قبيل الضربات المفاجئة التي شنتها على إيران اليوم الجمعة، مهدت إسرائيل لهجومها منذ خريف 2023 عبر تفكيك قدرات المجموعات الموالية لطهران، لا سيما حزب الله اللبناني، مستهدفة قادتها وأسلحتها النوعية وطرق إمدادها الحيوية.

حزب الله

لطالما شكّل حزب الله المجموعة الأكثر نفوذا فيما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران.

لكنه مُني بضربات قاسية خلال المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، على خلفية فتحه في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جبهة إسناد من جنوب لبنان، دعما لحماس في غزة.

وخرج الحزب اللبناني ضعيفا من حربه الأخيرة التي أعقبت أكثر من عام من تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث قضت إسرائيل على أبرز قادته على رأسهم الأمين العام الراحل حسن نصر الله، ودمرت جزءا كبيرا من ترسانته العسكرية وقطعت طرق إمداده التقليدية، خصوصا من سوريا المجاورة بعد الإطاحة بحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأنهى وقف لإطلاق النار بوساطة أميركية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني المواجهة مع حزب الله بعدما خلفت دمارا واسعا خصوصا في معاقله بالجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية. ووافق الحزب بموجب الاتفاق على تفكيك بناه العسكرية والانسحاب من المنطقة الحدودية الممتدة جنوب نهر الليطاني، مقابل انتشار الجيش اللبناني.

إعلان

وفكّك الجيش في لبنان -وفق السلطات- حتى الأسبوع الماضي أكثر من 500 موقع عسكري ومخزن لحزب الله في المنطقة الحدودية.

ورغم وقف إطلاق النار، تواصل اسرائيل تنفيذ ضربات، لم تستثن الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون أن يثير ذلك أي رد فعل من حزب الله أو من داعمته طهران التي نأت بنفسها منذ بدء التصعيد مع إسرائيل.

وعلى وقع الضربات الإسرائيلية على إيران، يعرب الباحث في "أتلانتيك كاونسل" نيكولاس بلانفورد -لوكالة الصحافة الفرنسية- عن اعتقاده بأن "حزب الله لن يردّ في هذه المرحلة" رغم أن ذلك "قد يتغير تبعا لتطورات الأمور".

ويوضح بقوله "أعتقد أن قوة ردع حزب الله قد تزعزت خلال الحرب. لكنه ما زال في وضع يخوله إلحاق الضرر بإسرائيل" بعدما "احتفظ بقدرات كافية للقيام بذلك".

لكن الأمر ليس بهذه السهولة. ويشرح بلانفورد بأنه "سيكون من الصعب عليهم سياسيا فعل ذلك.. لقد تغيرت الديناميكيات منذ الحرب" مع إسرائيل.

ويتعيّن على إيران -وفق بلانفورد- تقييم خطورة الهجوم ومدى التهديد الذي يمثّله، قبل أن توعز لمجموعات موالية لها لاسيما حزب الله بالرد على إسرائيل.

وقد ندّد حزب الله -اليوم الجمعة- بالضربات الإسرائيلية على إيران، معتبرا أنها تهدد "بإشعال المنطقة".

سوريا

شكلت إطاحة حكم بشار ضربة أخرى موجعة لحزب الله، بعدما كانت سلطات الرئيس المخلوع تسهّل حركة مقاتليه ونقل الأسلحة إليه من طهران.

وإثر اندلاع النزاع عام 2011، قدمت طهران دعما كبيرا للأسد، وأرسلت مستشارين عسكريين وحشدت مجموعات موالية لها بينها حزب الله للقتال إلى جانب قواته، مما أسهم في ترجيح الكفة في الميدان لصالحه على جبهات عدة.

ولكن إسرائيل لم تتوان خلال النزاع عن شنّ مئات الضربات، مستهدفة مواقع للقوات السورية وأهدافا لطهران وحزب الله، بينها مخازن أسلحة وشحنات صواريخ، وذلك في إطار مساعيها لمنع إيران "عدوها اللدود" من ترسيخ وجودها العسكري على حدودها.

إعلان

ومنذ الإطاحة بالأسد، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية على مواقع عسكرية في سوريا، مبررة ذلك بالحيلولة دون وقوع الترسانة العسكرية بيد السلطات الجديدة التي تعدها "جهادية".

ومنذ بدء الحرب في غزة، بذلت بغداد جهدا كبيرا لتحييد البلاد عن التصعيد الإقليمي. وشنّت الفصائل العراقية الموالية لإيران عشرات الضربات تجاه إسرائيل أو قواعد التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لكنها بقيت بعيدة عن خوض حرب مفتوحة، على غرار حزب الله.

حماس

سارعت هذه الحركة الفلسطينية اليوم إلى التنديد بـ"العدوان" الإسرائيلي الذي قالت إنه "يُنذر بانفجار المنطقة".

لكنها -بخلاف مجموعات أخرى منضوية في ما يسمونه "محور المقاومة"- لا تحظى بهامش فعلي للتحرك، بعد انشغالها بالتصدي لضربات عسكرية تلقتها في أعقاب هجوم طوفان الأقصى الذي باغتت به إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وقد قام الجيش الإسرائيلي بتدمير تمركزات حماس -التي تحكم قطاع غزة منذ العام 2007- وقتل أبرز قادتها السياسيين والميدانيين، مما دفعها إلى خوض حرب من داخل الأنفاق.

ومع ذلك، لم تحقق إسرائيل -من وراء العمليات العسكرية البرية والجوية- هدفها في القضاء على حماس، رغم ما يقال إن قدرات الحركة العسكرية تراجعت كثيرا.

الحوثيون

بعد محاولة إضعاف حزب الله وحماس ثم الإطاحة بالأسد، يبدو الحوثيون في اليمن اليوم وكأنهم آخر ركائز "محور المقاومة" في مواجهة إسرائيل.

ومنذ بدء الحرب في غزة، أطلق الحوثيون -الذين أكدوا الجمعة حق طهران "المشروع في الرد بكل الوسائل"- عشرات الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل. واستهدفوا سفنا قالوا إنها مرتبطة بها أو متجهة إلى موانئها.

ولم تتمكن إسرائيل والولايات المتحدة من وقف تلك الهجمات رغم الضربات المتعددة العنيفة التي نفذتها ضد مواقع "المتمردين" في اليمن.

إعلان

ومع تعهدهم بمواجهة إسرائيل، بات الحوثيون قوة "لا غنى عنها" وذات أهمية كبرى بالنسبة إلى طهران، وفق محللين.

ويقول بلانفورد "أتوقع أن يرد الحوثيون بسرعة (على إسرائيل) فهم لم يتأثروا تقريبا بالتطورات الأخيرة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج

إقرأ أيضاً:

«لن نهاجم» و«لا نحتمل حروبا جديدة».. هل تخلت أذرع إيران عنها بعد الهجوم الإسرائيلي؟

أظهرت تصريحات لمسؤولين من حزب الله في لبنان والتيار الصدري في العراق، ضمن أذرع إيران في المنطقة، لهجة هادئة في رد الفعل على الهجوم الإسرائيلي ضد إيران اليوم، بل وصلت إلى حد التوجيه بالهدوء في التعامل مع الأمر، والتأكيد على عدم مشاركتهم في الرد الإيراني المنتظر.

وقال مسؤول في حزب الله يوم الجمعة إن الجماعة المسلحة اللبنانية المدعومة من إيران، لن تشن هجوما منفردا على إسرائيل، ردا على الضربات الإسرائيلية على إيران.

وأوضح المسؤول في حزب الله لوكالة "رويترز": "حزب الله لن يبادر بهجوم على إسرائيل ردًا على الضربات الإسرائيلية".

ودان حزب الله في بيان اليوم الضربات الإسرائيلية وأعرب عن تضامنه الكامل مع إيران، وحذر من أن الضربات الإسرائيلية على إيران، الداعم الرئيسي له، "تهدد بإشعال المنطقة".

ودان الحزب، الذي خاض حربا لمدة شهرين مع إسرائيل العام الماضي، "العدوان الإسرائيلي الوحشي" ضد المنشآت النووية الإيرانية والعلماء، وقال إن إسرائيل "تشارك في مغامرات تهدد بإشعال المنطقة بأكملها".

فيما قال زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، إن بلاده لا تحتمل حروبا جديدة، ودعا إلى "تغليب الحكمة" عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر اليوم الجمعة.

وأوضح في بيان: "بدأت الحرب ودارت رخاها، واشتد أوارها.. ولا يعلم إلا الله نتائجها، كما توقعنا، فقد تمادى الكيان الصهيوني بدعم أمريكي مباشر لنشر إرهابه وسوف لن تكون الجارة إيران المستهدف الوحيد في المنطقة إذا ما استمرت لغة التصعيد".

وشدد على ضرورة تجنيب العراق وشعبه أي تداعيات محتملة، وقال إن البلاد "ليست بحاجة إلى حروب جديدة".

وشنت إسرائيل منذ فجر اليوم الجمعة، قرابة 6 موجات من الهجمات الجوية مستهدفة منشآت نووية ومواقع عسكرية إيرانية.

كذلك دان الحوثيون في اليمن وحركة حماس الفلسطينية الهجمات الإسرائيلية على إيران، واعتبروها تهديدًا لاستقرار المنطقة.

وأيّد الحوثيون حق طهران في الرد "بكل الوسائل"، بينما حذرت حماس من أن الهجوم قد يشعل صراعًا أوسع، وربطته بدعم إيران للمقاومة الفلسطينية.

وصرح المكتب السياسي للحوثيين بأن "الكيان الإسرائيلي لا يشكل تهديدًا لفلسطين فحسب، بل يشكل خطرًا على أمن واستقرار المنطقة بأسرها والعالم الإسلامي".

مقالات مشابهة

  • عكاشة: المنطقة تشهد متغيرًا استراتيجيًا وإسرائيل تخوض حربًا ممتدة ضد محور إيران
  • إيران تحذر الغرب من التدخل وتهدد بتوسيع الهجمات ضد إسرائيل
  • إيران تحذر الغرب من التدخل.. وتهدد بتوسيع الهجمات ضد إسرائيل
  • طهران: ضرباتنا على إسرائيل ستستمر.. وستشمل القواعد الأمريكية في المنطقة
  • باحث يمنى: الحوثيون سيهاجمون إسرائيل بعد ضرب إيران
  • «لن نهاجم» و«لا نحتمل حروبا جديدة».. هل تخلت أذرع إيران عنها بعد الهجوم الإسرائيلي؟
  • الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو يوثّق الضربات التي استهدفت مواقع داخل إيران.. فيديو
  • المواقع الإيرانية التي استهدفتها إسرائيل في إيران
  • ما المواقع التي استهدفتها إسرائيل في إيران؟