حظر الإخوان في كندا بين الديمقراطية والإرهاب!
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
حظر الإخوان في كندا بين الديمقراطية والإرهاب!
بثينة تروس
يمكن القول إن كندا كانت من أوائل الدول التي سبقت مشروع القرار الذي قدمته لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي، بدعم من إدارة الرئيس ترامب، لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي. فقد جاء التوجه الكندي في إطار محاصرة الكيانات الإسلامية المتطرفة والحد من نشاط الجماعات الراديكالية، خصوصاً بعد أن شهدت البلاد عام 2014 موجة من التطرف بين طلبة الجامعات، وفقدت العديد من الأسر أبناءها الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، ما دفع الحكومة إلى تقديم حزمة من مشروعات القوانين لمكافحة الإرهاب والتطرف.
فقد تم توظيف الخطاب الديني العاطفي لتحفيز العقل الجمعي للمسلمين، وإثارة المخاوف من التغوّل على الحقوق الدستورية في بلد يقوم على التعددية واحترام اختلاف المعتقدات وحقوق الأقليات، ويمنح المسلمين، كغيرهم، قيمة الأمان والمواطنة المتساوية. وباسم الإسلاموفوبيا ارتفعت أصوات رجال الدين محذرة من أن قانون مكافحة الإرهاب سيسمح للاستخبارات بمراقبة خصوصية نشاطات المسلمين، وأن ذلك بحد ذاته يشكل إرهابًا مضاداً، وهو ما دفع المدن الكبرى عام 2015 إلى تظاهرات حاشدة وغير مسبوقة، جذبت تضامناً واسعاً من كنديين غير مسلمين رأوا أن مواجهة الإرهاب ينبغي أن تبقى ملتزمة بأدوات الديمقراطية.
والشاهد أن أكثر من يعرف حقيقة الجماعات المتطرفة هم رجال الدين والقائمون على المؤسسات الإسلامية أنفسهم، إذ يدركون أن هذه الجماعات اعتادت احتكار الصوت المسلم وتصويره ككتلة واحدة صماء، بينما الواقع يختلف جذريًا، المسلمون في كندا طيف واسع من المدارس والاتجاهات، من الوسطية إلى التشدد، مرورا بجماعات التكفير والجهادية، لكنها جميعا تعيش تحت كنف الدستور الكندي، ومع ذلك، تستمر بعض التنظيمات ذات الصوت الأعلى في استخدام أساليب الضغط والترهيب المعنوي لإسكات الأصوات المسلمة المخالفة العليمة لمبالغاتها، وانها مستفيدة من علاقات متداخلة وواسعة مع دوائر سياسية ومؤسسات إدارية وأمنية.
ويؤكد واقع الأحداث اليوم أنه مع شروع عدد كبير من دول العالم في سن قوانين واضحة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، فقد جددت الحكومة الكندية بدورها عزمها القديم على الحد من التطرف ووضع الإخوان ضمن قوائم الإرهاب، باعتبارها جماعة ذات بنية أخطبوطية متعددة الوجوه والأذرع، قادرة على التغلغل في المجتمعات المسلمة واصطناع حضور يفوق حجمها الحقيقي، وفي هذا السياق، عُقدت اجتماعات وفعاليات عدة داخل البرلمان الكندي، من بينها جلسة خصصت لبحث التأثيرات الأجنبية المعادية داخل كندا بتاريخ 29 أكتوبر 2025، كما انعقد مؤتمر آخر في العاصمة أوتاوا نظمته مؤسسات رسمية بالشراكة مع المجلس العالمي للأئمة ومنظمة تريندز للبحوث والاستشارات، ركز على دور المعرفة في مكافحة التطرف وترسيخ التعايش السلمي، مؤكداً أهمية دعم القيادات الدينية المعتدلة، بما يتيح إبراز سماحة الإسلام ووسطيته ويعزز الثقة بين المسلمين والمجتمع الكندي ككل.
غير أن الحقيقة أن المسلمين لم يتربوا على ممارسة الديمقراطية في أوطانهم، بل اضطروا للتكيف معها هرباً من الظلم السياسي والتمييز الديني والتكفير، في دول تزعم تطبيق (سماحة الشريعة الإسلامية). فهربوا إلى كندا من جحيم الدكتاتوريات العسكرية وهيمنة الكهنوت الديني، ومع ذلك لم يكن واقعهم هناك سهلاً، إذ سارعت جماعات الإخوان والهوس الديني إلى محاولة ملاحقتهم بالإرهاب الفكري وسطوة التنظيمات الدعوية، مستخدمة خطاب (الإسلاموفوبيا) لمعارضة القوانين الجديدة. وفي هذا الإطار، عقد المجلس الإسلامي بمدينة كالغري/ألبرتا مؤتمرا صحفيًا نظمته مجلس الشؤون العامة للمسلمين في 3 ديسمبر 2025 بمشاركة متحدثين من البيت الفلسطيني وأصوات يهودية مستقلة، لمعارضة قانون محاربة الإرهاب مستخدمين حججًا عاطفية، بعيدا عن جوهر القانون الذي يستهدف حماية أمن المجتمع الكندي بكامل أطيافه.
أما الجانب الذي أثار حفيظة تلك الجماعات فهو ليس تصنيف جماعة الإخوان ضمن قوائم الإرهاب فقط، بل الخوف من الرقابة المالية الشاملة وتتبع مصادر التمويل وفحص المنظمات الإسلامية من الخيرية والزكاة والتبرعات، والتدقيق في أوجه الصرف والشفافية في الأنشطة التعليمية والمجتمعية، خصوصًا تلك التي تتقاطع مصالحها مع الإخوان المسلمين ويشمل ذلك مخاطر غسل الأموال ودعم الحركات المتطرفة، وهو ما يجعل الرقابة المالية مرحلة حاسمة في ضبط التأثير المالي والسياسي للإخوان المسلمين داخل كندا وأمريكا على حد سواء.
وتبدو أهمية هذه المرحلة في كونها تُعيد رسم العلاقة بين المؤسسات الإسلامية والدولة الكندية على أسس أكثر صراحة، وتفصل بين العمل الديني الطبيعي وبين أي توظيف سياسي أو أيديولوجي. كما تتيح للمسلمين أنفسهم مساحة حرّة لإعادة تعريف صورتهم ضمن إطار قانوني شفاف ومتوازن، بعيدًا عن محاولات الاحتكار الصوتي أو التمثيل الأحادي التي احترفتها بعض التنظيمات الإسلامية لسنوات.
الوسومالإخوان المسلمين الجماعات الراديكالية الدكتاتوريات العسكرية الديمقراطية الرئيس ترامب الشريعة الإسلامية الكيانات الإسلامية المتطرفة بثينة تروس كندا لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي مكافحة الإرهابالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الإخوان المسلمين الديمقراطية الرئيس ترامب الشريعة الإسلامية بثينة تروس كندا مكافحة الإرهاب الإخوان المسلمین
إقرأ أيضاً:
واشنطن: يجب منع الفصائل المسلحة من انتهاك سيادة العراق
3 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: شدد نائب وزير الخارجية الأميركي مايكل ريغاس، اليوم الأربعاء، على ضرورة منع الفصائل المسلحة من انتهاك سيادة العراق.
وقال ريغاس خلال افتتاح مبنى القنصلية الأميركية في محافظة أربيل، “ندعو لمنع الفصائل المسلحة من تقويض الاستقرار وانتهاك سيادة العراق”.
فيما ذكرت السفارة الأميركية بالعراق ان “الجماعات المسلحة تقوض سيادة العراق”، لافتا الى ان “هذه الجماعات تهدد حياة الأميركيين والعراقيين”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts