دمج وزارة الري في وزارات أخرى: قرار غير موفق!!

بروفيسور ياسر عباس*

يمر السودان بمرحلة حرجة نتيجة للحرب الجارية حاليًا، ما يستدعي تضافر جهود الجميع للمساهمة في ترسيخ دعائم السلام وإعادة الإعمار، لاسيما للمرافق الحيوية. وتُعد وزارة الري والموارد المائية من أهم ركائز هذه العملية، كونها تمثل العمود الفقري لحياة المواطنين في السودان.

وفي هذا السياق أرى أن قرار السيد رئيس الوزراء د. كامل إدريس بضم وزارة الري والموارد المائية إلى وزارتي الزراعة (الري)، والبيئة والاستدامة (الموارد المائية) لم يكن صائبًا، وذلك لأسباب إجرائية وفنية.

أولًا – من الناحية الإجرائية:

في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب، يجب أن يكون الهدف الأول هو استعادة مؤسسات الدولة إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لا إدخال تغييرات هيكلية كبيرة تزيد من تعقيد الوضع و تقود الى الفشل فى تقديم الخدمات المطلوبة.

وزارة الري ليست وزارة صغيرة، بل مؤسسة ضخمة تضم آلاف العاملين موزعين من دلتا طوكر شرقًا إلى ولايات دارفور غربًا، ومن محطة الديم جنوبًا إلى دنقلا شمالًا. وتشمل مهامها إدارة ستة خزانات كبرى، وأربعة مشاريع ري استراتيجية (الجزيرة، الرهد، حلفا الجديدة، السوكي)، إلى جانب عشرات الإدارات والهيئات الفنية المتخصصة، فضلًا عن الملفات الحيوية المرتبطة بمياه النيل، ومفاوضات سد النهضة، والسد العالي. إعادة توزيع هذه المهام والكوادر بين وزارات مختلفة هو عبء تنظيمي كبير لا يمكن احتماله في ظل الحرب، ويتطلب دراسات مستفيضة وظروفًا طبيعية يمكن فيها تنفيذ مثل هذا التغيير بهدوء وتخطيط.

ثانيًا – من الناحية الفنية:

عملية توفير مياه الري مترابطة ومعقدة، تبدأ من قياس المياه عند محطة الديم على الحدود الإثيوبية – وهي مرحلة تسبقها مفاوضات حساسة مع دول الحوض – ثم تخزين المياه في خزان الروصيرص، وتمرير هذه المياه عبر التوربينات لتوليد الكهرباء، قبل أن تُوزَّع من خزان سنار عبر شبكة الري إلى مشروع الجزيرة. فصل هذه المراحل بين وزارات متعددة قد يؤدي إلى خلل في التنسيق ونتائج كارثية، كما أثبتت التجارب السابقة، مثل تجربة الوزير وديع حبشي في عهد النميري، وتجربة الوزير عبد الحليم المتعافي في عهد الإنقاذ , و اخيرا تجربة تحويل الخزانات لوزارة الكهرباء فى نهايات عهد الانقاذ.

كما أن التجارب الإقليمية والدولية توضح أهمية الحفاظ على وحدة وزارة مستقلة للري والموارد المائية. فمصر، إثيوبيا، وبقية دول حوض النيل تحتفظ بهذه الوزارة ككيان واحد، لما يتطلبه من انسجام بين الجوانب الفنية والتنظيمية.

ويُحسب لوزارة الري السودانية خلال سنتي الحرب أنها استطاعت الحفاظ على سلامة منظومة الخزانات الخمسة، رغم تعقيدات الوضع الميداني، وتشغيل سد النهضة. وشهدنا كيف أن عبث المليشيا بخزان جبل أولياء تسبب في فيضان قرى النيل الأبيض في أواخر عام 2024. و لا ابالغ ان وصفت الخزانات الستة كاهم منشات فى دولة السودان حاليا – لما لها من دورمحورى فى توفير مياه الرى لما يزيد عن 4 مليون فدان و توليد نحو 60% من الكهرباء، فضلًا عن إمداد محطات الشرب النيلية بالمياه.

لذلك، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، أرى أن الإبقاء على وزارة الري والموارد المائية كوزارة مستقلة هو الخيار الصائب.

والله ولي التوفيق،

* وزير الرى و الموارد المائية السابق

20 يونيو 2025

#السودان

الوسومالجزيرة الرهد السودان السوكي حلفا الجديدة دلتا طوكر دنقلا رئيس الوزراء كامل إدريس محطة الديم وزارة البيئة والاستدامة وزارة الري والموارد المائية وزارة الزراعة ياسر عباس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجزيرة الرهد السودان السوكي حلفا الجديدة دنقلا رئيس الوزراء كامل إدريس وزارة الري والموارد المائية وزارة الزراعة ياسر عباس

إقرأ أيضاً:

لترشيد المياه.. إنشاء 3 محطات ري حديثة لخدمة 156 فدانًا في الأقصر

أعلنت مديرية الزراعة بمحافظة الأقصر، عن تنفيذ حزمة من الإجراءات لتطوير منظومة الري الحقلي، بما يحقق أعلى استفادة من كل نقطة مياه ويخدم المزارعين في مختلف المناطق.

مطران إببارشية طيبة يهنئ مدير أمن الأقصر بتجديد الثقةنقلة نوعية في الزراعة بالأقصر.. توسع في صنف "جيزة 4" وتقنية الشتل تدخل الخدمةزراعة الأقصر تعلن مكافحة النمل الأبيض مجانًا لـ 19 منزلًا لحماية المواطنين

وأوضح الدكتور جابر محمد كُلحى، وكيل وزارة الزراعة بالأقصر، أن المديرية نجحت خلال الفترة الأخيرة في تشكيل 3 روابط لمستخدمي المياه، بهدف تنظيم عملية توزيع المياه وضمان وصولها بعدالة إلى جميع الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين المزارعين في إدارة الموارد المائية.

وأضاف أن المديرية، بالتنسيق مع وزارة الزراعة ووزارة الموارد المائية والري، اتفقت على إنشاء 3 محطات ري جديدة بنظام الري الحقلي المطور بناحية العديسات بحري، لتخدم مساحة قدرها 156 فدانًا، مما سيسهم في رفع كفاءة الري وتقليل الفاقد من المياه.

وأشار "كُلحى" إلى أن فرق العمل تقوم بالمرور الأسبوعي الميداني مع هندسة الري لمتابعة مناسيب المياه في الترع الرئيسية والفرعية خلال دورات المناوبة، والتأكد من استقرار الإمدادات المائية لتلبية احتياجات المحاصيل، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على المياه.

وأكد وكيل وزارة الزراعة أن هذه الجهود تأتي ضمن خطة شاملة لتطوير البنية التحتية للري في الأقصر، مع الاعتماد على التقنيات الحديثة التي تقلل من معدلات الهدر وتحافظ على التربة وتحسن جودة المحاصيل، مشددًا على أن نجاح هذه الخطة يتطلب تعاونًا كاملًا من المزارعين ووعيًا بأهمية ترشيد استهلاك المياه.

طباعة شارك الاقصر اخبار الاقصر زراعة الاقصر

مقالات مشابهة

  • لترشيد المياه.. إنشاء 3 محطات ري حديثة لخدمة 156 فدانًا في الأقصر
  • العطش يفتك بسكان قطاع غزة وسط تلوث المياه الجوفية وانهيار البنية التحتية
  • من قلب الصعيد .. تفاصيل استئصال مثانة وتركيب أخرى صناعية لمريض يبلغ من العمر 68 عاماً
  • وزير الري يبحث استخدام الأقمار الصناعية لمتابعة ورد النيل بالمجاري المائية
  • إلى المواطنين.. قرارات تصدر بشأن المياه
  • الموارد المائية تنفي استخدام المياه العذبة لحقن الآبار النفطية
  • الموارد المائية ترفض استخدام المياه العذبة لحقن الآبار النفطية
  • «الداخلية» تنظم ورشة عمل حول «دور الإعلام الأمنى في جهود التنمية المستدامة»
  • تشاد تسلّم السودان 125 سيارة منهوبة
  • مصادر لصراحة نيوز: وزارات لم يشملها التعديل الوزاري لحكومة جعفر حسان