العلماء يحددون أفضل بقعة في المريخ لنزول البشر عليها.. ما هي؟
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
يعتبر إرسال بعثات بشرية مأهولة إلى كوكب المريخ من الأحلام الكبيرة التي يطمح إليها العلماء والمستكشفون، لذا تسعى وكالة NASA، بالإضافة إلى شركات الفضاء الخاصة، مثل سبيس إكس بقيادة إيلون ماسك، إلى تحقيق هذا الحلم في السنوات القليلة القادمة.
لكن قبل أي خطوة عملية، يتطلب الأمر تحديد أفضل المواقع على سطح المريخ التي يمكن أن تكون مناسبة لاستقبال البشر.
اختيار الموقع المناسب على المريخ يعتبر خطوة حاسمة لتحقيق نجاح البعثات المأهولة. يجب أن تكون المواقع المختارة توفر ظروفًا مناسبة للحياة، مثل وجود الماء، ودرجات حرارة معتدلة نسبيًا، والتضاريس التي تسهل عمليات الهبوط والصعود.
تعتبر البقعة الأكثر شعبية في الأبحاث الحالية هي منطقة "مارس" السهلية، حيث تم تقديم شواهد على وجود مياه سطحية في الماضي.
من الجانب البيئي، يتطلب احتساب العوامل الخاصة بالطقس والمناخ المريخي، حيث يعرف المريخ بكونه كوكبًا باردًا وجافًا. بينما يسعى العلماء إلى اختيار مناطق قريبة من القطبين الشمالي والجنوبي حيث يمكن أن تكون هناك مخزونات من الماء. لذلك، يدرس العلماء بعناية كيفية تطوير بيئة مأهولة آمنة وصالحة للحياة البشرية.
تكنولوجيا بعثات المريخلتحقيق البعثات المأهولة إلى المريخ، تحتاج الوكالات الفضائية إلى تكنولوجيا متقدمة تشمل مركبات الهبوط، وأنظمة دعم الحياة، وكذلك تقنيات الاتصالات. تجارب سابقة مثل روفر "برseverance" تساعد في جمع البيانات الضرورية لاختيار المواقع المناسبة، وكذلك تقدير الموارد المتاحة للعقبات المستقبلية.
تواجه البعثات إلى المريخ العديد من التحديات مثل الإشعاع الكوني، الحصول على الغذاء، وخزانات الأكسجين، لذا يتوجب استثمار المزيد من الأبحاث في حلول مستدامة، مثل الزراعة في بيئات غير مألوفة ومعالجة الموارد المحلية، مما يجعل البقاء على المرّيخ أكثر سهولة.
مع التطور السريع في تكنولوجيا الفضاء وزيادة الاستثمارات من الحكومات والشركات الخاصة، يبدو أن تحقيق حلم العيش على المريخ أصبح قريباً أكثر من أي وقت مضى. هذا الأمر يتطلب جهدًا واسعًا وتعاونًا دوليًا لوضع الأساسات اللازمة لاستكشاف عوالم جديدة والاستعداد للعيش في واحدة منها.
السعي نحو المريخ ليس فقط مرآة لأحلام العلماء، بل هو تحدٍّ يستدعي قدراً كبيراً من التحضير والفهم العميق. ومع الوقت، قد نرى أول تدخل بشري حقيقي في عالم الكواكب الأخرى، مما يفتح أبواباً جديدة أمام البشرية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المريخ أخبار الفضاء ناسا
إقرأ أيضاً:
نحو سياحة عُمانية فعّالة
دائما ما ينتابني الشعور بالسرور حين تتخالجني «دوبامينات» الدماغ مع لحظات الوعي بموقعنا الجغرافي المتميّز في سلطنة عُمان؛ إذ أكرم اللهُ عُمانَ بتنوع جغرافي مدهش يجمع بين جمال الجبال واعتدال درجات حرارتها وبين البحار ذات الشواطئ الجميلة والهواء العليل البارد -في بعض المواقع- صيفا وبين البساط الأخضر والصيف البارد جنوبا وبين الصحراء الشاسعة الذهبية التي تأسر النفس وتوقد إلهام العقل المتأمل وبين المعالم التاريخية التي استطاعت أن تتناغم مع لمسات الحاضر فتنقل السائح إلى لحظات «زمكانية» يتوق إلى تجربتها. شاءت كلُ المزايا الجغرافية -التي حباها الله لعُمان- أن تهيأ كل الأسباب لتجعل من عُمان وجهةً سياحيةً طوال العام، ولتكون من ضمن الدول القليلة التي تتميّز بمواسم سياحية مستمرة طوال العام.
شهدنا -مؤخرا- انطلاقةً أسرعَ في مشروعات السياحة الداخلية وتنميتها؛ فتعكسه التطويرات المستمرة للمرافق السياحية وترويجٌ جاذبٌ للسياحة يعتمد وسائل معاصرة، وتأكيد ذلك ما حدث ويحدث في محافظات وولايات مثل محافظة ظفار والجبل الأخضر من حيثُ تشييد مزيد من المرافق العامة وتفعيل أفضل للفعاليات وزيادة الاستثمارات السياحية مثل الفنادق والمنتجعات، وهذه خطوة إيجابية تعكس الجهود الحكومية عبر تشجيع الاستثمار السياحي ودعمه بجانب الدعم الحكومي المباشر في تطوير المرافق العامة والبنى التحتية بأنواعها. نجدها كذلك -عبر الجهود الأهلية ودفعها بالاستثمار السياحي الداخلي وبوجود الدعم الحكومي- في تطوير السياحة التراثية والتاريخية المتمثلة في ترميم الحارات القديمة وتحويلها إلى قرى تراثية تجمع بين مظاهر الماضي ومستلزمات الحاضر، وتمنح السائح فرصة لخوض تجربة جديدة يمكن أن تمتد إلى عدة أيام تجعله منسجما مع زمن جديد كأنه ولج إليه عبر آلة الزمن.
رغم هذه الانطلاقة المُلفِتة في دعم السياحة العُمانية؛ فإننا ما نزال نرى مظاهر سياحية إما مفقودةً أو تتطلب التحسين والمواءمة، ونجد مواقع عُمانية جغرافية -تصنّف في قائمة المواقع السياحية المهمة- بحاجة إلى مزيد من التفعيل السياحي وتقويته مثل الأشخرة التابعة لولاية جعلان بني بو علي وجزيرة مصيرة في محافظة جنوب الشرقية وشاطئ بر الحكمان في محافظة الوسطى الذي أطلق عليه «مالديف الخليج»؛ فعبر تجربة شخصية كنت أحاول أن أبحث عن مرافق سكنية فندقية في هذه المواقع العُمانية ذات الطابع السياحي؛ فلم أجد -للأسف- الفئة الفندقية المرجوة وأعدادها الكافية؛ فمعظم ما يتبقى من سكنات -لا يصنّف معظمها من الفئات الفندقية- ينفد بسرعة ولا يلبي طلب السائح؛ فيضطر أن يُحدثَ تغييرا في خطته السياحية لهذه المناطق الجميلة التي تستحق الزيارة فترة الصيف نظرا لاعتدال درجات حرارتها. كذلك شدّني النشاط السياحي التراثي عبر استغلال القلاع والحصون العُمانية سياحيا بفتحها أمام الزوار والسُيَّاح، وهذا نشاط سياحي مهم تمارسه كثيرٌ من دول العالم ذات الإرث التاريخي المشابه لعُمان، ولكن من المهم أن نجعل لهذا الانفتاح السياحي بعض الضوابط التي تحفظ لمثل هذه المعالم هيبتها التاريخية، وألا تتجاوز هذه النشاطات -خصوصا تلك التي تدخل في نطاق المواقع ذات الطابع التاريخي أو الديني- حدود القيم العُمانية المرتبطة بدينها الإسلامي وثقافتها العربية المحافظة؛ فينبغي أن تراعى مكانة هذه الحصون والقلاع العُمانية بما يتوافق مع قيمتها التاريخية والدينية -كونها ارتبطت بشخوص وأحداث ساهمت في حفظ مجد عُمان وسيادتها- عن طريق وضع شروط -غير تعجيزيّة- تحدد معايير عامة للباس المحتشم مثل الذي يُفرض لزوار المواقع الدينية أو مراكز التسوّق «المولات»، وهذا أمر نجده في كثير من دول العالم -كثير منها غير عربية- التي تصون حرمة مواقعها الدينية أو التاريخية.
لا أتصور أن خطط التطوير السياحي والاستثمار فيه غائبةٌ عن ذوي الشأن، ولست متخصصا في الحقل السياحي لأضع التوصيات التي يمكن للمتخصصين أن يفقهوا مفاصلها وتحدياتها، ولكنني مع طرح عام بطابع الرأي، وأسعى بواسطته أن أرى مزيدا من التحسين في قطاع السياحة العُماني دون أن نبخس جهودا مستمرة تُبذل بكل إتقان وإخلاص مع علمي بأن حمل السياحة وتطويرها لا يمكن أن نضع كل ثقلها على وزارة بعينها مثل وزارة التراث والسياحة التي ينطوي عليها مسؤولية التنظيم والتشجيع والترويج والدعم، ولكن ثمّة تفرعات أخرى تتعلق بتنمية السياحة وتطويرها تتصل مسؤوليتها بجهات حكومية أخرى أو جهات خاصة ومجتمعية، وأذكر في هذا المقام لقاء جمعني بصحبة والدي قبل عدة سنوات مع الوزير المتقاعد أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة السابق وبمعية بعض مستشاري الوزارة ومديري عمومها لبحث سبل التطوير السياحي لـ«حارة العين» في ولاية إزكي؛ فاتضحت لي -عبر تطرّق عام لشأن السياحة العُمانية- صورة أفضل لقطاع السياحة في عُمان وحجم الطموحات والجهود المبذولة بجانب التحديات التي ينتج بعضها من الزاوية المجتمعية وتعقيداتها التي تراعي الحكومةُ حقوقَها -الفردية والعامة- وخصوصياتها وبعضها الآخر يتعلق بالاستثمار السياحي والمستثمر الذي يبحث عن سبل تحقيق مصالحه. لعلّنا نحتاج إلى مراجعة شاملة مع نهاية كل عام نكشف عن طريقها مدى رضانا عن عدد الزائرين -من الخارج ومن الداخل- ونقارنه بأعداد الزائرين لدول أخرى في المنطقة؛ إذ مع استشهادنا بما تُظهره إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، بلغ عدد الزائرين -من الخارج- إلى سلطنة عُمان حتى نهاية ديسمبر عام 2024 3.89 مليون سائح، وبجانب هذا الرقم الذي يمكن أن يراه بعضنا رقما لا بأس به؛ فإننا نحتاج إلى نتجاوز مظاهر القناعة والرضا في بعض الحالات مثل هذه؛ لنقارنها بشكل إقليمي وعالمي، ولنجعل طموحنا أكبر؛ فعُمان أرض حباها الله بتضاريس نادرة تغبطها عليها دولٌ كثيرةٌ بالإضافة إلى نعمة الأمن والأمان والكرم وحسن الخلق عند العمانيين عامة وكفاءة التنظيم الحكومي المواكب للتقدم الرقمي وقوانينه الصارمة التي أكسبَ البلاد سمعة لتكون من ضمن أقل معدلات الجريمة في العالم ومن ضمن أنظف دول العالم. كل ما نحتاجه أن نواصل المسير في تنمية قطاع السياحة ليشمل بقية الولايات والبقع الجغرافية الجميلة التي لم تنل نصيبا كافيا من الازدهار السياحي الجاذب للعنصر البشري التواق للجمال المرتبط بكل سبل الراحة والتيسير، ونحتاج أن تمتد ضوابط اللباس المحتشم والسلوكيات الأخلاقية لتشمل أروقة معالمنا التاريخية مثل القلاع والحصون لإبقاء عنصر الهيبة العُمانية شامخا لا تزعزعه فرضيات «مواكبة العصر» و«الانفتاح السياحي» غير المقنن والمنضبط.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني