السيد تركي البوسعيدي: "عشرون عاما من الجاسوسية" رصدٌ تخيلي أسود لأطماع الغرب إبان اكتشافات النفط في الخليج
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
الرؤية - عهد النبهانية
أجواءٌ مُفعمة بالعديد من المشاعر تلك التي يعيشها الكاتب مع ميلاد أولى إصداراته المنشورة، وضمن فعاليات النسخة الحالية من معرض مسقط الدولي للكتاب، التقت "الرؤية" السيد تركي بن سيف بن يعرب البوسعيدي، الذي يُشارك للمرة الأولى ضمن هذا العُرس الثقافي المتجدِّد، وهو يحتفي بإصدار روايته الأولى "باترك إفارا.
حيث تحدث السيد تركي عن تفاصيل روايته، موضحًا أنَّها تتناول كيف اكتشف الغرب الثروات النفطية، ومساعيهم لتفتيت الدول التي ظهر النفط في أطرافها، مستخدمين كافة الوسائل الممكنة لإضعافها، سواءً كانت هذه الوسائل دينية، أو مذهبية أو حزبية، وبث الفرقة والشقاق وتقسيم المجتمعات وبذز الفتن للاقتتال لإضعاف القبيلة الأم الحاكمة، واستخدموا في ذلك جواسيس وعملاء زرعوهم بين القبائل العربية المتحالفة، لتشتيت المجتمع البدوي الآمن، وإشاعة الفوضى.
وتابع السيد تركي قائلاً: أحداث الرواية تحديدًا تدور حول الجاسوس "باترك إفارا"، وهو شخصية خيالية مسيحية يهودية، تمَّت زراعته في الأراضي البدوية بطريقة غريبة واحترافيه، وبدأ يتسلل في حياة البدو، مستغلًا طيبتهم، وبدأ يتعرف إلى طبائعهم وطريقة معيشتهم حتى وَثِقَ فيه شيخ القبيلة الحاكمة، وبدأ يقربه شيئًا فشيئاً، إلى أن تمكن من اختراق أسرارهم وحياتهم، حيث كان مدربًا تدريبًا عاليًا، فاستطاع التغلغل في حياة البدو ومن ثم السيطرة عليهم والتحكم بهم وبأرزاقهم وحياتهم حتى أنهكهم وأضعفهم.
وأشار السيد تركي إلى أنَّ الرواية تتضمن إلى جانب ذلك جُملة أحداث غريبة كانت سائدة في ذاك الزمان؛ منها "المقابر المُعلقة" وهو الجزء الغريب والممتع، كطريقة كانت تستخدم لإعدام بعض المجرمين المتهمين ببعض الجرائم في المجتمعات البدوية، وهي الطريقة التي أخذها المحتلون وطبقوها على الثوار.
واختتم السيد تركي حديثه بالقول بأنَّ نهاية الرواية أوضحت كيف نجح مخطط المحتل في تشتيت وإضعاف القبائل البدوية، وعزل بعض المناطق التي ظهر فيها النفط، وكيف تآمروا على أهلها بتعيين شيوخ فيها مُوالين لتوجهاتهم، لنهب الثروات وضمان الولاءات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التوقعات غير المتوقعة
يتواصل العدوان على إيران بعد أسبوع من الجمعة 13، في ظل تزايد المخاطر والمخاوف من احتمال توسع رقعة المواجهة على خريطة جغرافية مضطربة وحساسة لا تتحمل المزيد من التقلبات.
الكيان الصهيوني، المدعوم أمريكيا بكل الوسائل، يقوم منذ نشأته بحروب بالوكالة ليس عن نيابة عن الولايات المتحدة فحسب، بل نيابة عن دول الغرب الاستعمارية التقليدية في أوروبا كلها: كيان علماني لائكي في الأصل، نال شفاعة الدول الغربية والرأسماليات الناشئة، التي قامت أصلا، لاسيما مع الثورة الفرنسية سنة 1798، على الدعم والمال اليهودي الناتج عن الاقتصاد الحرفي الذي كانت تهيمن عليه القوى اليهودية في الغرب، والتجارة بشكل عامّ، ثم البنوك في ما بعد.
المظلومية التاريخية التي بنى عليها الكيان سرديته منذ ما قبل التيه في صحراء سيناء، وما نالوه على أيدي فرعون مصر، مرورا بما نالوه من إقصاء وتهميش وكراهية لليهود في الغرب قبل الثورة الفرنسية، وحياة القيطوهات، وصولا إلى المحرقة النازية، كل هذا دفع بالرأسماليات الغربية ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى التكفير عن عقدة الذنب لدى بعضها، لاسيما لدى ألمانيا وفرنسا وحتى بريطانيا، فقدموا للكيان مستقبلا من ذهب: أرضا ووطنا، الأرض الموعودة لهم في سردياتهم الدينية التوراتية، باعتبارهم “شعب الله المختار”.
هذا الانحياز الأعمى اليوم للكيان، ظالما أو مظلوما، هو ما يجعله اليوم منفلتا من العقال، طفلا مدللا مشاغبا، يستعمل ويوظف لكل السيناريوهات ويولّون وجهتهم كيفما شاءت رغباته، إنه مثل الطفل الذي يطالب بلعب غالية الثمن كل مرة، مع ذلك لا أحد من عائلته يريد كسر خاطره، ويقبلون بإهدائها له على مضض أحيانا وبفرح وسرور أحيانا أخرى.
هذه المظلومية التاريخية التي يستثمر فيها الكيان إلى اليوم، ضمن ما يسمى “معاداة السامية”، تجابه حاليا مظلومية تاريخية أخرى طالما استثمرت فيها الأيديولوجيا القائمة في إيران والمنطقة: لهذا يبدو أن صراع المظلوميات، قد يفضي إلى صراع أوسع، لا يقل على أن يكون إقليميا.
إيران التي خرجت قوية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا بفعل الاستثمار في المظلومية التاريخية لآل البيت، ومنذ الثورة الإسلامية في إيران، ونهاية عهد الشاه، شكلت قوة إقليمية لم تعد تحتملها القوة المناوئة في الغرب الاستعماري وعلى رأسها الكيان الاصطناعي خادم الغرب الرأسمالي، الذي استفيد من هيمنته الاقتصادية والتجارية، ومن سرديته حول المحرقة، لهذا نرى كل هذا التكالب و”التحلف” ضد هذه الدولة المنتصرة لحق الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة للاحتلال والهيمنة الصهيونية والغربية في المنطقة.
إيران، رغم الحصار ورغم التضييق والخناق الاقتصادي والسياسي، تفاجئ الجميع بمن فيهم الكيان الغربي المصنع، وتعدّل معادلة المواجهة بينها وبين عدوان الكيان المحمول على رمح ديني توراتي ولكن أيضا على رماح شخصية وحسابات سياسية حزبية لرئيس وزراء الكيان وحكومته اليمينية، رغم أن جميع من في هذا الكيان بمن فيهم التيار العلماني والمعارضة، على قلب واحد في مواجهة إيران النووية، التي تعني لهم مشروع نهاية كيانهم المصطنع.
المفاجأة التي أحدثتها إيران، لم تكن متوقعة لهم، وقد يعملون على النزول من الشجرة بتكلفة أقلّ. هم الآن يستجدون الولايات المتحدة لنجدتهم من هذه الورطة، بعدما عملوا لسنوات على مشروع توريط الولايات المتحدة والغرب في حربهم ضد المارد الإسلامي أينما كان: فالأمس العراق واليوم لبنان وسورية وإيران، وغدا لا ندري من يكون على رأس القائمة بين الدول العربية والإسلامية: كل هذا تحت عناوين مختلفة: الإرهاب، والمشروع النووي، ومعاداة السامية، والخطر الإسلامي…
الشروق الجزائرية