إبراهيم سليمان
لأن تسلك طريقاً باختيارك، ويوصلك إلى نفق مسدود، أو أن يلقي بك في المهالك، وتجد نفسك مشردا، تثير الشفقة على حالك، وتتباكى على ماضيك الباذخ، كارهاً لمن يتقاسمون معكم الأرض والعيش والملح، وتصرّ على مسك ذات الدرب من أوله، دون مراجعة ودون اكتراث، هذا هو الفشل بعينه، ومن يتبعون هؤلاء، رغبةً أو رهبةً، معولين الخلاص على أيديهم، فهم ضحايا بلا شك، ضحايا للذين يتوسمون فيهم الدراية، وضحايا مواقفهم السلبية ثانياً.


هنالك آلاف الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم، من أجل اقتلاع الأنظمة القمعية الظالمة، والحكومات الطائشة، وما لبثوا أن سلموا ثمار تضحياتهم لفاشلين، ليكرروا أنفسهم، ويجتروا فشلهم. ذلك أن الحذر وأخذ الحيطة توجيه نبوي شريف، سيما ممن جرب المرؤ منهم مكرا وخديعة، فلا يحسن به أن يغفل فيقع مرة أخرى في ذات الموقف، فالإنسان قد تتشكل له الأمور ويتضح له بغير شكلها الحقيقي فيُخدع، وهذا أمر طبيعي، لكن أن لا يحتاط مرة أخرى فهذه سذاجة مرفوضة، ولا تليق بأولي الألباب، وهذا التوجيه من المعاني الجامعة، والوصايا النافعة التي حثت عليها السنة النبوية المطّهرة بجامع الكلم الذي اختص به سيد الفصحاء، ومعلِّم البلغاء. حيث صحّ عنه (ص) قوله الشريف: "لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ واحد مرتين".
ظننا أن المآل المخيّب لثورة رجب أبريل، بعد خيبة مآل ثورة أكتوبرــ21، كافية لاتعاظ الشعب السوداني، من تخبط الساسة، ومكر العسكر، لكن هيهات هيهات، فقد كرروا الخيبة الثالثة والمميتة، وهى الطامة الوطنية التي لم ينتظرها أحد، وهي خيبة مآل ثورة ديسمبر المجيدة، وهى أغلى الثورات السودانية طُرا، لذا جاءت الانتكاسة سريعة ومدوية، إذ سمحت السلبية الثورية للساسة الانتهازيين، التسلل إلى صفوفها القيادية، ليسمحوا بغفلتهم المعهودة، لأعوان النظام القمعي أن ينحنوا للعاصفة، ويهمدوا لبركان الثورة في مكمن، لينقضوا عليها، في وضح النهار، أمام مرأى ومسمع شباب الثورة، الذين حينه لا يزالون يبحثون على رفقاء دربهم المفقودين، وهذه المرة، لم يكتفِ أعوان البشير بالانقلاب التقليدي على الثورة، بل، اشعلوا حرباً ضروساً، لا نظنها تبقى ولا تذر الأخضر واليابس في البلد.
والغريبة في الأمر، رغم كافة التجارب الثورية المريرة المتكررة الفاشلة، ذات أعضاء النادي السياسي الفاشل، الذين تولوا زمام أمور البلاد، في الفترة الانتقالية الأخيرة، هي ذاتها مصرّة الآن على تصدر المشهد، دون اكتراث لتكرار فشل التجارب السابقة المماثلة، من حيث الطرح والتاكتيك السياسي!
الموقف السلبي للمواطن، والغير مسئول للساسة الفاشلين، سمحت تقسيم البلاد عام 2011م إلى شطر شمالي وشطر جنوبي، في استفتاء صوري، كان تحصيل حاصل، لمآمرة دولية ومقايضة مسبقة، باركتها النخبة الحاكمة (مدنيين وعسكر) بمباركة ضمنية من المعارضة الخائبة، وبذلك كان الوطن ضحية لهؤلاء النخبة غير المسؤولة.
من أين للشعب السوداني، الغارق في المثالية السياسية، بقادة يتحلون بالمسئولية؟ وقيل كيفما تكونوا يولى عليكم، إن ظل الشعب السوداني، يمارس السلبية، وترك مجريات الأمور السياسية للصدف، دون اكتراث لمن يتبرعون لتصدر المشهد، لا نتوقع التعّلم من تجارب الماضي، ويظل في دوامة التردي، الذي بدون شك سيفتت البلاد إلى عدة دويلات فاشلة، متناحرة، ويختزل طموحات المواطن، في الرفاة والعيش الكريم، أن يظل على قيد الحياة، كيفما اتفق.
إذا، الحل الأمثل، أن يضلع الشعب السوداني بمسئولياته السياسية، في اختيار قياداته، من وسط قواعدهم فدرالياً، وأن يكون للشعب كلمته الداوية، في النخب المركزية، التي ظلت تفرض نفسها على المشهد السياسي، وتكرر فشلها، دون الرغبة في المراجعة، للتعلم من أخطاء الماضي، ودون مبالاة أو اكتراث، لفقدانهم الشرعية للتصرف في شؤن البلاد، دون الرجوع إلى أصحاب المصلحة الفعليين.
اللهم أشهد فقد بلّغنا.
# لا للحرب.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 136//  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

العالم يتجاهل السودان.. حملة تسلط الضوء على الوضع الكارثي في البلاد

"العالم يتجاهل السودان".. حملة جديدة على منصات التواصل، أطلقها نشطاء في محاولة لتسليط الضوء بشكل أكبر على الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب السوداني منذ اندلاع المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023.

ومن خلال الحملة، عبّر رواد العالم الافتراضي عن استغرابهم من تجاهل وصمت المجتمع الدولي للوضع الكارثي في السودان، خاصة أن أكثر من نصف الشعب يعانون من نقص حاد في الغذاء والخدمات الطبية وبحاجة عاجلة للمساعدات.

#العالم_يتجاهل_السودان في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من نصف السكان نقص حاد في الغذاء والخدمات الصحية والطبية والحاجة العاجلة للمساعدات الإنسانية. يجب علينا عكس معاناة المواطنيين لمنع المجاعة التي تهدد السودان والمساهمة في انقاذ ارواحهم.#السودان_انعدام_الغذاء pic.twitter.com/EET2ZvVLyo

— ????????_المستشار_????????(Tariq Elmaryoud) (@Elmaryoud_AK47) June 9, 2024

وأضاف مدونون أن من واجبهم تجاه أهلهم في السودان أن يعكسوا معاناة المواطنين هناك لمنع المجاعة التي تهدد السودان أو الحد منها والمساهمة في إنقاذ أرواحهم والتقليل من معاناتهم.

وتعليقا على تجاهل المجتمع الدولي للأوضاع في السودان قال أحد الناشطين إن التجاهل المستمر للحرب السودان من الجميع (المجتمع الدولي والإقليمي) يؤكد الحاجة إلى الحلول الداخلية التي لها المقدرة الأكبر لاستيعاب أبعاد المشكلة ووضعها في أطرها الصحيحة.

التجاهل المستمر لحرب السودان من الجميع (المجتمع الدولى و الاقليمى) ..!! يؤكد الحوجة الى الحلول الداخلية التى لها المقدرة الاكبر لاستيعاب ابعاد المشكلة و وضعها فى اطرها الصحيحة #العالم_يتجاهل_السودان pic.twitter.com/AbLViw3dl4

— Gafer Ali (@gaferali) June 9, 2024

وتساءل آخرون عن المستفيد من التعتيم على أخبار المجازر والتبديل الديمغرافي للسكان التي تحدث في البلاد، بالقول "من المستفيد من هذه الحرب؟ وكيف تتجاهل الدول المجاورة ما يحدث في السودان؟ ومن المستفيد من التعتيم الإعلامي على الحرب؟".

ووصف أحد المتابعين ما يجري في السودان من قتل ودمار وتخريب بالأمر الممنهج، وقالوا إن "ما يحدث في كل أنحاء البلاد عبارة عن قتل ممنهج لشبابنا وأطفالنا وكبارنا، فهل سيتم تفريغ السودان من سكانه الأصليين".

#العالم_يتجاهل_السودان والابادة العرقية وتبديل ديموغرافية السكان هل هناك مستفيد من الحرب والتجاهل كل الدل المجاورة ستطالها اثار الحرب ان لم تكن طالتها بالفعل فمن المستفيد من التعتيم الاعلامي لحرب السودان ؟؟

— Hala Mohmmed Kheir (@H2Kheir) June 10, 2024

ووصفت ناشطة سودانية الوضع بالكارثي والمدمر، وأن المنظمات الإنسانية تتعرض لضغوط وابتزاز وليست قادرة أن تصل للمناطق المتضررة، وأن الوضع سيصبح أسوأ، وأضافت أنه مع استمرار الحرب في كل يوم تتوسع الانتهاكات وتزداد دون أي رادع أو محاسبة.

بعيدا عن الانتقائية في المواقف والتشفي وخطاب الكراهية ، الوضع كارثي على المدنيين في السودان ، حتى المنظمات الإنسانية بتتعرض لضغوط وابتزاز وما قادره تصل للمناطق المتضررة

الوضع مدمر، وحيصبح اسوأ، كل يوم الحرب بتتوسع والانتهاكات بتزيد#العالم_يتجاهل_السودان#KeepEyesOnSoudan

— Twasul Gamal Aldain _ Sola ????????| سولا الدكتوره (@TwasulGamal) June 10, 2024

من جهتها، ناشدت "لجان مقاومة مدني" لإطلاق حملة إعلامية واسعة يشارك فيها المواطنون والرفاق في لجان المقاومة، ومنظمات المجتمع المدني والفاعلون بالداخل والخارج ومن يهمهم أمر مواطن ولاية الجزيرة المكلوم الذي ذاق الأمرّين للشهر الخامس على التوالي، لإعادة الاتصالات والإنترنت للولاية.

تعميم مهم

تناشد لجان مقاومة مدني لإطلاق حملة إعلامية واسعة يشارك فيها المواطنيين،الرفاق في لجان المقاومة ، منظمات المجتمع المدني والفاعلين بالداخل والخارج ومن يُهمهم أمر مواطن ولاية الجزيرة المكلوم الذي ذاق الأمرين للشهر الخامس توالياً ،لإعادة الاتصالات والإنترنت لولاية الجزيرة. pic.twitter.com/OpUqkJam9d

— لجان مقاومة مدني (@Res_Wadmadani) June 10, 2024

 

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تدرج الجيش السوداني والدعم السريع بقائمة العار بسبب انتهاكات ضد الأطفال
  • ناظر عموم الكواهلة يكشف تفاصيل بشأن لقاء البرهان
  • العبدلي: الأمم المتحدة وبعثتها تعمل على توريط ليبيا بنفس الازمات التي ورطوا بها لبنان سابقًا
  • استنكروا صمت المجتمع الدولي .. مدونون يطلقون حملة إسفيرية بعنوان «#العالم_يتجاهل_السودان»
  • الحروب في السودان تؤكد هشاشة التكوين القومي وعجز الحكومات عن الحسم
  • العالم يتجاهل السودان.. حملة تسلط الضوء على الوضع الكارثي في البلاد
  • هل الحرب ضد البرهان أم الكيزان؟
  • المؤثرون من صناعة التفاهة إلى احتلال المواقع.. قراءة في الأدوات والمضامين
  • الانتخابات والتحديات القادمة أمام إيران
  • السوداني عن ذكرى سقوط الموصل: انتصرنا نيابة عن العالم وداعش لم يعد يشكل خطرًا