقال نشر عام 2018 في المجلة العلمية للطب والجراحة الحادة قصة ياباني يبلغ من العمر 50 عاما ابتلع 8 كيلوغرامات من العملات المعدنية، وخضع لعملية جراحية طارئة بعد حدوث ثقب في الأمعاء.
ولسوء الحظ، لا يوجد علاج محدد للبيكا، إذ غالبا ما يتم اكتشاف الاضطراب عندما يسبب عواقب طبية ضارة ويبدأ العلاج النفسي بعد إجراء عملية جراحية عاجلة، ورغم أن أبحاث علم الأعصاب بهذا الشأن لا تزال في بداياتها فإن بعض الفرضيات تشير إلى أوجه تشابه بين اضطراب الأكل هذا والوسواس القهري، فالأكل القهري قد يكون وسيلة للمرضى لتخفيف قلقهم.
ودعما لهذه الفرضيات أظهرت علاجات مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين المستخدمة في علاج الوسواس القهري فعاليتها في تخفيف أعراض البيكا، ولكن دون القضاء على الشهية للمواد.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“الأغذية العالمي”: ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام
الثورة نت /.
أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن حوالى ثلث سكان قطاع غزة لا يأكلون لأيام، محذرا من أن سوء التغذية في تزايد حادّ.
وقال البرنامج، في بيان، إن الأزمة الغذائية في غزة بلغت مستويات من اليأس غير مسبوقة.
وأضاف أن “حوالى شخص من أصل ثلاثة لا يأكل لأيام، وسوء التغذية في تزايد حاد حيث أن تسعين ألف امرأة وطفل بحاجة عاجلة إلى العلاج”، وفق وكالة “سند” للأنباء.
ويعيش أهالي قطاع غزة موجة جوع فعلية منذ إعادة إغلاق العدو الإسرائيلي معابر القطاع في الثاني من مارس الماضي، وفرض قيود مشددة على دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والوقود والدواء للقطاع؛ في جريمة إبادة جماعية متواصلة منذ 22 شهرًا.
ومع مرور الوقت، استنفد أهالي غزة كل موارد الطعام وأصبحت المحلات فارغة، ومسألة العثور على رغيف خبز أشبه بالمستحيل، فيما تشهد المتوفر من البضائع ارتفاعاً خيالياً في الأسعار بالسوق السوداء بشكلٍ لا يمكن الفلسطينيين المجوعين الحصول عليه.
ووثق صحفيون ونشطاء مشاهد مؤلمة، تظهر أطفالا ونساء وشيوخا يعانون من الجوع والهزال وبعضهم يسقطون أرضًا في الشوارع، وسط مشاهد الخراب، في وقت تتصاعد المطالب الشعبية والحقوقية بتدخل عاجل لفتح المعابر والسماح بإدخال الغذاء.
وبدعم أميركي وأوروبي، يواصل جيش العدو الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة أسفرت عن استشهاد 59,676 مدنياً فلسطينياً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 143,498 آخرين، حتى اليوم، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال الآلاف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.