بعد تعطيل إسرائيل لمفاوضات تبادل الأسرى، تتجه دولة الاحتلال لتجميد خطة احتلال رفح، التي يتحصن بها أكثر من مليون وربع المليون فلسطيني فروا من العملية العسكرية الإسرائيلية، حيث يبدو أن الجيش الإسرائيلي وحتى رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو "غير متحمسان" للعملية.

ويذكر تقرير للمحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، الإثنين، أن القيادة السياسية الإسرائيلية مقتنعة أن معظم الاسرى في قطاع غزة على قيد الحياة، وأن حالتهم الصحية جيدة نسبيا، لكن "المشكلة المثيرة للقلق هي حالتهم العاطفية والنفسية، بعد قرابة 140 يوما في الأسر، وبحالة هلع دائم، وأي يوم آخر يفاقم هذه المشكلة".

ووفقا لبرنياع، فإن التقارير حول المفاوضات مقابل "حماس" حول صفقة تبادل أسرى هي "أكاذيب يضلل مكتب نتنياهو، من خلالها الجمهور".

وعشية جولة المفاوضات الأخيرة في القاهرة، تراجع نتنياهو عن تعليمات سابقة وجهها لطاقم المفاوضات الإسرائيلي، دون توضيح سبب هذا التراجع.

ويرجح برنياع أن نتنياهو اعتقد أن "تشديدا تكتيكيا سيلين مواقف حماس أو بالعكس، وهلع من تقدم المفاوضات وعمل بشكل إستراتيجي من أجل إفشالها".

ويضيف: "إذا كان هذا قصده، فقد نجح، فلا توجد مفاوضات حاليا، ومحاولة رئيس الاستخبارات الأمريكية (سي آي ايه) وليام بيرنز، إخراج المفاوضات من السبات فشلت".

اقرأ أيضاً

حماس تعتزم تعليق محادثات تبادل الأسرى لحين إدخال مساعدات لشمال غزة

ويعتبر أن الوسطاء الأمريكيين والقطريين والمصريين يقدمون مقترحات ويهدرون طاقات كثيرة في المفاوضات، لكن حماس "لم تتجاوب ولم تهلع ولم تستسلم، كما أن المستوى السياسي الإسرائيلي لم يستجب للوسطاء، حيث يتحدث نتنياهو كثيرا حول العاطفة والأخلاق والأمن، لكنه يعمل بموجب اعتبارات سياسية داخلية".

ويضيف أن العملية العسكرية الإسرائيلية في خان يونس كشفت، حسب الكاتب الإسرائيلي، عن أن عددا كبيرا من الأسرى احتجزا قريبا من قيادة "حماس"، وأن ظروفهم كانت جيدة نسبيا.

ويشير إلى أن تقدم الجيش الإسرائيلي دفع قيادة حماس إلى الانتقال إلى مواقع أخرى، وأخذوا معهم المخطوفين إلى أماكن أقل أمانا، في منطقة رفح، وازدادت مخاطر إصابتهم بتبادل إطلاق نار، كما تزايدت المخاطر على صحتهم وطعامهم".

ويضيف أن عملية عسكرية في رفح الآن مشروطة بنقل حوالي 1.4 مليون نازح في المدينة إلى شمالها، وهذا يتطلب جهودا دبلوماسية ولوجستية طويلة ومعقدة.

ويفيد برنياع بأن "البيت الأبيض بلور حلا لهذا المأزق، وبدلا من صفقة صغير لتبادل الأسرى، اتجه إلى صفقة عملاقة، عبر تحرير الأسرى وإعادة إعمار القطاع، وترحيل حماس بصورة ناعمة، واندماج إسرائيل في حلف مع الدول العربية السنية، وعلى رأسه عقد دفاعي أمريكي – سعودي".

ويلفت إلى أن مثل هذه الصفقة الكبيرة، تمثل إنجازا لبايدن مقابل الجناح التقدمي في حزبه، وكذلك استئناف المفاوضات حول إقامة دولة فلسطينية.

اقرأ أيضاً

بايدن لا يتوقع عملية عسكرية إسرائيلية في رفح ويدعو لإتمام صفقة أسرى

ويضيف أنه "لا توجد صفقة صغيرة بدون الصفقة الكبيرة، ولا توجد صفقة كبيرة بدون الصفقة الصغيرة، والدولة الفلسطينية ما زالت بعيد، لكن بالإمكان المحاولة".

ويتابع أنه بحل كهذا حول الأمريكيون نتنياهو إلى "عدو تحرير الأسرى".

ومن وجهة نظر نتنياهو، فإن أي تقدم في المفاوضات يضع تهديدا فوريا على استمرار حكمه.

ويلفت إلى أن موافقته على إرسال الطاقم الإسرائيلي إلى القاهرة، جاء من أجل الحفاظ على مظهر فقط، ولكنه حيد الطاقم الإسرائيلي بكل ما يتعلق بالمفاوضات.

ويشير برنياع إلى أن "مركز الأحداث ينتقل من القاهرة إلى واشنطن، وسيحاول نتنياهو ومبعوثه، رون ديرمر، أن يتعاملا مع بايدن مثلما تعاملا مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وستكون هذه دراما رائعة، لكنها لن تعيد أي مخطوف إلى الديار".

