من مأزق إلى مأزق! كيف تتصرف واشنطن؟
تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT
في عالمنا العربي المشحون مصائب وأزمات وانفجارات ننسى أننا نعيش في عالم لا نتحكم في مساراته ولا ندرك القوى التي تحركه وترسم ملامح مصيره فنرتد على أعقابنا وننكفئ داخل حدودنا لنعاني ما كتب لنا القدر (أو خططته لنا القوى العظمى) من خرائط الانكسار والتقسيم والهزيمة. إن العالم من حولنا يموج كالبحر المتلاطم الأمواج ويهيج كالرمال المتحركة لا تستقر كثبانه على قرار وبالطبع لا يعير اهتماما للشعوب المهزومة المغلوبة على أمرها ولا لحكوماتها ولا لنخبها لأن السياسة يديرها بدهاء من هو أقوى وأشد مناعة ويذهب ضحيتها من هو أهش عظما وأهزل عودا.
ونتذكر ان التنسيق بين العملاقين توقف وتعثر واختلف الاثنان حول تحديد مصير الحكم السوري الأسدي ما بعد الحرب، أي في الواقع مصير الأسد، فإن الحليفين يصطدمان بجدار الاختلاف الكامل، وبالطبع فليس الخلاف هنا حول مصير رجل واحد أو طبيعة نظام، لأن هذه الأمور ثانوية وتافهة بالنسبة لهما، بل هو خلاف حول تحديد المصالح الحيوية لكل من العملاقين.
بوتين أثبت أنه زعيم قيصري (وريث قياصرة روسيا) أعيد انتخابه لدورة خامسة الأسبوع الماضي! وليس مجرد رئيس ذكي مثل أسلافه جورباتشوف ويلتسين فهو يحمل فكرة ثابتة هي عودة الإمبراطورية الروسية بقوة وطمس كل آثار الاتحاد السوفييتي المقبور بشيوعيته وإلحاده، فهو يشرك معه في المشهد بابا الكنيسة الأرثوذكسية مثلما كان يفعل قياصرة روسيا (المقدسة) وهو اليوم من هذا المنطلق يطالب باشتراك موسكو في إدارة كل الملفات الحارقة، كان أولها الملف النووي الإيراني وحل النزاع الأوكراني الروسي بما لا يتنافى مع مصالح موسكو لأنه يمسك بخيوط اللعبة باحتلال جزيرة القرم التي تبتر ساق أوكرانيا وتمنعها من الحركة.
ففي المؤتمر الدولي حول الأمن العالمي الذي انعقد في موسكو الشهر الماضي اتفق القادة العسكريون الروس على ألا يكون التصادم الروسي الأمريكي مؤديا لحرب نووية! وأن حجر الزاوية لضمان الأمن في العالم يكمن في السعي لإيجاد حلول دبلوماسية للأزمات الكبرى وبخاصة من خلال التنسيق بين الدبلوماسيتين في محادثات (جنيف) حول أوكرانيا. لكن الروس لاحظوا بمرارة أن الدبلوماسية الأمريكية لا تحترم بنود هذا المسار السلمي بعد أن ارتكب الرئيس الفرنسي ماكرون خطأ تمثل في القول بأن فرنسا مستعدة للمشاركة بجيوشها في الحرب الأوكرانية ضد روسيا! مع العلم أن هذا التصريح المفاجئ أحدث ردود فعل مزلزلة من اليسار واليمين الفرنسيين معا ومن القيادة الألمانية خاصة مما هدد الاتحاد الأوروبي بالانفجار القريب.
