ليس من باب الصدفة أن تختار دولة الإمارات العربية المتحدة شهر مارس شهراً للقراءة، فهذا التزامن يحمل الكثير من الجماليات والمعاني المشتركة بين مارس من ناحية والقراءة من ناحية أخرى؛ فقد وُصِف مارس في ثقافات العالم أجمع بأنه موسم التجدد وولادة الجمال، واكتساب الأرض حلة بديعة متنوعة بألوانها ووظائفها. وليست القراءة بشيء غير ذلك، إنها تجديد للنفس والحياة، وثراء وتنوع بديع للفكر والرؤى، وكما وصفها الأديب والمفكر عباس محمود العقاد بقوله: “القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة”.


وفي رحلة التجدد هذه، يبرز دور “مؤسسة كلمات” كمثال حي على الأثر الذي يمكن أن تحدثه القراءة في حياة الناس؛ ففي أحد مخيمات اللجوء بهولندا، يعيش ساهر عبد الله مع عائلته؛ لاجئ هو، مثل مئات الأشخاص العرب الذين يبحثون عن ملاذٍ آمن. ولكن هذا اليوم ليس عادياً بالنسبة لساهر وعائلته، فقد سمع بوصول دفعة جديدة من الكتب عبر مبادرتها العالمية “تَبَنَّ مكتبة”.
وتماماً كما يعلن شهر مارس عن بداية فصل جديد، فتح ساهر وعائلته فصلاً جديداً عندما وصلت المكتبة إلى المخيم، لم يستطع الانتظار لحظة، اصطحب ابنته ماسة وابنه أحمد لأخذ روائع الكتب باللغة العربية التي تعزز تواصلهم مع هويتهم ولغتهم الأم، حيث قال: “لا يمكننا التعبير عن فرحتنا بالكتب العربية التي تجعلنا نشعر بأننا أقرب إلى وطننا، حتى وإن كنا بعيدين عنه جغرافياً”.
ليس ماسة وأحمد وحدهم من استفادوا من هذه المبادرة؛ فالأطفال العرب في الكثير من مخيمات اللجوء في العالم، وكذلك الأطفال الذين يعانون ظروفاً صحية خاصة من المكفوفين وضعاف البصر، وجدوا في “مؤسسة كلمات” ملاذاً لهم، من خلال مبادرة “أرى”، التي مكّنتهم من قراءة الكتب الميسرة التي تناسب حالاتهم، ووصلتهم بالمعارف، وعزّزت شغفهم بالقراءة. وهكذا، تترابط أهداف مبادرتي “تَبَنَّ مكتبة” و”أرى” مع غايات شهر القراءة؛ فكما يعطي مارس الأرض حياة جديدة، تعطي مبادرات “كلمات” الأمل للباحثين عن النور في ظلمات الغربة أو فقد البصر.

“أرى”… المعرفة تكسر حدود الإعاقة
تؤمن “مؤسسة كلمات” بأن المعرفة لا حدود لها، وأنها من أهم وسائل بث الفرح والثقة في نفوس الأطفال المكفوفين وضعاف البصر، وأن الإعاقة لم تكن يوماً لتقف حاجزاً دون نيل المعارف والاستمتاع بلذة الاطلاع على كل ما هو جديد. وهذا ما عبر عنه الطفل “بلال” من مدرسة عبدالله ابن أم مكتوم للمكفوفين في الأردن، إذ يقول: “هذه المرة الأولى التي أستطيع فيها قراءة القصص، وأنا سعيد جداً بوجود الكتب بطريقة برايل الآن، وأحب الكتب لأنها تطلق خيالي وتعلمني أشياء لم أكن أعرفها من قبل، شكراً لمؤسسة كلمات لتوفير هذه الكتب لنا”.
ومع الاحتفاء بشهر القراءة، تتجلى روح العطاء الذي توفره مبادرات “مؤسسة كلمات” على مدار العام دون انقطاع، حيث أضاءت المؤسسة شعلة الأمل في قلوب الأطفال المكفوفين وضعاف البصر، مانحةً إياهم فرصة الإبحار في عالم الكتب، وذلك بتبرعها من خلال مبادرة “أرى” بـ30 ألف كتاب ميسر في 11 دولة، مؤكدةً أن القراءة لا تعترف بالإعاقات، وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع “اتفاقية مراكش”، التي تعزز من حق الوصول إلى المعرفة للجميع.

“تَبَنَّ مكتبة”… طريق الأطفال اللاجئين لمستقبل أفضل
وفي سياق متصل، تبرز مبادرة “تَبَنَّ مكتبة” في شهر القراءة مثالاً يحتذى به في دعم الأطفال اللاجئين والنازحين، حيث تمكّنت من توزيع نحو 16,700 كتاب في 24 دولة، لتصبح المعارف باللغة العربية وطناً يأوي إليه الأطفال في غربتهم، وتصبح المعرفة سبيلهم لبناء مستقبل أفضل، وهكذا تجسد هذه المبادرة الرؤية الإنسانية لـ”مؤسسة كلمات”، التي تبرعت بموجبها بمكتبات متنقلة تحوي كل منها على 100 كتاب باللغة العربية، مما يعكس التزامها بنشر الثقافة والمعرفة.

القراءة شرط نمو المجتمعات ونهضتها
وفي هذا الإطار، تبين آمنة المازمي، مديرة مؤسسة كلمات أن هذه الاستراتيجية هي تأكيد على أن القراءة ليست ترفاً، بل هي شرط أساسي لنمو المجتمعات ونهضتها واستقرارها، وأنها حق طبيعي أساسي، كالحق في الغذاء والمسكن والأمن واحترام الكرامة، مشيرة إلى أن المؤسسة أخذت على عاتقها ضمان هذا الحق للأطفال المحرومين والنازحين في بلدانهم واللاجئين خارجها، انطلاقاً من اهتمام الشارقة ودولة الإمارات بالقراءة كعنصر حضاري يتجاوز نشره حدودها الجغرافية، ويصل إلى المجتمعات المحيطة تجسيداً لرؤيتها حول أهمية القراءة والمعرفة.
وتقول المازمي: “بهذه الرؤية أضحت مؤسسة كلمات من أبرز المنصات العالمية التي جمعت بين الكثير من أطراف العمل التنموي، لتصبح نموذجاً رائداً في تسهيل وصول الأطفال لمصادر المعرفة، وفي توحيد جهود والمساعي خلف هذه الغاية النبيلة، وهذه المكانة المبنية على منهج عمل مخلص ومؤمن بأهدافه، أهلت المؤسسة في العام 2023، للفوز بجائزة فئة الإشادة الخاصة من (اتحاد الكتب الميسرة) ABC”.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: مؤسسة کلمات شهر القراءة

إقرأ أيضاً:

8 تطبيقات مميزة لمساعدة أصحاب الهمم على تعلم اللغات.. للكبار والصغار

تطبيقات عديدة تساعد ذوي الاحتياجات الخاصة، على تعلم المهارات المختلفة بطريقة تتناسب مع قدرتهم البدنية، منها التطبيقات الإلكترونية لتعلم اللغات المختلفة أو النطق السليم، إذ تسهل عليهم طرق التواصل مع الآخرين، وإكسابهم المهارات اللغوية التي تتيح لهم فرص عمل، ويمكن الاستعانة بها في المنزل، لضمان الراحة وعدم التنقل إلى الأماكن المخصصة لتعلم اللغات. 

تقول الدكتور إسراء إبراهيم، استشاري تخاطب وتعديل السلوك، إن تطبيقات تعلم اللغات لذوي الاحتياجات الخاصة، توفر العوامل التحفيزية التي تثير الانتباه، وتمكنهم من الوصول إلى أكبر قدر من المرونة وزيادة القابلة في التعلم، وتساعد على التعلم بشكل أكثر فاعلية بالأسلوب الذي يساعدهم ويقلل من التوتر والقلق المصاحب للتعلم الجماعي لذوي الهمم.

وعن إمكانية استخدام هذه التطبيقات، تنصح إسراء، بضرورة وجود أحد الوالدين أثناء استخدام الطفل للتطبيق ومتابعته باستمرار، وحمايته من مشاهدة الإعلانات الضارة، وتكرار الكلمات معه ليسهل عليه حفظها. 

أهم التطبيقات التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة

نستعرض أهم التطبيقات التي تساعد الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على تعلم اللغات بشكل أفضل، بحسب ما ذكر موقع «connection academy»: 

1- تطبيق Proloquo 2 Go:

تطبيق تواصل مصمم للأفراد غير القادرين على النطق والمصابين بالتوحد ومتلازمة داون والشلل الدماغي، وهو أداة اتصال يومية ويساعد على بناء المهارات اللغوية. 

2- تطبيق ABC Kids:

من التطبيقات التي يساعد الأطفال على التعلم والتعرف على الحروف ونطقها، وهو مناسب لأطفال المدارس الابتدائية، وفي مراحل تعلمهم الأولى. 

3- Starfall:

تطبيق موجه للطلاب الذين يعانون من التوحد من مرحلة ما قبل الدراسة إلى الصف الثالث، ويقدم مجموعة من المواضيع التنموية التي يتوقع أن يواجهها الطالب في المدرسة، ويقدم كيفية التعامل معها باستخدام الألعاب والأغاني والأنشطة الرقمية. 

4- i can:

تطبيق تعليمي مصمم للمساعدة في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية والرعاية الذاتية والمعرفية والأكاديمية، للطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وهو مناسب للطلاب الذين تتراوح أعمارهم من 3 إلى 14 عاما. 

5- تطبيق Reading Rockets:

من التطبيقات التي تحتوي على مكتبة واسعة من الدروس المختصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وتركز على الطلاقة واللغة الشفوية والوعي الصوتي وفهم المحتوى المقروء، بالإضافة إلى اكتساب مهارات القراءة والكتابة. 

6- Into The Book:

موقع إلكتروني يعمل على توفير الأنشطة الجذابة لفهم القراءة باللغتين الإنجليزية والإسبانية، ويستفيد منه الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في المرحلة الابتدائية من تعليمهم، وتقديم مقاطع فيديو قصيرة مدتها 15 دقيقة لتعلم استراتيجيات القراءة المهمة، مثل تصور الموضوعات المقروءة وتلخيصها.

7- تطبيق Storyline Online:

يعد هذا التطبيق من أفضل التطبيقات المساعدة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يعانون من صعوبات كثيرة للتعلم مثل: صعوبة القراءة، إذ يقدم التطبيق محتوى التعلم من خلال عرض فيديوهات مجانية لقراءة كتب الأطفال بصوت عالٍ، ما يعمل على تطوير مهارات القراءة والكتابة لديهم من خلال اتباعهم النص.

8- تطبيق Mind Node 

يساعد هذا التطبيق الأطفال المصابون بفرط الحركة وصعوبات التعلم في تصور أفكارهم بشكل أفضل، من خلال استخدام الخرائط الذهنية، التي تساعدهم في تنظيم أفكارهم ومعلوماتهم الكثيرة والمتداخلة. 

مقالات مشابهة

  • مؤسسة «خير للناس» توزع البالونات والحلوى بعد صلاة عيد الأضحى على الأطفال في الأقصر
  • علي الحجار.. قصة نبوءة عراف غيرت حياته
  • استفاد منها 41 طفلاً مريضاً بالسرطان… مركز الأمل للأورام بدير الزور يوزع ملابس العيد
  • شاب يُطلق مبادرة داخل منطقته لتشجيع جيرانه علي القراءة في الإسكندرية
  • سليمان الشميمري بطلًا لتحدي القراءة العربي في الكويت
  • 8 تطبيقات مميزة لمساعدة أصحاب الهمم على تعلم اللغات.. للكبار والصغار
  • حياة كريمة تشارك المصريين الاحتفال بعيد الأضحى: هدايا وطرود غذائية وتجهيز يتيمات
  • "مؤسسة إدراك "تطالب بتعزيز الحماية القانونية والاجتماعية للفتيات
  • حياة كريمة تكشف تفاصيل مبادرة تقدر في 10 أيام لطلاب الثانوية العامة
  • منسق «حياة كريمة» بالغربية: «تقدر في 10 أيام» استهدفت 150 ألف طالب بالمحافظات