تعد قضية الدين العام والموازنة والإقراض من أهم الملفات المطروحة على طاولة الحوار الوطنى الاقتصادى فى الفترة الحالية، بهدف كبح جماح تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التى ضربت كبرى الاقتصادات العظمى.

وفى هذا الإطار، أوضح النائب أكمل نجاتى، أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، أن الملف الاقتصادى يواجه معوقات وتحديات عدة فى ظل الحاجة إلى خبراء فى الاقتصاد لديهم قدرة حقيقية فى التطبيق على أرض الواقع لتوفيق الأوضاع الاقتصادية الداخلية، من خلال ضبط سعر الدولار وغيره من الأمور المؤثرة فى عجلة الاقتصاد، ولا بد أن تكون الأفكار الاقتصادية بالأرقام المتاحة ومعدلات النمو مع إيجاد حلول للمعوقات، لافتاً إلى أن المصطلحات التى وردت فى وثيقة التوجهات الاقتصادية لم تكن إيجابية بالشكل الكافى، وهناك أفكار أخرى منها الصكوك ولكنها لم تفتح الباب أمام الأفراد.

ورش عمل للخروج بتوصيات أهل الخبرة

وأشار «نجاتى» إلى أن تنسيقية شباب الأحزاب عقدت العديد من اللقاءات وورش العمل وجلسات الاستماع لرصد الآراء ووجهات النظر بشأن القضية الاقتصادية، والتى أدت فى النهاية إلى سلسلة مستمرة من التوصيات والنتائج والمقترحات التى سيتقدم بها الأعضاء على مدار جلسات الحوار الوطنى.

وأضاف: «من ضمن التحديات اختلال العلاقة بين الهيئات الاقتصادية والموازنة العامة، وخروج الهيئات الاقتصادية عن الهدف من إنشائها، والأخطر من ذلك تراجع صافى حقوق الملكية فى هذه الهيئات»، مطالباً بتفعيل لجنة لإدارة ملف الديْن العام وتنظيم الاقتراض الخارجى والحد منه، وتحديد سقف للدين العام من خلال قانون الموازنة العامة السنوى أو تشريع مستقل كما يوجد فى العديد من الدول.

أمين «اقتصادية الشيوخ»: أرباح «رأس الحكمة» تسهم فى حل أزمة الدولار وتحييد السوق الموازية

ودعا أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس الشيوخ إلى تحديث استراتيجية الديْن متوسطة الأجل ووضع تصور حتى عام 2027، مع وضع معايير لاقتصادات الدين وأولويات المشروعات المنفذة به ومعدلات العائد على الاستثمار فى تلك المشروعات لضمان قدرتها على سداد القرض، مطالباً باستخدام أدوات دين طويلة الأجل بأسعار فائدة منخفضة.

وأكد أهمية إجراء حصر شامل للديون غير المستخدمة، داعياً إلى سرعة العمل على الحد من الضمانات الحكومية التى تقوم وزارة المالية بإصدارها، موصياً بضرورة وضع آليات تشريعية لمراقبة الاستخدام الأمثل للقروض من خلال لجان برلمانية للمتابعة والتقييم.

ورأى «نجاتى» أن العمل على خفض معدلات الفائدة يسهم فى خلق عمليات تمويل بنكى للمشروعات الجديدة، بما يؤدى فى نهاية المطاف إلى زيادة الناتج المحلى والحصيلة الضريبية وتخفيض العجز العام الذى يستلزم الاستدانة لسداده، بالإضافة إلى دراسة التجارب الدولية فى إعادة شراء الديون على غرار إعادة هيكلة الديون فى الشركات على أن تكون الأفضلية للمصريين.

وأضاف أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية والمالية والاستثمار بمجلس الشيوخ أن المشروع الاستثمارى الذى وقَّعته الحكومة مع دولة الإمارات العربية المتحدة تاريخى، ويؤكد استقرار وثبات الاقتصاد المصرى وجاهزيته لجذب استثمار أجنبى مباشر، كما يبرهن على نجاح التخطيط الاستراتيجى لمنطقة الساحل الشمالى والتنمية العمرانية بها.

ولفت إلى أن المبالغ التى ستعود من أرباح المشروع ستسدد جزءاً كبيراً من أزمة الدولار وتساعد البنك المركزى فى القضاء على السوق الموازية.

وأشار إلى أن الحصول على نسبة 35% من أرباح المشروع لتعود لخزينة الدولة نموذج ناجح لاستغلال واستثمار الأصول، منوهاً بأن الشراكة المصرية - الإماراتية تؤكد قدرة السوق المصرية على جذب استثمارات عربية، ومزيد من الاستثمار الأجنبى نتيجة للاستقرار.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: التنسيقية ندوات وورش عمل الأمن الغذائى إلى أن

إقرأ أيضاً:

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

صناع القرار في انتظار تدفق الأموال العربية والأجنبية الراغبة في شراء الأصول المصرية بثمن بخس وبرخص التراب.

حذار من عودة الأموال الساخنة التي مثلت عبئا شديدا على الموازنة العامة وسوق الصرف الأجنبي قبل انسحابها بداية 2022.

أعين صناع القرار وكبار المسؤولين معلقة على الخارج بانتظار الفرج لاحتواء أزمة الاقتصاد الحادة والتغلب عليها ولو مؤقتا أو ترحيلها لسنوات مقبلة.

اهتمام المسؤولين الأكبر ينصب على الغير لحل أزمة الاقتصاد، أي الحصول على مزيد من القروض العاجلة من الدائنين الدوليين، أو مساعدات واستثمارات دول الخليج.

لا تصور حقيقي ولا برنامج واقعي لاحتواء الأزمة يوقف الاقتراض الخارجي وتنمية موارد الداخل وزيادة الإنتاج وتعزيز التصدير والصناعة والاستفادة بموقع مصر الاستراتيجي وثرواتها الضخمة.

* * *

المتابع لأزمة مصر الاقتصادية الحالية والحلول المطروحة بشأنها يلحظ أن عيون صناع القرار وأفئدة كبار المسؤولين في الدولة ومن يدور في فلكهم باتت معلقة على الخارج، وفي انتظار وصول الفرج منه لاحتواء تلك الأزمة الحادة والتغلب عليها ولو مؤقتا أو على الأقل ترحيلها لسنوات مقبلة.

وشاهد العيان يلحظ أن الاهتمام الأكبر لهؤلاء بات ينصب على الاعتماد على الغير لحل المعضلة الاقتصادية، سواء في شكل الحصول على مزيد من القروض العاجلة من الدائنين الدوليين، أو مساعدات واستثمارات دول الخليج.

أو عودة الأموال الأجنبية الساخنة التي مثلت عبئا شديدا للموازنة العامة وسوق الصرف الأجنبي قبل انسحابها كليا في بداية عام 2022، أو في انتظار تدفق الأموال العربية والأجنبية الراغبة في شراء الأصول المصرية بثمن بخس وبرخص التراب.

وللأسف وبدلاً من أن يعمل صانع القرار على صياغة خطط عاجلة واستراتيجية متوسطة وطويلة الأجل للتعامل مع الأزمة الاقتصادية قبل استفحالها وتحولها إلى ظاهرة عصية على الحل، بات الخارج وحده فقط هو من سيخفف حدة الأزمة من وجهة نظر هؤلاء، ويعيد الهدوء لسوق الصرف المضطرب، ويكبح الدولار الهائج، ويخفف من حدة الغلاء الذي تعاني منه الأسواق على مدى شهور طويلة، ويوفر السيولة الدولارية، ويغطي العجز في أصول البنوك من النقد الأجنبي والتي تجاوزت 27 مليار دولار.

ببساطة يرى هؤلاء أن بداية حل الأزمة الاقتصادية الحادة يبدأ من الخارج لا من الداخل، ولذا فإن الرهان على التالي:

1. إنجاز المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بسرعة لانتزاع موافقته على ضخ مزيد من مليارات الدولارات في خزانة مصر الخاوية من السيولة بالنقد الأجنبي، وإقرار طلب الحكومة زيادة قيمة القرض المطلوب من 3 مليارات إلى 7 مليارات وربما 10 مليارات دولار، والإفراج عن الشريحتين الثانية والثالثة من القرض الأول والبالغة قيمتهما نحو 700 مليون دولار.

2. يعقب قرار صندوق النقد فتح خزائن الدائنين الدوليين والإقليميين لاغتراف المزيد من مليارات الدولارات منها، سواء البنك الدولي أو البنك الأوروبي ومؤسسة التمويل الدولية والبنك الأفريقي للتنمية والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها من المؤسسات المالية الدولية.

3. الدخول في مفاوضات عاجلة مع دول الخليج الثرية لضخ مزيد من الودائع والقروض المساندة وبمليارات الدولارات لزيادة احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري وسد الفجوة التمويلية، وبالتالي تراكم الديون الخليجية والعربية والمستحقة على مصر، والتي تقترب قيمتها من 50 مليار دولار.

4. طرح مزيد من أصول مصر للبيع على المستثمرين الخليجيين والدوليين، سواء كانت شركات أو بنوكا وأراضي، وهذا الأمر يضر بالموازنة المصرية وإيرادات الدولة بقوة ليس فقط على المديين المتوسط والبعيد، بل على المدى القصير حيث يجفف موارد الدولة.

5. الإسراع في مفاوضات مع مستثمرين إماراتيين للاتفاق على تنفيذ مشروعات كبرى، ومنها مشروع مدينة رأس الحكمة بالساحل الشمالي، والذي تراهن السلطات على تجاوز قيمة الاستثمارات به 22 مليار دولار.

6. معاودة الاقتراض من الخارج عبر طرح سندات خزانة في الأسواق الدولية وبسعر فائدة يفوق العائد على الدولار، وهو السيناريو الذي جمعت الحكومة من خلاله عشرات المليارات من الدولارات في السنوات الأخيرة.

7. محاولة إعادة الأموال الساخنة للسوق المصرية للاستثمار في أدوات الدين المحلية، سواء أذون الخزانة والسندات أو البورصة المصرية، وتكرار كوارث ما قبل 2022 حيث اغترفت بنوك الاستثمار والصناديق الدولية عبر تلك الأموال مليارات الدولارات من خزانة مصر وخلال سنوات معدودة.

8. لن أعلق هنا على مزاعم تتعلق بعروض دولية منح مصر 250 مليار دولار مقابل الموافقة على تهجير أهالي غزة والفلسطينيين لسيناء، وهو الأمر الذي جاء على لسان إعلاميين محسوبين عل السلطة الحاكمة.

يحدث هذا السيناريو في حين لم نسمع عن تصور حقيقي وبرنامج واقعي لاحتواء الأزمة الاقتصادية يقوم على وقف نزيف الاقتراض الخارجي، واستغلال موارد الداخل وزيادة الإنتاج، والاهتمام بقطاعات حيوية مثل التصدير والصناعة، والاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي والثروات الضخمة التي تعوم عليها الدولة.

*مصطفى عبد السلام كاتب صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

مقالات مشابهة

  • أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج
  • حمدان بن محمد يحضر جانباً من فعالية مجلس دبي من تنظيم دائرة الاقتصاد والسياحة
  • خبير يشيد بالإصلاحات الاقتصادية: قادرون على تجاوز الأزمات رغم التوترات العالمية
  • الصين تحذر بريطانيا من تداعيات عقوباتها على شركات صينية
  • الرئيس التنفيذي لشركة "بوينغ" يتعرض لانتقاد حاد في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي (فيديو)
  • ميقاتي يرأس اجتماعاً لبحث موضوع النازحين ويعقد لقاءات نيابية وديبلوماسية
  • أستاذ إدارة واستثمار: تحسن المؤشرات المالية يعكس جهود مصر الاقتصادية
  • تفعيل المقاصد الشرعية في المجال الاقتصادي.. التحديات والآفاق (2من2)
  • تفعيل المقاصد الشرعية في المجال الاقتصادي.. التحديات والآفاق (2 من 2)
  • العبدلي: صعود اليمين المتطرف في أوروبا سيكون له تداعيات على الملف الليبي