الجزيرة:
2025-07-02@01:30:21 GMT

تاريخ غزة لعارف العارف.. جولة في عروس مدن الشرق

تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT

تاريخ غزة لعارف العارف.. جولة في عروس مدن الشرق

لم يعِش الصحفي والمؤرخ الفلسطيني عارف العارف المولود في مدينة القدس في 1891 والمتوفى في رام الله في 1973 ليرى أن الوحدة العربية التي كان مبتهجا بقرب تحققها قد غدت حلما بعيد التحقق، وأن الدولة القُطْرية التي بشّر بزوالها قد قسمت وغدت دولا.

كذلك لم يدر في خلده، وهو الذي بشّر بالوحدة في مقدمة كتابه "تاريخ غزة" (الدار الأهلية للنشر، 2024) أن غزة التي أرّخ لها وشرح في كتابه -الصادر لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي- تطور صناعتها في قرن غابر، تغدو الآن أطلالا.

وأن سكانها الذين بنوها وأحفادهم قد مزقتهم طائرات المحتل الإسرائيلي، بل ودُفن كثير منهم تحت ركامها.

غزة رفيقة العصور

في كتابه يستكمل العارف رسالته في تعريف القارئ العربي بفلسطين استكمالا لكتابيه "القضاء بين البدو"، و"تاريخ بئر السبع وقبائلها".

المؤرخ والسياسي الفلسطيني عارف العارف يتوسط مشايخ بئر السبع (الجزيرة)

ولد العارف في القدس، ودرس في إسطنبول، وحارب في الجيش العثماني، وأُسر في سيبيريا ليعود بعد الثورة الروسية إلى فلسطين، وحرّر أول صحيفة وطنية فلسطينية نُشرت بعد الحرب العالمية الأولى؛ وهي جريدة "سوريا الجنوبية".

وفي الكتاب الذي يقع في زهاء 460 صفحة يرى الكاتب أن "غزة ليست بنت قرن من القرون، أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها من اليوم الذي سطّر التاريخ فيه صحائفه الأولى".

وعن تاريخ غزة يضيف المؤرخ أنه "تاريخ مجيد لأنها صمدت لنوائب الزمان بجميع أنواعها، حتى إنه لم يبق غازٍ من الغزاة المتقدمين أو المتاخرين إلا ونازلته، فإما أن يكون قد صرعها، وإما هي صرعته".

بناها الأقدمون

ويطوف الكتاب في تاريخ المدينة القديم التي بناها الأقدمون والعرب أول من ارتادها وغشي أسواقها، وهم من حمل إليها بضائعهم وسلعهم من الطيب والبهار والبخور وغيرها.

وغزة من أقدم مدن العالم، كما يؤرخ الكتاب، سكنها أولا الكنعانيون وهم من الشعوب "الساميّة"، وتنسبهم رواية التوراة إلى حام بن نوح، وفي رواية أخرى أن غزة كانت قائمة في هذا الوجود عندما احتلها الكنعانيون وأخذوها من العموريين.

كما كانت غزة طوال تاريخها على صلة بمصر، ويعرض العارف طرفا لصلة المدينة بالفراعنة والملوك الرعاة الذين حكموا مصر (الهكسوس)، وعلاقتها بالفلسطينيين الأوائل.

سد منيع

وفي التاريخ القديم يروي عن علاقة غزة باليهود فهم وإن نجحوا في دخول فلسطين، "إلا أنهم لم يتمكنوا من إخضاع غزة وإذلالها، فظلت بعيدة عن نفوذهم" كما يقول.

ويورد طرفا من أسفار العهد القديم التي ورد فيها ذكر غزة، ومنها الإصحاح الأول من سفر عاموس حيث كانت غزة من أمهات المدن الفلسطينية التي التي وقفت سدا منيعا في وجوههم، وأبت الخضوع لحكمهم وكانت الحرب سجالا بين الفريقين.

ويتوقف العارف عند غزة في أيامه المعاصرة -في أربعينيات القرن الفائت- فيقول "إنها من أجمل المدن الفلسطينية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط وفيها حدائق غناء، وحول المدينة القديمة بساتين تزرع فيها جميع أنواع الخضار وأشجار الفاكهة، ماؤها عذب وهواؤها عليل. إنك إذا جئتها صيفا وجدتها أحسن مصيف، وإذا نزلتها شتاء وجدتها أبدع مشتى في فلسطين".

أغنى مدن فلسطين

ويعرض للتقدم والتطور في المدينة قبل النكبة واحتلال غزة، ويرى أنها قد تكون أغنى مدن فلسطين في أربعينيات القرن المنصرم، وهي من أهم الأسواق الفلسطينية لتصريف المنتجات الزراعية، وتأتي بعد مدينة اللد الفلسطينية من هذه الناحية، كما أن موقعها على البحر والسهل والبادية زادها أهمية، ومنحها ذلك الغنى.

ويسجل العارف أن عدد سكان غزة في أربعينيات القرن العشرين قد وصل إلى 33 ألف نسمة، وربما فاق عدد سكانه أكثر من الذين قطنوا القدس، لكن تتابع الغزوات أدى إلى تناقص عدد سكانها مرات عدة.

كما شهدت المدينة نهضة تعليمية كبيرة وعددا كبيرا من المدارس؛ بل إن المدينة شهدت وجود مدرسة خاصة بالمكفوفين قبل الحرب العالمية في 1914، والغاية منها تعليمهم القرآن الكريم وسُمّيت بالمدرسة الهاشمية.

