الصراع بين قيادات الشرق وكياناته المختلفة ضد الحركات المسلحة بلغ استخدام سلاح الاتهامات بالفساد والتورط في إخفاء مجرمي حرب.

التغيير- بورتسودان: علاء الدين موسى

لا تشرق شمس الصراعات السياسية إلا ويكون السودان وجهتها الأولى، هذه المرة تبزغ من شرق السودان وتحديداً مدينة بورتسودان التي تعاني من تكدس بشري بعد لجوء الآلاف المتضررين من الحرب الدائرة بين الجيش السوداني والدعم السريع منذ الخامس عشر من أبريل الماضي.

الصراع بين قيادات الشرق وكياناته المختلفة ضد الحركات المسلحة بلغ استخدام سلاح الاتهامات بالفساد والتورط في إخفاء مجرمي حرب.

كشف الفساد

كشف رئيس قوات تحالف أحزاب وحركات شرق السودان شيبة ضرار، عن عمليات فساد مالي لـ “حكومة بورتسودان” متمثلة في سرقة البضائع وممتلكات المواطنين بالميناء واستلام سلاح وعربات لحركات دارفور دون الذهاب لساحات القتال.

وتم تسريب خطابات باستلام مبالغ مالية بالعملة الأجنبية تخص وزير المالية جبريل إبراهيم الأمر الذي دفع شيبة ضرارللخروج للعلن مهددا الحركات بفضحها.

فيما نفى وزير المالية جبريل إبراهيم تلقيه أموال من أي جهة، وقال في مؤتمر صحفي بورتسودان أمس الإثنين، “لا توجد جهة قدمت لنا دولار واحد منذ بداية الحرب وحتى الآن”.

ويرى مراقبون أن تهديدات شيبة ضرار تعد بمثابة ضغط من الاستخبارات العسكرية وإنذار للحركات  حال عدم قتالها مع الجيش ضد قوات الدعم السريع.

معسكرات إريتريا

واتهم ضرار بحسب الخطاب المسرب، قوات مناوي ببيع أسلحة ثقيلة لقوات تتبع  للمعارضة الاترترية.

وراجت أنباء عن طرد الرئيس الاريتري اسياس افورقي الحركات المسلحة التي تفتح معسكرات لتدريب افرادها بها.

إلا أن رئيس حركة جيش تحرير السودان قيادة مناوي نفت خبر إغلاق معسكراته فى ارتريا،  وقال مناوي في تصريح  لـ (اخبارك السودان)، اي طلب من الحكومة الارترية بإغلاق معسكرات التدريب لقواته وقوات اللامين داؤود.

إشعال الشرق

واتهم القيادي بمجلس البجا والعموديات المستقلة محمد كرار، وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم بالعمل على إشعال الحرب في شرق السودان.

وقال كرار لـ (التغيير)، الحركات المسلحة تريد الاستيلاء على ثروات إقليم الشرق. وشدد على رفض جميع مكونات شرق السودان التقول على المؤسسات وحقوق العاملين.

وقفة الموانئ

ونفذ عمال المواني بالبحر الأحمر وقفة احتجاجية لتنديد بفساد “حكومة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان” في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية جراء تداعيات حرب عناصر النظام البائد.

وطالب عمال الموانئ بإغلاقها وطرد وزراء حكومة البرهان ومديري عموم الوزارات من مكاتب واستراحات المواني.

وبعد الوقفة التي نفذتها هيئة المواني البحرية الأحد الماضي، أصدرت عددا من كيانات شرق السودان بيانات تطالب بعدم تخصيص المواني، وطالب بإعفاء وزير المالية وحكومة البحر الأحمر المتسببة في الأزمة الحالية.

إثارة المنطقة

وقالت اللجنة العليا لمناهضة خصخصة الموانئ البحرية، إن الحركات وقادتها يحاولون إثارة المنطقة بالتقول على المؤسسات وخاصة المواني البحرية التي تعتبر الرافد الأول للاقتصاد الوطني بعد تعطل كل مؤسسات الدولة “.

وأكدت اللجنة في” بيان “على أن أي قرارات تخص الهيئة يجب أن يشارك فيها العاملون أصحاب المصلحة واي تجاوز لهؤلاء العمال سوف يتسبب في كارثة تؤدي لنصف الاستقرار والأمان بالإقليم المستقر”.

وطالب اللجنة القائمين على أمر الدولة بالانتباه للمسؤولين الذين يعملون على إثارة العمال بقراراتهم الجائرة. وشددت اللجنة على ضرورة التصدي بكل قوة لأي قرار يؤثر على الهيئة والعاملين بها “.

دعم ومساندة

من جهته أكد مؤتمر خريجي شعب البجا دعمهم ومساندتهم لمطالب العاملين بالمواني الرافض لهذا القرار الخصوصية. وطالب المؤتمر في” بيان “الجهات العليا بالتدخل لإيقاف ما وصفهم بالعابثين الذين يعملون بأجندة خفية لضرب استقرار مؤسسات الدولة في مخطط مكشوف يهدف إلى هدم كيان الدولة السودانية.

وشدد البيان على ضرورة ابعاد المتسببين في الأزمة من المواقع الهامة وتكليف اصحاب خبره يحرصون على وحدة الصف الوطني ويحافظ على كيان الدولة السودانية”.

بدوره، يرى الصحفي والمختص في شؤون شرق السودان، عبد الجليل سليمان، أن تصريحات شيبة ضرار تعبر عن جهة أخرى إما تنظيم الاخوان المسلمين (الكيزان) أو الاستخبارات، وفي غالب الأمر الاستخبارات التي تستخدمه لضغط على الحركات تطالب برقيات واموال مقابل الوقوف في الحرب مع الجيش.

وقال سليمان لـ (التغيير)، إن تصريحات شيبة ضرار مرتبطة بحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، والتي تريد عبر ضرار تصفية حساباتها مع جبريل إبراهيم والحركات المسلحة التي أعلنت موقفها بالوقوف إلى جانب الجيش في حربه ضد الدعم السريع “. وأضاف:” لكنهم يتخوفون منهم لذلك يسلطون عليها مثل شيبة ضرار”.

واستدرك بالقول: “يمكن أن تكون تصريحات شيبة ضرار أتت بعد عدم حصوله على أموال مثل الحركات التي لديها جنود في ميادين القتال لذلك يحاول أن يصعد الموقف لصالحه “.

واستبعد سليمان أن تكون لتصريحات ضرار بعد سياسي أو مجتمعي لأن مجتمع شرق السودان لا يتضايق من وجود أهل غرب السودان.

ظلت تداعيات أزمة الشرق مستمرة منذ أيام الحكومة الانتقالية، وحتى بعد قيام الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل الماضي، إذ لا يزال الإقليم يشهد توترات سياسية واجتماعية واقتصادية.

مع تعقد المشهد بشعارات الجماعات التي تلوح بالانفصال والتي تسببت في إجهاض الحكومة الانتقالية. وهي نفس المشاكل التي تواجه حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، واذا لم تقدم الجهات المختصة رؤية لهذه الاشكاليات سيتم نقل الحرب الأحمر الذي يشهد أحداثا ساخنة هذه الأيام.

الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع حركات الكفاح المسلح شرق السودان شيبة ضرار

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع حركات الكفاح المسلح شرق السودان شيبة ضرار الحرکات المسلحة جبریل إبراهیم وزیر المالیة فی بورتسودان شرق السودان شیبة ضرار

إقرأ أيضاً:

حنين داخل الركام.. كاتبة غزّية تكتب عن مدينتها التي لم تعد كما كانت

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً للكاتبة غادة عبد الفتاح، المقيمة في قطاع غزة، تناولت فيه واقع الحياة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ عامين، مؤكدة أن حرب الإبادة غيرت كل شيء في القطاع، من المشهد العمراني إلى القلوب والعقول والأرواح.

تبدأ عبد الفتاح مقالها بالإشارة إلى شعورها بالحنين العميق لغزة، رغم وجودها داخلها، موضحة أن هذا الحنين لا ينبع من البعد الجغرافي، بل من تحول المدينة إلى مكان غريب ومشوّه لا يُمكن التعرف عليه. تقول الكاتبة: "هذه ليست غزة… التفاصيل كلها خاطئة، لا شيء كما هو"، مشددة على أن فقدان الألفة صار ملموسًا حتى وهي تقف على الأرض نفسها التي نشأت عليها.

وتصف غادة حالتها الشخصية مع انهيار الحياة اليومية في دير البلح، حيث تسكن في شقة مزدحمة مع ثلاث عائلات منذ عام كامل، مستقبلة 16 فردًا آخر من عائلتها هربا من القصف في الأسابيع الأخيرة. وتشير إلى انتشار الخيام في الشوارع والأراضي الزراعية، بعضها بين أشجار النخيل المتبقية، التي دُمّرت معظمها أو أحرقت بفعل الدبابات الإسرائيلية. وتضيف: "أكره هذه الكلمة: خيمة. لقد رافقت الفلسطينيين لأجيال، كظلهم".

وفي تفاصيل منزلها الذي لم يعد صالِحًا للسكن كما كان، تروي عبد الفتاح كيف أعيد بناؤه جزئيًا باستخدام حجارة من أنقاض منازل الجيران، مع جدران نصف ارتفاعها السابق، وغياب النوافذ، وتغطية الفجوات بأقمشة نايلون وبطانيات بدل الأبواب. هذه التفاصيل الصغيرة تعكس الواقع المرير للسكان في مواجهة القصف المستمر، حيث كل همسة تنتقل في أرجاء المنزل، والحرية محدودة حتى في صوت الكلام.

تشير الكاتبة إلى أن العيش في غزة أصبح حربًا على التفاصيل: "الله يكمن في التفاصيل"، تقول، مشيرة إلى أن الحرب فرضت تسلسلًا هرميًا في المعاناة. البقاء داخل غرفة بجدران نصفية أفضل من العيش في خيمة، والخيمة المنظمة أفضل من خيمة مُرقّعة بالبطانيات والنايلون والحقائب القديمة. هذا التسلسل الهرمي يمتد أيضًا إلى العلاقات الاجتماعية، وكيفية الحديث ومشاركة المشاعر.

وتروي الكاتبة لقاءاتها اليومية مع الناس، مثل معلمتها السابقة التي ذكرتها باثنتين من زميلاتها القتيلات في غارات إسرائيلية، مؤكدة أن الحيطة والحياد أصبحا ضرورين عند الحديث عن المعاناة: "خسارتي جدران، وخسارته أناس… البقاء على قيد الحياة كدين لا يمكنك سداده".


وتصف الكاتبة تجربة القصف المباشر على منزلها، حيث دوت الانفجارات في منتصف الليل، وامتلأت الغرف بالحطام والغبار، واضطرت العائلة للخروج وسط الظلام للتحقق من سلامة الجميع. وتوضح أن المسيّرات الإسرائيلية حلّقت في السماء، محركاتها تُصدر أزيزًا كحشرات آلية، مع ضوء يشقّ الليل، مما جعل البقاء في الخارج خطرًا دائمًا.

تتحدث الكاتبة عن الحرب على أنها خلقت تسلسلًا هرميًا من الخسارة والمصاعب، فبينما أصيب أحد أقاربها بجروح بسيطة، فقد آخرون أكثر من 40 فردًا من عائلتهم. تطرح الكاتبة التساؤل عن جدوى الحديث عن الدمار الشخصي في مواجهة فقدان الأرواح: "كيف تتحدث عن جدران متصدعة لشخص يعدّ الوجوه الغائبة؟".

كما تصف المعاناة اليومية في المستشفيات، حيث تُنقل الأطراف المبتورة بصناديق ورقية، وتبقى الأسماء محفورة في الذاكرة حتى بعد مرور أشهر، مؤكدة أن هذه اللحظات الصغيرة تعكس جزءًا من هول الحرب وتأثيرها النفسي على السكان.

وتشير الكاتبة إلى التحديات المعيشية، من ندرة الوقود والطاقة إلى الطهي على نار الحطب باستخدام أي مادة متاحة، من ألواح خشبية مكسورة إلى صنادل بلاستيكية وعلب فارغة. كما تتحدث عن صعوبة التعليم، حيث يُجبر الأطفال على الكتابة بخط صغير ومرصوص بسبب ندرة الأقلام والدفاتر، مع حرص المعلمين على توصيل الدروس رغم الظروف الصعبة.

وتختتم الكاتبة مقالها بالتأكيد على أن الحرب لم تقتصر على الدمار المادي، بل طالت المشاعر والأفكار والأحلام. تقول: "الحرب جنونية - جنون يتسلل إلى العقل، إلى الجسد، إلى الأحلام… لا أستطيع استيعاب ما يحدث تماما". وتوضح أن آلة الحرب الإسرائيلية لم تتوقف منذ عامين، وأسفرت عن مقتل وجرح ما يقرب من ربع مليون شخص، وتهجير السكان، وتحويل المنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد والأسواق إلى أنقاض، مشددة على أن هذه التفاصيل هي ما تحدد حياة الناس اليومية في غزة.

يقدم مقال غادة عبد الفتاح شهادة مباشرة عن الحياة تحت القصف، ويُبرز كيف أن الدمار المستمر والتهجير القسري والنقص في المواد الأساسية والمخاطر اليومية تشكل الواقع اليومي للفلسطينيين في غزة. ويعدّ هذا النص دعوة للعالم لفهم التفاصيل التي تشكل حياة المدنيين وسط الصراع المستمر، بعيدًا عن الإحصاءات الرسمية أو الأخبار المجردة عن القصف والخسائر.

مقالات مشابهة

  • سلفاكير يعيد قائد الجيش السابق بعد 3 أشهر من إقالته
  • بعد تجدد القتال.. رئيس جنوب السودان يقيل قائد الجيش بعد 3 أشهر ويعيد سلفه
  • سلفا كير يقيل قائد الجيش بعد ثلاثة أشهر من تعيينه ويعيد سلفه
  • حكومة «تأسيس» تتهم نافذين في بورتسودان بإشعال أحداث كرنوي
  • حنين داخل الركام.. كاتبة غزّية تكتب عن مدينتها التي لم تعد كما كانت
  • بوتين يكشف المساحة التي يسيطر عليها الجيش الروسي في أوكرانيا
  • مواراة جثمان الراحل محمد طاهر ايلا الثرى بمدينة بورتسودان في موكب تشييع مهيب
  • بالتزامن مع تجديد البعثة الأممية في السودان .. اتهامات لمصر بدعم الجيش و الإسلاميين
  • تقرير الجيش فنّد العمليات في الجنوب والخروقات الإسرائيلية.. لجم تصعيد سلام بتعليق ترخيص رسالات
  • صدمة الإبادة التي تغيّر العالم.. إذا صَمَت الناس فلن يبقى أحد في أمان