اذا لم ننقذ انفسنا وبلدنا، فلن ينقذنا احد !
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* لا شك انه قد تأكد لنا كسودانيين بشكل قاطع لا لبس فيه، اننا كدولة وشعب ليس لنا اى قيمة عند الاخرين، حتى اقرب الاقربين منهم الذين تربطنا بهم اواصر الدين او اللغة او الثقافة او الجيرة، ولا يوجد فيهم من يغضبه او يحزنه او يهمه ان نقتل او نتشرد او نتمزق، او نزول نهائيا من الوجود وتذهب ريحنا الى الابد.
* لقد كان بامكان الكثيرين منهم وعلى رأسهم الجارتان (الشقيقتان) مصر والسعودية ايقاف الحرب وشلالات الدم والتخريب بعبارة واحدة لطرفى النزاع تتكون من ثلاث كلمات .. "اوقفوا الحرب الان" بدون حتى تلوينها بنبرة غاضبة او نظرة يستشف منها رائحة التهديد والوعيد!
* عبارة واحدة فقط بدون الحاجة الى طرح المبادرات وتوجيه الدعوة لطرفى الحرب للتفاوض والحوار، ولم يكن احدهما يجرؤ على الرفض او حتى المماطلة في الاستجابة (للامر)، لانه يعلم جيدا ما يمكن ان يحدث له اذا رفض او ماطل او تقاعس عن الاستجابة، والاسباب معروفة للجميع بدون الحاجة الى ذكرها واضاعة الوقت والمساحة في شرحها، فالكل يعرف، سودانيون او غير سودانيين، قيمة مصر والسعودية لدى الطرفين وامرهما الذي يستوجب السمع والطاعة بدون تردد ولو لبضع لحظات.
* تخيلوا لو رفع الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) او ولى العهد السعودي الامير (محمد بن سلمان) سماعة الهاتف واصدرا الاوامر لحميدتي والبرهان: (اوقفوا الحرب الآن)، هل كان في مقدرة احدهما او في امكانه عدم الاذعان؟! بالتأكيد لا ومليون لا وترليون لا، فمن هما القزمان (البرهان وحميدتي) ومن يدعمهما بجانب العملاقين السيسي وابن سلمان؟!
* لقد استطاغ ابن سلمان ان يأتي بالرئيس الامريكي نفسه (بايدن) الى السعودية خانعا ذليلا بعد كل احاديثه السلبية وهجومه الحاد على (ابن سلمان) خلال حملته الانتخابية للمنافسة على منصب الرئيس الامريكي في الانتخابات الاخيرة، والتصريح بانه لن يصافحه ابدا والتهديد بفرض عقوبات صارمة على السعودية بعد حادثة مقتل الصحفي (خاشوقجي) في السفارة السعودية بتركيا، ثم لحس كلامه بعد ان فاز وصار رئيسا واكتشف ان السعودية التي ظل يهددها طيلة حملته الانتخابية تستطيع ان تقطع عنه الماء والنور والحياة اذا لم يرعو ويخضع لها ويخنع لاوامرها وياتيها صاغرا ذليلا وينسى كل ما مقاله عن عدم مصافحته لولي العهد والعقوبات التي سيفرضها على السعودية.
* كما استطاع السيسي رغم انف امريكا وكل الغرب ان يفرض نفسه رئيسا شرعيا لمصر بعد انقلابه على الرئيس المنتخب (محمد مرسي) ويرغمهم على الاعتراف به والتعامل معه رغم كل ما ملاوا به الدنيا صريخا وعويلا عن الديمقراطية التي اغتيلت في مصر بعد عزل (مرسي) من منصبه، كما استطاع بكل قوة واقتدار ان يقف في وجه تركيا ويجعل من المشير الليبي (حفتر) واليا على نصف ليبيا بعد سقوط الرئيس السابق معمر القذافي وحتى الان، ثم انه فرض شخصيته وقراره على الفريق البرهان ومجلسه العسكري في السودان بعد سقوط المخلوع البشير، ووضع الحركة الاسلاموية السودانية في جيبه وجعلها خادما مطيعا له تاتمر بامره وتفعل كل ما يأمرها به، رغم انه لا يطيق الاسلاميين ويحاربهم في مصر وينكل بهم ويضعهم بالالاف في السجون لا حول لهم ولا قوة منذ سقوط مرسي وحتى هذه اللحظة.
* عبارة واحدة كانت ستوقف الحرب فور اندلاعها في السودان اذا صدرت من الرئيس السيسي والامير السعودي ابن سلمان، لطرفى القتال.
* ولكنها للاسف لم تصدر ولم ينبث المسؤولان الكبيران ببنت شفة عن الحرب والاقتتال وسفك الدماء في السودان، وكأن ما يحدث فيه ولشعبه (الشقيق) الطيب البرئ لا يزعجهما ولا يهمهما ولا يهز فيهما شعرة عطف وشفقة على الابرياء الذين يقتلون ويشرودن ويهانون وتمرغ كرامتهم في التراب في الملاجئ والمنافي ومناطق النزوح.