وعلى صعيد المساجد والجوامع فإن غزة -حسب الكاتب- قد تكون أغنى المدن العربية الإسلامية في الشرق بجوامعها ومساجدها، بعضها قديم جاء ذكره في كتب التاريخ وبعضها بُني بعد ذلك.

ويذكر المؤلف من مساجدها القديمة التي ذكرها في كتابه مسجد الجامع العمري الكبير، وجامع السيد هاشم، والشمعة، وغيرها كثير.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

وداعًا سالم الفراص.. رحيل قلم نزيه حمل همّ المدينة والوطن في صمت

غيب الموت الكاتب والصحفي اليمني المعروف سالم الفراص، عن عمر ناهز الستين عامًا، بعد صراع مرير مع مرض السرطان، فارق على إثره الحياة في أحد مستشفيات الهند، وفق ما أكدته مصادر مقربة من أسرته، اليوم الثلاثاء.

وبرحيله، يفقد المشهد الثقافي والإعلامي في اليمن أحد أبرز رموزه الذين ظلوا طيلة عقود يُجسدون الصحافة الحرة والكلمة الصادقة، متسلحًا بثقافة عميقة وشغف بالتنوير ووعي مدني مبكر.

وُلد الفراص عام 1965 في قرية القبلة بمحافظة لحج، ودرس في كلية الآداب، ليبدأ مشواره المهني في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي ضمن كادر صحيفة 14 أكتوبر بعدن، حيث لفت الأنظار بأسلوبه المتزن والتقدمي في التغطية والتحليل.

لم يكتف بالعمل الصحفي اليومي، بل خاض مغامرات تأسيسية، كان أبرزها إطلاقه صحيفة "المحيط" الشهرية المتخصصة في قضايا البيئة والآثار، التي ترأس تحريرها، مقدمًا من خلالها رؤية مختلفة لمعالجة الشأن العام عبر ربطه بالهوية البيئية والمعمارية والإنسانية للمدينة.

كرّس الفراص جزءًا كبيرًا من جهده لمناهضة تشويه المدن اليمنية، لا سيما مدينة عدن، فأسس عام 1990 جمعية أهلية لحماية الآثار والمتنفسات العامة، دافع خلالها عن الفضاء العام أمام موجات الاستثمار العشوائي والتعدي على التراث والمشهد الجمالي، وهو ما جعله أحد الوجوه المدنية الأبرز في تلك المرحلة.

كما كان عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، ومنظمة الصحفيين الديمقراطيين بعدن، وفاعلًا نقابيًا نشطًا في الدفاع عن حقوق الصحفيين وحرياتهم، في زمن كانت فيه الكلمة مكلفة.

امتد أثر الفراص إلى الحقل الأدبي، حيث كتب القصة والرواية، وكان من أوائل من التفتوا إلى سرد الريف وهموم الفلاح اليمني، كما في روايته الأولى "البحث عن زرنوق"، ثم روايته الأشهر "سرب المحامل"، التي وثقت سيرة أسرة فلاحية وسط التحولات الكبرى بين زمن الإمامة والجمهورية، متتبعة مصير النساء والمهمشين وواقع النزوح من الريف إلى المدن.

وفي الأشهر الأخيرة من حياته، اضطر الفراص إلى السفر إلى الهند لتلقي العلاج، بعد معاناة صحية طويلة، وسط غياب كامل لأي دعم رسمي، ما عمّق مرارة المرض والمنفى العلاجي. وبالرغم من ذلك، ظل صامدًا ومتمسكًا بقيمه، حتى ودع الحياة بصمت، كما عاشها.

نعى عدد كبير من الصحفيين والكتّاب والناشطين اليمنيين الفقيد، مؤكدين أنه مثّل نموذجًا للصحفي النزيه الذي لم يُساوم على الحقيقة، وبقي وفيًّا لقضايا الناس البسطاء، ومدافعًا شرسًا عن الحرية والجمال.

وقال أحد زملائه: "برحيل سالم نفقد آخر الحالمين بعدن كمدينة خضراء يسكنها الحرف والنخيل والكرامة. كان يكتب وكأن الحياة ممكنة، رغم كل شيء".

رحل سالم الفراص، لكنه ترك خلفه إرثًا من الكلمات التي لم تُهادن، ومن المواقف التي لم تُساير، تاركًا في قلب كل من عرفه احترامًا كبيرًا، ودهشة من حجم البساطة التي خبّأ خلفها وعيًا عميقًا وإيمانًا لا يتزعزع بأن الكتابة لا تخون من يخلص لها.

مقالات مشابهة

  • وداعًا سالم الفراص.. رحيل قلم نزيه حمل همّ المدينة والوطن في صمت
  • جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي لـ رئيس وزراء كندا: إقامة الدولة الفلسطينية الضامن الوحيد لاستقرار الشرق الأوسط
  • مجلس الأمن الأممي ..جلسة خاصة بالوضع في الشرق الأوسط و فلسطين
  • مدبولي يلتقي رئيس وزراء فلسطين على هامش مؤتمر الأمم المتحدة لتمويل التنمية ويجدد دعم مصر للقضية الفلسطينية
  • الرئيس السيسي: السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
  • لجنة فلسطين النيابية والحزب الوطني الإسلامي يبحثان آخر مستجدات القضية الفلسطينية
  • وفد مستقبل وطن يتوجه لعزاء أسر ضحايا حادث المنوفية ويقدمون رحلات عمرة وفرص عمل لذويهم.. صور
  • عن عروس لبنان التي قضت بغارة إسرائيلية في الجنوب.. ماذا قالت سيرين عبد النور؟
  • مجلس الأمن يناقش غدا الأوضاع في الشرق الأوسط بما فيها القضية الفلسطينية