بوابة الوفد:
2025-10-14@12:57:45 GMT

بتوع الأتوبيس

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

لا أعرف لماذا طاوعتنى نفسى وهرول عقلى خلف قدمى يلبى نداء: «فاضى كرااااسى.. حصرى.. أكتوبر.. فاضى كرااااسى»، فهل جاء هذا الانصياع تأثرًا بنظرية العقل الجمعى وسلوك القطيع، أم كان ذاك الانسياق تعايشًا مع فلسفة اقتناص الفرص واغتنامها، واتباعًا لوجدان عشش فيه «اللى سبق أكل النبق»!!

كانت الأجواء ليلية هادئة، أو هكذا ظننت، حتى وجدتنى بقوة الدفع الذاتى داخل الأتوبيس الكبير، تقودنى نظرات خاطفة نحو أجساد ملأت مقاعده واستقرت فوقها، متأملًا وجوهاً غمرتها لذة نصر ونشوة فوز بعد حرب، فاقت غنائمها مكاسب «الكبار» فى معارك طاحنة، تقدمت خطوة تلو أخرى، وصوت الرجل يخترق أذنى: «فاضى كراسى.

. أكتوبر.. حصرى.. فاضى كراسى»، فكانت كل خطوة شاهد عيان على كذب هذا النداء، وشاهدًا حياً على صدق مقولات «جوزيف جوبلز، وزير الدعاية النازية فى عهد هتلر»: «اكذب حتى يصدقك الناس.. وأعطنى إعلامًا كاذبًا أعطك شعبًا بلا وعى»، وقبل أن أهرب من هذا الفخ مغادرًا من الباب الخلفى، أكرمنى الله وعشت لحظات لذة النصر التى ذكرتها قبل قليل وجلست.

دقائق معدودات وامتلأت المساحات الشاغرة، وبدأت الرؤية تضيق شيئًا فشيئًا، واستمر الناس فى الصعود والسباق والركون، وبدأت الحكايات تنسال مع انسياب «الكمسرى» بين الجدران المتشققة، وتحول صوته الحماسى إلى نبرة استجواب ومدافع وجهت فوهاتها نحو أهل الشر.

«الكمسرى»: بقولك الكارنيه لو سمحت.

الرجل:.. وأنا بقولك هيئة.

«الكمسرى»: بقولك ده شغلى.. البطاقة أشوفها لو فيها الوظيفة.

وبعد أمواج من المد والجزر، قال له الرجل يائسًا خجلًا: نزلنى هنا، وكان له ما أراد وغادرنا، وصعد آخرون، ومرت لحظات من الهدنة الصامتة، حتى عادت طلقات المدافع ودوى إطلاق النيران مع رجل تجاوز الستين، لم يجد سوى درجات سلم الباب مكانًا يستقر عليه.

«الكمسرى»: تذكرتك؟

الرجل بحدة وغضب: أنا قطعت.. إنت لازم تكون شوَّاف.. ده شغلك لازم تكون عارف قطعت لمين ولسه مين!!

أصر«الكمسرى» على تنفيذ «فرمانه»: تذكرتك؟!

احتد الحوار وتدخل «أهل الأتوبيس» يطالبون صاحب الفرمان بترك العجوز، ولكنه أبى واستمر فى العناد والاقتراب، وبدأت الأيادى تساند اللسان، وانتقلنا إلى مرحلة «نزل إيدك»، وكاد الحوار ينقلب «لعركة كبيرة»، ووجدت سيدة كريمة تلفت انتباهى لما يحدث: طب ما يطلَّع التذكرة والموضوع يخلص.. هو فيه إيه يا أستاذ.. ده شغله برضه!، أجبتها: عند حضرتك حق.

ترك الرجل الستينى الأتوبيس والتفت لكلام السيدة، وانهال بالسباب واللعنات على الجميع دون تفرقة بين «بتوع الأتوبيس» و«بتوع الميكروباص» وصولًا إلى أصحاب المرسيدس، واستمر غضبه فى التصاعد: إنتوا عليه ليه يا جدعان.. مش كفاية الغلا اللى إحنا فيه.. ربنا أعلم باللى جوانا مش عارفين نعيش.. أرمى نفسى تحت عجلات الأتوبيس عشان أستريح!!

تم منعه من تلك المحاولة الجادة قولًا وفعلًا، وبدأت دموعه تتساقط، بعد شهادة سيدة قد احتلت مقعد «الكمسرى»، وانتقلت إليها آلياً هيبة الكرسى، وأصبحت فى مركز قوة!!، وقد أنطقها الله بعد هذا العراك الطويل وقالت إنها رأت العجوز «قطع» التذكرة، ثم أخرجها الرجل أخيراً وسط دموعه التى انهالت بعد «طبطبة الكمسرى» الذى جبر بخاطره، وأخرج «ورقة بعشرة» رفض العجوز أن يأخذها، وجلس يبكى: أنا مش شحات.. والله مش شحات ومش عايز فلوس.. سيبونى بس.. أنا فيا اللى مكفينى.

مرت دقائق ثم تركنا العجوز ذاهباً مع دموعه وهمومه، وبدأ «أهل الأتوبيس» فى الدعوات بأن يكون الله فى عون الناس.. ودارت الأحاديث حول «الناس فيها اللى مكفيها»، واستمرت الرحلة بين همهمات وصمت، واستمرت الحكايات واحدة تلو أخرى، واستمر قائد الأتوبيس فى طريقه، لا يلتفت لحوار، ولا ينتبه لصرخات، ولا تشغل باله دعوات.

أخيرًا.. كنت أعددت نفسى ليكون هذا المقال عن «مجزرة الطحين» التى ارتكبها الكيان المحتل فى شارع الرشيد بغزة، فوجدتنى أكتب مشهداً مألوفًا للبعض عن «بتوع الأتوبيس»، دون سبب واضح عن هذا التحول وتغيير المسار.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب حصرى

إقرأ أيضاً:

عجوز يسرق سوبر ماركت ليدخل السجن لهذا السبب

#سواليف

في #واقعة_غير_مألوفة أثارت دهشة #سكان_غوادلوب، #سرق #رجل يبلغ من العمر 60 عاماً #سوبر_ماركت تحت تهديد السلاح، لكنه لم يكن يسعى للمال، بل لرؤية حفيده الشاب.

وقعت الحادثة في سانت روز، شمال أرخبيل غوادلوب، حيث دخل الرجل، الذي كان يعمل سابقاً كرجل إطفاء ولا يحمل سجلاً جنائياً، إلى السوبر ماركت مرتدياً قناعاً، وممسكاً بسلاح ناري، مطالباً بكل الأموال الموجودة في الصندوق. خلال الواقعة، تناول الرجل “قطعة من جبن إمنتال وزجاجة نبيذ”.
وبعد السرقة، سار الرجل ببطء نحو سيارته وكأنه ينتظر القبض عليه، وهو ما تحقق بالفعل، إذ كان هدفه بالضبط الدخول إلى السجن لملاقاة حفيده، الذي كان قد تعرض للضرب من قِبل زملائه السجناء وكسر سنّه، وفقاً لما ورد في “أوديتي سنترال”.

وقالت ليا لو شوفيلييه، محامية الرجل: “كان يائساً. لم يكن مهتماً بالمال، بل أراد فقط دخول السجن لرؤية حفيده والتنزه معه على الأقل”.

مقالات ذات صلة متى يبدأ رمضان 2026 في العالم العربي؟ 2025/10/12

مثل الرجل أمام المحكمة بتهم السطو المسلح والاعتداء والتمرد، واعترف بكل الوقائع. لكن غرابة دوافعه جعلت الجميع في حيرة، بما في ذلك القاضي، الذي قرر أن الرجل تصرف بدافع اليأس، وأنه لا ينبغي أن يدفع ثمناً باهظاً مقابل فعلته.

وتم الحكم على الرجل بـتعويض ضحايا السرقة، وتلقي العلاج النفسي، والامتناع عن زيارة السوبر ماركت الذي سرقه، مع احتفاظه بحق زيارة حفيده بشكل قانوني دون أن يصبح نزيلاً.

مقالات مشابهة

  • أسعار استخراج اشتراكات الأتوبيس الترددي للطلبة 2025.. رابط تحميل الاستمارة
  • ما حكم ولادة المرأة عند طبيب رجل؟.. دار الإفتاء: جائز بشروط
  • الجنون المختلق.. إستراتيجية للتلاعب بالخصوم وتحقيق تنازلات في المفاوضات الدولية
  • روسي عمره 92 عاما ينجو بأعجوبة بعد ضياعه في الغابة 3 أيام
  • ترامب ممسكاً بيد السيسي في شرم الشيخ: "هذا الرجل رائع وقائد قوي"
  • هالة صدقي تثير الجدل بتصريحاتها عن دور الرجل في حياتها
  • سقطات كامل نرجس.. ومناة الثالثة الأخرى..!
  • الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
  • عجوز يسرق سوبر ماركت ليدخل السجن لهذا السبب
  • تركيا.. العثور على مطلوب فر من السجن قبل 11 عاما في مخبأ سري