أ.د. محمد القضاة عميد كلية الآداب بالجامعة الأردنية

حين زرت سلطنة عمان قبل سنوات أحسست بدفء المكان وصدق الإنسان، وشعرت بطعم المحبة والأخوة الصادقة، وعندما عدت إلى عمان كتبت عن ذلك في جريدة الرأي الأردنية، ويومها كم فرحت لردود الفعل التي وصلت إليَّ من القرُاء في الأردنّ وسلطنة عُمان، وكلّها تشعرُكَ بمسؤوليّة الكلمة، وأهميّة تعزيز وسائل التواصل بين بلدين تربطهما علاقات أخويّة أساسُها الاحترام والتقدير.

وقبل أسابيع قليلة زارنا في الجامعة وفد عُماني مكون من أساتذة يعيدون لك بهجة عُمان وصورها الذهنية الخلابة وتكتشف وأنت تجلس معهم أدبهم الجم وفكرهم المستنير وآراءهم الحكيمة، وحين تحاورهم وتسمع مداخلاتهم تعود بك الذاكرة إلى أنموذج الشخصية العمانية التي تقوم على الجد والاحترام والأخلاق الحكيمة والثقافة الراقية، وهو ما يؤكد أنّ السلطنة تمضي في نهضتها وتقدمها بشكل لافت على المستويين الداخلي والخارجي، وهنا عليّ أن أشكر الأستاذ موسى الفرعي مدير مؤسسة أثير الذي تحدث بفكر منفتح عن الدور الذي تنتهجه سلطنة عمان في عهد السلطان هيثم في إعادة الروح والحياة لكل مفاصل الدولة التي بدأها المغفور له السلطان قابوس، وهو ما يعطيها القدرة على إحداث التغيير المنشود في البناء والإنجاز والعطاء والحضور، ولعل المواقف السياسية المتزنة التي تقوم فيها سلطنة عمان على الصعيدين العربي والإقليمي ما يؤكد على السياسة الحصيفة، وحين تستمع للدكتور محمود السليمي والشاعر حمود تعود بك الذاكرة إلى عُمان مرة ثانية لتأسَرُكَ بهدوئها وتعيدك إلى زمنك الجميل؛ ذاك الزمن الخالد بعبقه وأريجه وأصالته. وهنا، قد لا نجد أجمل من سفراء الأردنّ في عُمان؛ الطلبة العُمانيين ممّن تخرجوا في الجامعات الأردنيّة، وباتوا يحملون صورة الأردنّ بقلوبهم وعقولهم، فضلاً عن الأردنيين الذين يعيشون على أرض السلطنة، معزّزين مُكرّمين، هؤلاء جميعم يحملون تجاربهم وخبراتهم، ويسعون جادّين إلى بناء مجتمع سلطنة عمان على أسس حضاريّة وعلميّة وتنافسيّة عالية.

وهنا، لا أنسى جامعة صحار حين زرتها؛ رئيسَها وأساتذتها وطلبتها، فهؤلاء قصّة من قصص النجاح أساسها التقدير الشديد للعلم والعلماء، والإصغاء اللافت والانتباه إلى التفصيلات الدقيقة أثناء الحوار والمحاضرة؛ إذ تجد الأساتذة يستمعون إليك بعمق ودراية ومحبّة، يطرحون أسئلتهم بعلميّة وموضوعيّة، هدفهم المعرفة والرغبة في الاستزادة. أمّا الطلبة فقصّة أخرى من قصص النجاح؛ تتوافر فيها أجواء مهنيّة عالية، ووسائل تعليميّة حديثة، مقرونة برغبة حقيقيّة في الاستماع إلى المحاضرة، ومشفوعة بالانتباه الحقيقي إلى كل ما يُقال، والسؤال عمّا يشكل فهمه أو يصعب تبيّنه. إنك في عُمان الإنسان والمكان والرغبة في التنافس علمًا وحضارة وتقدّمًا، هكذا هم يحترمون أنفسهم وعملهم وعلمهم ووطنهم وضيوفهم.

