ما سر المخاوف الغربية والأمريكية من عودة العلاقات بين السودان وإيران؟
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
أثارت عودة العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران في الوقت الذي تدور فيه الحرب الداخلية بين الجيش والدعم السريع مخاوف كثيرة لدى بعض القوى السياسية المعارضة في الداخل وبعض دول العالم، وخاصة أمريكا والغرب.
ما سر تلك المخاوف وما الذي يمكن أن تحققه طهران من وراء دولة تعاني من الصراعات والحروب وتعاني من أزمات داخلية كبرى تهدد كيان الدولة؟ وكيف تطمح إيران إلى تحقيق نفوذ في بلد يخضع لضغوط أمريكية وعقوبات منذ سنوات طويلة ولم تنته بالكامل حتى اليوم، رغم مرور سنوات على رحيل البشير؟
بداية، يقول الباحث الإيراني والمتخصص في الشؤون الإقليمية والدولية، حكم أمهز، “إن ما يثار حول مخاوف من عودة العلاقات الإيرانية السودانية، ما هو إلا محاولة من قبل الذين يثيرون هذه المخاوف لتحقيق أهداف خاصة بهم، بمعنى أنهم يريدون أن يستخدموا إيران لتحقيق أهدافهم”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، “فإذا تحدثنا عن الجهات المعارضة لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، على اعتبار أن العلاقات الإيرانية – السودانية عادت عن طريقه، وهو يعتبر الممثل المعترف به أو معترف بحكومته على المستوى الدولي، الأمر الذي دفع إيران للتعاطي مع الأمر وفقًا للاتفاقات الدولية، وبناء على ذلك أعادت بناء العلاقات مع الخرطوم”.
وتابع أمهز، “المخاوف التي تثار مقصود من ورائها إبقاء إيران عدوا للجميع و”البعبع” الذي يستخدم لتحقيق أهداف خاصة مرتبطة بأداة سياسية سواء كان على المستوى الداخلي السوداني أو على المستوى الغربي، وإذا تحدثنا عن الاستفادة الإيرانية من عودة العلاقات مع السودان، علينا مراجعة الواقع السوداني الحالي وحالة الحرب والانقسام الداخلي، وبالتالي لا أعتقد أنه يمكن لإيران أن تحقق أهدافًا مهمة من وراء تلك العلاقات وكيف يمكن لها أن تستثمر تلك العلاقات في بلد يعاني من حرب أهلية”.
وقال الباحث الإيراني، “في تقديري أن ما تهدف إليه إيران من وراء تلك العلاقات هو تحقيق الأهداف التي وضعتها حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بوجوب إعادة فتح العلاقات مع الدول العربية والدول الإسلامية بشكل عام، وهذا ما تُرجم في العلاقات ما بين إيران والسعودية وبعض الدول العربية، والسودان كان واحدا من الدول التي قاطعت إيران بعد الاشتباكات التي حصلت ما بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتبع ذلك قطع العلاقات من قبل بعض الدول العربية مع إيران”.
وحول ما يثار حول تزويد إيران الخرطوم بطائرات مسيرة يقول أمهز، “هذا الأمر ما هو إلا ذريعة لتحقيق غايات رخيصة في هذا السياق، لأنه ليس ممكنا أن تمد طهران الجيش السوداني بطائرات مسيرة ليقوم باستخدامها ضد المواطنين السودانيين في الحرب الداخلية الراهنة، هذا أمر مستبعد وفق اعتقادي، والحديث في هذا الأمر هو ذريعة غربية يتم تسويقها كما حدث من قبل وجرى الحديث عن تزويد إيران روسيا بطائرات مسيرة لاستخدامها في العملية العسكرية الخاصة مع أوكرانيا، الأمر الذي نفته كل من إيران وروسيا وأوكرانيا حتى الآن، ولم تستطع تقديم أي دليل على أن تلك الطائرات إيرانية، رغم عقد اجتماع وحيد بين الإيرانيين والأوكرانيين ولم يقدموا أدلة على ذلك ولم يحضروا الاجتماع الثاني الذي تم تحديد موعده في وقته بناء على أوامر، إن صح التعبير، من الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأشار الباحث الإيراني إلى ما يجري اليوم حول السودان بعد عودة إثارة المخاوف من العلاقات السودانية الإيرانية، وتحديدا العلاقات الإيرانية مع عبدالفتاح البرهان، والأمر الآخر الذي يحاولون إثارته أن السودان لديه موقع على البحر الأحمر، وبالتالي يمكن لإيران أن تستفيد منه، والرد: كيف يمكن لإيران أن تستفيد من ذلك في ظل الواقع القائم؟ فهل ستذهب إيران وتنشئ قواعد عسكرية في تلك المنطقة؟ أعتقد أن الأمر لا يتعدى إثارة الغبار والذرائع في إطار الحملة الدولية الكبيرة سواء كانت من الغرب أو غير الغرب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والأمور تسير في إطار الحرب المستمرة من قبل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على إيران.
