مذابـ.ح في العاصمة بورت ولايزال العالم يتعثر بالتدخل الموعود في كارثة هايتي| شوارع برائحة الجثث
تاريخ النشر: 25th, March 2024 GMT
"امرأة تدفع طفلها الصغير إلى سيارة كانت تنتظرها، وتجره نصفًا بينما تحمي عينيه. ويتبعهم أفراد الأسرة الآخرون بحقائب ثقيلة، متجنبين أعينهم أيضًا، إنهم يغادرون المدينة، على الرغم من أن القيادة عبر الطرق التي تسيطر عليها العصابات محفوفة بالمخاطر، والسبب يكمن في الشارع أمام منزلهم، حيث توجد جثة محترقة، ورفات أحد أعضاء العصابة المشتبه بهم الذين قُتلوا على يد جيرانهم، وقد كانت ركبتاه مثنيتان وجذعه مائل إلى الأمام كما لو كان في حالة دعاء، وأسلاك معدنية ملفوفة حول الجسد المتفحم" .
تلك هي المشاهد المعتادة على مدار ثلاثة أسابيع، حيث ظلت عاصمة هايتي محاصرة في دائرة دموية تتجاوز بكثير عمليات الاختطاف وعنف العصابات التي عرفت بها بالفعل، حيث تشن رابطة متمردة مكونة من عصابات مدججة بالسلاح حربا على المدينة نفسها، وتسعى إلى مناطق جديدة وتستهدف الشرطة ومؤسسات الدولة، فيما تقوم جماعات الأمن الأهلية، الخائفة والغاضبة، بإغلاق أحيائها بالأشجار المقطوعة والسلاسل، وتقتل وتحرق الغرباء المشتبه في انتمائهم إلى العصابات، ويقولون إن هذه هي الطريقة الوحيدة للدفاع عن أنفسهم.
ورغم تلك المجازر، حيث لا تزال الرفات البشرية ملقاة في الشوارع، إلا أن المهمة الأمنية المتعددة الجنسيات التي ظل جيران هايتي يروجون لها منذ فترة طويلة باعتبارها قادرة على تغيير قواعد اللعبة فيما يتصل بمشكلة العصابات، لم يتم العثور عليها في أي مكان، وهنا نرصد تفاصيل الشبكة الأمريكية عن كارثة هايتي.
تحذير بعد تحذير
وكان من الممكن أن تغير هايتي مسارها، فقد مر ما يقرب من 18 شهرًا منذ أن طلب رئيس الوزراء آرييل هنري لأول مرة المساعدة العسكرية الأجنبية، وهي الفترة التي قامت فيها العصابات بتوسيع نطاق حكمها الإرهابي بشكل مطرد عبر ما يقدر بنحو 80٪ من المدينة، ومع الوقت تتوالى الفرص الضائعة لتجنب الكارثة، فقد مر ما يقرب من ستة أشهر منذ أن أذن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بإرسال مهمة دعم عسكري، بدعم من الولايات المتحدة، وكذلك مر شهران منذ أن حذر روبرتو ألفاريز، وزير خارجية جمهورية الدومينيكان المجاورة، المجلس من أن هايتي تقف على "حافة الهاوية".
وعندما بدأت العصابات في هايتي موجة العنف هذه في نهاية شهر فبراير الماضي، طالبت باستقالة رئيس الوزراء الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، وقد استسلم - لكنهم استمروا في الهياج، ومرت عشرة أيام منذ أعلنت الجماعة الكاريبية أن هايتي ستشكل مجلساً انتقالياً، ولكن لم يتم تسمية أحد لهذا المجلس، وتستمر عمليات القتل كل يوم، ويقول ليزلي فولتير، المرشح للمجلس الانتقالي، لشبكة CNN، إنه يشعر بالإحباط إزاء المدة التي تستغرقها العملية السياسية بينما تسيطر العصابات على الأراضي، وأعرب عن ثقته في إمكانية تشكيل مجلس انتقالي خلال الـ 24 ساعة القادمة أذا توفرت الإرادة، ولكن يبدو أن الانتظار قد أصبح هو أحد أسباب الكارثة، في بلد لا يحصل فيه ما يقرب من نصف السكان على ما يكفي من الطعام.
