جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-21@22:56:11 GMT

يوم المعلم العماني.. تطلعات وتجليات

تاريخ النشر: 26th, February 2024 GMT

يوم المعلم العماني.. تطلعات وتجليات

غنية الحكماني
Alhakmania85@gmail.com
لم تحظ مهنة بهذه القدسية ومُمتهنها بهذا الشرف إلا لعظمة تلك المهمة الجليلة، فالخامس من أكتوبر من كل عامٍ هو يوم الاحتفال العالمي بالمعلم، وعُمان ارتأت أن يكون لها يوم خاص للاحتفال بالمعلم العماني وهو يوم الرابع والعشرين من فبراير من كل عامٍ، فتلك اللفتة العالمية والوطنية والإشادة العظيمة بالمعلم؛ اعترافا بفضله وقدره وسمو شأنه ومكانته، وتكريما لخدمته المتفانية في سبيل مخرجاتٍ طامحة واعدة وهمم وقادة رائدة، فالأمم تعقدُ به أمل تطورها ونهضتها وارتقائها، وبقدر الاهتمام بالمعلم والتبجيل له بقدر الصدق في الرسالة التربوية والولاء الوظيفي والانتماء المؤسسي، فله أحقية الاحتفاء بهذا اليوم الذي يزيد من رفعته واعتزازه وامتنانه، وتقليده أوسمة التميز والعرفان لحمله الأمانة الإنسانية وخدمة التنمية المستدامة.


