يقول خبراء إن سماح الولايات المتحدة الأميركية بتمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بوقف القتال في قطاع غزة، يمثل خطوة مهمة على طريق تحول موقف واشنطن إزاء الحرب الإسرائيلية، لكنه لن ينفذ، ولا يعني انتهاء الدعم الأميركي لإسرائيل بصفة عامة.

ومثّل امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار الذي وافق عليه مجلس الأمن اليوم الاثنين، وعدم استخدامها حق النقض (الفيتو) سابقة في الموقف الأميركي من الحرب، رغم تأكيد مسؤوليها أنه "لا يعني تحولا في سياستها".

خطوة صغيرة ومهمة

وبعيدا عن تأكيد واشنطن عدم وجود تحول في سياستها، فإن الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي يرى أن سماح واشنطن بتمرير قرار مجلس الأمن "يمثل خطوة مهمة وصغيرة لكنها في الوقت نفسه قابلة للبناء عليها رغم ما تنطوي عليه من ألغام".

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال مكي إن الولايات المتحدة -بحديثها عن عدم إلزامية القرار- أرادت تفريغه من قيمته لأنها ليست شريكة فيه، فضلا عن سعيها لاستغلاله في ملف المفاوضات المتعلقة بالأسرى.

الرأي نفسه ذهب إليه الدبلوماسي الأميركي السابق تشارلز دان بقوله إن ما حدث يمثل تحولا سياسيا أميركيا كبيرا، وإنه رسالة لطرفي الحرب بأن عليهما التوصل لاتفاق.

ومع إقراره بأن الخطوة لا تمثل انتصارا كبيرا للجانب الفلسطيني، إلا أن دان يعتقد أنه "يمثل انتصارا صغيرا ويعطي مؤشرا مهما على أن الصبر الأميركي تجاه إسرائيل بدأ في النفاد".

ليس هذا فقط، فإن القرار أيضا ستكون له تداعيات كبيرة على الداخل الأميركي الذي يعيش انقساما بسبب تحول كثيرين إلى دعم الاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين، وأيضا في الداخل الإسرائيلي الذي ينظر لمواقف واشنطن السياسية باهتمام كبير، كما يقول دان.

وبناء على ذلك، فإن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يتعامل بحذر مع هذا التغير الصغير لأنه قد يكون مقدمة لتغير أكبر ربما يفضي للإطاحة به من منصبه، لأن واشنطن لديها اتصالات عميقة وقوية مع الساسة الإسرائيليين، وفق مكي، الذي يقول إن الولايات المتحدة "أرادت إيصال رسالة لنتنياهو بأن عليه الانصياع لما تريده في الحرب وبعدها بما يتماشى مع المصالح الأميركية وإلا جاء غيره لتنفيذ المهمة".

قرار ملغّم

ورغم الرد القوي من نتنياهو على الموقف الأميركي والذي تمثل في إلغاء زيارة وفد إسرائيلي كانت مقررة لواشنطن من أجل بحث العملية العسكرية التي تريد إسرائيل شنها في رفح، فإن الأمر برمّته قد لا يعكس الموقف الإسرائيلي من قرار مجلس الأمن الذي يصب في مجمله في صالح إسرائيل، برأي مكي.

فمن وجهة نظر مكي، حاول نتنياهو فقط إيصال رسالة لواشنطن بأنها ما كان عليها المضي قدما في هذه الخطوة دون التشاور معه من جهة، وسعى لإرضاء الجانب المتطرف في حكومته من جهة أخرى.

لكن إذا ابتعدنا عن هذه السجالات المعلنة، فإن مجمل القرار -برأي مكي- يصب في صالح إسرائيل لأنه ينص على إطلاق سراح كافة الأسرى دون شروط، ولا ينص على انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع ولا على عودة النازحين لمناطقهم، أي أنه يمثل انتصار كاملا لإسرائيل من الناحية العملية، حسب قوله.

لذلك -يضيف مكي- قد يلجأ نتنياهو للاتفاق مع واشنطن لاحقا على أن يلتزم بوقف القتال خلال الأسبوعين المتبقين من شهر رمضان كما نص القرار، لكن بعد التزام حماس ببند إطلاق سراح الأسرى دون شروط.

