لجريدة عمان:
2025-07-04@21:13:37 GMT

عُمان في كتاب الإبانة

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

عُمان في كتاب الإبانة

كان نشر كتاب (الإبانة) في اللغة العربية لأبي المنذر سَلَمة بن مُسلِم العوتبي الصحاري (ق5هـ) فتحا في مسيرة نشر كتب التراث العماني، وقد حظيت تلك النشرة التي صدرت سنة 1420هـ/1999م بتحقيق لجنة من أعضاء مجمع اللغة العربية بالأردن باهتمام بالغ في الأوساط العلمية والبحثية في البلاد العربية، ولعل كتابَي العوتبي (الإبانة) و(الأنساب) من بين أكثر الكتب العُمانية التي لقيت قبولا في لدى الباحثين العرب.

وإذا علمنا أن مخطوطات الكتاب كلها عمانية تحتفظ بها دار المخطوطات فلنا أن نتساءل: هل عُرِف كتاب الإبانة خارج عُمان قبل ظهور نشرته الأولى؟ ويرفع من قدر تلك النُّسخ الخطية عناية العلماء بها، فإحداها نسخة عتيقة عُنِي بإصلاحها واستدراك المفقود منها العالِم عبدالله بن عمر بن زياد البهلوي (ق10هـ) والثانية المتأخرة زمانا منسوخة لأبي مالك عامر بن خميس المالكي (ت:1346هـ)، وثمة نسخة ثالثة كشف عنها الباحث سلطان بن مبارك الشيباني، وهي نسخة عتيقة نادرة لم تُعتَمد في تحقيق الكتاب.

ذكر محققو الإبانة أبرز مصادر العوتبي في الكتاب ومنها مؤلفات ابن قتيبة: الشعر والشعراء وأدب الكاتب وعيون الأخبار، ومنها (العين) للخليل بن أحمد، والجمهرة لابن دريد، والكامل والمقتضب للمبرد، وكتب الجاحظ وكتب ابن جنّي، ومعاني القرآن للفرّاء ومعاني الأخفش والنحاس، وبعض كتب الأمثال ودواوين الشعر، وغيرها.

والكتاب معجم لغوي، لكننا نتعرض هنا إلى حضور عُمان في نص المؤلف، والعوتبي -كما هو معلوم- من أهل صحار وينسب إلى بلدة عوتب من أعمالها. ولعل موضوع الكتاب من جهة ومصادر المؤلف فيه من جهة أخرى كانت وراء قلة ورود اسم عمان وكذا بلده صحار، لكن الكتاب لم يَخلُ من ذلك في مواضع يمكن أن نقسمها بين ما جاء في ذكر لغة أهل عمان في بعض ألفاظ المعجم، وبين ما جاء في أخبار أهل عمان وأعلامهم ومناقبهم. فمن القسم الأول قوله مثلًا: «واليمن وأهل عُمان يقولون للشمس: الضِّح. ولغة أهل عمان موجودة كثيراً في القرآن وفي الأشعار»، وتعريفه لمفردة «البرْخ» المستعملة حتى اليوم:«البرْخُ بلغة أهل عمان: الرخيص، ويقال: البَرْخُ: الجرف. ويقال: كيف أسعارهم؟ فيقال: بَرْخ، أي رخيص»، ونقله عن الفرّاء: «أهْلُ عُمان يُسَمُّونَ القاضي: الفَتَّاح. والفَتَّاح والفَتْحُ: القَضاء، ومنهُ قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا}، أي: يقضي. {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}».

أما من القسم الآخر في أخبار أهل عمان فقد نقل نصا عن الجاحظ استشهد به نور الدين السالمي في كتاب (تحفة الأعيان): «قال عمرو بن بحر: لربما سمعت من لا علم له يقول: ومن أين لأهل عمان البيان؟ وهل يعدون لبلدة واحدة من الخطباء والبلغاء ما يعدون لأهل عمان؟ منهم: مصقلة بن رقبة، أخطب الناس قائما وجالسا ومنافسا ومجيبا ومبتدئا».

وفي معرض ذكره لخطباء أهل عمان نجد العوتبي قد أقرّ عمانية صحار بن عباس العبدي (ت:60هـ) وعدَّه من خطباء أهل عمان، كما عدَّد من خطباءهم صعصعة وزيدا ابني صوحان وأخاهما ووصفهم بقوله: «خطباء مصاقع»، وذكر أيضاً مرة بن التليد الأزدي وقال عنه: «لم يكن في الأرض أجود منه ارتجالا وبديها، ولا أعجب فكرا وتحبيرا منه.

وكان رسول المهلب إلى الحجاج، وله عنده كلام محفوظ»، وذكر أيضا عرفجة بن هرثمة البارقي، وبشر بن المغيرة بن أبي صفرة، ووصفه بأنه لم يكن في الأرض عماني أنطق منه، ثم قال بعد كلام: «فالذي ينكر أن يكون بعمان خطباء ليس يقول ذلك بعلم».

وذكر العوتبي من أعلام اللغة في عمان: الخليل بن أحمد (ت:175هـ)، وأنه خرج إلى البصرة وأقام بها، فنسب إليها، ووصف كتابه العين بقوله: «هو إمام الكتب في اللغة، وما سبقه إلى تأليف مثله أحد، وإليه يتحاكم أهل العلم والأدب فيما يختلفون فيه من اللغة، فيرضون به ويسلمون له»، ثم استطرد في ذكر مناقب الخليل: «وهو صاحب النحو وإليه ينسب، وهو أول من بوبه وأوضحه ورتبه وشرحه. وهو صاحب العروض والنقط والشكل، والناس تبع له، وله فضيلة السبق إليه، والتقدم فيه».

وفي وصف أبي بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت:321هـ) يقول: «وهو صاحب كتاب "الجمهرة"، وله مصنفات كتب عدة. وهو الخطيب المذكور، والشاعر المشهور، والفصيح الذي يقف عن كلامه البلغاء، ويعجز عن آدابه الأدباء، وتستعير منه الفصحاء، وتستعين بكلامه الخطباء. وهو خطيب في شعره، ومصقع في خطبه، وقدوة في أدبه، وحكيم في نثره، ومجيد في شعره، لا زيادة عليه في فنون العلوم والآداب»، ثم يستدرك العوتبي بعد ذكر هؤلاء الأعلام بقوله: «وليس هذا مما وضعت له هذا الكتاب، ولكن يذكر الشيء بمثله».

وعدّد العوتبي أسواق العرب العشرة في الجاهلية وذكر منها صحار ثم دبا، وقال عنها: و«كانت إحدى فرضتي العرب». ومما نقله أيضًا خبر رجل من مهرة منزله بصحار عُمان يسمى الصحاري رآه هنيد التميمي بسوق عكاظ والناس يسألونه عن أنسابهم وهو يفسر لهم، وقد جاء في الخبر وصفه بأنه كان من أعلم الناس، كما جاء نقل محاورة طويلة بينه وبين عطارد بن حاجب الرازي.

ولغيره من أهل عمان أخبار أخرى وردت في مواضع يسيرة في الكتاب نُعرِض عنها اتقاء الإطالة.

* باحث في التراث العماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أهل عمان

إقرأ أيضاً:

معهد البنك الإسلامي للتنمية يصدر كتابًا جديدًا حول المنتجات المالية الإسلامية في الفقه الإسلامي

أصدر معهد البنك الإسلامي للتنمية -عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية- كتابًا جديدًا بعنوان “المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي.. دراسة فقهية تطبيقية”، ويمثل المرحلة الثانية من مشروع سلسلة المنتجات والأدوات المالية في الفقه الإسلامي التي ينشرها المعهد.

وركزت المرحلة الأولى من المشروع على استخلاص المنتجات المالية من المصادر الفقهية الإسلامية القديمة، واكتملت هذه المرحلة عام 2009، وشملت استخلاص أكثر من (1357) منتجًا ماليًا من (14) مصدرًا فقهيًا إسلاميًا بمجموع (71) مجلدًا، ونشرت نتائج المرحلة الأولى في ثلاثة مجلدات، وحظيت بإشادة واسعة من العلماء والباحثين والخبراء في هذا المجال.

وركزت المرحلة الثانية من المشروع على الدراسة الفقهية والتطبيقية لهذه المنتجات، مستفيدة من نتائج تسع رسائل دكتوراه من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية.

أخبار قد تهمك مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تشارك في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية 1 يوليو 2025 - 9:26 صباحًا مجموعة البنك الإسلامي للتنمية تشارك في اجتماع رؤساء بنوك التنمية متعددة الأطراف في باريس 1 يوليو 2025 - 6:28 صباحًا

وقام فريق من الخبراء والباحثين، بمن فيهم مؤلفو الرسائل الأكاديمية، بإعداد ملخص للدراسة الفقهية لهذه الرسائل، مع التركيز على الجوانب العملية والاقتصادية لهذه المنتجات، وكانت النتيجة كتابًا جديدًا حول “المنتجات والأدوات المالية الإسلامية في الفقه الإسلامي” أصدره المعهد هذا العام 2025م في تسعة مجلدات.

ويسلط الكتاب الجديد الضوء على التفاعل الإيجابي للحضارة الإسلامية مع التحديات الاقتصادية، ويبرز جهود العلماء والخبراء، قديمًا وحديثًا، في إيجاد حلول وتطبيقات تلبِي احتياجات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية.

ويُعد إضافة قيمة إلى أدبيات الاقتصاد الإسلامي، ومرجعًا مهمًا للباحثين والطلاب والخبراء العاملين في المؤسسات المالية، ويسهم الكتاب في ابتكار المنتجات المالية التي تعزز التنمية المستدامة في الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

مقالات مشابهة

  • جامعة الفيوم تؤكد دورها المجتمعي والثقافي في ندوة بمعرض الكتاب
  • معهد البنك الإسلامي للتنمية يصدر كتابًا جديدًا حول المنتجات المالية الإسلامية في الفقه الإسلامي
  • المقاصد بين النبوة والخلافة.. قراءة في العقل الاستراتيجي المؤسس.. كتاب جديد
  • كده يعقد اجتماعاً مع رئيس وأعضاء اتحاد الكتاب العرب في سوريا
  • شيكابالا يغلق كتاب المجد.. اعتزال تاريخي يهز الزمالك
  • الأوقاف تعقد أكثر من 2963 مجلسًا دعويًا ضمن مجالس الذاكرين لقراءة كتاب الأذكار
  • أمين البحوث الإسلامية يشارك في احتفالية كبرى بالجامع الأزهر لختم كتاب شَرْح علل الترمذي
  • في دورته العشرين.. مكتبة الإسكندرية تعلن عن انطلاق معرض الكتاب الدولي
  • مبروكة: يجب مراجعة محتوى الكتاب المدرسي للحفاظ على عقول الطلبة
  • احتفالية كبرى بالجامع الأزهر لختم كتاب «شرح علل الترمذي» بمشاركة كبار العلماء