فى تاريخ الأمم والشعوب أحداث غيرت مجرى الحياة، وتركت آثارا سياسية واجتماعية واقتصادية هامة.. وتأتى ثورة 19 على رأس الأحداث التى شهدتها مصر فى تاريخها المعاصر، وكانت لها نتائج بالغة الأثر على مصر فى شتى مناحى الحياة، وامتدت آثار هذه الثورة إلى معظم دول الشرق التى كانت ترزح تحت وطأة الاحتلال الأوروبى وخاصة بريطانيا العظمى، ولقبت ثورة 19 بثورة الشرق بعد أن تسببت فى تحرير كثير من دول وشعوب العالم التى عانت كثيرًا من حقب الاستعمار، واشتدت هذه المعاناة أثناء الحرب العالمية الأولى التي اندلعت شرارتها عام 1914 واستمرت حتى عام 1918، وكانت سببا فى مزيد من الأعباء على المصريين بعد أن تمت مصادرة ثرواتهم ومحاصيلهم لتمويل وتموين الجيش البريطانى، فضلاً عن التضييق السياسى ومصادرة الحريات وتعطيل أعمال الجمعية التشريعية - البرلمان - ومصادرة الصحف ووضعها تحت الرقابة، وهو الأمر الذى دفع سعد زغلول لاستغلال حالة الاحتقان العام بين جموع المصريين، وتشكيل تيار الحركة الوطنية المصرية والاستفادة من قوة الجماهير المصرية وإشراكهم فى قضيتهم من خلال جمع التوكيلات للمطالبة بالاستقلال، الأمر الذى أدى إلى انفجار الثورة المصرية الكبرى فى 9 مارس 1919.
الحقيقة أن أحداث ثورة 19 التى تمر ذكراها الخامسة بعد المائة هذه الأيام، قد سطرها التاريخ فى عشرات ومئات الكتب والوثائق والدراسات والأبحاث نظرًا لآثارها البالغة ليس فى مصر وحدها ولكن فى معظم دول العالم بعد أن تأثر الثوار والأحرار والشعوب بأفكار ونضال الزعيم سعد زغلول، ومن بينهم المهاتما غاندى زعيم الهند الذى سار على درب سعد زغلول لتحرير بلاده، وإعلانه أن سعد زغلول ليس لمصر وحدها ولكن لنا وللعالم أجمع، وتأكيده فى مذكراته أنه سار على خطى أستاذه سعد زغلول.. والأهم أن ثورة 19 رسخت لقيم ومبادئ التحرر لدى شعوب ودول العالم، ولم تقف نتائجها فى الداخل المصرى عند حد حصول مصر على استقلالها فى فبراير عام 1922 وإعلانها دولة مستقلة ذات سيادة، ولكن تأتى النتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية فى المقام الأول على اعتبار أن ثورة 19 قد رسخت على أرض مصر قبل مائة عام لدولة ومبدأ المواطنية، وقبل أن يعرفه العالم المتحضر، وذلك عندما رفعت الثورة شعار - الدين لله والوطن للجميع - والمساواة بين الرجل والمرأة فى الحقوق السياسية والاجتماعية من خلال السماح للمرأة بالخروج فى المظاهرات والمشاركة السياسية والحق فى التعليم والحق فى العمل، وترسيخ حقوق الملكيات الخاصة وحقوق العمال وغيرها من الحقوق الاجتماعية التى شكلت الوحدة الوطنية بمفهومها الواسع والشامل فى المجتمع المصرى وأكدت على كل قيم المواطنة على أرض مصر.
