ضمن  فعاليات الدورة السابعة من مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي الذي تنظمه دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، أقيم افتتاح «ملتقى الشارقة التاسع عشر للمسرح العربي»  والذي حمل شعار «المسرح والمستقبل» وذلك في حضور أحمد بورحيمة مدير المهرجان.
وناقش الملتقى دور المسرح، بصفته نشاطاً فنياً وثقافياً واجتماعياً، في تخيل أو تشكيل المستقبل، وقدرته على رسم صورة أو إطار أوّلي لما ينتظرنا في الأيام القادمة، عبر ما يبتكره أو يقاربه من الروايات والرؤى والمواقف، وإلى أي مدى يمكن الاعتماد على ما تتوقعه أو تحدسه الأعمال المسرحيَّة، في رسم منظور أوّلي لما يثبت أو يتغير أو يستجد من أحوال في الغد.


الملتقى الذي قدمه وأدار جلساته الفنان الإماراتي عبدالله راشد، انطلق بمداخلة للأكاديمي التونسي حمدي حمايدي، عنوانها «إشكاليات مفهوم المستقبل في مرآة المسرح العربي»، وجاءت على ثلاثة محاور، تناول في أولها إشكاليَّة مفهوم المستقبل، وفي ثانيها تطرق إلى علاقة المسرح الغربي بذاك المفهوم، وفي الأخير ربط بين سؤال المستقبل والمسرح العربي.
وذكر حمايدي أن كون الفن ليس علماً فهو لم يلتزم في تعامله مع المستقبل بقوانين محددة، بل اتخذ أشكالاً يمكن تصنيفها كما الآتي: «ممارسات فنيَّة تستمد بناها من حيويَّة الزمن، وأعمال ترتكز على مواضيع متمحورة حول المستقبل، وحركات أدبيَّة وفنيَّة مراهنة على المستقبل، وإنتاجات جماليَّة لها خلفيَّة أيديولوجيَّة أو فلسفيَّة معلنة أو مضمنة».
الغيرية النسبية
وفي ما يتصل بتقاطع التجربة المسرحيَّة العربيَّة مع مفهوم المستقبل، قال الباحث التونسي إن تأثر رواد «أبو الفنون» في العالم العربي بالمنجز المسرحي الغربي، حملهم على تقليده في كل شيء، لذلك «كان للمستقبل الحضور نفسه في الأعمال العربيَّة مع فارق الغيريَّة النسبيَّة أو التامة. ومرد ذلك إلى أن الغرب قدم منواله على أنه كوني، وأن العرب انخرطوا في هذه الفكرة سواء عن وعي أم عن غير وعي». كما لاحظ حمايدي أن «المسرح العربي اعتمد على الكلاسيكيَّة المستمدة من نظريَّة أرسطو، وبالتالي جعل من الانتظار المتلهف للنهاية، أي المتابعة القريبة للعقدة حتى يتم حلها في المسرحيَّة، عنصراً أساسياً يربط الحاضر بالماضي وبالمستقبل»، ومن ناحية أخرى تبنى فكرة توظيف المسرح لبناء وتشكيل أفراد ومجتمعات مستقبليَّة سليمة «من خلال التطهير (كاثارسيس) عبر الشفقة والخوف في التراجيديا والإضحاك في الكوميديا».
وأشار المتحدث إلى أن المسرح العربي حاول في بعض تجاربه أن يخلق خصوصيته، وغاير النموذج الأرسطي، وبدلاً من الميثولوجيا الإغريقيَّة توجه إلى الماضي الحقيقي لفهم الحاضر والمستقبل، ومن ثم «احتل التاريخ منزلة محوريَّة في المسرح العربي، وقد عزز هذا المنحى ما في التاريخ العربي الإسلامي من فترات مضيئة تكون سبباً وسنداً لتمجيد الماضي، حتى يتم الوعي بسلبيَّة الحاضر وبضرورة العمل على إيجاد مستقبل يتسم بالإيجابيَّة».
المستقبل.. عودة إلى الماضي
وفي مداخلتها الموسومة «المسرح والمستقبل: دراما بلا ذات أم ذات بلا دراما» ناقشت الباحثة والكاتبة السوريَّة نور حريري ثلاثة توجهات طبعت التجربة المسرحيَّة العربيَّة في علاقتها بالماضي، فثمة توجه طالب بالعودة إلى السابق باسم العقل والتراث والتاريخ، وهناك توجه طالب بالقطيعة مع السابق والقفز إلى المستقبل باسم الثورة على الماضي والحس والتجريب والنقد، وهناك توجه ثالث رفض السابق واللاحق بحجة الراهن. وذكرت حريري أن تلك التوجهات المسرحيَّة السائدة اعتمدت على «ما يُسمى بالزمن الموضوعي، وهو الزمن الخطي المشترك، الذي فيه ومن خلاله تتراكم التجربة وتتقدم وتتطور». وقالت الباحثة السوريَّة: «إنّ تعامُلنا مع الزمن الخطي ينطوي على اصطناع أصيل»، مشيرة إلى أن كل محاولة لاستعادة التاريخ بهدف التجديد المسرحي، هي محاولات اصطناعيَّة أكثر منها محاولات استعاديَّة. وأوضحت أن «التوجه نحو الموروث والتراث والتقاليد، كما رأينا في أعمال ألفريد فرج والطيب الصديقي وغيرهما، هو توجّه يختلق ما يريد إيجاده. وبخصوص التيار الثاني، الذي يرفض النبش في الماضي، ويريد إنتاج مسرح مستقبلي عالمي، كما نرى في أعمال صلاح عبدالصبور مثلاً، يندفع من لحظة راهنة مشوبة بالماضي وآثاره، ولا يمكن أن تتملّص من هذا الماضي، فتكون كل قفزة نحو المستقبل استعادة للماضي، أو إعادة إنتاج له في شكل جديد».
وأشارت حريري في مداخلتها إلى أن المثال المتطرف الأبرز في التوجّه نحو المستقبل، هو ما نشهده اليوم من تدخل العلم في الفن، ودخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كتابة العمل الفني.. «غير أن الذكاء الاصطناعي هو المثال الأبرز على الاشتغال بطريقة زمنيَّة تراكميَّة خطيَّة، من خلال الخوارزميات التي تقوم بجمع بيانات المنجز المسرحي التاريخي، وإعادة تأليف هذا المنجَز وإنتاجه بطريقة جديدة.. فهي لا يمكن أن تخرج عمّا هو موجود وقائم بالفعل في التاريخ».
المداخلة الثالثة في اليوم الأول للملتقى، قدمها الباحث المغربي عبدالله المطيع، وجاءت تحت عنوان «كيف يستشرف المسرح المعاصر مستقبل ثقافات الفرجة؟» وجاءت في ثلاثة محاور، تناول في الأول النزعة المستقبليَّة في صناعة الفرجة المسرحيَّة من خلال الاستعانة بـ«التكنولوجيا الرقميَّة للواقع المعزز AR والمندمج MR»، وفي المحور الثاني تطرق إلى نموذج عدمي يتنبأ بأفول ثقافة الفرجة ويعوض العرض المسرحي ببنية أيديولوجيَّة للتخصيص والتحكم في المشاهد، وفي المحور الثالث تناول المطيع تيار صناعة الفرجة، بهدف إعادة النظر في مفهومي المشاهدة والحكي - أكان سرداً لفظياً أم بصرياً أم جسدياً – بوصفهما عمودي ثقافة الفرجة. ولقد قدم الباحث أمثلة مستلهمة من المشهد المسرحي المغربي.

وفي برنامج العروض شهد جمهور اليوم الثاني مسرحيَّة «ورقة طلبات»، عن «تصبحين على خير يا أمي» للكاتبة الأمريكيَّة مارشا نورمان، وقدمتها فرقة «1+1» المصريَّة، من إخراج محمد عادل النجار، وأداء ليلة مجدي، ودعاء الزايدي. وأدار الندوة النقديَّة حول العرض الإعلامي المصري وائل سعيد.
وضمن الأنشطة التدريبيَّة المصاحبة للمهرجان، نظمت ورشة بعنوان «تنمية المهارات التعبيريَّة لدى الممثل» أشرفت عليها الفنانة التونسيَّة زوهات ضيفلاوي.
أقيمت الفعاليات بحضور عبد الله العويس رئيس الدائرة والعديد من الفعاليات الفنية والثقافية المحلية والعربية.

b898df04-b14c-4ccd-b70e-8366b9403934

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ثقافة مسرح احتفال مهرجان المسرح العربی إلى أن

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك يفتتح «المكتبة الشاملة» في مركز المستقبل للتأهيل بأبوظبي

أبوظبي (وام)

افتتح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، والرئيس الفخري لمركز المستقبل للتأهيل، «المكتبة الشاملة» في مقر المركز بمدينة أبوظبي، وذلك خلال حفل رسمي حضره معالي خلدون المبارك، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة مبادلة للاستثمار، ومحمد عبد الجليل الفهيم، رئيس مجلس إدارة المركز، إلى جانب عدد من الشخصيات المرموقة من مجموعة مبادلة ومؤسسات وطنية، ولفيف من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور.
ويأتي افتتاح هذه المكتبة المتطورة، في إطار التزام مشترك بين مركز المستقبل ومجموعة مبادلة بدعم التعليم الشامل، وتعزيز فرص أصحاب الهمم في الوصول إلى المعرفة، والمشاركة الفاعلة في المجتمع، تماشياً مع قيم دولة الإمارات في التمكين والمساواة.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بهذه المناسبة: «إن افتتاح المكتبة الشاملة في مركز المستقبل للتأهيل ليس مجرد فعالية رمزية، بل هو إعلان صريح عن التزامنا الجماعي ببناء مجتمع يؤمن بكل فرد، ويمنحه الأدوات التي تمكنه من التعلم، والإبداع، والمساهمة الفاعلة في مسيرة الوطن».