* صحيح ان بلديهما (الشقيقين) اطلقا بعض المبادرات لمحاولة (ايجاد نوع من المعالجة) لما يحدث في السودان، ولكنها بدت وكأنهما يسعيان من ورائها لمجرد تبرئة ذمتهما من الاتهامات الصامتة وغير الصامتة التي تصدر لهما من البعض في استحياء بعدم ايلاء السودان (الشقيق) وشعبه (الطيب) اى نوع من الاهتمام، وتركهما يعانيان من الحرب وفظائعها وويلاتها! وهنا لا بد لنا ان نتقدم بالشكر للدولتين على فتح ابوابهما للمواطنين السودانيين رغم قسوة المعاملة والاجراءات التعسفية والشروط الصعبة المفروضة عليهم للدخول والاقامة فيهما، وهو ما لم يتوقعه احد خاصة من الجارة الشمالية التي ربطتها بالسودان اتفاقية (الحريات الاربعة) وكانت تسمح لمواطني البلدين بالدخول والاقامة والتملك والعمل في البلد الاخر، ولكن ألغتها مصر بجرة قلم بعد وقت قصير من اندلاع الحرب في ١٥ ابريل، ٢٠٢٣ تاركة المواطنين السودانيين الذين نجحوا في الاستجارة بها او الذين يحاولون الوصول اليها يعانون من ظروف صعبة ومهينة (في احيان كثيرة) ومعاملة قاسيةلم يتوقع اى سوداني ان تحدث له من مصر، ولا حاجة بي لذكرها لان الجميع يعرفها.
* لم تبد الدولتان الشقيقتان اى نوع من الجدية لايقاف الحرب في السودان، وهما اللتان عول عليهما الشعب السوداني البرئ لانقاذه من وحوش الحرب وسفاكي الدماء وناهبي حياته وامواله ومستقبل اجياله وتشريده والحط من ادميته وكرامته، اما بقية الدول الاخرى فلقد كان يعلم تمام العلم انه لا قيمة له ولبلده في نظرها، وان ما تعلن عنه من محاولات ومبادرات ليست سوى ذر للرماد في العيون، ولا تتجاوز باى حال من الاحوال التظاهر بالشفقة والعطفة والدفاع المزيف عن حقوق الانسان، ليس اكثر من ذلك.
* حتى اجهزة الاعلام العربية (وغيرها) لم تكن قبل اندلاع حرب غزة تهتم بالحرب في السودان الا لملئ الفراغ الكبير الذي تعاني منه والسأم الذي اصيب به المشاهد من الحرب الروسية الاوكرانية التي لا تهمه كثيرا، وكان بعضها يستضيف عامدا متعمدا بعض الجهلاء من السودانيين الذين تطلق عليهم او يطلقون على انفسهم صفة (الخبراء الاستراتيجيين)، لتسخر من اجاباتهم الساذجة والمضحكة وربما السخرية من المواطن السوداني بشكل عام، وعندما اندلعت حرب غزة صارت معاناة الشعب السوداني والدم السوداني الذي يسفك، نسيا منسيا لا قيمة له عند احد.
* بل اثبتت الحرب ان السودان والمواطن السوداني لا قيمة له حتى عند بعض المواطنين السودانيين سواء المقيمين داخل او خارج السودان، ليس فقط بعدم الاهتمام واللامبالاة، بل باستغلال ظروف الحرب الصعبة والمتاجرة في المعاناة، وهو الامر الاكثر اثارة للغيظ والحزن والغبن والألم، من عدم اهتمام او مؤامرات الاخرين.
* وبالطبع فلقد تأكد انه لا قيمة للسودان واهله، لدى الطرفين المتنازعين على السلطة والمال، والداعمين لهما والمحرضين على الحرب الذين لا يهم احدا منهما او داعميهما ان يحترق السودان ويذهب شعبه الى الجحيم، ويتحول ابناؤه وبناته واجياله القادمة الى عبيد ورقيق لدى الاخرين.
* ولكن ... للسودان والمواطن السوداني قيمة وقيمة كبيرة جدا، السودانيون المخلصون وحدهم (من جميع الجهات والاتجاهات والمناطق والاعراق) هم الذين يعرفونها والذين يؤمنون بها، وهؤلاء عليهم ان يثبتوا قيمتهم وقيمة بلدهم لانفسهم قبل الاخرين، بالعمل لانقاذ انفسهم وبلدهم من المحرقة التي تدور فيها.
* وحدنا الذين نستطيع ان ننقذ بلدنا وانفسنا، بالوحدة والتماسك ورفض الحرب والتظاهر والضغط لايقاف الحرب، ولو استدعى الامر التضحية بالنفس وثقوا اننا اذا لم ننقذ بلدنا وانفسنا فلن ينقذنا احد!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان لا قیمة
إقرأ أيضاً:
كم كلفت الضربة الأمريكية التي أنهت الحرب بين إيران والاحتلال؟ (أرقام)
كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال دان كين أن سبع قاذفات من طرازB-2 حلقت لمدة 18 ساعة من الولايات المتحدة إلى إيران لإسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات في عملية اتسمت بالخداع التام.
وقال كين إن الولايات المتحدة أطلقت إجمالا 75 قذيفة موجهة بدقة، بما في ذلك أكثر من عشرين صاروخ توماهوك، إلى جانب مشاركة 125 طائرة عسكرية على الأقل في العملية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية.
تفاصيل العملية
أطلق على العملية اسم "مطرقة منتصف الليل" بمشاركة 125 طائرة عسكرية من طرازات مختلفة، بين مقاتلات، وطائرات تزويد بالوقود، وطائرات استخبارات، واستهدفت ثلاث منشآت نووية: فوردو ونطنز وأصفهان.
أقلعت الطائرة من الولايات المتحدة وقامت برحلة استغرقت 18 ساعة إلى إيران ما يعني أنها عادت في 18 ساعة تقريبا أيضا مع تباين عدد ساعات الطيران بحسب مهمة الطائرة خلال العملية.
Embed from Getty Images
تم إرسال بعض الطائرات غربا إلى المحيط الهادئ للخداع ، بينما تقدم البعض الآخر على القاذفات الرئيسية لضمان خلو المجال الجوي.
حلقت سبع قاذفات شبح من طراز B-2 مكلفة بضرب المواقع النووية إلى إيران وتجنبت اكتشافها.
تم إطلاق 30 صاروخا كروز على موقع أصفهان من غواصة.
تم استخدام 75 "سلاحا موجها دقيقا" خلال العملية في المجموع.
تم إسقاط أربعة عشر مخترق ذخائر ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران.
تكلفة الطيران الحربي
لتقدير تكلفة عمليات الطيران، تم الاعتماد على أوقات الطيران المقدرة لكل نوع من الطائرات والتكلفة الساعية لكل طائرة. بناءً على المعلومات المتاحة، تم تقدير الأعداد التالية:
◼ قاذفات B-2 بواقع سبع طائرات، مع رحلة ذهاب وعودة تستغرق 36 ساعة (18 ساعة ذهابًا و18 ساعة عودة)، بتكلفة ساعية 138,000 دولار.
◼ عشرات المقاتلات: حوالي 50 طائرة (مزيج من F-15، F-16، F-22، F-35)، مع متوسط تكلفة ساعية 26,000 دولار.
◼ عشرات طائرات التزود بالوقود مع تكلفة ساعية 23 ألف دولار، وفترة طيران أقصر من طائرات القتال.
◼ طائرات الاستخبارات مع تكلفة ساعية 66 ألف دولار.
◼ وعلى وجه التقريب كلفت ساعات تشغيل الطائرات الحربية خلال العملية قرابة 50 مليون دولار أمريكي.
تكلفة الذخيرة
◼ تم إسقاط 14 قنبلة ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران ، وهو أمر حيوي لطموحات إيران النووية وتكلفة القنبلة الواحدة 5 مليون دولار.
◼ تم استخدام 61 صاروخ كروز توما هوك وطرازات أخرى بمتوسط 2 مليون للصاروخ الواحد.
◼ وعلى وجه التقريب كلفت القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على المفاعلات الإيرانية إلى جانب الصواريخ 200 مليون دولار أمريكي.
تكلفة العملية
وعليه ربما كلفت العملية الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل 240 مليون دولار أمريكي، لكنها تعتبر تكلفة زهيدة مقابل تصريح الرئيس الأمريكي أنه تم القضاء على المفاعلات النووية الإيرانية تماما.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل ساعات، أنّ إيران و"إسرائيل" وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار" يبدأ قرابة الساعة الرابعة من فجر الثلاثاء بتوقيت غرينيتش ممّا سيضع "نهاية رسمية" لحرب استمرت 12 يوما بين البلدين.
وكتب ترامب على منصّته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" إنّه "تمّ الاتفاق بشكل تامّ بين إسرائيل وإيران على وقف شامل وكامل لإطلاق النار".
ورغم الخروقات، فقد أعلن نتنياهو التزامه بوقف إطلاق النار، وقالت إيران إنها ملتزمة به ما التزم الاحتلال الإسرائيلي بعدم مهاجمتها.
ونقل موقع نور نيوز الإخباري الرسمي عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله اليوم الثلاثاء إن طهران لن تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تنتهكه "إسرائيل".
وأضاف الرئيس الإيراني أن طهران مستعدة للحوار والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني على طاولة المفاوضات.