مؤكد أن دستور 23 كان نتاجًا طبيعيًا لآثار ثورة 19 الذى جعل من مصر دولة دستورية بعد أن باتت الأمة مصدر السلطات، ورسخ الدستور لاستقلال القضاء وحرية الصحافة والحريات العامة والشخصية وحق تشكيل الأحزاب وتكوين البرلمان من مجلسي الشيوخ والنواب، ونزاهة الانتخابات وغيرها من المبادئ الدستورية التى جرى على أساسها الانتخابات التشريعية وأنتجت حكومة مصرية خالصة برئاسة سعد زغلول وسميت بحكومة الشعب، كما كانت ثورة 19 وابنها البكر دستور 23 سببًا فى ترسيخ هوية مصرية خالصة فجرت الإبداعات المصرية فى شتى المجالات وعلى كل المستويات فى السياسة والاقتصاد والثقافة والآداب والفنون، وفى الطب والهندسة والرياضة وشتى العلوم، وأصبحت القاهرة هى قبلة ومنارة الشرق التى تهفو إليها القلوب والعقول، وتشع بعلومها وثقافتها وتقدمها على كل أشقائها العرب ومحيطها الإفريقى.. ولم تكن هذه الهوية المصرية الراسخة بكل مكنونها وقوتها الناعمة إلا الدرع الحصين لهذه الأمة فى مواجهة كل الأزمات والحروب والمؤامرات التى تتعرض لها مصر من حين لآخر.. ولم يكن خروج المصريين فى الثلاثين من يونيو عام 2013 فى ثورة أدهشت العالم وأسقطت الجماعة الإرهابية ومعها كل المؤامرات، إلا تأكيدًا على هوية مصرية فريدة وصلبة يصعب تغييرها أو حتى خدشها، لتعود مصر للنهوض من جديد وتعويض كل ما فاتها.
حفظ الله مصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صواريخ ثورة 19 مصر سعد زغلول بعد أن
إقرأ أيضاً:
«جاية من قوة الدولة».. أحمد موسى يعلق على كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية
علق الإعلامي أحمد موسى، على كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية الـ 34 التي عُقدت اليوم السبت، في العاصمة العراقية بغداد.
وقال موسى: "كلمة قوية ومشرفة وواضحة، تدل على موقف القوي تجاه القضية الفلسطينية، هات العالم كله في كفة وأنت في كفة خاصة في ملف المساعدات للأشقاء الفلسطينيين".
وأضاف موسى، خلال كلمته ببرنامج "على مسئوليتي"، المذاع على قناة صدى البلد، إن كلمة الرئيس السيسي حملت داخل طياتها العديد من الرسائل للعالم أجمع.
وواصل: "رسالتنا للعالم كله واضحة هي السلام، وحتى لو إسرائيل علمت تطبيع مع الـ 22 دولة عربية، لازم تكون هناك دولة فلسطينية، ومصر هي الدولة الأولى التي وقعت اتفاقية سلام مع إسرائيل، وكلام الرئيس السيسي واضح وصريح لأن مصر هي صاحبة أكبر وأقوى جيش في المنطقة، كلمة الرئيس السيسي قوية جدُا، لأن قوة الكلمة جاية من قوة الدولة".
وأشار إلى أن كلمة الرئيس السيسي خلال القمة العربية حظيت بترحيب واحترام من العالم العربي، متابعا: "شكرا الرئيس السيسي على الكلمة القوية، كلام مصر يعبر عن العالم العربي والشعوب المحبة للسلام، ولازم نكون على قلب رجل واحد كعالم عربي علشان نتقلب على التحديات، عاوزين نحافظ على بلادنا".
وأوضح موسى أن كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية بالعراق هي الأقوى والأهم في دعم فلسطين، بالإضافة إلى دور مصر بالوساطة مع قطر وأمريكا للتفاوض من أجل وقف النار في غزة.
اقرأ أيضاًالحكومة تكشف مفاجأة للمتضررين من تطوير منطقة السيدة عائشة.. فيديو
ما حكم استخدام المرأة لأدوية منع الحيض أثناء الحج؟.. داعية تُجيب
هل يجوز الاقتراض لشراء الأضحية؟.. الإفتاء تحسم الجدل