أخبار ذات صلة نهيان بن مبارك يحضر أفراح العامري في أبوظبي نهيان بن مبارك يحضر حفل السفارة الإيطالية باليوم الوطني


وأضاف معاليه: «لقد أرسى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دعائم راسخة لمجتمع يقوم على العدل، والرحمة، وتمكين الإنسان، وها نحن اليوم نواصل هذا النهج المبارك بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يضع الإنسان في قلب رؤية التنمية، ويؤمن بأن بناء وطن متماسك وشامل يبدأ من الاستثمار في التعليم النوعي، وتكافؤ الفرص، ودمج أصحاب الهمم بشكل كامل في جميع مناحي الحياة».
وتابع : «في إطار عام المجتمع 2025، تتجسد هذه المكتبة كنموذج فعلي لترجمة تلك الرؤية الوطنية، فهي ليست فقط مساحة للقراءة، بل فضاء حياً لتعزيز الانتماء، وتوسيع آفاق المعرفة».
وتوجه معاليه بالشكر والتقدير إلى مجموعة مبادلة للاستثمار، على دعمها ومساهمتها الفاعلة في إنجاح هذا المشروع الرائد».
من جانبه، قال معالي خلدون المبارك: «نؤمن في مبادلة بأن تمكين الشباب هو أساس بناء مستقبل أكثر إشراقاً وتنوعاً، ويمثل افتتاح هذه المكتبة الشاملة خطوة نوعية ضمن التزامنا بتوفير بيئة تعليمية دامجة، تدعم جميع أفراد المجتمع وتمنحهم فرصاً حقيقية للنمو والمساهمة، ومن خلال هذه المبادرات، نسعى دائماً إلى الاستثمار في الإنسان، وتوسيع دائرة الفرص أمامه، وتعزيز القيم التي نؤمن بها كمؤسسة وطنية مسؤولة».
وقال محمد عبد الجليل الفهيم: «إن هذه المكتبة تمثل أكثر من مجرد فضاء للكتب، إنها تعبير حقيقي عن الإيمان بقدرات الطلبة، وتأكيد على أن التعليم حق أصيل للجميع»، مقدماً الشكر لكل من أسهم في تحويل هذه الرؤية إلى واقع، وعلى رأسهم مجموعة مبادلة للاستثمار، التي جسّدت بأعمالها التزاماً حقيقياً تجاه المجتمع وأفراده.

مصادر المعرفة
تُعد المكتبة الجديدة مساحة تعليمية مبتكرة، تهدف إلى تمكين الطلبة، وتعزيز فرص الوصول إلى مصادر المعرفة، وتضم أكثر من 1500 كتاب ومورد تعليمي، موزعة على تسع مناطق تعليمية متخصّصة، تشمل ركن القراءة، الركن الحسي، فضاء الابتكار، ومناطق الدعم الحسي والمعرفي، بما يُراعي أنماط التعلم المختلفة والاحتياجات الفردية.
وتم تجهيز المكتبة بأدوات وتقنيات مساعدة، مثل نظارات الواقع الافتراضي (ClassVR)، الروبوتات التعليمية، القارئات الصوتية، أقلام القراءة، والكتب الصوتية.
وخلال الحفل، قدّم طلاب المركز عرضاً فنياً، تضمن تقديم شخصية «كابتن فيوتشر»، من إبداع الطالب عبدالله الرميثي، والتي تمثل رمزاً للتمكين والشجاعة وقوة المعرفة.

مقالات مشابهة

  • وفاة سميحة أيوب.. مهرجان بورسعيد ينعى سيدة المسرح العربي
  • اختتام التصفيات النهائية لمبادرة تحدي القراءة العربي بموسمها التاسع
  • سلطان يلبّي اتصالاً ويوفّر احتياجات روضة «الحور» في دبا الحصن
  • مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب
  • رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب
  • البيت الفني للمسرح ينعى سيدة المسرح العربي سميحة أيوب
  • نهيان بن مبارك يفتتح «المكتبة الشاملة» في مركز المستقبل للتأهيل بأبوظبي
  • للعام التاسع.. فوز مدرسة بلكيم بالغربية بالمركز الأول فى مسابقة تحدي القراءة العربي
  • تتواصل التصفيات النهائية لمبادرة تحدي القراءة العربي بموسمها التاسع لليوم الثاني
  • مهرجان القومي للمسرح المصري يطرح البوستر الرسمي لدورته الـ 18