تشاهد في سلطنة عُمانَ شعاعَ فجر يبشّر بمسيرة البناء والتعمير التي رسمها المغفور له السلطان قابوس ويحملها اليوم السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه-، وقد حققت للعُمانيين إنجازات في مناحي الحياة جميعها؛ التعليم والصّحة والطرق والرعاية الاجتماعيّة، وكذا تحقيق المشاركة الشعبية على المستوى السياسي، المتمثلة في انتخابات مجلس الشورى، والهدف الأسمى تحقيق غاية واحدة هي بناء الإنسان العُماني الحديث وإعداده وإطلاق طاقاته كلّها، ليس في العاصمة مسقط فحَسْبُ؛ وإنما في المحافظات جميعها والمناطق كلّها. ومّا يؤكد ذلك أنّ عُمان تحوّلت بخططها وقدراتها وإنجازاتها إلى مدارسَ وجامعاتٍ ومصانعَ ومستشفياتٍ ومشروعاتٍ وطرقٍ وجسور، وها هي تواصل العمل ليل نهار من أجل إقامة دولة عصريّة حديثة. ولعلّ التجربة العُمانية في دعم الجامعات الرسمية والخاصّة تؤكد أهمية التعليم كأساس حقيقي لبنية الدولة العصريّة. وهنا، دعني أكرّر ما سمعته وأصف ما شاهدته في الجامعات العُمانية، وهو ممّا يثير لدينا في بلدنا الأردنّ أسئلة كثيرة؛ إذ كان الأردنّ وما زال خزّان الموارد البشريّة في المنطقة العربيّة، والحقّ يُقال إنّ هذه المسألة ينبغي لها أن تدفعنا نحو المنافسة والتميز للوصول إلى أحسن الأهداف.

وبعد، أقول إنّ عُمان قصّة مثيرة في حضورها وهدوئها، قصّة جامعات أخذت على عاتقها تأكيد ريادتها العلميّة في السلطنة، وأداء دورها في تنمية الموارد البشريّة العُمانيّة، ورفع مستوى كفاءتها من خلال تقديم نوعيّة متميّزة من التعليم العالي، واستحداث برامج للتعليم والتدريب المستمرّ لجميع قطاعات المجتمع. كما سعت تلك الجامعات إلى فتح آفاقٍ أرحبَ للتعاون معَ مؤسسات تعليميّة أخرى. وفي الختام ندعو الله أن تستمر النهضة العُمانية في مختلف مجالات الحياة وأن تبقى السلطنة منارة مضيئة على بحر العرب وخليجها الجميل.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: سلطنة عمان سلطنة ع

إقرأ أيضاً:

جامعة الفيوم تنظم قافلة تنموية شاملة بقرية فانوس بمركز طامية

نظم قطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة فى جامعة الفيوم  بالتعاون مع مؤسسة حياة كريمة وكلية الطب، وكلية طب الأسنان، وكلية التمريض وكلية الزراعة ووحدة مناهضة العنف ضد المرأة بجامعة الفيوم، قافلة شاملة فى قرية فانوس بمركز طاميه وذلك .تحت رعاية الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، والدكتور ياسر مجدى حتاته رئيس جامعة الفيوم، و الدكتور عاصم العيسوى نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وإشراف الدكتور حمدي محمد إبراهيم عميد كلية الطب، و الدكتورة  لمياء أحمد إبراهيم عميد كلية طب الأسنان، والدكتور سامح عشماوي وكيل وزارة الصحة بالفيوم،

 وذلك بحضور الدكتورة  الشيماء أحمد شعبان وكيل كلية طب الأسنان لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة مي مواهب رئيس اللجنة التنفيذية بوحدة مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعة، والدكتور أحمد جمال نائب منسق حياة كريمة بالفيوم، وفتحي عيد منسق مؤسسة حياة كريمة بمركز طامية، ومحمد على طه مدير إدارة المؤتمرات والندوات بقطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وذلك اليوم الاثنين بمقر الوحدة الصحية بقرية فانوس مركز طامية.

وصرح الدكتور عاصم العيسوي أن القافلة الطبية نجحت في تقديم خدمة الكشف الطبي وتقديم العلاج لعدد 679 حالة، حيث تم الكشف على 147حالة في تخصص العظام و82 حالة أسنان و 120 حالة باطنة و137 أطفال و 60 حالة نسا و 133 حالة رمد.

وأضاف  أن وحدة مناهضة العنف ضد المرأة بالجامعة عقدت خلال القافلة اليوم حملة توعية بقضايا العنف ضد المرأة وشارك في التوعية الدكتورة مي مواهب، والدكتورة أماني محمد محمد عطية، ولمياء لطفى أبو كساب، وتناولت حملة التوعية لأهل القرية قضايا العنف ضد المرأة، حيث تمت مناقشة مظاهر العنف ضد المرأة في الريف المصري، وكيفية التعامل مع العنف اللفظي على وجه التحديد، وتأثير العنف اللفظي على تربية الأبناء، كما تم تناول ظاهرة الزواج المبكر وأسبابها والمفاضلة بين استكمال البنت للتعليم وبين الزواج في سن مبكرة، وتمت مناقشة مشاركة المرأة في تكاليف الحياه وإدارتها لبيتها ماليًا، كما قام الفريق بتوعية أهل القرية بأشكال العنف ضد المرأة ومدى تأثيرها على المرأة والأسرة والمجتمع وبلغ عدد السيدات والفتيات التي تم توعيتهم 60 فتاة وسيدة.

الوقاية من فقر الدم

وأضاف أن كلية التمريض شاركت خلال القافلة بندوة بعنوان: كيفية الوقاية من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد لدى الأطفال؛ وحاضر فيها خديجة محمد عبد الله أحمد المدرس المساعد بكلية التمريض، ورضا صلاح حسين المعيدة بكلية التمريض، حيث يعتبر فقر الدم الناتج عن نقص الحديد مرض شائع عند الأطفال، ويحدث نتيجة نقص عدد خلايا الدم الحمراء عن المعدل الطبيعي الناتج عننقص الحديد، والتي ينتج عنها بعض الأعراض كشحوب الوجه والتعب العام وسرعة ضربات القلب، وللوقاية منه يجب اتباع نظام غذائي جيد غني بالحديد مثل (وجبات الكبدة، العسل الأسود، الخضروات الداكنة، اللحوم الحمراء) هذا بجانب المكملات الغذائية التي تحتوي على عنصر الحديد ويفضل أخذها مع فيتامين سي، وذلك لسرعة امتصاص الحديد مثل (عصير الليمون والبرتقال والفروالة).

هذا بجانب تنفيذ ورشة تدريبية عن كيفية تصنيع منتجات الألبان، وحاضر فيها الدكتور  محمد جمال أحمد حسان المدرس بقسم الألبان بكلية الزراعة  وأحمد عبد الهادى عبد الغني مدرس المساعد بقسم الألبان، وتناولت ورشة التدريب كيفية تصنيع زبادي مع المتدربين وشرح مراحل التصنيع بجودة عالية، هذا بالإضافة إلى كيفية عمل مشروع زبادي صغير بحيث يكون مصدر دخل مستمر للفرد، كما تم تصنيع جبن دمياطي، مع شرح كيفية ومراحل إنتاجه بطريقة مبسطة مع آلية حفظ المنتج بالطرق الصحيحة ليستفاد من هذا التدريب 48 سيدة من ربات البيوت، وبنهاية التدريب تمت الإجابة على التساؤلات الخاصة بموضوع التدريب.

 

 

00000 00 0 4

مقالات مشابهة

  • ركائز التكامل في سلطنة عمان
  • الصيرفة الإسلامية في سلطنة عمان تنمو بشكل متسارع في حجم الأصول والودائع
  • سلطنة عمان وموريتانيا توقعان مذكرات تفاهم وتؤكدان على تعزيز مجالات التعاون
  • سلطنة عمان تستعرض تجاربها السياحية في السوق الروسي
  • الأمير عبدالعزيز بن سعود يتفقد عددًا من المشاريع التطويرية في المشاعر المقدسة
  • صور تحتضن النسخة الثالثة من "معرض النيازك في سلطنة عُمان"
  • البيئة.. وتحديات الحياة
  • جامعة الفيوم تنظم قافلة تنموية شاملة بقرية فانوس بمركز طامية
  • جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لقرية الودي بالجيزة
  • سلطنة عمان تدين المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات