مقرر أممي: تجويع إسرائيل لفلسطينيي غزة “إبادة جماعية”
تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
اتهم مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، إسرائيل بالسعي لمعاقبة الفلسطينيين جماعيًا من خلال تجويعهم، وحذر من أن مستوى الجوع الذي تشهده غزة حاليا “غير مسبوق” ويمثل “إبادة جماعية”.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها “الأناضول” مع فخري، حيث عرض تقييمه للمجاعة والأحداث في غزة، التي تتعرض لهجمات مكثفة من قبل إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأوضح فخري أنه حذر سابقًا، قبل تقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، من “الوضع الخطير حيث يعاني الجميع في غزة من الجوع”.
وأشار إلى أن “ربع سكان غزة كانوا يعانون من الجوع في ذلك الوقت، وأن الجوع والمجاعة الخطيرة كانا يقتربان”.
وأضاف أن بعض الدول قررت بعد تلك الفترة تعليق المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وهي أهم وكالة مساعدات إنسانية في غزة.
ومن جهة أخرى، ضغطت القوات الإسرائيلية، وفق فخري، على مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، ضمن منطقة صغيرة في رفح؛ مما أدى إلى تفاقم الأزمة الغذائية.
** مجاعة شاملة بنهاية فبراير
وقال المقرر الأممي إنه لا يمكنه وصف مدى صعوبة الوضع اللاإنساني في قطاع غزة، “فقد كنا نقول من قبل إن المجاعة على الأبواب، الآن لا أستغرب إذا قلنا إن المجاعة ستكون شاملة بحلول نهاية هذا الشهر (فبراير/ شباط)”.
واعتبر أنه “لا أحد يعلم إلى متى يمكن لسكان غزة الصمود على هذا الوضع، فالمساعدات التي تصل إليهم غير كافية لإبقائهم على قيد الحياة”.
وحذر من أن مشكلة الجوع تتمثل في كونه “موتًا بطيئًا ومؤلمًا، ويتواصل تأثيره لأشهر وسنوات بل وعقود قادمة”.
وأضاف موضحا: “حتى لو تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار اليوم، فإن الجوع سيؤثر سلبا على مستقبل أكثر من مليون طفل يعيشون في غزة، 335 ألف طفل دون سن الخامسة من بين هؤلاء معرضون لخطر الإصابات الجسدية الدائمة (على المدى الطويل)، بما يشمل ضعف الإدراك”.
** جوع يضرب شعبًا بأكمله
ومواصلا رسم الصورة المأسوية في قطاع غزة، قال فخري إن “إسرائيل تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بينما يشارك المدنيون الإسرائيليون أيضا في هذا المنع”.
وحذر من أن “مستوى الجوع الحالي في غزة لم نشهده سابقًا، حيث لم نر من قبل شعبًا بأكمله يعاني من الجوع”، في إشارة إلى سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون شخص.
ولفت إلى أن معاناة سكان غزة “لا تقتصر على منع إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية، بل تُمارس أيضًا سياسات تهدف إلى تدمير النظام الغذائي للقطاع، مما يُعيق قدرة الفلسطينيين على إطعام أنفسهم”.
وأفاد فخري أن استهداف المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك حرمانهم من الغذاء، هو جزء من سياسة إسرائيلية متعمدة تستهدف جميع الفلسطينيين، فالعديد من المسؤولين الإسرائيليين أدلوا مرارا وتكرارا بتصريحات تشي بذلك.
وأشار في هذا الصدد إلى تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن خلاله أنه أمر بفرض حصار شامل على قطاع غزة.
وآنذاك، نقلت القناة “13” الإسرائيلية عن غالانت قوله خلال اجتماع تقييم في القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي (تشمل غزة): “نفرض حصارا كاملا على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك”، وفق تعبيره.
** تطهير عرقي وعقاب جماعي
واعتبر المقرر الأممي أن “تصريحات الجهات الرسمية والأفراد في إسرائيل تُشير إلى أن نيتهم هي التطهير العرقي، حيث يعتزمون طرد جميع المدنيين من غزة ومعاقبتهم بشكل جماعي”.
وشدد على أن “هذه الحرب لا تتعلق بالدفاع عن النفس أو هجمات حماس (على المستوطنات المحاذية لغزة) في 7 أكتوبر”، محذرا من أن “هدف إسرائيل هو معاقبة جميع الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين”.
ووصف فخري هذه الممارسات بأنها “تُشكل إبادة جماعية وفق القانون الدولي، وحقوق الإنسان، والمنظور الأخلاقي، حيث تُشير نوايا إسرائيل وأفعالها إلى ذلك بشكل واضح تمامًا”.
وقال: “إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح ضد المدنيين، والأمم المتحدة لا تستطيع فعل أي شيء في هذه المرحلة، بينما فشل المجتمع الدولي في ممارسة ضغط حقيقي على حلفاء إسرائيل لوقف هذه الإبادة الجماعية وتمهيد الطريق للسلام”.
وشدد المقرر الأممي على “أهمية فرض العقوبات على إسرائيل من خلال الأمم المتحدة والنظام متعدد الأطراف، وضرورة الحد من توريد الأسلحة التي تستخدمها في انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية”.
وختم بالقول: “يتعين على الدول التي تدعم إسرائيل مراجعة مواقفها والضغط عليها بشكل جدي لمنع الإبادة الجماعية والجوع”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، وفق بيانات فلسطينية وأممية، الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب “إبادة جماعية”. –
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائيلي فلسطين إبادة جماعیة قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
الرضيع “يحيى النجار”.. قتلته إسرائيل بالتجويع في “حرب العالم المتحضّر ضد الوحشية”
#سواليف
كان من المفترض أنّ يكون قدومه إلى هذا العالم عيدًا لوالديه وبهجة لعائلته التي انتظرت بلهفة احتضانه وتزيين حياتهم به، ومنّوا أنفسهم بتوفير احتياجاته كاملة لكي ينمو نموًا سليمًا تمامًا مثل أقرانه في أي مكان على هذه الأرض. جاء الرضيع_يحيى_النجار إلى هذه الدنيا ولكنّه ولد في #غزة_المنكوبة. كان قدومه سببًا يدعو للبهجة وسط المأساة، لكنّه شكّل أيضًا بدء سلسة من #المعاناة المتواصلة لتأمين أبسط احتياجاته وسط هذه الظروف القاتلة.
ولد “يحيى” في المدينة التي تحاصرها إسرائيل منذ أكثر من 19 عامًا، وشدّدت حصارها بالتزامن مع تنفيذها #إبادة_جماعية فيها منذ أكتوبر/ تشرين أول 2023، حيث استخدمت إسرائيل سياسة التجويع المنهجية ضد السكان المدنيين، ولم تسمح سوى مرات نادرة بإدخال كميات قليلة من الطعام لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تلبي الاحتياجات الهائلة للسكان المُجوّعين في قطاع #غزة.
اصطدمت والدة “يحيى” بهذا الواقع المميت، وأصاب رضيعها ما أصاب معظم سكان المدينة من الهزال بسبب #الجوع_الشديد، فهرعت -وهي التي أنهكها الجوع- به إلى مستشفى “ناصر” في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حيث كان يعاني من إعياء شديد بسبب الإسهال الملازم له منذ أيام، لكنّها ووالده اكتشفا أنّ “يحيى” يعاني من سوء التغذية الحاد، وأخبرهم الطبيب بضرورة أن يبقى تحت الملاحظة في وحدة العناية المركزة.
مقالات ذات صلة مصدر إسرائيلي يؤكد: لم يتبق لدى حماس أكثر من 20 رهينة على قيد الحياة 2025/07/28في حقيقة الأمر، وصل “يحيى” لهذه #الحالة_الخطرة لأنّه لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” الخالي من أي مادة مغذية لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر فقط. لم يجع “يحيى” صدفة أو إهمالًا، فوالداه طرقا كل أبواب المدينة بحثًا عن حليب أو أي مكملات أو مدعمات غذائية ولم يجدا شيئًا بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد، حيث تمنع إسرائيل إدخال حتى الحد الأدنى من أبسط الاحتياجات الغذائية سواء للأطفال أو البالغين وتتركهم ليموتوا جوعًا، على مرأى ومسمع من العالم الذي يشاهد هذه الفظاعات ولا يحرك ساكنًا.
لم يمهل الجوع “يحيى” كثيرًا، ولم يستطع جسده النحيل الصغير الصمود كثيرًا، وتوفيبعد أربعة أشهر فقط من حياة لم يعرف منها سوى المعاناة والألم، وما كان خيالًا مستبعدًا أصبح حقيقة واقعة: لقد توفي بسبب الجوع.
