استخدم عدد كبير من البشر مستحضرات تجميل تحتوي على سموم قاتلة عبر عقود مضت، وذلك من أجل الحصول على بشرة ناصعة خالية من العيوب.

بالطبع، غالبا ما كان يؤدي هذا المكياج الضار إلى تدهور بشرة المستخدمين، ويتسبب في آثار جانبية على الصحة والجسم، وفي بعض الحالات الحادة يتسبب في الوفاة أيضا.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تحمين بشرتك من الكيميائيات في مستحضرات التجميل رخيصة الثمن؟list 2 of 4دراسة حديثة: مستحضرات التجميل والشامبو قد تقلل من فرص الحملlist 3 of 4ثروة إحداهن تبلغ 600 مليون دولار بعمر 25 عاما.

. كم تملك أغنى الوجوه النسائية في عالم التجميل؟list 4 of 4تغنيك عن مستحضرات البشرة.. ماذا تعرفين عن فوائد الأطعمة التجميلية؟end of list

وتُعد ماريا غانينغ، كونتيسة كوفنتري بإنجلترا، والتي عاشت في القرن الثامن عشر، أفضل مثال معروف للوفاة بسبب متطلبات الجمال القاتلة آنذاك بعد أن استخدمت المكياج، المملوء بمادة الرصاص السام والزئبق، لتفتيح لون بشرتها.

طلب الجمال بأي ثمن

يعود استخدام مستحضرات التجميل التي تحتوي على مادة الرصاص إلى مئات السنين عبر التاريخ. إذ قامت النساء في الإمبراطورية اليونانية والرومانية بتبييض بشرتهن بمساحيق وكريمات مصنوعة من المادة السامة، واستخدمت النساء الرومانيات الأرستقراطيات خصوصا الرصاص الأبيض المسمى "سيروسا" كمُرهم أساسي يوضع قبل مستحضرات التجميل.

كذلك لم يخل الكحل المصري القديم من المواد السامة، إذ كشفت الأبحاث الحديثة أنه كان مصنوعا من مزيج من كبريتيد الرصاص والنحاس والكحل.

ومن القرنين الـ15 إلى الـ18 تقريبا، استخدم النساء والرجال الأوروبيون كريما (مُرهما) مصنوعا من الرصاص الأبيض والخل للحصول على مظهر "بياض الموتى" الذي كان رائجا للغاية في ذلك الوقت.

وكان السيروز الفينيسي، وهو نوع من مستحضرات التجميل ومبيضات البشرة التي تحتوي على الرصاص، شائعًا بين الأثرياء خلال تلك الفترة بسبب تغطيته الفائقة ولمسته النهائية الناعمة.

وكان معلوما أن ملكة بريطانيا إليزابيث الأولى كانت تغطي بهذا المستحضر وجهها بالكامل لكي تغطي آثار حبوب الجذري التي عانت منها.

ولكن الآثار الجانبية لهذا الكريم الخطير شملت تغير لون الجلد بشكل دائم، وتآكل مينا الأسنان، وفقدان الشعر، والمرض غير المفهوم أسبابه الكامنة في تلك الفترة.

الملكة إليزابيث الأولى (غيتي) ماريا ذات الجمال الأخّاذ

ولدت ماريا في هيمنغ فورد غراي الأيرلندية عام 1732، ونشأت في أسرة فقيرة ومتواضعة. بينما كانت لا تزال صغيرة، وضعتها أمها وشقيقتها الصغرى إليزابيث على خشبة المسرح في العاصمة دبلن من أجل كسب لقمة العيش. وهناك تمكنتا من التعرف على شخصيات فنية شهيرة.

وفي القرن الثامن عشر، كان التمثيل وصمة عار اجتماعية، لكن سعت إليه بعض الطبقات لأنه قد يتيح فرص الحصول على الرعاة الأثرياء.

وبحسب وصف الكاتب والسياسي هوراس والبول، فقد كانت الفتاتان الأيرلنديتان ذواتا الأصل الفقير هما أشهر فتاتين في المجتمعات الراقية في ذلك الوقت، وذلك بسبب جمالهما الأخاذ.

وقد بلغت سمعتهما لندن، وأسرت ماريا بلاط قصر سانت جيمس الملكي لدرجة أن أرفع النبلاء في الدولة حاولوا التقرب إليها. وكان أحد هؤلاء الأرستقراطيين جورج ويليام (إيرل كوفنتري) الذي عرض الزواج على ماريا.

أهمية البشرة البيضاء للأرستقراطيات

كانت السيدات الراقيات في بلاط لويس الخامس عشر يثمن البشرة البيضاء الشاحبة والخدود الحمراء الزاهية.

فكان بياض البشرة رمزًا للمكانة والرقي في ذلك العصر، وهو ما يميز سيدات المجتمع، مقابل المرأة ذات البشرة الداكنة التي كان عليها أن تعمل في الحقول من أجل لقمة العيش. وبالتالي، حذت ماريا حذو أرستقراطيات لندن، ووضعت البودرة البيضاء وأحمر الوجنتين، وهي المستحضرات التجميلية التي دخلت في صناعتها مركبات سامة مثل الرصاص.

وبسبب شهرتها الفنية التي حققتها في أشهر مسارح لندن في ذلك الوقت، حرصت الشابة الأيرلندية على مواكبة صيحات الموضة والجمال، والحرص على مظهرها طوال الوقت أمام معجبيها، وكادت لا تفارق مستحضرات التجميل بشرتها.

استخدام يومي لمستحضرات تجميل سامة

بالنسبة للمبيض الذي استخدمته، فقد استخدمت السيروز، وهو مزيج من أكسيد الرصاص والهيدروكسيد والكربونات. وبالنسبة للأحمر فكان الزنجفر، وهو شكل قرمزي من كبريتيد الزئبق؛ ولأحمر الشفاه استخدمت مستخلص الأعشاب البحرية الذي يحتوي أيضًا على الزئبق.

لم تكن الطبيعة السامة لهذه المركبات مفهومة في ذلك الوقت، كما كانت معظم النساء يستخدمن مستحضرات التجميل فقط في المناسبات الخاصة.

لكن بالنسبة لماريا، كان الاستخدام اليومي لمستحضرات التجميل هو الذي أدى لتعرضها إلى نهاية مأساوية، حيث اختلط الرصاص مع الرطوبة الموجودة في بشرتها لتكوّن أحماضا أكلت وجهها تدريجيا.

نهاية مأساوية بسبب المكياج

بدأ جلد ماريا يتقشر، متسببا في حدوث ندوب عميقة، أدت بدورها لدفع الفتاة الجميلة إلى وضع المزيد من المستحضرات لإخفاء العيوب.

شيئًا فشيئا، تسرب الزئبق إلى عروقها، وبدأت تشعر بمرض شديد لا يفارقها.

ونتيجة لخسارتها جمالها الذي تحاكى به المجتمع اللندني الراقي، قيل إنها قضت عامها الأخير في غرفة مظلمة لا ترى أحدا.

توفيت ماريا غانينغ يوم 30 سبتمبر/أيلول 1760 عن عمر يناهز 28 عاما، وتركت وراءها زوجا و4 أطفال صغار.

ورغم أنه لم يتم إجراء تشريح للجثة، فإن الكثير من الناس اعتقدوا أن هذه المرأة الشابة ماتت بسبب السل. لكن بحسب التحليلات والتحقيقات الحديثة، يُعتقد بشكل كبير أنها ماتت بسبب التسمم المعدني، إذ قضت نحبها بسبب مستحضرات التجميل التي كانت تستخدمها، وتُعرف عبر التاريخ بكونها إحدى أولى ضحايا المكياج.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مستحضرات التجمیل فی ذلک الوقت

إقرأ أيضاً:

مدى الفاتح يكتب: “المتعاونون”: عن “الحركيين” السودانيين

كان الكاتب السوداني محمد عثمان إبراهيم قد سبق غيره في تحذير “المتعاونين” في بلاده مع المليشيا التي تخوض حرباً ضد المواطنين السودانيين، من مواجهة المصير، الذي واجهه “الحركيون” في الجزائر. أعجبني هذا التشبيه، فالحركيون الجزائريون، الذين ارتضوا أن يكونوا جزءاً من منظومة الاحتلال الفرنسي، كانوا يظنّون أنهم بذلك يراهنون على الأقوى، ولم يخطر ببالهم أن تنجح المقاومة الجزائرية في إجبار الغزاة على الانسحاب من بلادهم.

لم يختلف مصير “الحركيين” الجزائريين عن مصير الذين تعاونوا مع المحتل بيادق ومُخبرين على مر العصور، فلا التاريخ رحمهم ولا الدول التي عملوا تحت خدمتها، احترمتهم. انتهى الأمر بهم للعودة إلى فرنسا والعيش في معسكرات غير إنسانية وظروف غير لائقة، مع رفض الفرنسيين إدماجهم بشكلٍ يحفظ لهم كرامتهم. يعيد هذا إلى الأذهان صورة قريبة للمتعاونين الأفغان مع الأميركيين، أولئك الذين تركوا لمصيرهم، ما دفع مئات منهم إلى التعلق بجناجي (وبدن) الطائرة الأميركية المغادرة في ما يشبه الانتحار.

هناك سؤال مطروح قبل مناقشة مصير “المتعاونين” السودانيين: ما الذي جعل مواطناً سودانياً ينحاز لمليشيا أوغلت في القتل وسرقة الممتلكات والاغتصاب؟ علماً أن هذه التهم التي يحاول المتعاطفون مع المجرمين والمتواطئين معهم غضّ الطرف، أو التقليل منها، ليست مجرّد اتهامات، وإنما جرائم شهدت عليها دول كثيرة ومنظمّات حقوقية دولية وآلاف المواطنين، الذين لا يمكن تجاهل شهاداتهم كلها. أكثر من ذلك، كانت الميليشيا نفسها، للمفارقة، تقوم بتصوير (وتوثيق) جرائمها من قتل واقتحام لمنازل المدنيين، بل حتى الاغتصاب. كان ذلك كثيراً في بداية أيام العدوان، قبل تنبيه الأفراد، ربما بواسطة الممولين، لضرورة التوقف عن هذا، لأن مثل هذه الفيديوهات خطرة وقد تشكل دليل إدانة دامغة.

السبب الأول الذي كان يدفع إلى ما يسمّى “التعاون”، كان يتعلق بالرغبة في الفوز بالمال السهل، حيث كان المقرّبون من محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حتى في فترة ما قبل اندلاع الحرب، يعرَفون أنهم من المحظوظين مادياً، سواء كانوا من العسكريين، الذين كانت امتيازاتهم أعلى من نظرائهم “النظاميين”، أو كانوا من المدنيين. تدفق المال أكثر في مرحلة ما بعد الحرب، فكسبت المليشيا ولاء كثيرين مستخدمة بعضهم لتحسين صورتها وإطلاق حرب إعلامية ضد من يحاربها، فيما استفادت من آخرين، مقاتلين أو مرشدين إلى بيوت القادة أو إلى البيوت التي يمكن أن يُستفاد من اقتحامها للحصول على أموال أو سيارات.

السبب الآخر ما جاء أعلاه، أن بعضهم ظن أن إعلان الولاء لحميدتي هو رهان على الطرف الأقوى، الذي يحظى بالمال والسلاح الكافي، والذي يتوزع جنوده في كل المناطق الإستراتيجية. تعمّق هذا الرهان حينما اتضح أن الأمر لا يتعلق بصراع محلي، بقدر ما أنه مشروع تشارك فيه دول جوار وقوى ذات تأثير. أكّد ذلك للمتعاونين والمتعاطفين أنهم منحازون لطرف يحظى بدعم “المجتمع الدولي، الذي ظل يساعد على الإفلات من العقاب عبر منح المجرم شرعية والإصرار على مساواته بالجيش، الذي “يجب” عليه، وفق منطق أصحاب المصلحة الدوليين، أن يتفاوض، وأن يقتسم السلطة مع المتسبّب في مأساة ملايين السودانيين.

بجانب هذا، هناك أسباب تأتي في مرتبة أقلّ تتعلّق بأن بعض هذه العناصر مجبرة على التعاون لخضوعها للابتزاز، سواء بشكل شخصي، أو عبر خطف أحد المقرّبين، أو من خلال استغلال الإدمان على المخدّرات والمساعدة على توفيرها في مقابل الإدلاء بمعلومات أو التجسّس، وهي حالات كانت تمثل أحد تفسيرات تسهيل بعض أبناء الحي مهمة اقتحامه واستهداف أشخاص فيه.

السياسة وحدها لا تكفي للتفسير، ففي بعض الحالات، تجب الاستعانة بعلم النفس أيضاً، فالأكيد أن هناك من انحازوا للمليشيا بسبب معاناتهم من الحقد والحسد، ورغبتهم في زوال نعمة من يرون أنهم يرفلون في المتعة والثروة. ذلك المشروع الفوضوي، المبني على نزع ثروات الجميع وإذلال كل من كانت له مكانة في المجتمع، على اعتبار أن هذه المكانة جاءت على حساب إفقار آخرين، كان يجد هوى لدى كثيرين، فعلى الرغم من أن دعاية المليشيا كانت تقوم على محاربة “الفلول”، إلا أن الجميع، بمن فيهم مطلقو هذه الدعاية أنفسهم، كانوا يعلمون أنهم لا يخصون فصيلاً بعينه ولا يستهدفون جماعة معينة، وإنما تشمل جرائمهم وانتهاكاتهم الجميع.

بعد أن حُسم الأمر لصالح الوطنيين الجزائريين كان “الحركيون” في وضع لا يُحسدون عليه، حيث كان بقاؤهم في البلاد يمثل تهديداً لحياتهم. واليوم يخشى المتعاونون السودانيون على مستقبلهم في حالة انهيار المليشيا وانسحاب مرتزقتها، الذين جاء الآلاف منهم من خارج الحدود. الحسابات الأولية كانت مبنية على تجارب السماح والغفران السابقة، التي كان يتم فيها التجاوز عن جرائم المعارضين المسلحين، بل والعمل على إعادة إدماجهم في البنية السياسية والعسكرية للدولة. حدث هذا مع أكثر من فصيل، لكن ما فات على أصحاب هذه الحسابات أن ما حدث هذه المرّة مختلف، وهو أكبر من طاقة السوداني الطيب للغفران. ما يتّضح حالياً أنه، وحتى ولو جرى الوصول إلى اتفاق تلتزم به الحكومة يضمن سلامة المقاتلين والمتعاونين، إلا أنه سيكون من الصعب إقناع المواطنين العاديين، الذين فقدوا مدّخراتهم أو جرى الاعتداء على أعراضهم بواسطة أولئك المحاربين، بقبول هذه العناصر المريضة ضمن النسيج الاجتماعي الذي انتهكوه.

يمكن أن تفسّر هذه النقطة إصرار المراهنين على المليشيا على التفاوض المفضي إلى إعادة الشرعية لها، كما أنها تفسّر قول بعضهم إنه لا يتمنّى أن ينتصر الجيش بشكل ساحق، حتى لا يفرض شروطه على الجميع. في الحقيقة، بقاء هذه المجموعة الفوضوية والعنصرية جزءاً من تركيبة السلطة المستقبلية في السودان هو الضمانة الوحيدة لسلامة “المتعاونين”.

مقالات مشابهة

  • مملكة الأعصاب المشلولة
  • «أثر» لبثينة ناصر.. صورة الجد الغائب واقتفاء الأثر
  • رئيس مالاوي: الطائرة التي كانت تقل نائبي نُصحت بعدم محاولة الهبوط بسبب ضعف الرؤية
  • الحقائق تغير معادلات السياسة
  • أكثر من 400 ضحية بسبب الألغام والمعالجة تتطلب أكثر من عقد
  • آخر ما نشرته ضحية سفاح التجمع: عائلتى كانت السبب فى الحالة التى وصلت لها
  • ضحية جديدة لانقطاع الكهرباء في مصر وبيان عاجل في البرلمان
  • مدى الفاتح يكتب: “المتعاونون”: عن “الحركيين” السودانيين
  • ميدو:معايير الكاف أتعملت على مقاس الأهلي في ملف نادي القرن
  • مؤشر جودة الطرق| مصر تحتل المركز الـ18 عالميًا.. خبراء: الطرق والبنى التحتية روافد للتنمية في شتى المحافظات