مكتبة مصر الجديدة تنظم ندوة حول العلاج النفسى
تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT
نظمت مكتبة مصر الجديدة مساء أمس الأحد، ندوة جديدة، تحت عنوان"العلاج النفسى الذاتى وآلية التعامل مع الضغوط ".
أكدت الندوة على ضرورة إتباع اساليب التوجيه النفسى الذاتى والتعلم الذاتى الذى يوظف قدرات الفرد وامكانياته والتأكيد على دور الممارسة الشخصية فى تعديل السلوك والتغيير، والتى حاضر فيها الدكتور رامز طه استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان.
قال الدكتور نبيل حلمى ، رئيس مجلس إدارة جمعية مصر الجديدة التابع لها المكتبة ، ان المكتبة ليست مجرد مكان للكتب فحسب، بل تقوم بدور مهم ونشط في التوعية وتوفير فرص المعرفة في مجالات عديدة ، وتأتي هذه الندوة ضمن رسالتها وجهودها الرامية إلى المساهمة في إنشاء مجتمع من الأصحاء نفسيًا وترسيخ ثقافة الحب والتفاهم وتقديم الدعم النفسي.
وأشار الدكتور رامز طه، استشارى الطب النفسى وعلاج الإدمان، خلال الندوة الى الضغوط التى تحاصر الإنسان والأمراض والوساوس العديدة التى تسببها ابتداء من الاضطرابات النفسية مثل القلق والتوتر والاكتئاب ونوبات الهلع والمخاوف الى الاضطرابات البدنية والجسمية مثل قرحة المعدة ؛ ضعف جهاز المناعة ، ارتفاع ضغط الدم ، أمراض القلب والسكتة الدماغية وغيرها.
وقدم الدكتور رامز طه روشتة للعلاج والتى تضمنت تدريبات علاج الضغوط وما يتبعها من قلق وتوتر واكتئاب وكيف يستطيع الفرد ان يعالجها بنفسه دون الحاجة لزيارة الطبيب النفسى الا فى اضيق الحدود ، وذلك بأتباع اساليب التوجيه الذاتى والتعلم الذاتى الذى يوظف قدرات الفرد وامكانياته كما قال "كارل روجرز " والذى أكد على دور الممارسة الشخصية فى تعديل السلوك والتغيير.
كما طرح الدكتور رامز ضمن روشته العلاج وطرق تدريب الفرد على الضبط الذاتى والعلاج الذاتى من خلال التدريب الاسترخاء والتنفس العميق ببطء ، تعديل الحوار الذاتى ( اسلوب مايكنبوم ) واحلال الافكار الايجابية محل الافكار الانهزامية والهدامة ، استخدام اسلوب التدعيم الذاتى ومكافئة الذات كلما نجح فى طرد او ابدال الافكار غير المرغوبة .. والمكافئة تكون معنوية بتشجيع واعلاء قيمة الذات او مادية بكوب من العصير او الشاى مثلا ، ممارسة الخلوة والتأمل ورياضة اليوجا لتحقيق الهدوء النفسى وعدم التوتر ، ملاحظة الذات وتسجيل الافكار ومايتبعها من انفعالات يوميا فى جداول وكذلك مدى النجاح فى طردها من الذهن ، الاستعانة بالله والدعاء ، النوم مدة كافية ( من ٦ الى ٨ ساعات يوميا) ، تغيير نمط التفكير وعدم لوم الذات ، واللجوء الى اسلوب اللامبالاة وتجنب اعطاء الهموم اكبر من حجمها، والترفع عن الصغائر، وان نسجل قدرتنا على الصبر والتسامح يوميا، انها تدريبات القوة النفسية والثبات الانفعالى التى تمنع الضغوط من إفراز هرمونات التوتر فى أجسامنا .. إنه العلاج النفسى الذاتى الذى يجب أن ندرب أنفسنا عليه يوميا.
IMG-20240218-WA0036 IMG-20240218-WA0037 IMG-20240218-WA0038 IMG-20240218-WA0039المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مكتبة مصر الجديدة العلاج النفسي الطب النفسي IMG 20240218
إقرأ أيضاً:
التعرّي أمام الذات: تأملات في هدم أقنعة الزيف وبزوغ الحقيقة من رماد الخداع
قد تكون الكلمات قاصرة أن تلتقط الرغبة في الاعتراف. رغم ذلك سأظل أسعى جاهداً لاستخلاص الكلمات التي قد تلمس شيئاً من هذا العبء العميق الذي يعصف بأرواحنا، ويسكن أعماق قلوبنا، فيسحبنا معه إلى بحرٍ من التردد والحيرة. إنه ليس حملاً يسهل تخفيفه أو التخلص منه، بل هو حصار داخلي لا يظهر للعيان، ولكنه يرهق الوجود بأسره. فالحروف قد تبدو هزيلة في التعبير، لكنَّها، رغم عجزها، تنبع من قلبٍ لا يستطيع السكوت بعد الآن. اليوم، وأنا في مفترق طرق، لا أملك القدرة على الاستمرار في الكتمان خلف ستائر الصمت، فقد حان الوقت لكشف ما طال إخفاؤه، مهما كان الثمن.
حين تتغلغل العنصرية في نسيج الوعي الجمعي، لا تبقى مجرّد انحياز أعمى، بل تتحوّل إلى منظومة فكرية مريضة تُشرعن الصراع، وتُبقي نيران الحرب مشتعلة، وكأنها قدرٌ لا يُرد. في ظلّها، تُختزل الهوية إلى حدود ضيّقة، وتُستخدم سلاحاً للإقصاء لا لسببٍ جوهري، بل لاختلاف لون، أو جهة، أو لهجة. فهي ليست قوة كما تروّج لنفسها، بل ضعف مقنّع، ومرض نفسي يلبس قناع السيطرة بينما ينخر الذات من الداخل. إنها إسقاط هشّ لأوهام تفوّق لا يستند إلى عقل، بل إلى خوف دفين من الآخر. وحين تُزرع في ذاكرة الأجيال، تُورَّث كعبءٍ على القلوب والعقول، ويغدو الشفاء منها تحدياً عسيراً، إذ تتغذى على الجهل والتكرار حتى تُعمِي البصيرة وتُبلّد الإحساس. ومع ذلك، يبقى الأمل ممكناً. فالعلاج يبدأ من لحظة إدراكٍ شجاع: أن الاختلاف ليس تهديداً، بل فرصة لفهم أوسع وعيش أعمق، وأن الجمال الحقيقي لا يُقاس بالشكل، بل بالقدرة على التلاقي في إنسانيتنا المشتركة.
الأمراض النفسية ليست سوى انعكاسات لظلالٍ سوداء، تشكّلت من الخوف والضعف، واستقرت في زوايا أرواحنا دون أن نجرؤ على مواجهتها. فهي مرآة مكسورة تعكس تناقضاتنا، وصرخات صامتة تكشف هشاشتنا أمام اختلاف الآخر، تخفيها الأقنعة التي نرتديها، ونعللها بزخرفٍ من التبريرات الواهية. إنها مشاعر مدفونة تحت ركام الضعف، تسكننا بصمت، فتتسلل إلى سلوكياتنا اليومية، وتتحكم بأفكارنا دون أن نعيها، حتى تتحول إلى جزء من هويتنا التي نتجنب مواجهتها. لكن، مهما اجتهدنا في طمسها، تظل أشبه بجمرة تحت رماد، تنتظر أول نسمة ريح لتشتعل. فالعنصرية ليست فقط رفضاً للون أو عرق، بل هي نظرة دونية لكل اختلاف، سواء كان في الفكر أو المعتقد أو نمط الحياة. أما الحقد والتعالي، فهما وليدا ضعفٍ داخلي وخوفٍ مستتر من فقدان امتيازات نتمسك بها بغير حق، أو من مواجهة حقيقة تهز عروش ما نظنه أفضل أو أصوب. عدم الاعتراف بالآخر، في جوهره، أكثر أشكال الظلم قسوة، لأنه يسلب الإنسان حقه الأساسي في أن يكون، ويحرمه من مساحة الاحترام التي يستحقها. إن الطريق إلى عالم أكثر عدلاً لا يبدأ إلا بمواجهة الحقائق المرة. علينا أن نرفع الغطاء عن أعماقنا، وننظر إليها بشجاعة، والاعتراف بما نخفيه من ضعف أو تناقضات. فالمواجهة الصادقة وحدها قادرة على تحريرنا من قيود الكراهية والخوف، وتدفعنا نحو قبول الآخر، ليس كجزء من واقعٍ نرضخ له، بل كركيزة أساسية في بناء مجتمعٍ ينعم بالتآلف والرحمة والسلام.
هذه التصرفات، وإن كانت غير واعية، تكشف عن مدى التحيز الذي يختبئ في عقولنا، وكيف أن ردود الأفعال التي قد نعتقد أنها محايدة، هي في الواقع امتداد لموروثات اجتماعية وأفكار مغلوطة. نطالب الآخرين بالالتزام بالقوانين، بمساواة الحقوق، ومع ذلك لا نطبق هذه المبادئ على أنفسنا عندما يتعلق الأمر بالآخرين، عندما يكون الاختلاف مجرد مبرر لتحقيرهم أو التقليل من شأنهم. إن هذا التناقض بين أقوالنا وأفعالنا يعكس هشاشة العلاقات الإنسانية في ظل القوالب الجاهزة التي نعيش ضمنها. فكيف نطالب بالتغيير والمساواة بينما نحن أنفسنا نتمسك بأحكام ضيقة تفرق بين الناس بناءً على خلفياتهم وأصولهم؟ هذه هي لحظات الحقيقة التي يجب أن نواجهها، لنعترف بأن التغيير الحقيقي يبدأ من داخلنا، من إصلاح نظرتنا للآخر والتعامل معه بإنصاف كامل، بعيداً عن أي تصنيف أو تحامل. ولكن، كما أن الشمس لا يمكن أن تخفى وراء السحب إلى الأبد، فإن هذه المشاعر لا بد لها أن تجد طريقها للخروج. لن يبقى شيء مخفياً إلى الأبد، فالصمت عن الحقائق التي نخشى مواجهتها هو ما يعرقل تقدمنا ويدمر روابطنا.
قد يكون هذا التعرّي أمام نفسي وأمامكم مؤلماً، ويزعزع ما تبقى لدينا من صور مثالية عن أنفسنا، تلك الصور التي طالما رسمناها بعناية لنُخفي وراءها عيوبنا ونقاط ضعفنا. لكن لا مفر من الاعتراف، فالتغيير الحقيقي لا يبدأ إلا من أول خطوة في مواجهة الذات بصدقٍ تام، مهما كانت قاسية، ومهما كانت الظلال التي تحملها ثقيلة. إذ أن ما نكبت عنه طوال الوقت من مشاعر مكبوتة وأفكار غير مفصح عنها، قد يكون هو السبب في تراكم الجروح بيننا، تلك الجروح التي تلوث علاقاتنا وتفصلنا عن بعضنا البعض. قد نعيش في وهم وخيال، نتظاهر بأن كل شيء على ما يرام، لكن الحقيقة أن هذا التهرب من الواقع هو الذي يعمق الشرخ في أرواحنا. إن الكشف عن هذا السر، مهما كان مراً، هو بداية الطريق نحو التحرر من قيوده. هو المفتاح لفهم أعمق لأنفسنا، ودواخلنا التي نخشى النظر إليها. وعندما نفهم أنفسنا بشكل صحيح، نتمكن من فهم الآخرين بشكل أعمق، ومن ثم نخلق الفرصة الحقيقية للمصالحة والتغيير.
التغيير لا يأتي إلا عندما نتصالح مع أنفسنا، ونواجه أعماقنا دون تردد، ونقبل بكل عيوبنا وضعفنا قبل أن نبحث عن عيوب الآخرين. فالتصالح مع الذات هو الخطوة الأولى نحو التحرر من قيود الماضي التي تخلق جدراناً بيننا وبين من حولنا، وبيننا وبين التغيير الذي نحتاجه. حين نتخلص من تلك القيود التي تراكمت على مر الزمن، نفتح الباب على أمل جديد، أمل يمنحنا القدرة على البناء من جديد على أسس متينة من الصدق والاحترام. حين نكون صادقين مع أنفسنا، نتقبل الآخرين كما هم، نرى فيهم فرصاً للتعاون والنمو، وليس تهديداً لمكانتنا أو معتقداتنا. إن التغيير يبدأ عندما نمتلك الشجاعة للاعتراف بأخطائنا وتجاوزها، وعندما نتوقف عن النظر إلى الماضي كعائق أمام مستقبلنا. فقط عندها، نستطيع أن نخلق واقعاً جديداً، يبنى على الأسس التي تضمن أن يكون كل فرد جزءاً من هذا البناء، يتشارك مع الآخرين في الفهم والاحترام، ويعمل من أجل غدٍ أفضل للجميع.
abudafair@hotmail.com