وأكد الباحث الإيراني أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تمتلك النفوذ في السودان، الذي يقع تحت ضغوطها وليس إيران، بدليل أن السودان قطع العلاقات مع إيران، علاوة على الضغوط التي مورست على السودانيين من قبل الأمريكيين وغيرهم، مما أدى إلى موافقة الخرطوم على التطبيع مع إسرائيل، وهذا يعني أن التأثير والنفوذ الكبير جدا هو للولايات المتحدة الأمريكية، وهي من فرضت على السودانيين الاعتراف بإسرائيل من أجل رفع العقوبات المفروضة على السودان.
في المقابل، يقول السياسي السوداني، وليد علي، لابد من الإشارة إلى أن السودان قد أسس علاقات غير مسبوقة في إفريقيا مع إيران خلال التسعينات على الصعيد الاقتصادي والعسكري، وقد قدمت إيران السودان تكنولوجيا تصنيع ساهمت في تطوير الدفاعات العسكرية للسودان بشكل كبير.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، كانت مسألة قطع العلاقات بين السودان وإيران بصورة مفاجئة من قبل نظام البشير خطوة غير مدروسة ومتسرعة، لأنها أفقدت السودان ميزة أن يكون وسيطًا جيدًا وملطفًا للإحتقان الذي ينشأ كل فترة، والأخرى بين إيران ودول الخليج، بل حتى بين إيران والدول التي ترتبط مصالحها مع البحر الأحمر بشكل عام.
وتابع علي، تأتي المخاوف الآن من عودة تلك العلاقات بإعتبار أن البحر الأحمر حاليًا هو مياه مشتعلة وساخنة جدًا بالنزاع والإضطراب، وقد يتخوف الغرب والخليج العربي من احتمال تمدد إيران على الساحل الغربي للبحر الأحمر، إذ أن السودان لديه 800 كيلومتر على البحر الأحمر، وتمتاز بموانئ طبيعية عديدة تسمح برسو بواخر ومراكب كبيرة دون أي تدخل بشري، وقد تم استخدامها في العديد من الأزمات خلال القرن العشرين والتاسع والثامن عشر، ولذلك فإن هذه المخاوف لها ما يبررها تمامًا حسب الشواهد التاريخية لهذه السواحل.
وأشار السياسي السوداني، لنا، إلى أن نتخيل ما يمكن أن تفعله أي قوة تتحرك بدون موانع على سواحل منفتحة مثل هذه، وفي ظل الأزمة اليمنية وتصاعد التوتر بسبب اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال والاحتشاد العسكري الأمريكي الأوروبي قد يتسبب بدخول إيران بالعديد من الأزمات، إذا لم تحسن حكومة السودان إدارة هذا الملف بحكمة وحنكة تجنبها الانزلاق والغرق في هذه المياه المشتعلة أصلا.
أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، خلال لقاء مع نظيره السوداني، علي الصادق، في طهران قبل أيام، أن “إعادة فتح سفارات بلديهما تعد خطوة مهمة في تطوير التعاون المشترك بين البلدين”. وجاءت تصريحات عبد اللهيان، خلال زيارة الصادق إلى طهران، لإجراء محادثات رفيعة المستوى، تعد الأولى منذ إعلان السودان، في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن استعادة العلاقات مع إيران، وفقا لوكالة أنباء “إرنا” الإيرانية.
وقال وزير الخارجية الإيراني، لنظيره السوداني، خلال اجتماعهما، إن “وجود الوفد السوداني في طهران، يظهر الإرادة الجادة لدى كبار المسؤولين السودانيين، لتعزيز وتطوير العلاقات مع إيران”، وأضاف أن بلاده ملتزمة أيضا بتطوير العلاقات مع السودان، بحسب قوله.
ونوه عبد اللهيان، كذلك بتوفر الطاقات والتجارب القيمة في المجالات الصناعية والخدمات الهندسية والتقنية الحديثة والصحية والعلاجية لدى إيران، وكذلك استعدادها لنقل هذه التجارب بهدف توسيع وتطوير السودان.
ومن ناحية، أعرب وزير الخارجية السوداني، علي الصادق، عن أسفه لانقطاع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والخرطوم، في عام 2016، وأعرب عن رغبة بلاده الجادة في استعادة العلاقات الثنائية وتوسيعها.
وأعلنت الحكومة السودانية، في أكتوبر 2023، استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، منهية بذلك قطيعة دبلوماسية بين البلدين استمرت نحو 7 سنوات.
وكالة سبوتنيك
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الباحث الإیرانی عودة العلاقات البحر الأحمر تلک العلاقات العلاقات مع أن السودان مع إیران من عودة من قبل
إقرأ أيضاً:
هل قتلت قوات الدعم السريع الصحفي السوداني معمر إبراهيم؟
انتشرت أخبار مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بوفاة الصحفي السوداني المعتقل لدى قوات الدعم السريع معمر إبراهيم، داخل مكان احتجازه في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وفي إفادة للجزيرة نت، أكد محمد إبراهيم، الشقيق الأكبر للصحفي المعتقل منذ أكتوبر/تشرين الأول أن مصدر الإشاعة التي نفى صحتها ما زال مجهولا، وأن معمر بخير ولم يتعرض لأي أذى، مشيرا إلى أنه استطاع الاطمئنان عليه عقب ورود إشاعة وفاته مساء أمس الأربعاء.
وأضاف شقيق الصحفي الذي عمل مراسلا لدى قناة الجزيرة مباشر أن آخر تواصل مباشر معه كان عقب ظهوره إلى جانب المتحدث باسم الدعم السريع الفاتح قرشي مطلع الشهر الماضي، غير أن ثمة تواصلا غير مباشر يسعون عبره إلى الاطمئنان على معمر وتأمين احتياجاته.
وأكد المتحدث باسم تحالف السودان التأسيسي -الذي يقوده الدعم السريع- علاء الدين نقد في تصريح للجزيرة مباشر أن الصحفي معمر بـ"أمن وأمان"، وفق تعبيره.
ما مصير الصحفي معمر إبراهيم؟
الناطق باسم تحالف السودان التأسيسي يجيب #الجزيرة_مباشر #السودان #الفاشر pic.twitter.com/JpygwAP36v
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 16, 2025
مطالبات بظهور الصحفيوتعليقا على تصريح نقد، دعا الصحفي السوداني مزمل أبو القاسم إلى السماح لزميله معمر بالظهور على شاشة قناة الجزيرة مباشر للتأكد من سلامته، وكتب عبر حسابه على فيسبوك بأن معمر تعرض لإخفاء قسري واحتجاز غير مشروع وإهانة وضرب وتعذيب ظهرت بجلاء في مقاطع فيديو عقب سقوط مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
لكنّ الإشاعة حفّزت حالة القلق على سلامة معمر وعدد غير معلوم من الصحفيين المعتقلين والمختفين قسريا في السودان، ورغم نفي الأمر، يبدي نقيب الصحفيين السودانيين عبد المنعم أبو إدريس قلقه بشأن سلامة الصحفي معمر، مطالبا بإطلاق سراحه على الفور.
إعلانويقول أبو إدريس للجزيرة نت "معمر كان يؤدي مهنته كصحفي وهي ليست جريمة حتى يُحتجز بسببها، وما يمرّ به يُعد خرقا للقوانين الدولية والإنسانية"، مناشدا المنظمات المهتمة بحرية الصحافة للتضامن مع معمر وسائر الصحفيين السودانيين في ما يقاسونه من تحديات وتهديدات جراء الحرب.
سي بي جيه: صحة معمر متدهورة ونريد دليلا على حياتهوفي تصريح لها مساء الأربعاء، أعربت لجنة حماية الصحفيين "سي بي جيه" (CPJ) عن قلقها إزاء تقارير تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي معمر قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه، داعية إلى الإفراج الفوري عنه لتمكينه من تلقي الرعاية اللازمة.
#السودان: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بأن الحالة الصحية للصحفي السوداني معمر إبراهيم، المحتجز لدى قوات الدعم السريع، قد تدهورت بشكل خطير أثناء احتجازه. إذ أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه. وتدعو… pic.twitter.com/Sx0zRTfVMq
— CPJ MENA (@CPJMENA) December 10, 2025
وقالت المديرة الإقليمية للّجنة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة القضاة إن معمر أصبح طريح الفراش ويعاني من آلام شديدة، في وقت ترفض فيه قوات الدعم السريع نقله إلى المستشفى أو الإفراج عنه.
لكنْ في اليوم التالي، الخميس، صدر تصريح آخر للّجنة الدولية، يفيد بأنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبة بتقديم أي دليل على أن الصحفي معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه، في حين لم تجزم اللجنة بنفي الأخبار المتداولة.
تؤكد لجنة حماية الصحفيين أنها راسلت قوات الدعم السريع مطالِبةً بتقديم أي دليل على أن الصحفي السوداني معمر إبراهيم على قيد الحياة، وذلك بعد ورود تقارير تفيد بأنه قُتل أثناء احتجازه لدى قوات الدعم حيث يقول زملاؤه إنها مزاعم غير مؤكدة حتى الآن." سارة القضاة. pic.twitter.com/HZujvEmIel
— CPJ MENA (@CPJMENA) December 11, 2025
وكانت شبكة الصحفيين السودانيين في الـ18 من الشهر الماضي أعربت عن قلقها البالغ على مصير الصحفي، عقب تصريحات لوزير الصحة في حكومة التأسيس علاء نقد خلال لقاء له عبر قناة الجزيرة، ذكر فيها جملة من التهم الموجهة للصحفي، وقال إنه كان سببا في تأجيج الحرب.
وقالت الشبكة في بيان آنذاك إن "سيل الاتهامات التي أطلقها نقد في حق معمر تجعلنا في قلق شديد من المصير الذي ينتظره".
الصحفي بوصفه مدني بموجب القانون الدولي الإنساني يجب حمايته من أطراف النزاع ويحظر احتجازه أو معاملته بقسوة أو الاعتداء عليه.
ندعو @ICRC للعمل على ضمان سلامة الزميل الصحفي معمر إبراهيم @MUAMMAR_SUD الذي ظهر محتجزا ويعامل بقسوة من قبل عناصر الدعم السريع وفقا للمقطع أدناه. pic.twitter.com/fw1WsD4j1S
— Mojahed Taha (@mojahedashw2k) October 26, 2025
وظهر معمر إبراهيم اليوم الثاني لسيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر 26 أكتوبر/تشرين الأول، في مقطع فيديو صُوّر ليلًا مع مجموعة من المسلحين، وقال فيه إنه حاول الخروج من المدينة، وقد قُبض عليه قبل أن يتمكن من ذلك.
إعلانوفي الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، بثت قوات الدعم السريع مقطعا مصورا ظهر فيه إبراهيم إلى جانب الفاتح قرشي، الذي قال إن الصحفي يواجه تهمة الإساءة لقوات الدعم السريع بسبب استخدامه كلمتي "مليشيا وجنجويد" توصيفا للدعم السريع، معتبرا الوصفين إخلالا بالحيادية المطلوبة لدى الصحفيين.
وقبل نحو أسبوعين، اغتالت قوات الدعم السريع الصحفي تاج السر محمد سليمان، مدير مكتب وكالة السودان للأنباء (سونا) في منزله مع شقيقه بحي الدرجة في مدينة الفاشر.
وأشار وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر في بيان نعيه الصحفي سليمان، إلى أن قوات الدعم السريع اعتقلت عددا من الصحفيين السودانيين العاملين لدى وسائل إعلام مختلفة، ونقلتهم من الفاشر إلى مدينة نيالا في جنوب دارفور غربي السودان.
وناشد الإعيسر المنظمات الدولية المعنية بحماية الصحفيين الاضطلاع بدورها في متابعة الصحفيين المعتقلين والعمل على ضمان سلامتهم.
وغطى إبراهيم أخبار الحرب في دارفور على مدى العامين الماضيين، ويُعدّ من بين الصحفيين القلائل الذين بقوا لتوثيق التطورات في الفاشر رغم الغارات الجوية المستمرة وانقطاع الاتصالات والأزمة الإنسانية الحادة.