الشرطة بحاجة إلى دعم
الواقع يقول إن قسم كبير من الدولة الهايتية، قد تفكك، واحتلت العصابات محاكمها، وتركت سجونها مفتوحة، ونُفي رئيس الوزراء فعلياً، وتولى وزير المالية مهام منصبه، ومباني وزارة الاتصالات في هايتي نفسها يجتاحها اللاجئون الفارون من هجمات العصابات - وفي مكتبها الأمامي، يجلس الآن أطفال جياع على الأرض ويتأرجحون على كراسي مكتبية متحركة، وقد تكون الشرطة الوطنية في هايتي المؤسسة الحكومية الوحيدة المتبقية التي تعمل بكامل طاقتها، لكنهم يقولون إنهم يعانون من نقص التجهيز ويعملون فوق طاقتهم، ففي كل يوم، ترد الشرطة على هجمات العصابات، فتضربهم في معارك بالأسلحة النارية يتردد صداها في جميع أنحاء المدينة، ليتم سحبها إلى حي جديد في اليوم التالي، بينما تستعيد العصابات الأراضي التي استولت عليها بشق الأنفس.
ويقول العديد من ضباط الشرطة لشبكة CNN إنهم ليس لديهم ما يحتاجون إليه لمواصلة القتال، ويوضح غاري جان بابتيست، مستشار اتحاد الشرطة الوطنية الهايتية 17، لشبكة CNN: "نحن على استعداد للقتال، ومستعدون لإنقاذ البلاد، لكن ليس لدينا أي قيادة، ومعداتنا تنهار، ونحتاج إلى دعم جوي وبحري"، ويقدر أن ما بين 30% إلى 40% فقط من رجال الشرطة لديهم سترات واقية من الرصاص، ويتقاضى ضابط الشرطة العادي أقل من 200 دولار شهريًا، ومع وجود حكومة متقلبة وانخفاض الروح المعنوية في صفوفها، فإنه يشعر بالقلق من أن القوة المتعددة الجنسيات سوف تفشل.
تشارك بها كينيا وجامايكا وبنين وجزر البهاما
وبحسب الـCNN، فمن المتوقع أن تقود كينيا القوة المتعددة الجنسيات، وتضم أفرادا من كينيا وجامايكا وبنين وجزر البهاما وبربادوس وتشاد، ويقول بابتيست: "نحن مستعدون لقوة الدعم المتعددة الجنسيات، وعلى استعداد للعمل معهم، ولكن لم يتم وضع خطة لاستقبال البعثة، ونعتقد أن المهمة ستفشل مثل المهمات الأخرى لأنه لا يوجد إطار للعمل معًا".
وتتشابك القضايا الأمنية والإنسانية في هذه المدينة بشكل وثيق؛ ويقول الخبراء إن حاجة البلاد الفورية إلى المياه النظيفة والغذاء تعني أن التركيز يجب أن ينصب على إعادة تشغيل ميناء ومطار بورت أو برنس، ولكن هذا يعني استعادة الأراضي وإخلاء ممرات النقل الآمنة عبر مدينة مقسمة حاليًا إلى مناطق العصابات.
وفي علامة على عدم اليقين بشأن قدرة هايتي على صد العصابات، قال فولتير، مرشح المجلس، إن الحكومة المقبلة قد تفكر في الاستعانة بشركات أمنية خاصة، وأضاف أنه يتعين على صائدي الجوائز أن يفكروا في ملاحقة زعماء العصابات، الذين ورد أن أحدهم قُتل في بورت أو برنس مساء الخميس، وقال مصدر إن تي جريج قُتل في حي دلماس 66 في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة.
حل مثير للجدل
ورغم أن إضافة قوات أجنبية قد يكون أفضل فرصة أمام هايتي لكسر قبضة العصابات، إلا أن دعوتهم للمشاركة أمر محفوف بالمخاطر السياسية، ويقول الرجال في شوارع العاصمة، إن المجتمع الدولي هو الذي وضعنا في هذا الوضع، وتحدث أحدهم لشبكة سي إن إن، وهو يجلس على دراجته النارية بينما كان يشاهد المركبات تمر أمام جثة متفحمة أخرى في الشارع: "لم يعطونا فرصة للعيش لأنفسنا لأكثر من 200 عام"، فقد أطاح العبيد في هايتي بالحكم الاستعماري الفرنسي الوحشي وأسسوا أول جمهورية سوداء حرة في العالم في عام 1804، لكن المجتمع الدولي تجنبها لعقود من الزمن، وإلا فكيف تفسر حقيقة أن الجماعة الكاريبية اليوم هي التي تقرر مصير الهايتيين؟".
ومع ذلك، ونظراً للأزمة في بورت أو برنس، فإن حتى أولئك الذين يجدون فكرة وجود أيدٍ أجنبية في البلاد أمراً مقيتاً قد يأتون إلى هناك، وكما قال دومينيك دوبوي، سفير هايتي لدى اليونسكو في باريس، أمام الجمعية هذا الأسبوع، فإن هايتي ليس لديها مكان آخر تلجأ إليه بعد "الكابوس الدموي"، ويقول دوبوي: "من أعماق الحفرة التي نجد أنفسنا فيها، نرى أيدي أولئك الذين دفعونا إلى هناك، هذه الأيدي التي لا يزال بإمكانها، إذا أرادت، أن تمد لنا عمودًا".
ولكن إذا كان وصول مهمة أمنية متعددة الجنسيات يبدو بعيداً، فإن أي أمل في التدخل الأميركي يبدو وكأنه مادة من كتب التاريخ، فقد ركزت العمليات الأميركية في هايتي حتى الآن على رحلات إجلاء المواطنين الأميركيين، وهي مهمة لم تبدأ إلا يوم الأربعاء، وفي الوقت نفسه، يعج الهواء فوق بورت أو برنس باستمرار بالرحلات الجوية الخاصة للدبلوماسيين وذوي العلاقات الجيدة.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
هل ينفرط عقد العصابات المتعاونة مع الاحتلال في غزة؟
غزة- ما إن أعلنت إسرائيل مقتل ياسر أبو شباب -رئيس العصابة التي أشرفت على تشكيلها في قطاع غزة– حتى ظهرت خلافات علنية بين أفرادها بالتزامن مع رفع العائلات والعشائر الفلسطينية الغطاء عن أبنائها المنتسبين للعصابات التي ارتكبت جرائم بحق سكان غزة بتوجيه من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفتح جهاز أمن المقاومة باب التوبة أمام العملاء المنتسبين للمليشيات المدعومة من الاحتلال وذلك عقب الضربات التي وجّهتها الأجهزة الأمنية لعدد من عناصرها، مما يرجح أن يسرّع ذلك في انفراط عقد العصابات التي تحتمي بالجيش الإسرائيلي داخل منطقة الخط الأصفر التي لا يزال الاحتلال يسيطر عليها رغم اتفاق وقف إطلاق النار.
ملاحقة العملاءوقال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة إن الاحتلال لجأ إلى تشكيل العصابات الإجرامية بهدف إحداث وزرع الفوضى داخل المجتمع الفلسطيني، لكنها لم تتمكن من تحقيق النتائج التي خطط لها الاحتلال.
ويرى المصدر المسؤول، في حديثه للجزيرة نت، أن العامل الأساسي في فشل خطة الاحتلال، أن هذه العصابات منبوذة ومعزولة شعبيا ولم تجد ظهيرا أو سندا داخل المجتمع، حيث شكّل موقف العائلات والعشائر والقبائل برفع الغطاء عن أي شخص يقوم بالتعاون مع الاحتلال صمام أمان للمجتمع الفلسطيني.
وأكد المصدر أن "مقتل المجرم ياسر أبو شباب، أبرز من كانوا يتزعمون تلك العصابات، هو نهاية طبيعية ومتوقعة له"، مشددا على أن "عوامل فشل العصابات الإجرامية تتزايد يوما بعد يوم، ولن تنجح في تحقيق مساعي الاحتلال الخبيثة".
وقال المصدر المسؤول في وزارة الداخلية إن "العصابات تضع نفسها في مواجهة المجتمع الفلسطيني بمختلف أطيافه، وليس مع الأجهزة الأمنية فقط، ونعمل من أجل المحافظة على حالة الأمن ووأد أي محاولات لخلق الفوضى التي سعى لها الاحتلال".
