يستعيد العراق اليوم دوره الفكري والسياسي والاستراتيجي في الواقع العربي والدولي في ظل التطورات التي يشهدها العالم العربي والمنطقة، وخصوصا الحرب على غزة وتداعياتها في كل المنطقة، حيث كان العراق حاضرا في هذه الحرب عبر العمليات التي شنتها "قوى المقاومة" ضد القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق وقرب الحدود الأردنية، واستهداف المنشآت الإسرائيلية في ميناء إيلات، وكل ذلك دفع القوات الأمريكية لشن عمليات اغتيال لقيادات عراقية وقصف مقرات الحشد الشعبي، مما أدى إلى طرح النقاش مجددا حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي والدولي في العراق والذي عاد إلى العراق بعد العام 2015 تحت عنوان: محاربة داعش.



ورغم أن العراق لم يستطع إلى اليوم الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل كامل، فإنه يعود إلى لعب دور فاعل في الواقع الإقليمي، وقد كان للعراق دور مهم في استضافة جلسات الحوار السعودي- الإيراني والتي انتهت بإعلان الاتفاق بين البلدين في بكين برعاية صينية في العام الماضي، وكان لهذا الاتفاق دور مهم في إعادة صياغة الأوضاع العربية والدولية والإقليمية.

رغم أن العراق لم يستطع إلى اليوم الخروج من أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية بشكل كامل، فإنه يعود إلى لعب دور فاعل في الواقع الإقليمي، وقد كان للعراق دور مهم في استضافة جلسات الحوار السعودي- الإيراني والتي انتهت بإعلان الاتفاق بين البلدين في بكين برعاية صينية في العام الماضي، وكان لهذا الاتفاق دور مهم في إعادة صياغة الأوضاع العربية والدولية والإقليمية
وفي ظل كل هذه التطورات وخصوصا ما يجري في فلسطين من حرب إبادة والتغيرات والتحولات التي يشهدها العالم ينعقد (ملتقى الرافدين 2024) في بغداد بنسخته الخامسة تحت عنوان: مستقبل الإنسان، أزمات وتحولات، للمدة من 3-5 آذار/ مارس 2024 وعلى مدار ثلاثة أيام في فندق الرشيد (رويال توليب)- بغداد، ويتولى الإشراف على إقامته مركز الرافدين في العراق، وهو أحد أهم مراكز الدراسات والتفكير العربية، ويشارك فيه أكثر من ألف شخصية عراقية وعربية ودولية، كما تشارك فيه عشرات المؤسسات الفكرية والبحثية العربية والدولية.

ويأتي انعقاد هذا الملتقى هذا العام في ظل تحوّلات غير مسبوقة وأزمات متفاقمة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، حيث تواجه خلالها الإنسانية تحديات جدّية تهدد أمن الأفراد والمجتمعات والدول، وتضع التقلّباتُ السياسية والظواهر الاجتماعية المقلقة مستقبل البشرية أمام امتحان صعب بل كينونة وجودها على المحك.

وتشكّل الحرب على غزة أولى هذه التحديات وأعظمها بعد فشل المنظمات الدولية في وقف الإبادة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد الكيان الصهيوني، والتداعيات الحاصلة في كل المنطقة والعالم بسبب هذه الحرب الكبرى.

كما تفرض التكنولوجيا الجديدة وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي والتي تستخدم في الحروب والصراعات اليوم؛ تحديات جديدة على القوى المشاركة في هذه الحروب، وهذا ما برز في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وكذلك اليوم في الحرب في غزة وفي جنوب لبنان.

وأدّت العولمة المفرطة ذات الوجه غير الإنساني وانتشار التكنولوجيا الجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي إلى مشكلات متنوعة في العالم، ومنها الفقر، وانحسار فرص العمل، والتحولات الديموغرافية والتفكك الأسري، واضطرابات الفكر والهوية، وصعوبة التكيّف مع التغير المناخي، في مقابل تناقص الموارد وضعف التحكّم بها، فضلا عن تفشّي ظاهرة العنف والتطرف ورفض الآخر التي تُفضي إلى العزلة والتنابُذ، وتشكِّل عقبة حقيقية في طريق استدامة النمو.

ويسعى الملتقى هذا العام لتحقيق الاهداف التالية:

1- استشراف مستقبل الإنسان في ظل تفجّر الاكتشافات العلمية والتكنولوجية وتسارع التقدم العلمي، وإثراء النقاشات في تأثيرات ثورة الذكاء الاصطناعي، ولفت الانتباه إلى ما يمكن أن تؤديه تلك التقنيات في تدعيم الحوكمة الرشيدة ومواجهة التحديات المجتمعية، وتقييم دور المنظمات الدولية في ظل الفشل في وقف الحروب والصراعات في العالم، ولا سيما الحرب في أوكرانيا وحرب الإبادة التي ينفذها العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني اليوم.

2- مراجعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي تشكّل تحديا خطيرا للإنسان، والتأكيد على ضرورة العمل الدؤوب على ابتكار مبادرات حقيقية للمعضلات المستجدّة التي تواجهه محليا وإقليميا وعالميا، كالجريمة الإلكترونية والتجسس والصراع السيبراني.

3- متابعة ظاهرة تعدد الأقطاب في النظام الدولي الجديد، واحتمالية حدوث صراعات واختلالات مقلقة في موازين العلاقات الدولية، يمكن أن تؤثّر سلبا في أوضاع الناس لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

4- التأكيد على دور العراق المحوري بوصفه فاعلا في الحلول التي تُطرح لمعالجة المشكلات الإقليمية والدولية، وإظهار دور مراكز الأبحاث في الانخراط في عملية معالجة التوترات وتقديم النتاجات التي تتعاطى مع الأزمات بروح الحل العلمي.

5- يولي الملتقى آفاق الاقتصاد العالمي عناية خاصة، ويفرد مساحة مناسبة لموضوع تنمية رأس المال البشري، وطرح البرامج الجديدة والطموحة التي تصبّ باتجاه تطويره، وتبنّي مبادرات نوعية لتعزيز التدريب وتنمية المهارات والخبرات بما يلبّي متطلبات سوق العمل وتسهيل الاندماج به.

وتتضمن عناوين الجلسات خلال الأيام الثلاثة الموضوعات التالية:

1- التعددية القطبية: مَنْ يحكم المشهد العالمي.

2- إشكاليات العمل السياسي في العراق بين هيمنة القوى التقليدية وتنامي الأحزاب الناشئة.

3- أنسنة الاقتصاد العالمي.

4- استراتيجية التعليم في التصدي للمتغيرات العالمية وصناعة المستقبل.

5- آفاق الفكر الإنساني: الفن والثقافة مرآة الأمم.

6- العدوان الإسرائيلي على فلسطين: جولة حرب أم نهاية صراع.

7- تغير المناخ: ضرورات التعاون من أجل استدامة التنمية وحماية الكوكب.

8- عالم الذكاء الاصطناعي: تهديدات وفرص.

9- تشكيلات القوى الأمنية: قراءة موضوعية.

10- التواصل الرقمي: رؤى وطموحات.

كما يتضمن الملتقى ورش العمل الآتية:

1- رأس المال البشري: آليات التوظيف وآفاق الاستدامة.

2- التكامل التشريعي بين جودة النص القانوني وسيادة القضاء.

هذا الملتقى اليوم في العراق يضاف إلى بقية المنتديات والملتقيات والمؤتمرات التي يشهدها العالم العربي والإسلامي، والتي تتناول مستقبل الإنسان والعالم في ظل التحديات الجديدة، ولا سيما بعد حرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوني على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من أربعة أشهر ونصف ولا تزال تداعياتها مستمرة في المنطقة والعالم، وكل الأمل أن تساهم هذه الملتقيات بتقديم رؤية عربية وإسلامية جديدة على ضوء المتغيرات الحاصلة في العالم، وأن يكون للعقل العربي والإسلامي دور فاعل في المرحلة المقبلة لتقديم مشروع حضاري جديد في مواجهة الأزمات المختلفة التي يواجهها العالم اليوم.

twitter.com/kassirkassem

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة عربي21 فيديو اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة عربي21 فيديو اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق فلسطين تحديات المستقبل العراق فلسطين تحديات المستقبل مؤتمرات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مستقبل الإنسان دور مهم فی فی العراق

إقرأ أيضاً:

العراق على أبواب صناديق جديدة: هل تغير انتخابات 2025 قواعد اللعبة

آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 9:43 صبقلم: د. مصطفى الصبيحي ها هو العراق مرة أخرى يقف أمام صناديق الاقتراع موعد جديد مع الديمقراطية في بلد لم يعرف الاستقرار منذ عقود وكأن التجربة السياسية ما زالت في مرحلة المخاض المتعثر رغم مرور أكثر من عشرين عامًا على التغيير. انتخابات 2025 تحمل في ظاهرها استمرارية شكلية لكنها في باطنها حبلى باحتمالات مفتوحة تتراوح بين إعادة إنتاج نفس الخرائط القديمة، أو كسر بعض قواعد اللعبة الراسخة ولو جزئيًا. ولعل السؤال الأكبر الذي يفرض نفسه بقوة اليوم: هل هناك نية حقيقية لإحداث تغيير؟ أم أن اللعبة محكومة بسيناريو معد سلفًا تتبدل فيه الأدوار بينما تبقى البنية السياسية على حالها؟ من المؤكد أن ما يسبق الانتخابات هذه المرة ليس كما كان عليه الحال في السابق فالمشهد السياسي يعيش حالة من التمزق الظاهر والانقسام الضمني التيارات التقليدية تعاني من تراجع في شعبيتها حتى وإن بدت مسيطرة في المؤسسات والشباب – وهم القوة الحقيقية – لا يجدون أنفسهم ممثلين في خطاب تلك القوى. منذ انتفاضة تشرين وما تلاها من انسحابات وموجات قمع وصعود للوعي الشعبي تغيرت المزاجات. لم يعد الشارع يثق بالوعود ولا يؤمن بأن الاقتراع وحده كفيل بالتغيير. هناك حالة من الشك من التعب من الترقب الحذر. المفوضية العليا للانتخابات تواصل استعداداتها، وتفتح سجلات الناخبين وتعلن عن جاهزيتها لكن الجاهزية التقنية لا تعني بالضرورة جهوزية سياسية حقيقية لانتخابات نزيهة. ثمّة غائب حاضر في المشهد هو التيار الصدري الذي انسحب من البرلمان وترك الساحة السياسية تعيد تشكيل توازناتها على عجل. السؤال المطروح اليوم في كل ردهات السياسة العراقية: هل يعود التيار إلى المشهد؟ وإذا عاد فكيف؟ وبأي خطاب؟ وإن غاب هل سيتمكن خصومه من ملء الفراغ أم أن الساحة ستشهد فراغًا سياسيًا وشعبيًا معًا؟ ما من إجابة حاسمة لكن المؤكد أن غياب الصدريين – إذا استمر – سيضعف الحماسة العامة ويجعل الانتخابات تميل أكثر لصالح قوى الإطار التنسيقي التي تسعى إلى تكريس نفوذها ولو على حساب التوازن الوطني العام. على الضفة الأخرى هناك محاولات متفرقة من المستقلين ومن بعض بقايا الحركات الاحتجاجية لتشكيل قوائم جديدة أو العودة للساحة بخطاب إصلاحي حاد لكن هذه المحاولات تصطدم بجدار التمويل وبضعف التنظيم وبسيف السلاح المنفلت الذي يهدد كل من يخرج عن السياق. فما زال العنف السياسي حاضرًا سواء عبر الاغتيالات الرمزية أو الحقيقية وما زالت الدولة عاجزة عن ضبط المشهد أو حماية من يسعى للتغيير. إلى جانب التحديات الداخلية لا يمكن إنكار حجم التأثير الإقليمي والدولي الذي لا يزال يلعب دورًا مؤثرًا في تحديد اتجاهات المرحلة المقبلة. فالعراق وهو بين فكي التوازن الإيراني-الأميركي لا يتحرك بحرية كاملة. وأي تغيير جوهري في المشهد الانتخابي لا بد أن يمر بميزان حساس من التفاهمات أو التصادمات الخارجية. وهذا يعني أن معركة الانتخابات ليست داخلية فحسب بل تتجاوز الصندوق إلى ما بعده حيث تبدأ الحسابات الحقيقية. لكن رغم كل ذلك يبقى الأمل قائمًا في أن تكون هذه الانتخابات نقطة تحوّل ولو متواضعة. أن تنجح بعض الأصوات الجديدة في كسر الحصار المفروض على التمثيل الشعبي الحقيقي. أن ينجح الشارع في فرض إرادته، ولو بنسبة محدودة في برلمان يشبهه أكثر مما يشبه المكاتب المغلقة. فالتغيير لا يحدث دفعة واحدة ولا على شكل معجزات، بل عبر تراكمات مستمرة تبدأ بخطوة بكلمة بصوت واحد يقول: كفى. وإذا كانت الانتخابات السابقة قد كرست الإحباط فإن انتخابات 2025 تمثل لحظة اختبار عسيرة لكنها ضرورية. لحظة سيكتشف فيها العراقيون إن كانت صناديقهم ما تزال أدوات للتعبير أم أنها مجرد صناديق لإعادة تدوير الفشل. واللعبة إن لم تتغير قواعدها فستتغير وجوه لاعبيها فقط. ويبقى الوطن في الانتظار.

مقالات مشابهة

  • من النص إلى الواقع.. جدلية التربية وحقوق الإنسان في العالم العربي قراءة في كتاب
  • العراق سابعاً عربياً و19 عالمياً بين أرخص دول العالم في أسعار الوقود
  • العراق على أبواب صناديق جديدة: هل تغير انتخابات 2025 قواعد اللعبة
  • العراق خارج قائمة أكثر دول العالم حرارة(جدول)
  • طريق التنمية يفتح مساراً لاتفاقية طاقة جديدة بين العراق وتركيا
  • دولة فلسطين مفتاح الشرق الأوسط الجديد
  • «الاتحاد للطيران» و«طيران الإمارات» تتصدران خيارات المسافرين في العالم
  • العراق يتسلّم دفعة جديدة قادمة من الهول
  • تقرير: حوالي 720 مليون شخص حول العالم عانوا من الجوع خلال 2024
  • سوريا تكشف تفاصيل جديدة عن احباط أكبر محاولة لتهريب المخدرات إلى العراق