دمج وزارة الري في وزارات أخرى: قرار غير موفق!!
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
دمج وزارة الري في وزارات أخرى: قرار غير موفق!!
بروفيسور ياسر عباس*
يمر السودان بمرحلة حرجة نتيجة للحرب الجارية حاليًا، ما يستدعي تضافر جهود الجميع للمساهمة في ترسيخ دعائم السلام وإعادة الإعمار، لاسيما للمرافق الحيوية. وتُعد وزارة الري والموارد المائية من أهم ركائز هذه العملية، كونها تمثل العمود الفقري لحياة المواطنين في السودان.
وفي هذا السياق أرى أن قرار السيد رئيس الوزراء د. كامل إدريس بضم وزارة الري والموارد المائية إلى وزارتي الزراعة (الري)، والبيئة والاستدامة (الموارد المائية) لم يكن صائبًا، وذلك لأسباب إجرائية وفنية.
أولًا – من الناحية الإجرائية:في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب، يجب أن يكون الهدف الأول هو استعادة مؤسسات الدولة إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لا إدخال تغييرات هيكلية كبيرة تزيد من تعقيد الوضع و تقود الى الفشل فى تقديم الخدمات المطلوبة.
وزارة الري ليست وزارة صغيرة، بل مؤسسة ضخمة تضم آلاف العاملين موزعين من دلتا طوكر شرقًا إلى ولايات دارفور غربًا، ومن محطة الديم جنوبًا إلى دنقلا شمالًا. وتشمل مهامها إدارة ستة خزانات كبرى، وأربعة مشاريع ري استراتيجية (الجزيرة، الرهد، حلفا الجديدة، السوكي)، إلى جانب عشرات الإدارات والهيئات الفنية المتخصصة، فضلًا عن الملفات الحيوية المرتبطة بمياه النيل، ومفاوضات سد النهضة، والسد العالي. إعادة توزيع هذه المهام والكوادر بين وزارات مختلفة هو عبء تنظيمي كبير لا يمكن احتماله في ظل الحرب، ويتطلب دراسات مستفيضة وظروفًا طبيعية يمكن فيها تنفيذ مثل هذا التغيير بهدوء وتخطيط.
ثانيًا – من الناحية الفنية:عملية توفير مياه الري مترابطة ومعقدة، تبدأ من قياس المياه عند محطة الديم على الحدود الإثيوبية – وهي مرحلة تسبقها مفاوضات حساسة مع دول الحوض – ثم تخزين المياه في خزان الروصيرص، وتمرير هذه المياه عبر التوربينات لتوليد الكهرباء، قبل أن تُوزَّع من خزان سنار عبر شبكة الري إلى مشروع الجزيرة. فصل هذه المراحل بين وزارات متعددة قد يؤدي إلى خلل في التنسيق ونتائج كارثية، كما أثبتت التجارب السابقة، مثل تجربة الوزير وديع حبشي في عهد النميري، وتجربة الوزير عبد الحليم المتعافي في عهد الإنقاذ , و اخيرا تجربة تحويل الخزانات لوزارة الكهرباء فى نهايات عهد الانقاذ.
كما أن التجارب الإقليمية والدولية توضح أهمية الحفاظ على وحدة وزارة مستقلة للري والموارد المائية. فمصر، إثيوبيا، وبقية دول حوض النيل تحتفظ بهذه الوزارة ككيان واحد، لما يتطلبه من انسجام بين الجوانب الفنية والتنظيمية.
ويُحسب لوزارة الري السودانية خلال سنتي الحرب أنها استطاعت الحفاظ على سلامة منظومة الخزانات الخمسة، رغم تعقيدات الوضع الميداني، وتشغيل سد النهضة. وشهدنا كيف أن عبث المليشيا بخزان جبل أولياء تسبب في فيضان قرى النيل الأبيض في أواخر عام 2024. و لا ابالغ ان وصفت الخزانات الستة كاهم منشات فى دولة السودان حاليا – لما لها من دورمحورى فى توفير مياه الرى لما يزيد عن 4 مليون فدان و توليد نحو 60% من الكهرباء، فضلًا عن إمداد محطات الشرب النيلية بالمياه.
لذلك، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية، أرى أن الإبقاء على وزارة الري والموارد المائية كوزارة مستقلة هو الخيار الصائب.
والله ولي التوفيق،
* وزير الرى و الموارد المائية السابق
20 يونيو 2025
#السودان
الوسومالجزيرة الرهد السودان السوكي حلفا الجديدة دلتا طوكر دنقلا رئيس الوزراء كامل إدريس محطة الديم وزارة البيئة والاستدامة وزارة الري والموارد المائية وزارة الزراعة ياسر عباسالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجزيرة الرهد السودان السوكي حلفا الجديدة دنقلا رئيس الوزراء كامل إدريس وزارة الري والموارد المائية وزارة الزراعة ياسر عباس
إقرأ أيضاً:
وزارة الصحة تستقبل طائرة مساعدات تركية بحمولة 37 طناً لمكافحة الكوليرا
استقبل وكيل وزارة الصحة د. هيثم محمد إبراهيم، الأربعاء، طائرة المساعدات الطبية المقدّمة من الحكومة التركية ممثلة في وزارة الصحة التركية، والمخصصة لمكافحة وباء الكوليرا، حيث تضم شحنة من الإمدادات والمحاليل الوريدية بوزن إجمالي بلغ 37 طناً.وأعرب د. هيثم عن شكره وإمتنانه للحكومة التركية على دعمها الكبير والمستمر للسودان، لا سيما خلال الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد حالياً، مشيرا إلى أن البروتوكول الموقع بين وزارتي الصحة السودانية والتركية أسهم في تقديم المساعدات .وقدم كذلك الشكر لسفارة تركيا في السودان، وخاصةً السفير الفاتح يلدز، على جهودهم وتواصلهم مع الحكومة التركية لإيصال هذا الدعم.وشكر مجلس السيادة الإنتقالي ومنظومة الصناعات الدفاعية ودورهم في احضار شحنة هذه الإمدادات من تركيا.من جانبه، اعلن القائم بالأعمال التركي السيد كرتال اونات اوز، بأن الطائرة التركية تحمل 37 طناً من المساعدات الطبية المخصصة لمكافحة الكوليرا والأوبئة الأخرى، مشيراً إلى أن بقية المواد ستصل عبر البحر خلال الأيام المقبلة.واكد أن هذه المساعدات تعكس وقوف تركيا إلى جانب السودان، مضيفاً أن بلاده قدمت كذلك مساعدات سريعة لإخماد الحرائق التي اندلعت مؤخراً في بورتسودان.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب