افتتاح مؤتمر مراكز التميز بين الحاضر والمستقبل بطب الإسكندرية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
افتتح الدكتور علي عبد المحسن، عميد كلية الطب والقائم بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، فعاليات المؤتمر الذى ينظمه قطاع خدمة المجتمع بكلية الطب تحت عنوان "مراكز التميز بكلية طب الإسكندرية بين الحاضر والمستقبل" ، وذلك بهدف التعريف بمراكز التميز الكائنة بكلية الطب جامعة الإسكندرية و المستشفيات الجامعية وتسليط الضوء على الخدمات التعليمية والبحثية و العلاجية والتدريبية التي تقدمها تلك المراكز.
شهد المؤتمر حضور الدكتورة إيمان يوسف، وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، والدكتور تامر عبد الله، وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتور عصام بديوي، المدير التنفيذي للمستشفيات الجامعية، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والأطباء وممثلي المجتمع المدني، وعدد من السادة أعضاء مجلسي النواب و الشيوخ.
وفي كلمته قدم الدكتور علي عبد المحسن الشكر لمنظمات المجتمع المدني على دعمهم اللامحدود لمستشفيات جامعة الإسكندرية، مشيراً أن المؤتمر هذا العام له طبيعة خاصة، لاسيما وأنه يناقش دور مراكز التميز الكائنة بالكلية ودورها الحيوي في كافة المجالات العلاجية والبحثية والتدريبية، ولفت د. عبد المحسن أن كلية الطب بدأت في إنشاء مراكز التميز لتقديم خدمة طبية متميزة للمواطن المصري، مؤكداً أن هناك علي سبيل المثال مركز تميز لزراعة صمام القلب عن طريق القسطرة والذي يعد طفرة طبية كبرى فى المستشفيات الجامعية بجامعة الإسكندرية، والذي تم إنشاؤه بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وبفضل المجهود والتعاون الكبير من السادة أعضاء هيئة التدريس بالكلية، ولفت ان مستشفيات جامعة الإسكندرية ستشارك في المؤتمر الدولي للسياحة العلاجية والذي سيعقد تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى والذي سيسهم في دفع عملية التنمية والاقتصاد المصري، مؤكداً أن مستشفيات جامعة الإسكندرية تعمل وفق استراتيجية الدولة المصرية لتقديم الخدمات الطبية لعلاج الأفراد فى مصر وخارجها لاسيما بعد التطور الهائل الذي تشهده المستشفيات الجامعية بجامعة الإسكندرية في الآونة الأخيرة.
كما وجه سيادته الشكر الي السادة أعضاء مجلس النواب و الشيوخ علي دعمهم اللامحدود للمستشفيات الجامعية علي كافة المستويات.
وأكد الدكتور تامر عبد الله أن المجتمع المدني يعد شريك أساسي مع المستشفيات الجامعية في كل عمليات التطوير الذي تشهده المستشفيات الجامعية بجامعة الإسكندرية ، لافتا أن دور منظمات المجتمع المدني ظهر واضحاً وجليا خلال السنوات السابقة من خلال مشاركته الفعالة والذي انعكس بصورة إيجابية على تطوير المنظومة التعليمية والصحية على المستوى الإقليمي بصفة عامة ومدينة الإسكندرية بصفة خاصة، ولفت د. عبد الله أن الفكرة من إنشاء مراكز التميز هي معالجة المشكلات التي يواجهها المجتمع، وأضاف أن كلية الطب لديها العديد من مراكز التميز كمركز الأبحاث الإكلينيكية، ومركز الأبحاث الطبية، ومركز الطب التجديدي، ومركز أبحاث بنك الدم العلاجي، وعلي المستوى العلاجي هناك مركز القلب بسموحة، وعيادة عيون الأطفال ومركز الإسكندرية للسموم، ومركز السكتة الدماغية، ومركز قسطرة المخ، ولفت ان المؤتمر يتطلع لمناقشة إمكانية إنشاء مراكز تميز أخرى بالكلية والمستشفيات الجامعية لتقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني مثل إنشاء مركز متكامل لجراحات المخ والأعصاب والعمود الفقري، ومركز متكامل لأمراض السمنة، ومركز متخصص للإصابات الرياضية ، ومركز تأهيل بعد الحوادث، وأشار د. عبد الله إلى الدور الكبير الذي يقوم به أعضاء مجلس النواب والشيوخ لدعم موازنة المستشفيات الجامعية.
فيما أكدت الدكتورة إيمان يوسف ان قطاع التعليم والطلاب يعد حالياً مركز تميز من خلال التطور الكبير والهائل الذي يشهده القطاع حاليا، حيث تقوم الجامعة بتخريج طلاب قادرون على المنافسة في أسواق العمل المحلية والإقليمية والدولية، وأكدت أن قطاع التعليم والطلاب بكلية الطب سيشهد طفرة خلال الشهور القادمة من خلال تطوير كافة المعامل والتوسع في المنشأت التعليمية وحجرات المرضى، فضلا عن زيادة أعداد الطلاب الوافدين للدراسة بكلية الطب جامعة الإسكندرية نتيجة للسمعة الطبية التي تتمتع بها الكلية.
كما أكد الدكتور عصام بديوي ان المؤتمر يعكس التعاون الكبير بين المجتمع المدني ومستشفيات جامعة الإسكندرية، لافتاً أنه لابد من الاستثمار الجيد في المستشفيات الجامعية وأن يتعاون الجميع من أجل تخفيف الضغط على كاهل الدولة المصرية، وذلك من خلال تنمية الموارد الذاتية للمستشفيات، وأن تتعاون كافة الأقسام لترشيد النفقات كنوع من انواع التكامل التام بين الأقسام للوصول لمنظومة صحية متكاملة في المجتمع السكندري.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
نحو مقاربة مختلفة لعلاقة المجتمع المدني بـمنظومة الاستعمار الداخلي
بعد إعلان الرئيس قيس سعيد عن إجراءاته "التصحيحية" يوم 25 تموز/ يوليو 2021، كان واضحا من خلال المراسيم والأوامر الرئاسية أن تونس تتجه نحو إعادة هندسة جذرية للحقل السياسي ومجمل الفضاء العمومي بسرديةٍ تقوم نظريا على "التأسيس الثوري الجديد"، وعمليا على تعامد وظيفي بين "تصحيح المسار" والنواة الصلبة للمنظومة القديمة ورعاتها الإقليميين، خاصةً محور الثورات المضادة. وبصرف النظر عن طبيعة تلك الإجراءات (هل هي انقلاب على الدستور وغير شرعية أم هي قراءة ما فوق دستورية وشرعية)، فإن الرئيس قد استفاد -خاصة قبل صدور المرسوم 117 المؤرخ في 22 أيلول/ سبتمبر 2021- من مساندة أغلب مكونات المجتمع المدني، بل أغلب الأجسام الوسيطة حتى في الحقل السياسي.
إننا أمام مساندة كنا قد فصّلنا القول فيها طيّ مقالات سابقة (انظر مثلا "في العلاقة بين تصحيح المسار والمجتمع المدني" أو "تصحيح المسار والأجسام الوسيطة في المجتمع المدني")، ولذلك سيكون مقالنا هذا محاولة لتأصيل/ تجريد الملاحظات الاستقرائية والخلاصات القائمة عليها من خلال تقديم عناصر إجابة عن السؤال التالي: هل المجتمع المدني في "الكيانات الوظيفية" (ما يسمى دولة وطنية أو دولة-أمة) هو أجسام وسيطة تُمثل "المجتمع" أمام الدولة، أم هو جزء بنيوي من "النظام" ومن الآلات الأيديولوجية المسخّرة لتأبيد مصالح النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي وإخراج أساطيرها التأسيسية من دائرة السجال العمومي؟
"النظام" الذي لم يُسقطه الشعب التونسي في "الثورة" قد دفع بجناحه المدني إلى الواجهة؛ بعد حل ممثله السياسي -التجمع الدستوري الديمقراطي- بحكم قضائي وعجز حلفائه في الأحزاب الكرتونية وفي السرديات "الثورية" عن ملء الفراغ، قبل استعادة النظام لتوازنه وتأسيس "حركة نداء تونس"
منذ الاستقلال، عاشت تونس تحت هيمنة ما يسميه المرحوم محمد أركون ثالوث "الزعيم-الحزب-الأمة"، حيث يكون الزعيم هو مركز السلطة وحيث يكون الحزب الواحد هو المكلف بتفعيل "توجيهاته" التي يفترض فيها دائما أن تكون معبّرة عن إرادة الشعب دون الحاجة إلى الرجوع إليها. وكانت "السلطة" التي تحولت بالتدريج إلى منظومة استعمار داخلي تقوم على بنية جهوية-ريعية-زبونية بحيث تتوزع امتيازاتها على أساس استفادة جهات معينة من الريع وتسهيل سيطرتها على مفاصل الدولة، و"رشوة" بعض الجهات الأخرى من خلال دور محدود في السلطة عبر اتحاد الشغل وغيره.
ويمكن لأي دراسة استقرائية لبنية السلطة و"شركائها" الاجتماعيين أن تؤكد صدق هذه الملاحظة: تمركز أغلب العائلات الريعية والمراكز السلطوية في جهات معينة خلال اللحظتين الدستورية والتجمعية، وهي في الأغلب الأعم ليست الجهات نفسها التي تنتمي إليها القيادات النقابية الدستورية أو يسارية والقومية. (لمزيد التوسع، انظر الكتاب القيم للأستاذ الصغير الصالحي: الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة؛ منظومة "التهميش" في تونس نموذجا).
لقد كان اتحاد الشغل منذ تأسيس الدولة-الأمة البورقيبية جزءا من مكوّنات النظام، ولم يكن انحيازه ضد صالح بن يوسف إلا تعبيرا عن انخراطه التام في السردية المؤسسة للدولة، كما لم تكن صراعاته التالية مع بورقيبة ومع وريثه على رأس النظام إلا صراعا داخل النظام وليس ضده. فدور الاتحاد هو أساسا تحسين شروط الاستعباد أو تخفيف الضغط على "منظومة التهميش" كما يسميها الأستاذ الصالحي، ولم يكن مطروحا -رغم مزايدات سردياته اليسارية بشقيها الماركسي والقومي- إسقاط النظام أو الخروج من ربقة منظومة الاستعمار الداخلي. فالاتحاد لم يعارض سياسات بورقيبة التي مكنت لمنطقة الساحل مثلا وهمشت أغلب مناطق الظل/ الذل، بل لم يعارض بصورة تُذكر تحول بورقيبة إلى رئيس مدى الحياة يوم 19 آذار/ مارس 1975 بموجب القانون الدستوري رقم 75-13، وكان شريكا اجتماعيا للسلطة بعد انقلاب 7 نوفمبر وجزءا من آلات القمع الأيديولوجي رفقة أغلب المنظمات المدنية الداعمة لـ"صانع التغيير" وللحزب الحاكم؛ باعتباره قاطرة "القوى الديمقراطية" في مواجهة "الظلامية" و"الرجعية الدينية" المهددة لما يسمى بـ"النمط المجتمعي التونسي".
عندما تحدث المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي عن الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره أحد جناحي نظام المخلوع فإنه لم يجانب الصواب، ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة. فالتجمع الدستوري كان الجناح السياسي للحكم عبر "الشُّعب الترابية"، أما الاتحاد فكان الجناح النقابي عبر "الشُّعب المهنية". ولكننا نرى أن طرح الفيلسوف يحتاج إلى تعديل بسيط كي يكون مطابقا للاستقراء وإن كان استقراء غير تام. فالتجمع كان يحكم من خلال هندسة حقل سياسي "صوري" تهيمن الدولة على "عائلته الديمقراطية" القانونية وتخترق مكوّناته غير القانونية، أما الاتحاد فإنه ليس إلا جزءا من الجناح المدني الذي يحتاجه النظام لشرعنة انحرافاته وللدفاع عن نفسه أمام رُعاته الأجانب في الغرب، عبر رسم صورة كاذبة للتعددية والحريات الفردية والجماعية. ولذلك لم يكن الاتحاد وباقي المنظمات المدنية بعد "الثورة" بقادرين على قطع الحبل السري مع المنظومة القديمة ومع نواتها الصلبة، والتأسيس لدور جماعي مستأنف.
إن قول الدكتور فتحي الجراي (آنظر مقال: الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره في الانتقال الديمقراطي وتشكيل الواقع السياسي؛ مركز الجزيرة للدراسات، 1 كانون الأول/ ديسمبر 2022) بأنه "لا يختلف اثنان في تونس على أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الطرف الأكثر تأثيرا في مجريات الشأن العام في تونس بعد الثورة" هو قول صحيح في المستوى الوصفي، ولكن تفسيره لهذه القوة "الطارئة" بتشظي المشهد الحزبي وضعف الدولة وتمرد المجتمع عليها، ذلك الشعب الذي "أسقط رأس النظام وإن لم يسقط النظام"، هو تفسير جيد ولكنه لا يستخلص النتائج المنطقية من المقدمات التي ينبني عليها. فنحن نذهب إلى أن تعقد علاقات الاتحاد وغيره من الأجسام الوسيطة بالسلطة قبل الثورة وبعدها؛ هي فعلا ضرب من "التعاون الصراعي" و"الارتباط التخادمي" و"التحالف الموضوعي" و"التقاء المصالح" كما يذكر الدكتور الجراي، ولكنها علاقات بين مكونات منظومة الاستعمار الداخلي، أو تحديدا هي علاقات صراع بين النواة الصلبة لتلك المنظومة (المركب الجهوي-المالي-الأمني) وبين أذرعه الوظيفية داخل الأجسام الوظيفية المدنية (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، المنظمات النسوية، الإعلام، اتحاد الشغل.. الخ).
إذا انطلقنا مما تقدم، فإننا سنقول بأن "النظام" الذي لم يُسقطه الشعب التونسي في "الثورة" قد دفع بجناحه المدني إلى الواجهة؛ بعد حل ممثله السياسي -التجمع الدستوري الديمقراطي- بحكم قضائي وعجز حلفائه في الأحزاب الكرتونية وفي السرديات "الثورية" عن ملء الفراغ، قبل استعادة النظام لتوازنه وتأسيس "حركة نداء تونس". ولذلك فإن قوة الاتحاد وباقي مكونات المجتمع المدني في الحقيقة ليست قوة ذاتية في جوهرها، بل هي قوة وظيفية أو قوة تابعة للنواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي. وآية ذلك هي قدرة تلك النواة على جعل الاتحاد "أعظم قوة في البلاد" خلال عشرية الانتقال الديمقراطي المجهضة ثم تحييده جزئيا خلال مرحلة التوافق، انتهاءً بتهميشه بصورة شبه تامة بعد "تصحيح المسار".
المجتمع المدني بمختلف مكوناته ظل في أغلب تعبيراته/ مواقفه من أهم العوائق التي حالت دون بناء ميثاق مجتمعي تعددي يتجاوز منطق الاستئصال و"التهميش" على أساس الهوية، وهو ما جعله قبل الثورة وبعدها أحد جناحي "منظومة التهميش
كما إننا سنجد حججا داعمة لأطروحتنا في وضعية رابطة حقوق الإنسان أو نقابة الصحافيين أو الهيئة الوطنية للمحامين وغيرها من المنظمات المدنية والمؤسسات الدستورية وغير الدستورية. فكل هذه المنظمات لا تمتلك أية قوة ذاتية، بل قوتها مرتبطة أساسا بدورها في استراتيجيات النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي، ولا يمكن تفسير وضعها إلا بانتصار تلك النواة الصلبة في المحافظة على دورها بعد الثورة ونجاحها في توظيف الجميع –أي حلفائها وخصومها- لمنع أي انكسار بنيوي في تركيبتها وأي تهديد وجودي لمصالحها المادية والرمزية.
على الضد من السرديات المهيمنة إعلاميا، فإن فشل الانتقال الديمقراطي سياسيا واقتصاديا لا يرجع إلى الأجسام الحزبية أساسا. فإذا كانت التعددية الأيديولوجية في الحقل السياسي هشة ولا تعكس تغيرات عميقة في مستوى وعي "النخب الديمقراطية"، سواء في علاقتهم بمن "لا يشبهونهم" فكريا وسلوكيا أو في علاقتهم بالإرادة الشعبية، فإن تلك التعددية تكاد تنعدم في المجتمع المدني بمكوناته النقابية والإعلامية والحقوقية وغيرها.
فالنقابات والإعلام والمنظمات المدنية هي أكثر من رفض الاعتراف بتعدد الهويات السياسية والأيديولوجية، وأعظم من روّج لسردية التصدي لـ"أخونة الدولة" أو أسلمتها حتى تحافظ على "نقائها" الأيديولوجي القائم على التعارض الرئيس مع الإسلاميين، والتعارض الهامشي مع الرجعية البرجوازية الحاكمة. فالمجتمع المدني بمختلف مكوناته ظل في أغلب تعبيراته/ مواقفه من أهم العوائق التي حالت دون بناء ميثاق مجتمعي تعددي يتجاوز منطق الاستئصال و"التهميش" على أساس الهوية، وهو ما جعله قبل الثورة وبعدها أحد جناحي "منظومة التهميش". فإذا كانت النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار هي المتسبب الأساسي في التهميش الاقتصادي والجهوي، فإن المجتمع المدني كان وما زال هو القيّم الأساسي على استراتيجية التهميش الأيديولوجي، وهو ما يجعله غير قادر على مغادرة مربع التبعية للنواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي مهما زايد في مستوى الشعارات الوطنية داخليا، وفي مستوى "القضايا الكبرى" -خاصةً القضية الفلسطينية- خارجيا.
x.com/adel_arabi21