بوابة الوفد:
2025-10-13@20:52:22 GMT

يأيها النمل ادخلوا مساكنكم

تاريخ النشر: 1st, March 2024 GMT

الوقت فجر.. والفجر ما عاد يأتينا بالأمل.. هنا، لا صوت يعلو فوق صوتين؛ نذير قصفٍ، وهدير طائرة المساعدات..
فأما الأول فقد امتلأت منه الآذان وخربت على وقعه الأرض، وأما الثاني فقد طال انتظاره.
الحشود هنا بالآلاف، ربما كنا ملايين، لكنني لم أتعلم كيف أحصي مليونًا، مُدرسة الحساب قالت لي ذات يوم، تعالي يا مريم سأعلمك كيف تحصين مليونًا، لكنني لم أفعل، ضحكت في سخرية وقلت: وما حاجتي للمليون؟ يكفيني الألف.

. فما كنت أدري أنني سأقف عاجزة ذات فجر، بعد أن انتهى من بين شفتي الألف. رحت أتابع تلك الأجساد المتهالكة وهي تبحث لعظامها عن مأوى بين الصخور والرمال، أما أنا فقد فزت بخيمة لا بأس بها، ولم تلبث أن شاركتني بها أسرة صغيرة.
هدير موتور الطائرة هو السبب الوحيد هنا لفرحة بائسة، نتدافع جميعا على إثره لنتحلق في دوائر تتلقف أيدينا ما يلقى من نوافذها من طعام.
  دائما ما أكون أنا أول من يسمع صوت الهدير، أخشى ألا يحمل ما يلقى لنا لبن أطفال يسد جوع أخي الدائم، ماذا كانت تصنع له أمي لو أنها لم تستشهد في آخر قصف؟ 
أهديء أنين أخي وأعده بأن طائرة اليوم ستحمل الكثير من اللبن، تقول جارتي في الخيمة إنني صغيرة جدا، تنظر إلى إخوتي بأسى، وتتمتم إننا في أعمار أبنائها الثلاثة الذين استشهدوا تحت القصف، ثم تقول: لماذا يُحكم على طفلة في الثامنة أن تحيا كل ذلك؟ أحمد الله على استشهاد أبنائي، فالموت أهون ألف مرة مما يحدث.
في البدء كان الصراخ دليل استشهاد البعض جوعا أو بردا أو مرضا، والآن ما صرنا نسمع صراخا، فقط نلمح على البعد جمعا يحفرون في الرمال ليواروا جثثًا ما، فنعلم أن هناك من لقى ربه.
هذا ما أنتظره، أجري باتجاه زاوية اختبرتها كثيرا، أتمتم بالدعاء إلى الله أن يكون من نصيبي علبة لبن وكيس دقيق أو ثمرة فواكه، كم أشتاق للفراولة.. أغمض عيني عن نظرة أخي الرضيع نحو الطائرة بعيدا، تمسك به أختى ذات الخامسة لتبعده عن الأقدام المتزاحمة.
الأعين الكثيرة تحلق كلها نحو الطائرة، يبدأ القذف.. علب دقيق وجبن وخبز وماء.. أين اللبن يا الله، لقد وعدتني في الحلم أن تأتيني به فأين هو؟ تنهال على رأسي علبة كبيرة، أفتحها، فإذا بها بعض ماء وخبز و.. وثمرتا فراولة، أين اللبن يا الله؟ أمسك بالفراولة بين يدي ثم أطوح بها بعيدا، ما عدت أريد الفراولة.. أريد لبنًا لأخي.. أنهار باكية، لا أستطيع العودة إليه دون اللبن، سيموت جوعا الليلة.
فجأة أفيق على الصرخات، وأصوات قصف مدافع.. أفتح عيني فإذا بالناس يهرولون بعيدا، بلا وجهة، وقريبا مني تتناثر جثث شتى، تحتضن أرغفة الخبز وزجاجات المياه، لكنها الآن ما عادت بحاجة إليها.. تماما كانتهاء حاجتي إلى الفراولة.
أقف منتصبة وأعدو نحو خيمتنا، سأحمل أخي وأختي ونهرب بعيدا عن هذا الموت، وسيغفر لي أخي أنني لم أحمل له علبة لبن.
تسمرت قدماي الحافيتان وأنا أنظر إلى ثقوب كثيرة تعلو قماش الخيمة، تقدمت، كان أخي وأختي ممدين هناك، يحتضن أخي علبة لبن إلى صدره، ربما تلقفتها له جارتنا، لكنها لم تفتح، بينما تتشبث أختي بثمرتي فراولة كانت بهما تحلم مثلي، ربما كانت تستبقي لي إحداهما.
أدرت للخيمة ظهري وبقدمين ترتعشان، ودموع متحجرة، سرت نحو تلك الدائرة، التي تمتليء بجثث من قُصفوا، حيث الرصاص مازال ينهال على الموتى ويطارد الناجين.. وقفت بثبات بين علب الطعام والخبز، حانت مني نظرة نحو ثقوب خيمتنا، ثم رفعت رأسي نحو الطائرة، الآن ما عدت أرتعد من صوت القصف الذي يتجه نحوي.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نبضات صوت القصف

إقرأ أيضاً:

الإمارات تبدأ رحلات عسكرية جوية إلى قواعد مستحدثة في باب المندب

الجديد برس| بدأت الإمارات، الأحد، تنفيذ رحلات جوية عسكرية إلى قواعد مستحدثة في منطقة باب المندب غرب اليمن، في خطوة تعكس تصاعد النشاط العسكري في المضيق الاستراتيجي. وأظهرت منصات تتبع الملاحة اختفاء طائرة نقل عسكري إماراتية من نوع Reg. 1213 (callsign NOVA18) بعد تحليقها فوق باب المندب، حيث أوقفت الطائرة جهاز التتبع قرب جزيرة ميون، ما رجح الخبراء أن تكون هبطت في قواعد إماراتية جديدة في الجزر اليمنية والطرف الغربي لليمن، وتحديداً في منطقة المخا. ويرجح المراقبون أن الطائرة قد نقلت شحنة أسلحة جديدة إلى المنطقة، التي تشهد نشاطاً عسكرياً إماراتياً–إسرائيلياً–أميركياً، في إطار محاولات مراقبة الهجمات العمليات العسكرية اليمنية ضد الاحتلال الإسرائيلي المساندة لغزة ومحاولة احتواءها. وسبق أن نشرت وسائل إعلام أميركية صور أقمار صناعية تُظهر استحداثات عسكرية أميركية في جبل النار بالمندب، تشمل ما يُرجح أن يكون هناجر تحت الأرض ومخازن أسلحة، ما يعكس تصاعد التحصينات والتجهيزات في المنطقة الاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • روسيا تختبر نموذجا لطائرات Yak-130M المطوّرة
  • محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال الطائرة البارالمبية لفوزهم على الهند
  • بنصف عناق وابتسامة..هكذا حيا ترامب نتنياهو في مطار بن غوريون
  • طائرة أمريكية تجري مهمة استطلاع فوق طرابلس وبنغازي
  • إحباط محاولة تهريب 4500 علبة سجائر بميناء بجاية
  • نهائي كأس اتحاد الطائرة| الاتحاد يواجه الهلال.. والأهلي يلتقي العُلا
  • الإمارات تبدأ رحلات عسكرية جوية إلى قواعد مستحدثة في باب المندب
  • مستوطنون يسرقون ثمار الزيتون في اللبن الشرقية
  • ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.. تكريم إلهي لأرض الكنانة ذكرت في القرآن 5 مرات صراحة
  • وصول الطائرة السعودية الـ67 لإغاثة غزة إلى مصر