موقع النيلين:
2025-07-06@09:18:31 GMT

هشام عثمان الشواني: صورة السياسي

تاريخ النشر: 17th, March 2024 GMT


لابد من إصلاح صورة السياسي في ذهن السودانيين، فالسياسي اليوم رسخت صورته كونه انتهازيا باحثا عن السلطة، أو شخصا مراوغا يبيع كلاما لا معنى له، أو مريضا بالزعامة والرياسة أو جزء من شلة سرية خبيثة تنال مكانتها وتتحقق مصلحتها بالتعامل المفرط مع السفارات الأجنبية، تعامل من لا يُراعي حدود التفاعل الإيجابي مع الغير فيتجاوزها نحو الاستغراق التام في مشروعهم وتصوراتهم.

إن صورة السياسي يجب أن تعود لأصل نبيل لا لشيء سوى لأهميتها المركزية في نهضة الشعب، وضرورتها لإكمال تمام بناء الأمة وتأسيس الدولة، يجب أن تعود لأصل أخلاقي لأن السياسي مهمة وواجب ينطلقان من إرادة وطنية صافية ورغبة في الخير العام وإنتماء صادق لقضية نبيلة.

إن صورة السياسي الحقة تكثيف لمعارف ومهارات واستعدادات وصهرها من جديد في ممارسة وخبرة عملية في واقع معقيد، فالسياسة بلا فكر فوضى وتهريج كما قال منصور خالد رحمه الله يوما في بداية طريقه، وأظنه تنكب قليلا عن طريق الفكر بأكثر من طريق السياسة أو ربما كان ذلك مشروعه وقد نال توبيخ أستاذه جمال محمد أحمد على ذلك، وأظن جمالا يمثل هذه الصورة في أرقى معانيها وأكثرها سموا للحد الذي أبعدها عن ممارسة يومية في واقع مثل بلادنا، وربما لا أرجو للسياسي اليوم أن يكون مثله بل أرجو له أن يعرفه ويكون بعضا منه فقط.
إن محاربة الانتهازية في السياسة ليست مجرد خطاب أخلاقي ووعظ، بل هي عمل نضالي واجب ضد شروط كثيرة تصنع السياسي محدود الأفق الغارق في الانتهازية، فسواء كان هذا السياسي عميلا للسفارات أو مهرجا هزليا أو حرسا قديما لم يستوعب متغيرات التاريخ، فإن وجوده ليس وجودا عرضيا طارئا بل هو وجود متصل بشروط اقتصادية حيث الفقر واجتماعية حيث شيوع روح الزعامة والقبيلة وثقافة القفز بالزانة وفكريا حيث اعتزال القراءة والاجتهاد، إن الثقافة السياسية عندنا مريضة وعاجزة عن تربية سليمة لصورة السياسي وفق المثال المطلوب.

وبكل ما سبق يجب أن تناضل الأجيال الجديدة ومعها المفكرون والمثقفون العضويون من أجل ترسيخ صورة السياسي الحقة، والتي تتحرك بدوافع الوطن والحق والخير والجمال، ملتزمة بخط نزيه ونبيل بلا مساومة ولا تطرف، وبنفس تتعالى على الصغائر وتلامس حركة التاريخ.

هشام عثمان الشواني

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: صورة السیاسی

إقرأ أيضاً:

تحول حاسم في تاريخ مصر الحديث| كيف أصبح 3 يوليو لحظة فاصلة بذاكرة السياسة؟.. قراءة في البيان

في تمام الساعة التاسعة مساءً من يوم 3 يوليو 2013، كانت أنظار العالم شاخصة نحو القاهرة، حيث احتشد ملايين المصريين في الساحات والميادين، رافعين صوتهم في وجه ما اعتبروه حكمًا دينيًا إقصائيًا قادته جماعة الإخوان.

وكان الشعار الأبرز آنذاك "يسقط يسقط حكم المرشد"، في إشارة إلى أن الرئيس الأسبق محمد مرسي لم يكن صاحب القرار، بل مكتب الإرشاد التابع للجماعة.

وسط هذا المشهد الشعبي والسياسي المتشابك، خرجت القوات المسلحة المصرية لتعلن عبر بيان تاريخي عن خارطة طريق جديدة، شكّلت لحظة فاصلة أعادت تشكيل المشهد السياسي في البلاد، ومهّدت لمرحلة انتقالية أنهت حكم الإخوان بعد عام واحد من صعودهم إلى السلطة.

الجيش ينحاز للشعب.. بداية التحول السياسي
 

وفي مثل هذا التوقيت قبل ستة أعوام، عاشت مصر ساعات من الترقب والقلق، قبل أن يُذاع البيان المنتظر للقوات المسلحة، والذي ألقاه وزير الدفاع آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي.

وأكد البيان انحياز المؤسسة العسكرية الكامل لمطالب جماهير الشعب المصري، التي خرجت بالملايين تطالب بتغيير النظام، وإنهاء تجربة حكم الجماعة الإسلامية، بعد عام من السياسات التي اعتبرها المصريون تهديدًا للهوية الوطنية وتضييقًا على الحريات العامة.

وأوضح السيسي أن القوات المسلحة لم تسعَ للسلطة أو الحكم، لكنها لبّت نداء المواطنين، بعدما فشلت جهودها السابقة في التوسط بين القوى السياسية ومؤسسة الرئاسة منذ نوفمبر 2012، وهو ما أدى إلى تفاقم الانقسام المجتمعي والاحتقان السياسي.

محاور البيان التاريخي.. خارطة طريق مصر بعد الإخوان
 

جاء البيان مفصلًا وواضحًا، ليعلن خارطة مستقبل تتضمن مجموعة من القرارات الجوهرية، وهي:

• تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.

• تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد مؤقتًا، على أن يؤدي اليمين الدستورية أمام الجمعية العامة للمحكمة.

• إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.

• منح رئيس المحكمة سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.

• تشكيل حكومة كفاءات وطنية كاملة الصلاحيات.

• تشكيل لجنة لصياغة تعديلات دستورية بمشاركة جميع الأطياف.

• دعم المحكمة الدستورية لإقرار قانون انتخابات مجلس النواب.

• إعداد ميثاق شرف إعلامي لضبط أداء وسائل الإعلام.

• إطلاق إجراءات تمكين الشباب في مؤسسات الدولة كمساعدين للوزراء والمحافظين.

• تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية تضم شخصيات تحظى بالقبول الوطني.

الرسائل الأمنية والتحذيرات الوطنية

 وجهت القوات المسلحة من خلال البيان، رسالة واضحة لجميع الأطراف، دعت فيها إلى الالتزام بالتظاهر السلمي، محذرة من أي ممارسات عنيفة أو محاولات لجرّ البلاد إلى مواجهات دامية. وأكد البيان أن القوات المسلحة ستتصدى بالتعاون مع وزارة الداخلية لأي خروج عن القانون بكل حزم، للحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين.

كما حيّت المؤسسة العسكرية، رجال القوات المسلحة والشرطة والقضاء على جهودهم في حماية الدولة والحفاظ على مؤسساتها، مشددة على أن هذه اللحظة تتطلب من الجميع تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة.

الرسالة الختامية.. حماية إرادة الشعب فوق كل اعتبار

واختُتم البيان بعبارة مركزة عكست جوهر الرسالة التي أرادت القوات المسلحة توصيلها: “حفظ الله مصر وشعبها الأبى العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وكان هذا البيان بمثابة نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ مصر الحديث، حيث وضع نهاية فعلية لحكم جماعة الإخوان، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة واستعادة الهوية الوطنية، في ظل قيادة اتخذت من الأمن والاستقرار، والانفتاح على مشروعات التنمية، مسارًا لمصر ما بعد 3 يوليو.

ويمثل يوم 3 يوليو 2013 لحظة مفصلية في الذاكرة السياسية المصرية، ليس فقط لأنه أنهى عامًا من حكم جماعة الإخوان، بل لأنه جسّد تحركًا شعبيًا ومؤسسيًا متكاملًا لإعادة تصحيح المسار. وقد كان بيان القوات المسلحة آنذاك بمثابة وثيقة تأسيس جديدة لمسار سياسي واجتماعي مختلف، أعاد للدولة المصرية توازنها، وأعاد تعريف العلاقة بين السلطة والإرادة الشعبية.

واليوم، وبعد سنوات من هذا التحول، تبقى الذكرى حية في وجدان المصريين كعلامة فارقة على قدرة الشعوب على استعادة قرارها، متى توحدت الإرادة، وارتفع صوت الوطن فوق الجميع.

طباعة شارك 3 يوليو السيسي 30 يونيو الثورة

مقالات مشابهة

  • الراعي: عندما تفقد السياسة روح الخدمة تتحوّل إلى صراع المصالح
  • "فيلم الزعيم يفجّر الجدل: هل عادل إمام أقوى من السياسة والفن؟!"
  • "بنك قطر الوطني": تطبيع السياسة النقدية في اليابان ليس مصدرا للمخاطر المالية العالمية
  • فرنسا بين شعارات الجمهورية وواقع التمييز.. المسلمون في مرمى السياسة
  • نواب البرلمان يساءلون أخنوش عن السياسة العامة للحكومة
  • تحول حاسم في تاريخ مصر الحديث| كيف أصبح 3 يوليو لحظة فاصلة بذاكرة السياسة؟.. قراءة في البيان
  • أرجو منكم الدعاء.. مروان عطية يوجه رسالة عقب إجراء عملية جراحية
  • ترامب: نفذنا أعظم الضربات الجوية في التاريخ ضد إيران
  • باحث في الشأن الإقليمي: إيران في حالة تأهب دائم بعد أن بات الغدر سمة السياسة الدولية
  • من أوغندا إلى نيويورك.. رحلة صعود زهران ممداني في السياسة الأميركية