أمريكا والغرب .. أكذوبة محاربة الإحتكار
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
الذين درسوا في الكليات والجامعات الأمريكية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، يذكرون كيف أن مادة الإقتصاد ، كانت تردِّد وبكل مجال محاربة الإحتكار،بل ومنعه في الاقتصاد الأمريكي والغربي علي وجه الخصوص.
وفي عام 2001 م ،تم تعليق الخدمة التجارية لطائرات الكونكورد الفرنسية الصنع ،ثم تم في عام 2003م تقاعد الطائرة بعد 27 عاما من العمليات التجارية.
ماحدث آنذاك ،كشف لكل المهتمين بشؤون الاقتصاد،الكذبة الكبرى في محاربة الإحتكار ،بل وحتي تحريمه في الاقتصاد الأمريكي، وأن أكذوبة تحريم الاحتكار ،ليست سوي مجرد كذبة مارستها أمريكا لتحتكر معظم الصناعات، وعلي كل الصعد، وظهرت بوضوح، في محاربتها لتطبيق تيك توك الصيني المنشأ، وقبلها محاربة تطوير الصين لتقنية ال 5 جي.
سياسيو الحزبين الديموقراطي والجمهوري ،إتفقا -رغم اختلافهما علي كل الأصعدة-، وفي خطوة نادرة الحدوث ،إتفقا منذ أيام علي مقاطعة تطبيق التيك توك مالم تقوم الصين ببيعه لشركات أمريكية.
كل من عرف ودرس الحالة الامريكية فيما يتعلق بالمعلومات ،يعرف كيف أن كل المجالات في المجتمع الأمريكي مسيّرة لتضليل الشعب الأمريكي، وحجب معظم الحقائق التاريخية عنه، وهذا ظهر بوضوح في مقطع فيديو انتشر قبل أيام علي شبكات التواصل الاجتماعي ، يكشف فيه طالب أمريكي هذه الحقيقة المثيرة للجدل، ويستغرب اتفاق أعضاء الحزبين علي مقاطعة تطبيق التيك توك مالم يتم بيعه لشركات أمريكية!
والمتتبع للاعلام الأمريكي من تلفزيون ووسائل تواصل إجتماعي، والميديا بكافة أنواعها ،يعلم علم اليقين كيف أن هذا الإعلام الذي يتبجَّح باكذوبة الحرية،قام ويقوم بحجب كل المعلومات الإخبارية التي تكشف اجرام الصهاينه في إسرائيل في غزة، لتضليل الرأي العام الأمريكي ،بل وحتي توجيهه لصالح عدوان الصهاينة علي غزة.
لقد سقط النقاب عن أكذوبة الإحتكار،ووهم الحريات الذي أطلقت شعاراته الولايات المتحدة الامريكية ،وعلي كل الصعد ،وأنه قد آن الأوان، أن يتم إصلاح النظام العالمي في الأمم المتحدة ومجلس الأمن ،للقضاء علي الاحتكار الحالي للنظام العالمي المهتريء بفعل احتكار الولايات المتحدة والغرب للنظام الأممي العالمي ،ولابد من إصلاحه، لتعمّ العدالة والمساواة عالمنا المضطرب في الوقت الحاضر.
• كاتب صحفي
ومستشار تحكيم دولي
mbsindi@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
إيران والعدوان.. ما أشبه الليلة بالبارحة
يعيد التاريخ نفسه والأحداث، وما حل بالعراق بالأمس القريب، وأدى إلى إسقاط الدولة والنظام وتدمير القدرات والإمكانيات، وتمزيق النسيج الاجتماعي، ولم يكن هناك مبرر لحدوث كل ذلك، غير تأمين الوجود الصهيوني وعقاب العراق وقيادته على دعمهما للقضية الفلسطينية وانحيازهما لحقوق الشعب العربي في فلسطين، إضافة إلى عقاب العراق وقيادته على إطلاق بضعة صواريخ إلى الكيان..
المشهد يعيد نفسه اليوم مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي رصيدها من العقاب في أجندة الكيان وحلفائه في أمريكا والغرب، يفوق بكثير ما كان لدى العراق في أجندة العدو..
بيد أن معركة طوفان الأقصى أوجدت حالة ذعر وهلع في الوعي الصهيوأمريكي- الغربي وكان شعار “من حق الكيان الدفاع عن نفسه”، وكأن الكيان مجرد ضحية وليس الجلاد والقاتل المحتل..
رد الفعل الصهيوني على قطاع غزة كان مغالياً، وانسحب هذا الرد غير الطبيعي إلى لبنان وحزب الله ثم امتد إلى اليمن، ومنها إلى سوريا حيث أسقط نظامها وتم تدمير قدراتها وبرعاية أمريكية -غربية..
كان المشهد في ظل هكذا مناخ عربي وإسلامي ودولي، والذي بدا متجاهلاً أو يتجاهل عمداً ما حدث ويحدث في فلسطين، ولبنان، وسوريا، واليمن، مشجعا العدو وحلفاءه للذهاب إلى إيران المتهم الأكبر في أجندة الصهاينة والأمريكان والغرب، وبعض الأطراف العربية التي صدقت طروحات واشنطن والصهاينة والمنظومة الغربية عن إيران وعن نواياها النووية، مع أن الأمر لا يتعلق بهذا الجانب المكفول دوليا والمعلوم كذلك لكل العالم.. لكن الدافع الحقيقي للعدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، يتعلق بأمرين أساسيين، أولهما موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إزاء القضية الفلسطينية ودعمها اللا محدود للمقاومة وعلى مختلف الجوانب، ومنها هذا الصمود الأسطوري للمقاومة في قطاع غزة، والذي ما كان له أن يكون لولا دعم ومساندة إيران للمقاومة تدريبا وتأهيلا وتسليحا، إضافة إلى الدعم المادي والمعنوي والإعلامي والدبلوماسي والاحتضان الكامل للمقاومة من قبل طهران..
الأمر الآخر هو القدرات الصاروخية الإيرانية التي تمثل تهديداً استراتيجياً للعدو، ورعباً يقلق مضاجعهم.. وهناك قضايا أخرى متصلة بمواقف طهران إقليميا وحضورها على مسرح المواجهة الجيوسياسية ووقوفها في خندق المواجهة لواشنطن..!
فيما البرنامج النووي الذي تصدَّر الدوافع الصهيوأمريكية -الغربية في العدوان، والمعلوم أنه خاضع لمراقبة تقنية صارمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تعلم يقينا ويعلم مفتشوها المرابطون في قلب المنشآت النووية الإيرانية، ويدركون أنه لا نية لطهران لسلاح نووي، وأن منشآتها سلمية، غير أن التضليل الصهيوني – الأمريكي – الغربي – لم يجد مبررا أفضل من جعل القدرات النووية الإيرانية هدفا يبرر العدوان، لما لهذا الجانب من حساسية لدى بعض العرب الذين لديهم هواجس مختلقة عن قدرات إيران النووية، هواجس زرعتها أمريكا والغرب لدى بعض أنظمة المنطقة الموالية لها، وتمكنت فعلا أمريكا والغرب والصهاينة من زرع ثقافة الخوف من إيران لدى بعض الأنظمة العربية، التي بدورها وبالتعاون مع أمريكا والغرب أيضاً تمكنت من حشد النخب العربية وتجنيدها لتسويق خطاب الحقد والكراهية ضد إيران وعن المشروع الفارسي، والتمدد الشيعي وعن نفوذ إيران، وأذرع إيران، فعملوا على شيطنة إيران لدرجة صوروها على أنها العدو الأول للأمة، فيما تحول كيان العدو الصهيوني إلى صديق تفرش له بعض العواصم العربية السجادة الحمراء لمسؤوليه..
من يتذكر وزير خارجية أمريكا كولن باول حين وقف أمام مجلس الأمن، وأخرج أنبوبة، زاعما أن ما فيها كافٍ لإبادة مدينة بحجم نيويورك.. وأن العراق يمتلك شاحنات من تلك المادة القاتلة والمدمرة..!
وبعد أن حصل ما حصل من خراب ودمار وإزهاق أرواح وإسقاط دولة ونظام وتمزيق مجتمع.. اعترف الشخص ذاته أنه تم تضليله من قبل أجهزة دولته..
الحال نفسه يتكرر اليوم مع الجمهورية الإسلامية.. في العراق كانت أمريكا تعلم جيدا ويعلم أيضاً شركاؤها الأوروبيون أن العراق لا يمتلك أسلحة دمار شامل، وأن غزوه واحتلاله لم يكن لهذا الغرض، بل لموقفه من القضية الفلسطينية ودعمه للمقاومة بالمال والسلاح، فالعراق افتتح مكتبا خاصاً بالعاصمة الأردنية، مهمته دفع تعويضات لكل أسرة فلسطينية يهدم العدو منزلها، لأن أحد أفرادها قام بعملية ضد العدو.
إيران تستهدف اليوم، لأنها داعمة لقضية فلسطين وعدو لعدوها ومن يحتلها، ومن يرعى ويدعم هذا الاحتلال.
إن العداء للكيان الصهيوني جريمة يجب سحق من يرتكبها، سواء كان فردا أو جماعة أو تنظيم، أو حزباً، أو دولة، أو نظاماً..
المقاومة في فلسطين إرهابية يجب أن يعترف العالم بذلك ويقاطعها.. وحزب الله إرهابي، ونظام بشار الأسد كان إرهابياً، وانصار الله في اليمن إرهابيون، والحشد في العراق إرهابيون.
واليوم يجري لإيران ما جرى للعراق بالأمس القريب.. برنامجها النووي ذريعة تخويف وحيلة مبتكرة، لأنه من غير المعقول أن يقال سندمر إيران لأنها تدعم المقاومة في فلسطين، لازم يكون هناك مبرر مقبول ينطلي على الوعي الجمعي الإقليمي والدولي، فيتوهم من في الإقليم أن هذا الفعل يخدمهم.. نعم كيف يكون لإيران قدرات نووية ونحن لا؟ فهذا يهدد وجودنا..
ذات يوم قال بن سلمان- “إذا امتلكت إيران سلاحا نوويا فإننا سوف نمتلكه خلال 24 ساعة”.
لكن الصهاينة لديهم سلاح نووي منذ عام 1955م، حين قدمت فرنسا مفاعل ديمونة جاهزا هدية مجانية للكيان.
بيد أن الفرق بين العراق وإيران هو أن إيران اليوم أكثر قدرة في الدفاع عن سيادتها، ولديها من الإمكانيات ما يمكنها من ذلك، فيما العراق ذهب ضحية أشقائه العرب الذين حرضوه أولاً ضد إيران، ثم تخلوا عنه وحرضوا عليه العالم.