وبحسب المصدر، فإن الجهود التي بذلتها الأجهزة الأمنية على مدى عامين من الحرب وقدمت خلالها مئات الشهداء، أدت لضعف العصابات التي تمر بحالة من التفكك مع مرور الوقت.
إعلانوكشف المسؤول بوزارة الداخلية أن عددا من عناصر تلك العصابات سلموا أنفسهم مؤخرا للأجهزة الأمنية، التي بدورها تعالج ملفاتهم في إطار القانون.
ودعا المصدر من تبقى منهم لتسليم أنفسهم على الفور، "لأن نهاية الطريق التي يسلكونها معروفة ومصيرهم محتوم، وعليهم أن يعودوا لحضن شعبهم ومجتمعهم قبل فوات الأوان، وأن يتراجعوا عن خيانة شعبهم ووطنهم ومخالفتهم للقانون والأعراف والقيم الفلسطينية".
وشدد المصدر المسؤول على أن الأجهزة الأمنية تتعامل بمسؤولية -وفق القانون- مع كل من يسلّم نفسه من العناصر التي ارتمت في أحضان الاحتلال وتوهمت بأنه يمكن أن يشكل لها الحماية والأمان.
ومن الجدير بالذكر أن مصدرا أمنيا كان قد كشف للجزيرة نت أن الأجهزة الأمنية حاولت خلال الأسابيع الماضية تصفية "العميل" حسام الأسطل، ولكن تم إلغاء العملية في اللحظات الأخيرة "نظرا لظرف ميداني خطير".
وتتخذ العصابات المتعاونة مع الاحتلال من المناطق الشرقية لقطاع غزة أماكن لتمركزها، حيث توجد عصابة أبو شباب التي بات يديرها الآن غسان الدهيني شرق مدينة رفح، في حين تقيم عصابتا حسام الأسطل وشوقي أبو نصيرة شرق خان يونس، بينما تقبع عصابة رامي حلس شرق مدينة غزة، وتتخذ عصابة أشرف المنسي من شمال القطاع موقعا لها.
وقال رئيس التجمع الوطني للقبائل والعشائر الفلسطينية علاء الدين العكلوك، إن الاحتلال لجأ إلى توظيف مجموعة من الأشخاص المرتبطين بسجلات إجرامية، محاولا إضفاء صبغة قبلية وعشائرية عليهم.
ليؤكد في حديثه للجزيرة نت أن الأمر فشل سريعا بعد أن تبرأت منهم قبائلهم وعشائرهم وعوائلهم، ونبذت أفعالهم التي تحولت لاحقا إلى أدوات ضمن تشكيلات جيش الاحتلال الإجرامية في إبادة شعبنا، والسطو على المساعدات ولقمة العيش، واستخدامها في هندسة تجويع الناس وقتلهم.
وأوضح العكلوك أن العشائر تواصلت مع جميع عوائل المتورطين في هذه العصابات، سواء من شكّلها أو من انضم إليها، ومدت يد العون لمن يرغب منهم في العودة إلى أحضان شعبه، ونجحت في إعادة عدد منهم عبر عائلاتهم وقبائلهم، وسجلت "مواقف مشرفة" لعائلات فضّلت أن تُقصف وتنزح على أن ترتكب خطيئة التعاون مع الاحتلال.
وأشار إلى أن العشائر تواصلت مع عائلات كثيرة لإنهاء ملفات أمنية شائكة وكبيرة، وعاد قرابة 70 شخصا غُرر بهم للعمل ضمن العصابات المرتبطة بالاحتلال، وتمت تسوية أوضاعهم مع الجهات المختصة، وكشفوا عن فظائع وجرائم ترتكبها هذه العصابات، ورفضوا أن يكونوا جزءا منها، خاصة أنها تعمل بشكل مباشر مع قوات الاحتلال.
وكشف العكلوك عن ترتيبات اتخذتها العشائر الفلسطينية مؤخرا لإنهاء ملفات عدد من الشباب الذين سلّموا أنفسهم عبر عائلاتهم وعشائرهم، وتتوسط لدى الجهات المختصة لإنهاء ملفاتهم، التي استجابت لفتح باب التوبة لمدة 10 أيام.
وشدد العكلوك على أن أصحاب الملفات والسجلات الأمنية "القذرة" لا يمكن أن يصنعوا قيادة يلتف حولها الشعب، كما أنهم لا يمكن أن يكونوا العنوان الأمثل لليوم التالي (ما بعد الحرب)، لذا فمصيرهم الحتمي هو "مزابل التاريخ"، على حد تعبيره.
بداية التفكك
ويعتبر مدير "مركز الدراسات السياسية" رامي خريس، أن مقتل ياسر أبو شباب، باعتباره أحد أبرز قادة المجموعات المنفلتة المتعاونة مع الاحتلال، شكّل هزة داخلية لهذه العصابات، لكنه لا يعني بالضرورة بداية تفككها الكامل.
إعلانومع ذلك، يقول خريس إن مقتله مؤشر واضح على هشاشة بنيتها، لأنها بطبيعتها مجموعات بلا عقيدة أو تنظيم حقيقي، وإنما تلتقي مصالح أفرادها في إطار ضيق يخدم نفوذا معينا.
وقال خريس، في حديث للجزيرة نت، إن هذه العصابات تعتمد على شخصيات محورية في مناطق محددة، لذلك فإن مقتل القيادي الذي يشكل مركز الثقل يؤدي إلى فراغ داخلي وصراعات نفوذ، رغم أن المجموعة سارعت لتعيين بديل عنه، لكن في مثل هذه اللحظات تنكشف التناقضات الداخلية، وتبدأ كل جهة بصياغة روايتها ومحاولة تبرئة نفسها، وهو بحد ذاته علامة على ضعف بنيتها.
ياسر أبو شباب في مقابلة مع موقع واللا الإسرائيلي: سلاحنا ليس ضد إسرائيل#حرب_غزة pic.twitter.com/On83PHa8k5
— قناة الجزيرة (@AJArabic) July 19, 2025
وأوضح خريس أن هناك عدة عوامل تجعل هذه المجموعات عرضة للتفكك أبرزها:
غياب الرؤية الموحدة؛ فهي ليست تنظيمات ذات خلفية فكرية أو سياسية، بل تتحرك بدافع حماية مصالح أفرادها، وكثير من عناصرها لديهم تاريخ من القضايا الجنائية أو ملفات عمالة (تعاون مع الاحتلال)، مما يدفعهم للالتحاق بهذه العصابات بحثا عن حماية أو نفوذ أو مال. التنافس على التمويل والحماية الإسرائيلية؛ إذ تعتمد هذه المجموعات بشكل أساسي على دعم مباشر أو غير مباشر من الاحتلال، وتتنافس فيما بينها على توسيع حصتها من هذا الدعم، ما يخلق صراعات داخلية متكررة. ضعف البنية القيادية؛ إذ لا تمتلك هذه العصابات هيكلا تنظيميا ثابتا، ومقتل القيادي الذي يشكل مركز الثقل يؤدي إلى فراغ داخلي وصراعات نفوذ بل تقوم على مجموعات صغيرة مرتبطة بأشخاص محددين، لذلك تؤدي الاغتيالات أو الاختراقات الأمنية إلى انهيار الروابط بسرعة. ضغط المقاومة والأجهزة الأمنية الوطنية؛ مما يخلق حالة خوف وارتباك داخل صفوفها، ويدفع بعض العناصر للانسحاب أو التعاون أو تسريب المعلومات. انعدام الثقة؛ فطبيعة هذه المجموعات قائمة على الشك والخيانة، ولا تربط أفرادها أي قيم أو مبادئ مشتركة، مما يجعل كل عنصر يتوقع أن يتخلى عنه زميله عند أول اختبار. تخلي العشائر؛ وتبرؤ العائلات من أفراد تلك العصابات ورفضها تغطيتهم اجتماعيا، يجعلهم بلا حاضنة، ويعمّق عزلتهم، ويمنع تمددهم، ويغذي الانشقاقات داخل صفوفهم بسبب الخوف من "العار العشائري". كما أن الإجماع الشعبي على رفض الفوضى والنظر إلى هذه المجموعات باعتبارها أدوات للاحتلال، يجعل أفرادها يدركون أن استمرارهم معها أشبه بانتحار اجتماعي وسياسي.