"نيويورك تايمز": إسرائيل شنت هجمات على خطي أنابيب غاز رئيسيين في إيران هذا الأسبوع
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
كشف مسؤولون غربيون، يوم الجمعة، أن إسرائيل شنت هجمات سرية على خطي أنابيب غاز رئيسيين في إيران هذا الأسبوع، ما أسفر عن تعطل إمداد عدة محافظات إيرانية بالحرارة وغاز الطهي.
ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين غربيين وخبير استراتيجي عسكري تابع للحرس الثوري الإيراني، قولهم: "نفذت إسرائيل هجمات سرية على خطي أنابيب غاز رئيسيين داخل إيران هذا الأسبوع، مما أدى إلى تعطيل تدفق الحرارة وغاز الطهي إلى المحافظات التي يسكنها ملايين الأشخاص".
وأضافوا أن "الهجمات التي شنتها إسرائيل على خطي الأنابيب تتطلب معرفة عميقة بالبنية التحتية الإيرانية وتنسيقا دقيقا، خاصة وأن خطي الأنابيب أصيبا في مواقع متعددة في نفس الوقت". وأوضحوا أن إسرائيل تسببت أيضا في انفجار يوم الخميس داخل مصنع للكيماويات على مشارف العاصمة طهران، مما أدى إلى تصاعد أعمدة الدخان والنار في الهواء.
ووصف أحد المسؤولين، الهجمات بأنها "هجمات رمزية جدا وكان من السهل على إيران إصلاح الأضرار الناجمة عنها، وهي لم تسبب سوى ضرر بسيط نسبيا للمدنيين"، حسب الصحيفة.
وأشار المسؤول إلى أن الهجوم "أرسل إنذارا قويا بحجم الضرر الذي يمكن أن تلحقه إسرائيل إذا ما توسع الصراع ليشمل جميع أنحاء الشرق الأوسط، فضلا عن تصاعد التوترات بين إيران وخصومها، ولا سيما إسرائيل والولايات المتحدة".
وكان قد أعلن وزير النفط الإيراني جواد أوجي الأربعاء الماضي وقوع عمل تخريبي استهدف خطوط الغاز التي تغذي مدن محافظة جهار محال وبختياري، لافتا إلى أنه لن يتم قطع إمدادات الغاز عن المحافظة.
وقال الوزير الإيراني، في تصريحات متلفزة إنه "في حدود الساعة 2 إلى 3 من بعد منتصف الليل، أدى عمل تخريبي إرهابي إلى انفجار في ثلاث نقاط من خطوط الغاز التي تغذي مدن محافظة جهار محال وبختياري.. واليوم سيتم إصلاح جميع خطوط الغاز".
وأضاف أنه "كنا على استعداد لمواجهة حوادث كهذه وتواجد رجال الإطفاء والمسؤولون في المكان منذ الدقائق الأولى"، مؤكدا أنه "لن يتحقق هدف الأعداء في قطع الغاز عن محافظة كبيرة كجهار محال وبختياري ونقوم بإعادة تأهيل الخطوط لإعادة ضخ الغاز إلى مدن المحافظة بأسرع وقت".
وكان وزير النفط الإيراني قد أعلن، في ديسمبر الماضي، أن عطلا فنيا أصاب محطات الوقود في جميع أرجاء البلاد، نتيجة هجوم سيبراني. وقال أوجي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي الإيراني حينها: "أبلغت محطات الوقود أن بعض المحطات تعرضت لهجوم سيبراني، وتم إيقاف عملية تزويد السيارات بالوقود".
وأضاف الوزير أن هناك "1650 محطة وقود تعمل في جميع أنحاء البلاد ويتم تزويدها بالوقود يدويا من دون استخدام بطاقة الوقود المدعوم".
من جانب آخر، قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن "مجموعة قراصنة كانت مرتبطة سابقا بإسرائيل أعلنت أنها عطلت محطات الوقود في جميع أنحاء إيران نتيجة هجوم سيبراني"، مشيرة إلى أن المجموعة تطلق على نفسها اسم "العصفور المفترس".