وهنا يظهر ما في هذا القرار من ألغام "لأنه يحقق لإسرائيل كل ما تريد ولا يحقق للمقاومة أي شيء مما تريد"، برأي مكي، الذي يعتقد أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "لن تقبل أبدا بتنفيذ القرار لأنه ينسف كل المفاوضات التي جرت في الفترة الماضية".

ومع ذلك، يرى الدبلوماسي الأميركي السابق أن الموقف الأميركي الأخير غير معتاد خلال هذه الحرب، و"يعني وجود شروط جديدة للعلاقة الأميركية الإسرائيلية"، برأيه.

صحيح أن الموقف الميداني لن يتغير، كما يقول دان، لكن الموقف الحالي "يشير إلى وجود قناعة جديدة لدى الأميركيين بشأن ما يحدث في غزة، وهي قناعة تفضي إلى أن على إسرائيل مراجعة سير الحرب وخصوصا فيما يتعلق بمدينة رفح جنوبي القطاع، وأيضا ما يتعلق بمبيعات الأسلحة واستخدامها في غزة".

ومع تأكيده أن واشنطن لم تتخل بشكل كبير عن إسرائيل، فإن دان يعتقد أن الولايات المتحدة "غاضبة إلى حد ما من معدل الرفض الذي تتلقاه من نتنياهو، وهو ما دفعها لاتخاذ هذا الموقف، خصوصا مع التراجع الكبير لشعبية بايدن حتى داخل صفوف الديمقراطيين".

وفيما يتعلق برد نتنياهو على القرار الأميركي، قال دان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يواصل خلق معارك مع واشنطن من أجل مصالحه الخاصة، معربا عن اعتقاده بأن إدارة بايدن "ستتخذ موقفا إزاء هذا السلوك".

وفي الأخير، قال مكي إن القرار "يمثل بداية صغيرة لكنها قد تكبر، لأن قوة إسرائيل مستمدة من أميركا، وهو ما يفرض على نتنياهو وضع غضب واشنطن في اعتباره لأنه في حالة حرب ويحتاج دعمها العسكري والسياسي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الولایات المتحدة مجلس الأمن

إقرأ أيضاً:

محللون إسرائيليون: إيران لم تفقد برنامجها النووي والحرب كشفت عدم وجود معارضة

ناقش الإعلام الإسرائيلي النتائج النهائية للحرب مع إيران والتي قال محللون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوقفها بشكل منفرد، وإنها لم تنجح في تحقيق أهدافها بشكل تام وكشفت عن عدم وجود معارضة حقيقية يمكنها إسقاط النظام في طهران.

فقد أكدت مراسلة الشؤون السياسية في قناة كان الرسمية يعرا شيبرا أن نتنياهو بدأ اجتماع المجلس الأمني المصغر (الكابينت) بإبلاغ الأعضاء أنه اتفق مع الرئيس دونالد ترامب على وقف إطلاق النار في إيران، وأن العملية حققت أهدافها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من ساعد إسرائيل في تجسسها على إيران؟list 2 of 2كاتب تركي: لهذه الأسباب تركيا ستنتصر في أي حرب مع إسرائيلend of list

ووفقا لشيبرا، فقد طلبت وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغيف أن تكون المهمة المقبلة تقويض النظام الإيراني، كما شددت وزيرة الاستخبارات غيلا غملئيل على ضرورة إسقاط النظام، في حين طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بمواصلة الهجوم عدة أيام وإضافته لأهداف الحرب.

لكن نتنياهو لم يعلق على هذه المقترحات، وأنهي الحديث بأن نتائج الحرب قد تحققت، وأن إسرائيل ستذهب لوقف إطلاق النار دون أن يجري تصويتا على القرار، وفق شيبرا.

كما تحدث شيبرا عن الإنجازات التي حققتها إيران خلال هذه الحرب، والتي قالت إنها لا يمكن تجاهلها، مشيرة إلى أن الإيرانيين أطلقوا نحو 450 صاروخا باليستيا على إسرائيل قتلت 28 إسرائيليا وجنديا واحدا، وأصابت 3238 آخرين، بينهم 23 حالاتهم خطيرة.

ودفعت هذه الضربات -وفق شيبرا- نحو 15 ألف شخص لإخلاء بيوتهم بسبب أضرار الحرب، وقد تلقت الحكومة 30 ألف طلب تعويض، وقدرت الأضرار بـ1.32 مليار دولار (4.5 مليارات شيكل).

وفي حين أشارت شيبرا إلى عدم إمكانية التعويض عن كل شيء فيما يتعلق بالضرر الذي لحق البنية التحتية والقواعد العسكرية، فقد أشارت إلى ضربات قوية طالت معهد وايزمان للعلوم ومصفاة النفط في حيفا ومستشفى سوروكا والبنية التحتية لشبكة الكهرباء في أسدود وعسقلان، وقالت إن إصلاح هذه المنشآت يتطلب الكثير من الوقت والمال.

إعلان

المهمة لم تنته

وعن النتائج العسكرية للحرب، قال القائد السابق لسرب 68 الجوي اللواء احتياط مائير موست لقناة "24 نيوز" إن البرنامج النووي الإيراني تلقى ضربة قاسية لكنه لم يدمّر تماما، وإن النتائج النهائية ليست معروفة حاليا.

وأشار إلى أن الحرب انتهت في حين أن المهمة لم تنته، مرجحا أن يواصل الإيرانيون العمل على البرنامج، وقال "إن الأمر ربما يستغرق عامين أو 5 أعوام، لا أحد يعرف، لكنهم قادرون على تأهيل المواقع أو بناء مواقع جديدة".

ورجح موست أن يعيد الإيرانيون بناء الطرد المركزي بإصرار وربما بذكاء أكثر، وقال إنهم قد يذهبون لسلاح نووي من نوع آخر.

أما محلل الشؤون السياسية في القناة 13 رفيف دروكر، فقال إن أيا من أهداف الحرب التي أعلنها نتنياهو لم يتحقق لأن برنامج إيران النووي لم يعد سنوات إلى الوراء.

ووفقا لدروكر، فإن الإيرانيين ربما تمكنوا من وضع يدهم على المواد المخصبة، وهو أمر تقول الاستخبارات الإسرائيلية إنهم قادرون عليه، وإنه يجعهلم قادرين على امتلاك مواد مشعة لتصنيع سلاح خلال شهور لكنه لا يعني امتلاك سلاح نووي.

وخلص دروكر إلى أن التقديرات تشير إلى أن إيران قد تعود إلى النقطة التي كانت فيها قبل بداية الحرب وربما تكون أكثر تقدما فيما يتعلق ببرنامجها النووي.

لا توجد معارضة

وفيما يتعلق بالبرنامج الصاروخي الإيراني، نقل دروكر عن مسؤول عسكري إسرائيلي كبير أنه "لا يمكن القول بشكل قاطع إن الإيرانيين لم يعودوا قادرين على تصنيع صواريخ باليستية محليا، لأنه لا توجد معلومات بهذا الشأن، والأكيد أنهم لا يزالون يمتلكون فعليا مئات من هذه الصواريخ على الأقل".

وبناء على هذه التقديرات، قال المحلل ومقدم البرامج في قناة 12 يائير شركي إن البرنامج النووي الإيراني هو لبّ المسألة، وإن إسقاط النظام في طهران سيكون الطريقة الأنسب للقضاء عليه إذا كانت التقارير الأميركية التي تتحدث عن عدم تدميره صحيحة.

وأخيرا، قال الخبير في الشؤون الإيرانية داني سيترينوفيتش للقناة 13 إن هذه الحرب كشفت عدم وجود معارضة حقيقية في إيران يمكنها أن تكون بديلا للنظام الحالي، "الذي يمكنه حماية نفسه رغم أنه ضعيف وربما يعزز مكانته بشكل أكبر مما كان بسبب هذه الحرب".

مقالات مشابهة

  • متخصص في الشأن الإسرائيلي: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس
  • محللون إسرائيليون: إيران لم تفقد برنامجها النووي والحرب كشفت عدم وجود معارضة
  • محللون إسرائيليون: هذا ما يجعل جنودنا صيدا سهلا في غزة
  • هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟
  • ستيف بانون: حكومة نتنياهو كذبت على ترامب وتُهدد دعم إسرائيل في واشنطن
  • ولي العهد يرحب بوقف إطلاق النار في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي
  • هل يصمد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران؟ محللون يجيبون
  • أكسيوس تكشف انفعال ترامب ضد نتنياهو ..ومكتب قائد الاحتلال ينفذ ضربة ختامية على إيران
  • تحالف الأحزاب يرحب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران
  • الملف النووي الإيراني على طاولة مجلس الأمن اليوم