ولا يقتصر دور المعلم على نقل معلومة أو بناء معرفة أو إكساب مهارة وباستخدام إستراتيجيات تعليمية وطرائق تدريس تحفيزية مختلفة فحسب بل تعددت أداوره وتشعبت مهامه، فهو يمسك زمام القيادة التربوية والنفسية والإرشادية والتوجيهية، وبمتابعة إشرافية مباشرة منه، طلبته هم أسرته الثانية التي يقف على مسؤولية تعليمها إلى جانب تربيتها ورعايتها، وصدق الإمام الغزالي حين قال : "حق المعلم أعظم من حق الوالدين، فإن الوالدين سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، والمعلم سبب الحياة الباقية، فأبو الإفادة أنفع من أبي الولادة". ولا يوفي أجره شيئا، ولا يوزن عمله بمقدار ولا عطاؤه بمكيال، فهو يبذل منتهى إمكانياته وطاقة جهده في تنشئة جيلٍ يتمتع بسمات عالية في كافة جوانب التربية، مرسخا للقيم الفاضلة ومهذبا للسلوك وغارسا للأخلاق، ومعززا الثقة بالنفس وقوة الشخصية، وحريصا على تنمية روح الوطنية وقيم المواطنة وتأصيل المسؤولية والانضباط، منقبا عن المواهب الدفينة ونفخ روح التصقيل فيها، بالتشجيع على إبرازها ومشاركة لمسات إبداعاتها مع بيئات حاضنة لمختلف المستويات.
وفي عصر الانفجار المعرفي والتطور التقني والاكتشافات العلمية تكبر المهمة على كاهل المعلم، فهو في وسط تراكمات معرفية متجددة وقفزات تكنولوجية متسارعة، مما يتوجب عدم الاكتفاء بالمخزون الذاتي أو المنهاج المعتمد بل مواكبة آخر صرعات العلم الحديث في فضاء العولمة المعرفي، ومجاراة الركب المعلوماتي للحاق بقافلة التقدم الحضاري. فأصبحت الأمية الآن رقمية وتقاس بجهل استثمار تلك التقانة التكنولوجية في المجال التعليمي والتربوي، ولا مفر من التعامل مع تكنولوجيا الثورة الجديدة كالذكاء الاصطناعي وتقنياته المتعددة والخوض في غمار إمكاناتها المعززة وسد الفجوة الرقمية، فهي جزء رئيسي في العملية التعليمية ولمزيد من الكفاءة والتفاعلية والجاذبية، ومزيد من خيارات وأساليب تقييم الأداء، وحل المشكلات المعقدة إضافة إلى اختصار الوقت وتقليل الجهد وسرعة الإنجاز وخفض التكلفة، وتقديم الدعم الفوري والتغذية الراجعة، وقائمة من المزايا والاستفادات التي لا حصر لها مقابل بعض التحديات الدخيلة والمنعطفات السلبية التي تفرزها تلك التكنولوجيا.
لذا؛ أصبحت التربية النقدية والمحاكمة العقلية ضرورية أمام هذا الطوفان الجارف من كم المعلومات والحقائق والتطبيقات، وبتغييب المعلم للمنهجية النقدية يعني التعطيل الكامل للعقل المفكر وسد منافذ البحث والتحليل والتفسير، وتجميد خلايا التفكير وقتل القدرات العقلية، مما يؤدي إلى التسليم التلقائي والتشبث بمسلمات وقناعات سائدة، والاحتكام إلى مرجعيات سابقة والذود عن حياضها، والارتكاز على قوالب تفسيرية جاهزة، دون كشف اللثام عن وجه التزييف والمغالطات المنطقية، ودون تفعيل مبادىء السببية والبرهنة، باحثاً عن الحقيقة ممحصا عنها، مستخدما العقلية النقدية المبنية على التساؤل الحر والتحليل المستقل والشك المدحض، وثمة مقولة تقول: " اعطني تعليما عقلانيا أعطك شعبا يقود الحضارة". فتلك العقول الغضة النضرة المفكرة هي السبيل في إنجاح الشعوب وارتقائها سلم الحضارة، وبها تتم مجابهة التحديات وحل المشكلات وصناعة القرارات، باستخدام العقل كدليلٍ يرشدها ويلهمها.
 أخيرا فالمدرسة بمنتسبيها دورها واعد فهي منطلق الهمم ومنبع القيم ومعبر القمم، والمحركة الأولى لعجلة التنمية في مختلف المجالات، وللمجتمع المحلي دور في إكمال مسيرة تشكيل وبناء الإنسان وصياغة الأهداف مع المؤسسة التربوية. تتعاضد جميع الأطراف في بناء تحتية المنظومة التعليمية وإضافة لبنات الرسالة وتطلعاتها، دعما للرؤية التي ترنو المؤسسة التعليمية جاهدة إلى تحقيقها. والتركيز بلا شك على المعلم في بلورة تصورات وسياسات التعليم، نفحاته هي من تبقى متيقظة في مستقبل الناشئة وبصمته تبقى متجذرة في أفهامهم متجسدة في مسالك حياتهم، فكل عام وشعلة المعلم متوقدة أبد الآبدين لا يطفئ توهج ديمومتها حائل، وتبقى شهادة الجميع مجروحة فيه.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تربويون لـ"الرؤية": رقمنة المناهج التعليمية "ضرورة حتمية" لتفادي التخلف الحضاري

 

 

 

◄ الحامدي: الأتمتة الرقمية تفتح آفاقاً جديدة للتعلم التفاعلي

◄ العجمية: المحتوى الرقمي يحفز الطلبة على التعلم ويحسن مستوى التحصيل الدراسي

◄ العلوي: الوقت أصبح ملائما لانطلاق مشروع رقمنة المناهج

◄ البلوشية: رقمنة المناهج تحتاج إلى دراسة شاملة تراعي جميع الأبعاد والأطراف

◄ أولياء الأمور يتخوّفون من تعلق الطلبة بالأجهزة الإلكترونية وفقدان المهارات الأساسية

 

الرؤية- ريم الحامدية

أكد تربويون وإداريون وخبراء في الميدان التربوي أنَّ التوجه نحو رقمنة المناهج التعليمية بات ضرورة حتمية تفرضها متغيرات العصر الرقمي، وتطورات التكنولوجيا المتسارعة، وانخراط العالم في أنظمة تعليمية مرنة وذكية، مشيرين إلى أن سلطنة عُمان تمتلك الإرادة والرؤية الواضحة للمضي قُدمًا نحو هذا التحول بما يتماشى مع أهداف رؤية عمان 2040.

وفي الوقت الذي أبدى فيه المشاركون تأييدهم لهذا التوجه بوصفه خطوة مهمة لتحسين جودة التعليم وتوسيع آفاق التعلم التفاعلي، أكدوا- في تصريحات لـ"الرؤية"- أهمية تنفيذ المشروع بطريقة متدرجة ومدروسة تراعي الجوانب الفنية والاقتصادية والاجتماعية، مع توفير البنية التحتية اللازمة، وتأهيل المعلمين، وتوعية أولياء الأمور، وصولًا إلى بيئة تعليمية رقمية آمنة وشاملة.

وقال الدكتور سالم الحامدي مدير مدرسة علي بن أبي طالب للتعليم الأساسي، إن التوجه نحو رقمنة المناهج التعليمية يُعد ضرورة تفرضها معطيات العصر الرقمي والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، التي تتسارع بخطى كبيرة في المجتمعات الذكية. وأشار إلى أنَّ المعرفة لم تعد حبيسة الورق، بل أصبحت تياراً يعبر الألياف الضوئية ويستوطن الشاشات التفاعلية الذكية.


 

وأوضح أنَّ الأتمتة الرقمية تمثل ثورة معرفية تعيد تشكيل العملية التعليمية وتفتح آفاقاً جديدة للتعلم التفاعلي، حيث تمنح الطالب دوراً فاعلاً في الفهم والتحرر من قيود التلقين إلى فضاء العالم التكنو-رقمي، مؤكداً أن الإنسان اليوم قد وصل إلى مرحلة من النضج الرقمي ومعرفة التكنولوجيا، وأن الجيل الرقمي من الطلبة أكثر انفتاحاً على العالم من أي وقت مضى، في ظل توفر الرقميات والتقنيات الحديثة.

وحول التحديات والمخاوف المرتبطة بتحويل المناهج إلى رقمية، أشار الحامدي إلى الفجوة الرقمية التي قد تُحدث مشكلات في العدالة التعليمية بين الطلبة والأسر، نتيجة تفاوت القدرة على الوصول إلى الأجهزة الحاسوبية والتقنيات الذكية والإنترنت، إلى جانب تحديات أخرى مثل تشتت الانتباه، والغياب المتكرر، أو عدم حضور الحصص إلكترونياً، وإساءة الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في الصف، وأمور أخرى تتعلق بالحماية الأمنية الرقمية للمحتوى، وظهور مشتتات كالإعلانات بسبب ضعف حماية خصوصية البيانات، مما يُبرز الحاجة إلى تعزيز الأمن السيبراني.

وأكد الحامدي أنَّ الحلول الممكنة تكمن في تهيئة بيئة تحتية تقنية متينة، وتدريب جميع أطراف العملية التعليمية، بمن فيهم الطلبة وأولياء الأمور، ودمجهم في بيئات التعلم الرقمية. كما شدد على ضرورة تصميم محتويات تفاعلية عالية الجودة تراعي الفروق الفردية، إلى جانب تعزيز الأمن الرقمي، وذلك في الوقت الذي حققت فيه السلطنة تقدماً ملحوظاً، خاصة في المدارس، بفضل جهود وزارة التربية والتعليم.

وشدد الحامدي على أهمية تقديم دعم متكامل للمعلمين وأولياء الأمور قبل تطبيق المناهج الرقمية، مثل التدريب التقني والتربوي على استخدام المنصات التعليمية، وأدوات إدارة الصف الرقمي، إلى جانب دعم فني مُستمر من فنيي الأجهزة التعليمية وفرق الدعم لحل المشكلات اليومية، موضحًا أن هناك حاجة ماسة أيضاً إلى تهيئة نفسية وتربوية للطلبة والمعلمين وأولياء الأمور لبناء قناعة بأهمية التحول الرقمي وتقبّل التغيير، وتوفير الأدوات التقنية اللازمة، مثل الأجهزة المناسبة وخدمة الإنترنت الجيدة.

وأضاف أن الدعم الموجه لأولياء الأمور يجب أن يتضمن ورشا توعوية وتدريبا مكثفا لنشر الثقافة الرقمية وآليات متابعة الأبناء خلال الحصص "أونلاين"، إلى جانب التوجيه والإرشاد التربوي والقيمي لخلق بيئة منزلية داعمة وآمنة للتعلم الرقمي، مع توفير فرق دعم فني لهم.

وحول تأثير المحتوى الرقمي على تفاعل الطلبة وتقدمهم الدراسي، قال

الحامدي إن التوقعات تشير إلى أن المحتوى الرقمي يُسهم في زيادة انخراط الطلبة وتفاعلهم في الصفوف الدراسية، وأن التوظيف الجيد لزمن التعلم الرقمي من خلال الشروحات، ومحاكاة الفيديوهات، والمسابقات التفاعلية، يرفع من مستوى الفهم والاستيعاب.

وأشار إلى أنَّ من بين التحديات المصاحبة احتمال تشتت الطلبة وضعف الانضباط الذاتي إذا لم تكن هناك إدارة صفية إلكترونية فعالة، مؤكدا أن المحتوى الرقمي، إذا ما تم توظيفه بجودة عالية وبتخطيط مدروس، فإنه يتفوق على المحتوى الورقي، خاصة في ظل ما يشهده العالم من ثورة تكنولوجية وذكاء اصطناعي، شرط وجود إشراف فعال ودعم فني مستمر.

وفيما يتعلق بمستقبل التعليم في سلطنة عُمان، أشار الحامدي إلى أنَّ السلطنة تمضي بخطى واثقة نحو التحول الرقمي في التعليم، بدافع من رؤية طموحة ومشاريع استراتيجية تهدف إلى بناء نظام تعليمي مرن وتفاعلي وشامل، موضحا أن التصورات المستقبلية تشمل رقمنة المناهج، وتطوير محتوى تفاعلي يتماشى مع المستجدات العالمية، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية والعمانية المتأصلة في المناهج.

وأضاف أن من أهم الأهداف تحقيق العدالة التعليمية عبر دعم الأسر المتعسرة رقمياً وتوفير مصادر التعلم الرقمية، إلى جانب مواءمة التعليم مع: رؤية عمان 2040" لبناء جيل متمكن من المعرفة الرقمية، إلى جانب تطوير البنية التحتية الرقمية في المدارس والمنازل، وتوفير الإنترنت عالي السرعة، والأجهزة المناسبة، وتدريب المعلمين وأولياء الأمور على استخدام التقنيات الحديثة لضمان نجاح عملية التحول الرقمي في التعليم.

من جانبها، أكدت رباب بنت محمد بن مبارك العجمية مساعدة مديرة مدرسة، أن رقمنة المناهج باتت ضرورية في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، مبينة: "التوجه نحو رقمنة المناهج خطوة مهمة جدًا وواقعية في ظل التطور التكنولوجي اللي نعيشه اليوم، فالتعليم لم يعد محصورا في الورقة والقلم، والطالب اليوم أقرب للشاشة والتطبيقات من الكتاب التقليدي، لكن تنفيذ ذلك يحتاج إلى مراحل مدروسة حتى نضمن نجاح التجربة، ونتفادى أي فجوات قد تؤثر على التحصيل الدراسي".


 

وحول المخاوف والتحديات، أشارت العجمية إلى تفاوت الإمكانيات بين الطلبة باعتباره أحد أبرز ما يثير القلق، موضحة: "كإدارة مدرسة، أبرز المخاوف اللي أراها هي تفاوت الإمكانيات بين الطلبة من حيث توفر الأجهزة والإنترنت، وهذا قد يخلق فجوة بين الطلبة، وأيضا لدينا بعض المعلمين والطلبة وحتى أولياء الأمور يحتاجون إلى مزيد من التدريب".

وشددت العجمية على ضرورة تقديم تهيئة شاملة لجميع أطراف العملية التعليمية، لضمان سلاسة الانتقال نحو التعليم الرقمي، مضيفة: "نحتاج إلى تدريب عملي ومكثف للمعلمين في استخدام الأدوات الرقمية، وإدارة الصفوف عبر المنصات، أما بالنسبة لأولياء الأمور، فالدعم يكون بتقديم ورش مبسطة تشرح لهم آلية المتابعة والمساعدة في البيت، كما نحتاج إلى فرق دعم فني في المدارس نفسها، لحل أي مشاكل تواجه الطلبة والمعلمين على الفور."

وعبّرت العجمية عن تفاؤلها بتأثير المحتوى الرقمي على تحفيز الطلبة وتحسين تحصيلهم الدراسي، كما اقترحت البدء بتجريب المشروع في عدد محدد من المدارس، مع تقييم التجربة أولًا بأول. مع وجود آليات واضحة لقياس التحصيل وتفاعل الطلبة، وأظن أن مستقبل التعليم في السلطنة سيكون أكثر مرونة وانفتاحًا".

 

وفي السياق، أكد سالم بن محمد العلوي مساعد مدير مدرسة، أهمية التوجه نحو رقمنة المناهج التعليمية، مشيرًا إلى أن الوقت أصبح ملائمًا للانطلاق في هذا المشروع بشكل مدروس يواكب التقدم العالمي في مجال التكنولوجيا.

وقال العلوي: "في الحقيقة، تعتبر رقمنة المناهج خطوة مهمة جدًا لمواكبة التقدم العالمي في التكنولوجيا، فهي وسيلة لتحسين جودة التعليم، ونحن جزء من هذا العالم وعلينا أن نسعى بخطوات جادة للوصول إلى مشروع الرقمنة، كما لا ننسى أن هناك إيجابيات كثيرة منها سرعة الوصول للمعلومة، وإمكانية تحديث المناهج بكل سهولة ويسر، وتقليل تكلفة الطباعة والتوزيع، وكذلك تشجيع الطلبة على التعلم الذاتي، ويُعتبر الوقت مناسبًا، فهناك دول سبقتنا في هذا المجال، ولكن علينا أن نبدأ بتوازن وتدرّج".


 

 

وحول أبرز المخاوف والتحديات المحتملة مع تطبيق التعليم الرقمي، أوضح العلوي أن هناك عقبات واقعية ينبغي أخذها بعين الاعتبار، سواء من موقعه كإداري أو كولي أمر، مبينا: "هناك مخاوف وتحديات واقعية قد تواجهنا في تطبيق الرقمنة، مثل ضعف البنية التحتية التكنولوجية، كعدم توفر الإمكانيات لدى الطلبة والمعلمين من أجهزة تخدم هذا التقدم التكنولوجي، خاصة وأن بعض البيوت لديها من ثلاثة إلى خمسة أبناء وجميعهم يحتاجون لأجهزة في حال تطبيق المشروع."

كما أشار إلى أن أن ضعف الشبكة، وانقطاع الإنترنت بين فترة وأخرى سواء في المدارس أو المنازل، يمثل تحديًا كبيرًا، وأن مشروع الرقمنة يحتاج إلى قاعدة قوية من الشبكات وتوافرها في كل مكان وزمان، وقد تكون خدمات مثل (ستارلينك) خطوة واعدة لدعم هذا الجانب.

 

وفيما يتعلق بجاهزية البنية التحتية لاحتضان التحول الرقمي، أكد العلوي أهمية البدء بخطوات أساسية رغم وجود بعض أوجه القصور، قائلا: "نبدأ بتطبيق أساسيات مشروع الرقمنة أفضل من أن نرى العالم يتقدّم ونحن نبقى متفرجين".

وحول تأثير المحتوى الرقمي على تفاعل الطلبة وتحصيلهم الدراسي، أكد العلوي أن المحتوى الرقمي إذا طُبّق بشكل سليم فسيكون له أثر ملموس وإيجابي، موضحا أن المحتوى الرقمي سيؤثر على تفاعل الطلبة وتحصيلهم الدراسي بشكل كبير، وذلك من عدة جوانب، فمن ناحية التفاعل، يتيح استخدام الوسائط المتعددة مثل الصور، ومقاطع الفيديو، والاختبارات القصيرة الفورية، والألعاب التعليمية، ما يجعل عملية التعلم أكثر جاذبية وتشويقًا للطلبة.

وأضاف العلوي أنه من ناحية التحصيل الدراسي، فإن الطلبة يستطيعون الوصول إلى المعلومات والموارد التعليمية بسرعة وسهولة، كما يشجع المحتوى الرقمي على التعلم الذاتي، ويتيح تتبّع التقدم الدراسي وتقديم تغذية راجعة فورية، كما هو الحال في منصة نور التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم.

وقدّم العلوي مجموعة من المقترحات لضمان نجاح مشروع الرقمنة وتحقيق الاستفادة القصوى مثل: الدعم الفني المستمر، تقديم محتوى رقمي متنوع وجاذب ومصمم بشكل تربوي سليم، إشراك المعلمين ذوي الخبرة في تطوير المحتوى، وتقديم برامج تدريبية شاملة ومستمرة للمعلمين والطلبة، إلى جانب عمليات تقييم ومتابعة وتحسين مستمرة".

من جانبها، أكدت زليخة البلوشية مساعد مدير ومدرب دولي معتمد بمدرسة الرخاء للتعليم الأساسي، أن رقمنة المناهج التعليمية تُعد من الخطوات المهمة في سياق التحول الرقمي الذي يشهده العالم، مشيرة إلى أن المشروع يتماشى مع تطلعات رؤية "عمان 2040"، لكنه يحتاج إلى دراسة شاملة تراعي جميع الأبعاد وتضع الطالب، باعتباره محور العملية التعليمية، في صلب هذا التحول.


 

وقالت البلوشية إن العالم يتجه نحو الرقمنة، لا سيما في قطاع التعليم، وإن رقمنة المناهج تعد من الأطر المهمة التي ينبغي التعامل معها بجدية، مضيفة أن الطالب يجب أن يمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، وهو ما يتطلب بيئة رقمية متكاملة، إلا أن البنية التحتية الرقمية في الوقت الراهن ليست مكتملة بالشكل الذي يسمح بتنفيذ هذا المشروع بشكل فعّال.

وعن أبرز التحديات المتوقعة عند تطبيق التعليم الرقمي، بيّنت البلوشية أن العدالة التعليمية لن تتحقق في ظل الفجوة الاقتصادية التي تعاني منها بعض الأسر، حيث لا يملك كثير من الطلبة القدرة على اقتناء أجهزة حاسوب أو أجهزة لوحية. وأشارت إلى أن هذا التفاوت سيؤثر على فرص التعلم وبالتالي على المستوى التعليمي، مضيفة أن ضعف البنية التقنية وقلة تأهيل الكوادر التعليمية تشكلان عائقًا، بالإضافة إلى عدم التزام بعض المعلمين بتطبيق أدوات متنوعة في الموقف التعليمي.

كما تحدثت البلوشية عن مخاوف أولياء الأمور من ازدياد تعلق الأبناء بالأجهزة الإلكترونية، وفقدانهم لمهارات أساسية كالقراءة والكتابة والحساب، فضلًا عن ضعف السيطرة الأسرية بسبب قلة الوعي التقني وعدم القدرة على توفير إنترنت عالي الجودة.

وأكدت أن تحقيق الرقمنة التعليمية يتطلب أولًا نشر ثقافة الرقمنة المنهجية في المجتمع، ثم وضع خطة تنمية مهنية رقمية تستهدف المعلمين من خلال ورش تدريبية تركّز على المنصات التعليمية والبرامج التفاعلية، إلى جانب ضرورة توفير فرق دعم فني تقدم المساعدة المستمرة، وتحفيز المعلمين على الابتكار من خلال الحوافز التي تسهم في جودة التعليم الرقمي، لافتة إلى أهمية التواصل المستمر بين المدرسة والأسرة، من خلال تنظيم لقاءات مباشرة، وتوفير أدلة إرشادية رقمية مبسطة، وخط ساخن لتقديم الدعم الفوري.

وحول تأثير المحتوى الرقمي على تفاعل الطلبة وتحصيلهم الدراسي، أوضحت أن لذلك أثرًا إيجابيًا من حيث زيادة التفاعل بسبب الأدوات التفاعلية مثل الألعاب التعليمية والاستراتيجيات الرقمية التي تسهّل فهم الحقائق، وتوفير التغذية الراجعة الفورية التي تساعد الطلبة على تصحيح أخطائهم. لكنها حذّرت في المقابل من بعض الآثار السلبية، ومنها ضعف المهارات الكتابية والتعبيرية، والاعتماد الكلي على التكنولوجيا بدلًا من تنمية مهارات البحث والاجتهاد، مشيرة إلى أن بعض الطلبة قد يلجؤون إلى أدوات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي للحصول على الحلول الجاهزة، مما قد يؤثر على نموهم المعرفي. وأضافت أن الاستخدام المكثف للتقنيات قد يؤدي إلى مشكلات صحية ونفسية لدى الطلبة.

وقدّمت البلوشية مجموعة من المقترحات لضمان نجاح مشروع الرقمنة، من بينها تأهيل المعلمين باستمرار، وتوفير الدعم الفني، وتقديم أجهزة حواسيب أو لوحية للطلبة من الأسر المعسرة، إلى جانب تقديم باقات إنترنت مجانية أو منخفضة التكلفة.

 كما شدّدت على أهمية أن يكون المحتوى الرقمي ملائمًا لكل مرحلة عمرية، ويراعي الفروق الفردية، ويُبنى وفق منطق التدرّج من السهل إلى الصعب.

 

مقالات مشابهة

  • تربويون لـ"الرؤية": رقمنة المناهج التعليمية "ضرورة حتمية" لتفادي التخلف الحضاري
  • منظومة الدعم والتمويل لا تُلبي تطلعات روّاد الأعمال.. ومطالبات بتبني سياسات مرنة لتعزيز دور القطاع الخاص
  • كتاب توثيق المطبخ العماني يفوز بجوائز جورماند العالمية
  • تنسيقية القوى الوطنية: خطاب رئيس الوزراء يلبي تطلعات الشعب السوداني
  • تكوين الأساتذة في الأطوار التعليمية الثلاثة
  • مات متأثرا بإصابته .. راح يراقب على الامتحانات في سوهاج رجع جثة هامدة
  • مشروع قومي للنهوض بالتعليم.. دراسة بالشيوخ تتضمن خطة لإصلاح كليات التربية
  • الحويج يتابع سير العملية التعليمية بمعهد الدراسات الدبلوماسية
  • كريم شحاتة: "المعلم" حصل على نصف بطولات الفراعنة.. وناصر منسي كان حلم حياته اللعب في الزمالك
  • مجلس القضاء يتدخل في اللحظة المناسبة.. “درع مبكّر” لكسر “تطلعات الاستغلال” ضد النظام في العراق