أما الصحفي الإسرائيلي عاموس هاريل، في تحليل نشرته "هآرتس"، فيقول إن التحضيرات الجارية حالياً -لاقتحام مدينة رفح في غزة، تثير جدلا داخل المجتمع الإسرائيلي، "ويبدو أن هناك حالة ارتباك ما بين نتنياهو والجيش".

اقرأ أيضاً

بلينكن: قضايا صعبة تعرقل التوصل لاتفاق حول الأسرى في غزة

ويضيف: "تفاقم وضع الجيش في معاناته من نقص التوجيهات الواضحة من المسؤولين السياسيين، لأن الحكومة لا تقول للجيش ماذا تريد.. وهناك القليل من الناس، في إسرائيل وفي الساحة الدولية، يفهمون ما يهدف إليه نتنياهو".

ويتابع الكاتب في الصحيفة اليسارية، إنه من الواضح حاليا أن الجيش لا يضغط على الحكومة للتحرك نحو رفح، لأن الأجهزة الأمنية تركز على خان يونس، لمطاردة مسؤولي "حماس"، وعلى رأسهم يحيى السنوار، وهو ما يتطلب أسابيع وليس من المؤكد أن الأمر سينتهي بالقبض على السنوار أو غيره.

ويشير إلى أنه لا تزال هناك مخيمات للاجئين في وسط قطاع غزة، وهي مخيمات النصيرات ودير البلح، لم تعمل فيها إسرائيل بعد.

ويحذر هاريل إن كتيبتي "حماس" المتبقيتان هناك أقوى وأفضل تنظيما من الكتائب الأربع الموجودة في رفح، لافتا إلى أنه "لا تزال لدى المعسكرات المركزية بنية تحتية لإنتاج الأسلحة لم يتم ضربها بعد".

ويضيف أن نتنياهو يشدد موقفه في المفاوضات غير المباشرة لزيادة الضغط على "حماس"، وفي المقابل يضع إسماعيل هنية زعيم حماس، بدائل غير قابلة للتنفيذ، وهو ما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق تتضاءل، وفق زعمه.

وطالب هنية بضرورة "وقف كامل للعدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة ورفع الحصار وعودة النازحين، والالتزام بإعادة بناء غزة".

اقرأ أيضاً

ستراتفور: سلامة الأسرى الإسرائيليين مستحيلة مع اجتياح رفح.. وانقسام حماس سيناريو وارد

ويرى الكاتب أنه أمام هذه المطالب، فإن الاتفاق يبدو بعيد المنال، مما يشكل خطرا واضحا على حياة الأسرى الإسرائيليين، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 32 من أصل 134 محتجزا في قطاع غزة.

ويشارك مسؤولون كبار في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" و"الموساد" في إعداد الخطوط العريضة للمفاوضات حول إطلاق سراح الأسرى.

وقد عُرض ذلك على نتنياهو، لكنه رفضه.

ومن المعقول الافتراض أن الجيش سيدعم التوصل لصفقة حتى مع وقف إطلاق نار طويل الأمد في قطاع غزة، على أساس أن هذه المأساة تمزق المجتمع الإسرائيلي، وفق هاريل.

لكنه يرى أن رؤساء المؤسسة الأمنية لا يضغطون على نتنياهو بقوة للقبول بالصفقة، لأن وقف القتال سيسرع التحقيقات في الإخفاقات التي أدت إلى الحرب والاستقالات المتوقعة لكبار مسؤولي الدفاع.

ويشير إلى أنه ربما توجد مصلحة مشتركة لدى المؤسسة الأمنية ونتنياهو لمواصلة الحرب.

اقرأ أيضاً

هل أحدث اجتماع القاهرة بشأن غزة أي انفراجة للتهدئة وتبادل الأسرى؟

لكن حتى يتم اقتحام رفح سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى خطوتين تحضيريتين تتطلبان وقتاً، أولا: إخلاء معظم السكان، كما حدث في شمال قطاع غزة ولاحقاً في خان يونس.

أما ثاني الخطوات، فهي نشر المزيد من القوات المجندة وقوات الأمن وإعادة تعبئة الوحدات الاحتياطية، التي تم تسريح جميعها تقريبًا في الأسابيع الأخيرة، ولكنه يشير إلى أن "عودة السكان إلى مدينة غزة وخان يونس تعني العيش بين الأنقاض دون بنية تحتية".

ويرى الكاتب أن الحكومة الإسرائيلية ترفض وضع خطط واضحة فيما يتعلق بكيفية استمرار الحرب، بالإضافة إلى عدم جود ترتيبات خاصة باليوم الذي تنتهي فيه الحرب، وهو ما يصعب الأمر على المهنيين في المؤسسة الدفاعية، كما هو الحال بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الذين هم على اتصال دائم مع إسرائيل.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على قطاع غزة، تقول إن أحد أهدافها هو القضاء على حركة "حماس"، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي المستمر لفلسطين منذ عقود.

وحتى الأحد، خلَّفت الحرب الإسرائيلية على غزة "28 ألفاً و985 شهيداً و68 ألفاً و883 مصاباً، معظمهم أطفال ونساء"، بالإضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقاً للسلطات الفلسطينية.

وللمرة الأولى منذ قيامها في عام 1948، تخضع إسرائيل لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة؛ بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين.

اقرأ أيضاً

عائلات أسرى إسرائيل في غزة: خوفنا وقلقنا على مصير ذوينا يتزايد

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تبادل أسرى رفح إسرائيل نتنياهو جيش إسرائيل المقاومة حرب غزة غزة الجیش الإسرائیلی تبادل الأسرى اقرأ أیضا قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

تفاصيل تعديلات حماس على مقترح صفقة تبادل الأسرى.. هدنة مستدامة

أكدت وسائل إعلام عبرية أن حركة حماس عدلت بعض الشروط في مقترح صفقة تبادل الأسرى في قطاع غزة، الذي عرضته الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرة إلى أنّها سلمت الرد إلى الوسطاء في مصر وقطر، حسبما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية».

حماس تعدل في شروط صفقة تبادل الأسرى

ونقلت القناة «13» الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي كبير– لم تذكر اسمه- قوله إنّ حماس عدلت بعض شروط المقترح الأمريكي لإعادة لتبادل الأسرى وإعادة المحتجزين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، ليتضمن بدء عملية إعادة إعمار القطاع المتضرر في المرحلة الأولى من الاتفاق وليس الثالثة.

وأضاف المسؤول الإسرائيلي أن شرك حماس الآخر أن يبدأ وقف إطلاق النار من المرحلة الأولى، مؤكدًا أن الحركة ترفض أي معارضة، فيما يخص أسماء كبار الأسرى الذين تطالب بالإفراج عنهم.

ووصف المسؤول الإسرائيلي تلك التعديلات بأنها «الأكثر تطرفًا»، مشيرًا إلى أنّ الضغوط الأمريكية لم تنجح، ومن الصعب أن تكون هناك بداية للمفاوضات في ظل تلك الظروف.

تفاصيل رد حركة حماس على صفقة بايدن

وبحسب موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن رد حركة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي جو بايدن لصفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، جاء في 6 بنود، كالتالي:

في اليوم الأول من المرحلة الأولى من الصفقة، سيبدأ وقف مؤقت لإطلاق النار من الجانبين، وستبدأ قوات جيش الاحتلال بالانسحاب من المناطق المأهولة بالسكان إلى المناطق المحاذية لحدود غزة.

في اليوم الثالث سيبدأ الانسحاب من محور صلاح الدين وشارع الرشيد، وتفكيك كافة المنشآت العسكرية الموجودة على محور نيتزر، بالتزامن مع الانسحاب الكامل من محور فيلادلفيا، وإخلاء معبر رفح بشكل كامل.

في المرحلة الأولى، ستطلق حركة حماس سراح 32 محتجزًا إسرائيليًا، حيًا أو ميتًا- وليس 33- حيث سيتم إطلاق سراح ثلاثة محتجزين كل 3 أيام.

إذا لم يتم الانسحاب الكامل بحلول اليوم السابع، فسوف يتوقف إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.

سترتكز قوائم الأسرى الفلسطينيين على مبدأ «الأولوية في الاعتقال»، أي أنهم سيطلبون إطلاق سراح السجناء القدامى.

في نهاية المرحلة الأولى من الصفقة، يجب أن يكون هناك انسحاب كامل من القطاع بأكمله، وهذا يعني أنه لن يكون هناك أي جندي من جيش الاحتلال داخل غزة.

تنتهي المرحلة الأولى بإعلان الاستعداد لـ«هدنة مستدامة»، تستهدف وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، قبل تبادل الأسرى من الجانبين.

كما طلبت حركة حماس إضافة الصين وروسيا وتركيا، كدول ضامنة للاتفاق، بجانب مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • غانتس يكشف دور نتنياهو في عرقلة صفقة تبادل الأسرى
  • غانتس يتهم نتنياهو بعرقل صفقة تبادل الأسرى
  • إجتماع وزاري عاجل في إسرائيل لبحث مفاوضات صفقة تبادل الأسرى
  • «القاهرة الإخبارية»: اجتماع وزاري في إسرائيل لبحث مفاوضات تبادل الأسرى الأحد المقبل
  • حماس تطلب بتعديل لمقترح صفقة تبادل الأسرى والهدنة مع إسرائيل
  • أبرز تعديلات "حماس" لمقترح صفقة تبادل الأسرى والهدنة مع إسرائيل
  • مسؤول أميركي رفيع لـــــ(تقدم): مفاوضات غير مباشرة تجري بين الجيش و«قوات الدعم السريع»
  • تفاصيل تعديلات حماس على مقترح صفقة تبادل الأسرى.. هدنة مستدامة
  • مفاوضات غير مباشرة بين الجيش السوداني والدعم السريع برعاية أميركية
  • كاتب إسرائيلي: آيزنكوت طالب باجتياح رفح أولا ونتنياهو ماطل لإطالة الحرب