ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية يناقش الدروس والعبر المأخوذة من غزوة بدر الكبرى
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء في الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان المبارك، عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر.. قضايا إسلامية»، بمشاركة الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق والأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور غانم السعيد، العميد الأسبق لكلية اللغة العربية، وأدار اللقاء د. ياسر صلاح، الباحث بإدارة شئون الأروقة بالجامع الأزهر، وذلك بحضور جمعٍ من علماء وقيادات الأزهر الشريف، وجاء عنوان الملتقى اليوم: « غزوة بدر وعوامل النصر».
وقال الدكتور عباس شومان إن على شباب اليوم أن ينظروا إلى غزوة بدر وأحد وصلح الحديبية وفتح مكة وغزوة حنين، وأن يتلمسوا أسباب النصر في هذه الغزوات، وأيضا بعض الانكسارات التي تعرض المسلمين لها في بعضها، وأن يدركوا الحكمة من كل انتصار وانكسار، موضحا أن غزوة بدر كانت أول معركة حربية كبرى بين المسلمين وقريش، وقد جاءت محاولة من المسلمين لتعويض ما صادرته قريش منهم من أموال وممتلكات، ورغم عدم التكافؤ في العدة والعتاد بين الطرفين، انتصر المسلمون في هذه المعركة نصرا مظفرا، حيث تمكنوا من قتل كبار قريش، وفي مقدمتهم عدو الله أبو جهل، لوقوفهم صفا واحدا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثباتهم في أرض المعركة، فأمدهم الله تعالى بجيش جرار من الملائكة لقنوا به قريش درسا عظيما، وانكسرت شوكتهم، وأصبح للمستضعفين من المسلمين قوة ومهابة.
وأكد الأمين العام لهيئة كبار العلماء أن المشركين بعد هزيمتهم في بدر، كونو جيشا جرارا واستعدوا للانتقام من المسلمين، بعدة وعتاد كبير، وحدثت المواجهة الثانية في غزوة أحد، والتي بدأت بانتصار عظيم للمسلمين، إلا أنه ونتيجة لتسرع الرماة في توجههم لجمع الغنائم مخالفين لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فاستدارت فرقة من جيش قريش خلف المسلمين، وهاجموا المسلمين من الخلف فانقلب الوضع، وتعرض المسلمين لخسائر كبيرة، كان بها حكمة مهمة وهي ضرورة عدم مخالفة أوامر القائد في الحرب.
وأوضح أن النصر العظيم الذي تلى ذلك للمسملين كان في فتح مكة، والتي استسلم فيها أهل مكة دون قتال، وكانت بمثابة انتصار عظيم للمسلمين، ثم تلتلها غزوة حنين، والتي بدأت بانكسار للمسلمين، رغم قوة جيش المسلمين وكثرة عددهم، ما ألقى في نفوس المسلمين قدرا من الغفلة، فأراد الله أن يردهم لرشدهم، وهو ما حدث، فسرعان ما تحقق الانتصار الكبير للمسلمين، مبينا أن الحكمة من ذلك أن الانتصار دائما لا يكون بقوة التسليح، ولا كثرة العدد، وإنما يكون بقوة الإيمان والتوكل على الله، ولنا فيما حدث في فتح مكة وبدر وأحد وحنين، من انتصار وانكسار، دروسا وعبرا عظيمة.
وردا على سؤال حول ما يحدث في غزة، ولماذا لا يكون في شهر رمضان نصرا للمسلمين هناك، بين الدكتور عباس شومان أن ما يحدث في غزة محنة وستزول، وستكون غزة لأهل غزة وفلسطين لأهل فلسطين، وأن ما يحدث الآن هو نتيجة لحال التفرق والتشرذم في عالمنا وأمتنا الإسلامية، وحين نعود للاتحاد فيما بيننا فلن يبقى شبر من أراضي المسلمين محتلا.
من جانبه، بيَّن الدكتور غانم السعيد أن لرمضان مع المسلمين شأن عظيم، فهو الشهر الذي حقق فيه المسلمون أعظم الانتصارات، والانتصارات التي حدثت في رمضان كانت انتصارات لها ما بعدها، فهي انتصارات غيرت وجه التاريخ، وكانت بداية هذه الانتصارات بالانتصار العظيم في غزوة بدر، ثم توالت الانتصارات في رمضان بفتح مكة، والذي كان فيه النهاية لأعداء الإسلام من المشركين، ثم تلا فتح مكة انتصارات عظيمة أخرى ومنها فتح "عمورية"، ذلك الحصن المنيع للروم في العراق، الذي تمكن المسلمون في عهد الخليفة المعتصم، من فتحه، كرد على ما تعرضت له امرأة مسلمة من أحد الروم، فقالت "وامعتصماه"، فكان رد الخليفة بالمناداة للنفير، فخرج جيش جرار لعمورية، ليعيد للمرأة المسلمة كرامتها وعزتها، وهو ما تحقق بنصر عظيم للمسلمين.
وأضاف عميد كلية اللغة العربية الأسبق أن انتصارات المسلمين في شهر رمضان تتضمن معركة عين جالوت، التي تمكن خلالها المسلمون من رد شر التتار، وإعادة عزة الأمة وإنقاذها من همجية جيش المغول الجرار، ثم معركة تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي، وأخيرا، انتصار المسلمون في معركة العاشر من رمضان، من العام 1973، ذلك النصر الذي أعاد للأمة المصرية مكانتها بين العالمين، فكان رمضان بذلك معروفا بأنه شهر للكثير من الانتصارات الكبرى والعظمى.
واختتم أنه وبالعودة إلى غزوة بدر، كان المنطق والعقل يقول أن انتصار المسلمين أمر مستحيل، بالمقارنة بين عدد وعتاد الجيشين، فالقوة غير متكافئة، وعدد جيش المشركين ثلاثة أضعاف المسلمين، وهكذا فيما يتعلق بالعتاد والأسلحة، إلا أن قوة الإيمان والإرادة والثقة في الله تعالى، كانت هي عنصر الحسم في هذه المعركة، مصداقا لقوله تعالى "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، وقوله تعالى "ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة"، فتحقق لهم النصر بإرادة الله تعالى، فكانت مليئة بالدروس والعبر التي لا يزال المسلمون حتى اليوم يتعلمون منها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية وكيل الأزهر الأسبق الدكتور عباس شومان غزوة بدر صلاة التراويح غزوة بدر فتح مکة
إقرأ أيضاً:
العبادات المستحبة في الأشهر الحرم.. الأزهر للفتوى يوضحها
قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم.
وللأشهر الحُرم خصائص كثيرة ميزها الله عن باقية الأشهر الأخرى، ففيها يُضاعِفُ الله سُبحانه لعباده الأجرَ والثواب، كما يُضاعف الإثمَ والذنبَ، لعظمةِ وحرمة هذهِ الأشهر.
واشتملت الأشهر الحرُم على فرائضَ وعباداتٍ موسمية ليست في غيرها، واجتماع أمهات العبادات في هذه الأشهر، وهي: الحج، والليالي العشر من ذي الحجة، ويوم عرفة، وعيد الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عاشوراء، وليلة الإسراء والمعراج -على المشهور-.
ومن أفضل الأعمال في الأشهر الحُرم واللي من ضمنها شهر ذي القعدة:
1- الإكثار من العمل الصالح
2- الاجتهاد في العبادات "الصلاة على وقتها، النوافل، قيام الليل..."
3- الابتعاد عن المعاصي
4- الإكثار من الصدقات
ماذا حرم الله في الأشهر الحرم؟
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الأشهر الحرم هي التي أشار إليها القرآن الكريم وهي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، مستدلة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: 36].
وأوضحت دار الإفتاء أن هذا التحديد وردت به الأخبار عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ» رواه البخاري.
وشهر المحرم : (مُحَرَّم الحَرَام) وهو أول شهور السنة الهجرية ومن الأشهر الحرم: سمى المحرّم لأن العرب قبل الإسلام كان يحرّمون القتال فيه، وشهر المحرم هو من الشهور الحرم التي عظَّمها الله تعالى وذكَرها في القرآن الكريم، فقال سبحانه وتعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهور عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» (التوبة - 36).
وينبغي على المسلم أن يتجنب في الأشهر الحرم ومنها شهر محرم 3 أمور، هي:
1- الذنوب فيها أعظم من غيرها، قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى: «فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ» (التوبة: 36) أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تُضاعف لقوله تعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» (الحج: 25)، وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام.
2- الظلم في شهر محرم وسائر الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء"،
3- يحرم في الأشهر الحرم ومنها شهر محرم ابتداء القتال- ابتداء قتال الأعداء على القول الراجح - لقوله تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ» (المائدة: 2)، ولقوله تعالى: «فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ» (التوبة: 5).