ونقلت الصحيفة، عن بيان أصدرته مجموعة القراصنة، أن الهجوم السيبراني "يأتي ردا على عدوان الجمهورية الإسلامية ووكلائها في المنطقة"، وأضافت المجموعة: "قبل شهر، حذرناكم من أننا عدنا، وأننا سنفرض تكلفة على استفزازاتكم. هذه مجرد لمحة عما في جعبتنا".
وأواخر 2021، تسبب هجوم إلكتروني كبير في تعطيل بيع البنزين المدعوم في إيران، و تكدس المواطنين تاليا في صفوف طويلة أمام المحطات في أنحاء البلاد.
المصدر: سبوتنيك
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلي الحرس الثوري الإيراني تل أبيب طهران هجمات إسرائيلية على خطی
إقرأ أيضاً:
الغاز.. كلمة السر لفهم ذعر إسرائيل من نفوذ تركيا بسوريا
لا تختزل المواجهة بين تركيا وإسرائيل في الساحة السورية على البعد الأمني التقليدي، لكنها تتعداه إلى ملفات أخرى، في مقدمتها الاقتصاد وما ينطوي تحته من طموح لهما في تحقيق نفوذ وإنجازات كبرى تدخل تحت مفهوم الأمن القومي الأوسع لكل منهما.
ويعد ملف الغاز الطبيعي واحدا من أهم نقاط التدافع ومحرّكا غير معلن لديناميات التنافس بين القوتين في سوريا، فقد فتحت التحولات في الإقليم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 آفاقا في هذا الملف، وأوجدت في الوقت ذاته عوائق قد تغيّر خارطة الاستحواذ على ثروة غاز شرق المتوسط والهيمنة على خطوط الإمداد في الإقليم.
من هذا المنطلق، يضفي ملف الغاز الطبيعي في منطقة شرقي المتوسط على المشهد السوري منظورا جيوسياسيا، لا سيما مع وجود مخزون احتياطي كبير مثبت وآخر مقدر في سوريا، بالإضافة إلى احتمال تحولها إلى نقطة تقاطع لخطوط الإمداد بالشركة مع تركيا.
بعد اكتشاف حقول تمار ولفيتان وكاريش، وضع قادة إسرائيل نصب أعينهم هدف تحويلها إلى نقطة ارتكاز حيوية لتصدير ونقل الطاقة من المنطقة إلى أوروبا، فإضافة إلى العوائد المالية الهائلة، سيجعل ذلك منها لاعبا إقليميا ودوليا نافذا.
ورغم عدم مضاهاة هذه الحقول إنتاج كبار موردي الغاز في الخليج، فإن الحكومة الإسرائيلية تروج لإمكان أن يصل إنتاج حقلي تمار وليفايثان وحدهما إلى نحو 40 مليار مترٍ مكعّب سنويّا، وهو ما عززه وزير الطاقة الإسرائيلي الأسبق يوفال شتاينيتز بقوله إن "تطوير احتياطيات الغاز يعد ذا أهمية اقتصادية وإستراتيجية بالغة لإسرائيل".
ويشير تقرير صادر عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إلى أن أهمية الغاز الإسرائيلي تكمن في ترسيخ تحالفات جديدة، فضلا عن فتح قنوات دبلوماسية مع أطراف إقليمية ودولية.
إعلانفي هذا السياق، يُحذر باحثون إسرائيليون، مثل إيلان زلايت ويويل غوزانسكي، الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، من أن النفوذ التركي المتنامي في سوريا، إذا ما ترجم عبر تنفيذ خطوط أنابيب مستقبلية للغاز الخليجي، قد يضعف وزن إسرائيل كمصدر طاقة إلى أوروبا، لأن الأخيرة تفضل تنويع مصادرها بدل الاعتماد على مزود واحد.
وأشار الخبيران إلى أن السماح لتركيا بتأسيس بنية تحتية واسعة للغاز في سوريا سيمكنها من منافسة مشاريع إسرائيل مع قبرص واليونان، الأمر الذي قد يفقد إسرائيل فرصا إستراتيجية في شرق المتوسط.
سوريا في حسابات تركيا الغازية
في المقابل يحرك تركيا طموح نابع من إدراك صناع قرارها لقيمة موقع تركيا في خريطة الطاقة بأن تتحول إلى ممر أساسي ومركز إقليمي يغذي الأسواق الأوروبية.
ويشكل استقرار السلطة في سوريا -وفق الرؤية التركية- عاملا يمكّن أنقرة من إعاقة مشاريع الطاقة بين إسرائيل ودول في المنطقة، إذ يصبح بمقدورها تقديم بدائل أو مسارات بعيدة عن الخطط الإسرائيلية.
وبعد أن كانت إسرائيل تنظر إلى الساحة السورية من زاوية التهديد الإيراني الأمني مع غياب احتماليات التهديد المستقبلي للطموح الاقتصادي المتعلق بتوريد الغاز الطبيعي، باتت تراقب بقلق خطوط الأنابيب التي قد تمر في الغد القريب أو البعيد عبر الأراضي السورية لنقل الغاز الخليجي إلى أوروبا عبر تركيا، مما يمنح أنقرة ورقة قوة لا يستهان بها قد تمنع إسرائيل من بسط نفوذ أكبر في شرق المتوسط.
كما باتت إسرائيل تخشى من انخراط تركيا من البوابة السورية كلاعب حاسم في ترسيم الحدود مع لبنان، مما يحد من الطموح الإسرائيلي في الهيمنة على مساحات بحرية متنازع عليها تعظم حصتها من حقول الغاز المستكشف والقابل للاكتشاف.
ورغم أن دور تركيا في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل لم يبرز رسميا، فإنها تسعى إلى حضور إقليمي يربط بين نفوذها في سوريا وبين أي ترتيبات بحرية لاحقة قد تُعيد رسم خريطة استغلال حقول الغاز بما فيه الغاز اللبناني.
إعلانكما أن أي نفوذ لأنقرة في سوريا سينعكس على المعادلات السياسية في لبنان، نظرا لمعادلة التأثير السوري تاريخيا في هيكلية السياسة والقوى اللبنانية.
إعادة تموضع
منذ تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يفترض الأتراك أنه جاء ضمن مساع لإقصائها أو حتى كمحاولة لتأسيس تحالف يبنى على العداء لتركيا -كما صرح وزير الخارجية السابق مولود تشاووش أوغلو- سعت تركيا جاهدة إلى إعادة تموضعها ضمن معادلة إقليمية تمثّل فيها طرفا قويا عصيا على الإقصاء أو التهميش.
فقامت نتيجة لذلك بإرسال سفن للتنقيب شرقي المتوسط محمية بأخرى حربية، إضافة إلى توقيع اتفاقيات لترسيم حدود المناطق البحرية الاقتصادية الخالصة، كالاتفاق مع حكومة الوفاق الليبية سابقا.
بالإضافة إلى ما سبق، ستسعى أنقرة إلى عقد اتفاقيات تنقيب واستثمار في الغاز البحري السوري المحتمل الذي قد يتراوح قرب 400 مليار متر مكعب من مجمل الحوض الذي يحتوي على احتياطات تقدر بـ 122 ترليون متر مكعب، وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأميركية، مما سيعيد، بموازاة ملفات أخرى قيد التشكل، رسم المشهد الإقليمي برمته وتكون معالمه متناقضة مع منطق الإقصاء والهيمنة الذي تطمح إسرائيل إلى بلوغه.
ولعل خط الغاز القطري الذي اقترحته الدوحة عام 2009 -الذي عرقله النظام السوري السابق آنذاك- يعد من أبرز الدلائل على محورية الأراضي السورية في أي مشروع إقليمي للطاقة.
فبحسب تقرير لصحيفة الغارديان، فلو اكتمل هذا الخط، لسلك مسارا عبر السعودية والأردن وسوريا وتركيا نحو أوروبا، مما يمنح تركيا ميزة إستراتيجية لوجستية واقتصادية ضخمة.
وقد سعت قطر آنذاك إلى إتمام اتفاقات مبدئية مع دمشق تضمن مرور الأنبوب، بيد أن ميل النظام السوري لمشروع إيراني مواز قدر بـ10 مليارات دولار ويصب في مصالح روسيا أفشل هذا المشروع.
إعلانومن المرجح أن تسعى كل من أنقرة والدوحة إلى إعادة إحياء هذا الخط، وقد أشار وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار، إلى "إمكانية إحياء المقترح القطري بعد سقوط نظام الأسد في حال بلغت سوريا درجة من الاستقرار والأمن".
جدير بالذكر أن أنبوب الغاز القطري عبر السعودية والأردن إلى تركيا سيكلف، بحسب مختصين، ما يقارب 10 مليارات دولار، وسيبلغ طوله نحو 1500 كيلومترا، وسيشكل بديلا موازيا لإمدادات الغاز الروسية لأوروبا.
ولعل ما يثير قلق إسرائيل في هذا السياق لا يقتصر على المنافسة الاقتصادية وحدها -وإن كانت تحاول فرض نفسها كمصدّر للغاز الطبيعي لأوروبا- بل يمتد إلى حسابات جيوسياسية تمس نفوذها الإقليمي.
فإذا ما كتب لهذا المشروع أن يرى النور، فسوف تحظى كل من قطر وتركيا بثقل إستراتيجي، بما قد ينعكس سلبا على الأهمية الإقليمية التي تطمح إسرائيل إلى ترسيخها عبر تحالفات ومشاريع غازية مشتركة مع حلفائها.
استقرار مشوب بالتوتر أم مواجهة حتمية؟
تتشابك الاعتبارات الاقتصادية مع الأمنية مع النزوع نحو البحث عن زيادة النفوذ الإقليمي لتؤكد أن المواجهة الإسرائيلية التركية في سوريا لا يمكن اختزالها ببعد أمني تهديدي على الحدود الشمالية لدولة الاحتلال، كما يطغى في فضاءات النقاش السياسي.
لكن ما السلوك المرتقب لكلتا الدولتين في ظل الحاجة إلى الهدوء والاستقرار كشرطٍ مسبق لنجاح مشاريع الطاقة؟ وهل ستجد إسرائيل نفسها أمام خيارات صعبة تخضع فيها لحقيقة وجود خط مناقض ومواز لسياساتها في الهيمنة على الإقليم؟
ليس من السهولة بمكان أن تبلغ القوتان مقاربة غازية تكون نتيجتها الانسجام، حيث تشير الوقائع إلى أن أي تفاهم بين إسرائيل وتركيا سيكون ملغّما بالتناقضات.
لذلك، من المرجح أن يتحول الغاز إلى سلاح ابتزاز متبادل يستعمله كل طرفٍ ضد الآخر، فلا ترغب إسرائيل في الارتهان لإرادة تركيا إذا ما بدأ الغاز يتدفق عبر أراضيها نحو الأسواق الأوروبية، ولا تريد تركيا أن تفقد فرصة سنحت بسقوط نظام الأسد لتحقيق رؤيتها بالتحول إلى معبر لخطوط الطاقة لا يمكن تجاوزه.
إعلانلكن إذا استمر الجانبان في التصعيد، فستؤول الأزمة إلى التفاقم، وستدفع إسرائيل إلى السعي لإنتاج فرص من شأنها تهديد الاستقرار في سوريا، بالإضافة إلى السعي لإقامة مزيد من التحالفات الإقليمية والتقارب أكثر مع دول منتدى شرق المتوسط كقبرص واليونان ومصر، والسعي الحثيث لإقناع الأوروبيين بمحورية مكانة إسرائيل الغازية والتخويف من الارتهان لتركيا.
في الوقت ذاته، وعلى النقيض، ستبحث تركيا عن تعزيز نفوذها الميداني في سوريا بما يضمن لها فرض أمر واقع ومعادلة يستحيل القفز عنها في أي مشروع دولي للغاز، ومن المرجح أنها ستعيد إحياء مشروع خط الغاز القطري، بالتوازي مع مساعيها الحالية لتوفير شروط الاستقرار والوحدة السياسية في سوريا، ودعم ترسيخ النظام الجديد، وستقطع الطريق بحزم أمام محاولات تقسيم سوريا وستضع ذلك وفقا لمنطق أمنها القومي.