يصف والد الطفل الرضيع “يحيى النجار” جسد طفله ويقول: “ما ذنب طفلي أن يموت من الجوع ومن قلة المواد الخاصة بالأطفال في قطاع غزة؟ ما ذنبه؟! انظر كيف نحل جسده.انظر كيف التصق جلده بعظمه!”
وبقلب يعتصره القهر والحسرة والألم، يحمل والد “يحيى” جثمان طفله ويصرخ: “نطالب كل العالم وأي إنسان لديه ضمير حيّ ورحمة وإنسانية أن ينظروا لما آل إليه مصير أطفالنا بسبب عدم وجود الحليب والطعام”.
أما والدته فتبكي بحرقة وتقول: “لم يتناول شيئاً منذ أربعة أيام سوى “اليانسون” والمياه لعدم توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي. كان طوال الوقت يضع يده في فمه من شدة الجوع”.
تجتمع العائلة المكلومة حول جثمان “يحيى” المسجى على السرير بلا لون وبعظام بارزة وجلد مجعد، ويبكون انقلاب فرحتهم إلى فاجعة بسبب ظروف قاهرة كانت أقوى من أن يستطيعوا تغييرها أو تحسينها.
لم يكن “يحيى” الطفل الأول أو الوحيد الذي يفقد حياته في غزة بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية المنهجية، فسبقه أكثر من 110 مُجوَّعين معظمهم من الأطفال، توفوا بسبب المجاعة وسوء التغذية، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة.
منذ شهر مارس/آذار الماضي، بعد إعادة فرض إسرائيل حصارها المطبق على القطاع،توفي نحو 90 طفلًا بسبب المجاعة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وتزايدت أعداد الأشخاص -من مختلف الفئات العمرية- الذين يصلون المستشفيات بحالة إعياء وتعب شديد، وقد وصل الحال ببعضهم إلى الانهيار من شدة الجوع وسوء التغذية الحاد.
خلال جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في أكثر من مناسبة أنّ هذه ليست حرب إسرائيل فقط، بل هي حرب الحضارة والعالم المتحضر ضد الوحشية، وتمتد إلى ما هو أبعد من مكافحة الإرهاب، على حد وصفه. فهل من صفات “العالم المتحضر” أن يقتل الأطفال والبالغين جوعًا؟ أو حتى أن يكون سببًا في ذلك من خلال غض الطرف عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل في غزة، بل ومدّها بجميع أسباب الاستمرار في تلك الأفعال؟ وهل هؤلاء الضعفاء الذين يقضون جوعًا متوحشون وينبغي محوهم من الوجود؟
في قطاع غزة المُحاصر، يواجه نحو 650 ألف طفل خطر الموت جوعًا إن لم يتحرك العالم لوقف جريمة الإبادة الجماعية والحصار الخانق المفروض على المدنيين، ويفعّل كل أدواته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أكثر من 21 شهرًا من الاستهداف الشامل والمنهجي لجميع سبل الحياة في القطاع، وتقصّد إهلاك وإفناء المجتمع برمّته.
لا يمكن أن يصبح الموت جوعًا شيئًا عاديًا بين أروقة المستشفيات وثلاجات الموتى وطرقات المقابر، لكنّ شبحه أصبح ملازمًا للجميع في غزة مع اشتداد المجاعة واستمرار الحصار الذي أحكمت إسرائيل إطباقه على القطاع منذ 2 مارس/ آذار الماضي. ومنذ أواخر مايو/ أيار المنصرم، فرضت إسرائيل بدعم أمريكي آلية مساعدات وهمية، تبيّن فور تشغيلها أنّها مساحة جديدة للقتل ومصيدة للموت، تضع فيها مؤسسة أمريكية صناديق طعام قليلة لآلاف المجوعين في مناطق عسكرية خطيرة، ويتولى الجيش الإسرائيلي مهمة قتلهم بدم بارد خلال توجههم لتلك المناطق، حيث قتل منذ ذلك الوقت أكثر من ألف مُجوّع دون أي ضرورة أو سبب، ودون أي يكلّف نفسه حتى بتبرير هذه الوحشية.
لم يعد يملك الفلسطينيون في قطاع غزة وسيلة للنجاة من كل هذه الظروف التي اجتمعت لإهلاكهم ومحوهم من الوجود، فهم يقفون وحدهم بأمعاء فارغة وأجساد متهالكة في مواجهة ترسانة عسكرية ضخمة مصممة لمقارعة جيوش جرارة لا مدنيين عزل، ولا أحد في هذا العالم يتدخل لوقف هذه المهلكة.