واليوم تجد الولايات المتحدة نفسها في مأزقين اثنين خطيرين خاصة في سنة انتخابات حاسمة: مأزق مع أوروبا حول الحرب في أوكرانيا ومأزق مع كل حلفائها التقليديين في الشرق الأوسط بسبب حرب الإبادة في غزة! وبالتوازي مع هذين المأزقين تتحرك الدبلوماسية الصينية للتذكير بأن الصين دولة عظمى موحدة أي لن تفرط في تايوان ومن جهة ثانية حركت حليفتها كوريا الشمالية لإجراء إطلاق صاروخ بالستي من الجيل الخامس حينما كان مسؤول أمريكي يزور سيول! كما سجل الروس بواسطة بيان صادر عن وزارة خارجيتها موقفا مشككا في نوايا واشنطن و”سعيها لجر الدول الأوروبية الى الحرب الأمريكية ضد روسا بأيدٍ أوكرانية” كما لم يفت البيان الإشارة الى زيارات مسؤولي البنتاغون الى العواصم الأوروبية خلال الأسابيع الماضية وهي الدول الأعضاء في حلف الناتو لحثها على تسريع قبول أوكرانيا في الحلف ولم لا في الاتحاد الأوروبي. وطبعا لم يعد سرا أن دول الحلف الأطلسي تسعى الى تقوية الدفاع المشترك بنشر المنصات الصاروخية بعيدة المدى في بولونيا ودول البلطيق المتاخمة لروسيا مع تركيز قوة تتشكل من 4000 جندي وضابط! وهذا القرار عززته زيارة وزير الدفاع الأمريكي ذاته مصحوبا بقائد أركان الجيوش الأمريكية وذلك تحت ستار تنصيب القائد الجديد لقوات حلف الناتو وإلى جانب تقوية الجبهة الأوروبية فإن واشنطن أكدت عزمها على تكثيف حضورها على أراضي كوريا الجنوبية ونصبت منظومة صواريخ مضادة للصواريخ من نوع (تهاد) تحسبا لأي خطر قادم من الصين أو من كوريا الشمالية. هو تعاقب المأزق تلو المأزق فكيف ستخرج منها واشنطن سالمة في سنة انتخاب رئيسها القادم؟
د. أحمد القديدي – الشرق القطرية
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
صادرات النفط الروسية تهبط إلى أدنى مستوياتها منذ بدء الحرب في أوكرانيا
هبطت الصادرات الإجمالية من النفط الخام والوقود بنحو 400 ألف برميل يوميًا، لتستقر عند 6.9 ملايين برميل يوميًا، في ظل إعادة المشترين تقييم المخاطر المترتبة على تشديد العقوبات الدولية.
شهدت عائدات روسيا من صادرات النفط الخام والمنتجات البترولية تراجعًا كبيرًا في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ غزو أوكرانيا في فبراير 2022 وجائحة كوفيد، وفق ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الصادر الخميس.
ويعزى هذا التراجع إلى الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها الصناعة النفطية الروسية، والتي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الروسي، في ظل استمرار العقوبات الغربية وتصاعد الهجمات الأوكرانية على منشآت الطاقة.
وبحسب الوكالة، انخفضت إيرادات موسكو النفطية إلى 10.97 مليار دولار خلال نوفمبر، بتراجع قدره 3.59 مليار دولار مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
كما هبطت الصادرات الإجمالية من النفط الخام والوقود بنحو 400 ألف برميل يوميًا، لتستقر عند 6.9 ملايين برميل يوميًا، في ظل إعادة المشترين تقييم المخاطر المترتبة على تشديد العقوبات الدولية.
وترافق التراجع في حجم الصادرات مع انخفاض واضح في أسعار خام "الأورال" الروسي الذي فقد 8.2 دولارات من قيمته ليصل إلى 43.52 دولارًا للبرميل، وهو ما ساهم في تقليص العوائد الروسية إلى مستويات متدنية منذ بداية الحرب.
Related أكبر هجوم ليلي منذ بدء الحرب.. روسيا تعلن إسقاط 287 مسيرة أوكرانية و تعلّق عشرات الرحلات الجويةأوكرانيا تؤكد سعيها لـ"سلام حقيقي" مع روسيا وبوتين يُعلن شروطه لإنهاء الحربقبل المحادثات بين كييف وواشنطن.. روسيا تشن هجومًا واسع النطاق على أوكرانياوفي سياق متصل، أشار التقرير إلى أن صادرات روسيا المنقولة عبر البحر الأسود تراجعت بنسبة 42% لتصل إلى 910 آلاف برميل يوميًا، نتيجة الضربات الأوكرانية المتزايدة.
كما سجّل الإنتاج النفطي الروسي تراجعًا إضافيًا، ليستقر عند 9.03 ملايين برميل يوميًا خلال نوفمبر، مقارنة بـ9.24 ملايين برميل في أكتوبر.
ويأتي هذا الانخفاض عند مستوى يقل بنحو 500 ألف برميل يوميًا عن الحصة المخصصة لروسيا في اتفاق "أوبك+".
وفي المقابل، سجلت كازاخستان زيادة ملحوظة في إنتاجها النفطي بلغت 120 ألف برميل يوميًا، ليصل إنتاجها إلى 1.81 مليون برميل يوميًا في نوفمبر، أي أعلى بـ330 ألف برميل يوميًا من حصتها ضمن تحالف "أوبك+".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة