المغرب: الإجهاد المائي ينذر بأزمة عطش
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
المغرب: الإجهاد المائي ينذر بأزمة عطش
تتعاظم مخاوف المغرب من أزمة عطش، ويخشى المواطنون من صعوبات في الحصول على مياه الشرب، ما ينبئ بخطورة الوضع المائي في البلاد.
للتخفيف من حدة الأزمة، يجب تعزيز تقنيات إعادة تدوير المياه ومعالجتها من أجل استخدامها في سقي المساحات الخضراء والزراعة والصناعة وباقي القطاعات.
الإجراءات المتخذة بطيئة ومحدوة الأثر بينما تتفاقم الأزمة لمستويات مقلقة. لذا ينبغي التسريع بتحلية مياه البحر لضمان الماء الصالح للشرب لسكان مدن الساحل.
ينبغي اعتماد تقنيات الري الحديثة وتشجيع الفلاحين على تبني ممارسات مستدامة لترشيد استهلاك المياه في سقي المحاصيل الزراعية، وتشجيع البحث العلمي المتعلق بتقنيات تحلية مياه البحر وأنظمة الري المبتكرة.
يتطلب حل أزمة المياه ممارسات اقتصادية سليمة في استهلاك المياه، والتنسيق بين الحكومة والمواطنين ووكل الفاعلين لضمان استدامة استخدام المياه، وتحسين إدارتها لتلبية الاحتياجات الضرورية لجميع شرائح المجتمع.
* * *
أفادت المديرية العامة لهندسة المياه التابعة لوزارة التجهيز والماء بأن النسبة الإجمالية لمتلاء السدود بالمغرب لا تتعدى 23,17 في المئة في الأحواض التسعة للمملكة بمعدل يبلغ 3 مليار و753 مليون متر مكعب، فيما كانت هذه النسبة تتجاوز 31 في المئة خلال نفس الفترة من السنة الماضية بمعدل 5 مليار و73 مليون متر مكعب.
تظهر المعطيات الرسمية عجزا في الكثير من الأحواض المائية مع تفاوت بين السدود في شمال المملكة وجنوبها، حيث سجلت أدنى نسبة ملء في حوض أم الربيع بـ 8 في المئة، يليه حوض سوس ماسة بنسبة 14 في المئة وحوض درعة واد نون بنسبة 15في المئة، فيما سجلت أعلى النسب بكل من حوض اللوكوس 56 في المئة وسبو 49 في المئة وتانسيفت 40 في المئة.
ترتبط حالة الإجهاد المائي في البلاد بعوامل عدة، منها ندرة التساقطات المطرية، حيث سجلت لأول مرة منذ سبعينيات القرن الماضي أقل نسبة من الأمطار لم تتجاوز 21 ملم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تزامنا مع موجات الحرارة التي تؤدي إلى فقدان المزيد من المياه المخزنة في السدود بفعل تبخرها، وهذا ما يضيع على المملكة ملايين الأمتار المكعبة من المياه سنويا.
إضافة إلى ذلك، هناك ظاهرة التوحل التي تعاني منها جل السدود المغربية وتتسبب في فقدانها أزيد من 70 مليون متر مكعب من المياه سنويا، فضلا عن الاستنزاف الناتج عن زراعة فواكه تتطلب كميات كبيرة من المياه مثل البطيخ والأفوكادو، وانتشار سلوكيات التبذير بين المواطنين.
ناقوس الخطر
دقت الحكومة المغربية ناقوس الخطر بشأن الأزمة المائية، حيث صرح وزير التجهيز والماء نزار بركة بأن البلاد لم يسبق أن عاشت مستوى شديد الجفاف كالذي تعيشه اليوم، ذلك أن هذه الوضعية مستمرة منذ خمس سنوات، فيما تظهر الأشهر الثلاثة الماضية أن سنة جافة أخرى تلوح في الأفق.
وأمام هذا الوضع، وجهت وزارة الداخلية مراسلة إلى الولاة والعمال والسلطات المحلية في 26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، نبهت فيها إلى التداعيات المحتملة لندرة الأمطار والمعدل الحرج لملء السدود، فيما دعت إلى تنفيذ إجراءات صارمة لترشيد استغلال الموارد الطبيعية من المياه.
من بين الإجراءات التي تم إقرارها، ترشيد استهلاك المياه اعتمادا على التحسيس بخطورة الوضع المائي وكشف التسربات الموجودة في خطوط الأنابيب الخاصة بالفاعلين في الإنتاج والتوزيع وإصلاحها، إضافة إلى محاربة كل أشكال الغش في استغلال الموارد المائية، مثل الربط العشوائي واستغلال أنابيب المياه. من جهة أخرى، منعت الوزارة سقي المساحات الخضراء والحدائق العامة وتنظيف الطرق والأماكن العامة باستخدام المياه، مع الاقتصار على ملء حمامات السباحة العامة والخاصة مرة واحدة في السنة.
نجاعة الإجراءات
تتسم الإجراءات المتخذة حتى الآن بالبطء ومحدودية الأثر، في الوقت الذي تزيد فيه حدة الأزمة لتبلغ مستويات مقلقة. من الحلول التي يمكن اعتمادها أيضا، للتخفيف من حدة الأزمة، تعزيز تقنيات إعادة تدوير المياه ومعالجتها من أجل استخدامها في سقي المساحات الخضراء وفي الزراعة والصناعة وباقي القطاعات، إضافة إلى اعتماد تقنيات الري الحديثة وتشجيع الفلاحين على تبني ممارسات مستدامة لترشيد استهلاك المياه في سقي المحاصيل الزراعية، فضلا عن تشجيع البحث العلمي المتعلق بتقنيات تحلية مياه البحر وأنظمة الري المبتكرة. كذلك، ينبغي تسريع مشاريع تحلية مياه البحر لضمان الماء الصالح للشرب لسكان المدن الساحلية.
يتطلب حل أزمة المياه في المغرب التوعية ضرورة تبني عادات اقتصادية سليمة فيما يخص استهلاك المياه، والتنسيق بين الحكومة والمواطنين والجمعيات وكل الفاعلين لضمان استدامة استخدام المياه، وتحسين إدارتها لتلبية الاحتياجات الضرورية لجميع شرائح المجتمع.
*سكينة نايت الرايس، صحفية مغربية مهتمة بقضايا البيئة، ماجستير الصحافة والإعلام.
المصدر | مؤسسة كارنيغيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: المغرب عطش جفاف الإجهاد المائي مياه الشرب تحلية مياه البحر أزمة المياه الاحتياجات الضرورية استهلاک المیاه میاه البحر من المیاه فی المئة فی سقی
إقرأ أيضاً:
بعد تفوقها على تسلا وجنرال موتورز وفولكسفاغن.. شركات السيارات الصينية تتنافس فيما بينها
تشهد سوق السيارات الصينية تنافسًا شديدًا بين الشركات المحلية، في وقتٍ بات فيه اللحاق بها من قِبل المنافسين الأجانب أمرًا بالغ الصعوبة. اعلان
ويؤكد خبراء في القطاع أن بكين، بعد أن "أزاحت من دربها" الشركات الغربية في العالم، دخلت مرحلة من التنافس الداخلي بين عمالقتها المحليين، وفي مقدمتهم شركة "شيري"، التي تتطور بسرعة مذهلة، وشركة BYD، الرائدة في مجال السيارات الكهربائية، التي تُعد المنافس الأبرز لها على المدى البعيد
ويعزى الصعود اللافت لصناعة السيارات الصينية إلى قدرتها على "تقليص مدة تطوير السيارة الجديدة أو المعاد تصميمها إلى 18 شهرًا فقط"، أي أكثر من النصف مقارنة بالمعايير التقليدية العالمية.
وقد نقلت وكالة "رويترز" عن شركة الاستشارات AlixPartners، قولها إن متوسط عمر طراز السيارة الكهربائية أو الهجينة الصينية في السوق المحلية لا يتجاوز 1.6 سنة، مقارنة بـ 5.4 سنوات لدى العلامات التجارية الأجنبية، وهذا دليل على التجدد السريع.
وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، قال ريكاردو تونيلّي، كبير خبراء ديناميكيات المركبات في "شيري": "إنه من المستحيل على الشركات الأوروبية أن تنجز بسرعة شيري".
Relatedسهم تسلا يرتفع مع هدوء الخلاف بين ترامب وماسك واقتراب موعد إطلاق الروبوتاتتحول تسلا إلى "سهم سياسي": هل يؤدي خطاب ماسك إلى إضعاف شركته؟تراجع أسهم شركة سيارات BYD بعد تخفيض الأسعار ب 34% وتفوق تاريخي على تسلا في أوروباوقالت الوكالة، إنها أنجزت تحقيقًا، يؤكد تفوق السيارات الصينية في العالم، وستند إلى مقابلات مع أكثر من 40 خبيرًا في القطاع، شملت مدراء تنفيذيين وموظفين ومستثمرين في خمس شركات صينية وسبع شركات عالمية، إلى جانب زيارات ميدانية لمقرات شركات مثل BYD وZeekr وNio، ومراكز البحث والتطوير التابعة لها في الصين وأوروبا.
في عام 2024، حققت شركتا BYD و"تشيري" نموًا عالميًا بنحو 40%، فيما سجّلت "تسلا" أول تراجع سنوي في مبيعاتها، نتيجة قِدم طرازاتها وانخراط رئيسها التنفيذي إيلون ماسك في السياسة.
وبين عامي 2020 و2024، تراجعت مبيعات كبرى الشركات الأجنبية ( فولكسفاغن، تويوتا، هوندا، جنرال موتورز، ونيسان) في الصين، من 9.4 مليون إلى 6.4 مليون سيارة، فيما تضاعفت صناعة الشركات المحلية من 4.6 مليون إلى 9.5 مليون مركبة خلال نفس الفترة.
التفوق التقني والتنظيميوتنقل "رويترز" عن الخبراء الذين قابلتهم قولهن إن التفوق الصيني يعود إلى سرعة البنية التنظيمية، خاصة لدى BYD، التي تستفيد من انخفاض تكاليف اليد العاملة في الصين، وتوظف نحو 900,000 موظف، وهو عدد يقارب مجموع العاملين في تويوتا وفولكسفاغن معًا.
كما أن الشركة تُنتج معظم مكونات سياراتها داخل مصانعها، ما يُقلل من الاعتماد على الموردين، ويُسرّع عجلة الإنتاج، فضًلا عن أنها توفّر لموظفيها خدمات سكن ونقل وتعليم مدعومة.
ويضيف هؤلاء أن هناك فائضًا في القدرة الانتاجية في السوق الصينية، ما يدفع الشركات إلى تعزيز صادراتها، حيث تباع سياراتها في الخارج بأسعار تضاهي نظيراتها العالمية، بل إن أسعارها غالبًا ما تكون ضعف أسعار البيع داخل السوق الصينية.
ومع اشتداد المنافسة، يرى خبراء أن الشركات التقليدية باتت في موقع دفاعي، إذ لا يمكنها مجاراة الأسعار الصينية، رغم احتفاظها بأفضلية نسبية في فهم الأسواق الخارجية واستثمارها في الابتكار والجودة طويلة الأمد.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة