بوابة الوفد:
2025-05-27@11:15:29 GMT

تحقيق‭ ‬الأهداف

تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT

على‭ ‬قدر‭ ‬وضوح‭ ‬الهدف‭ ‬وانشغال‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬والجوارح‭ ‬بتحقيقه،‭ ‬يكون‭ ‬سكون‭ ‬النفس‭ ‬ووقارها،‭ ‬ويكون‭ ‬زهد‭ ‬العبد‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬وما‭ ‬هم‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬ويكون‭ ‬أعراضه‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬فى‭ ‬منافسات‭ ‬ومنازعات‭ ‬وخصومات‭ ‬معهم‭ ‬والعكس‭ ‬بالعكس‭ ‬يكون‭ ‬تعلُّق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالدنيا‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬لذائذ‭ ‬وزينة‭ ‬وبهرج،‭ ‬ويكون‭ ‬جنوحه‭ ‬للمنافسة‭ ‬والمنازعة‭ ‬والمخاصمة‭ ‬والمجادلة‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬قلبه‭ ‬من‭ ‬الغفلة‭ ‬عن‭ ‬الهدف،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يتكاسل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لتحقيق‭ ‬ما‭ ‬عَلِمَ‭ ‬أنه‭ ‬الهدف‭.

‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬وَعِبادُ‭ ‬الرَحْمَنِ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يَمْشُونَ‭ ‬عَلى‭ ‬الأرْضِ‭ ‬هَوْنًا‭ ‬وإذا‭ ‬خاطَبَهُمُ‭ ‬الجاهِلُونَ‭ ‬قالُوا‭ ‬سَلامًا‭) ‬فقوله‭ (‬عبادُ‭ ‬الرَّحمن‭) ‬هذه‭ ‬الإضافة‭ ‬لبيان‭ ‬خصوصيتهم‭ ‬وفضلهم‭ ‬وتميُّزهم‭.. ‬وإلا‭ ‬فالخلق‭ ‬كلهم‭ ‬عبادٌ‭ ‬للرَّحمن‭! ‬فإضفاء‭ ‬هذا‭ ‬اللَّقب‭ ‬عليهم،‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬تنويهٌ‭ ‬بفضلهم‭ ‬وكريم‭ ‬صفاتهم،‭ ‬وأنه‭ ‬مقربون‭ ‬إلى‭ ‬الله‭. ‬وذكر‭ ‬فى‭ ‬أوَّل‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬من‭ ‬صفاتهم‭ ‬أنهم‭ (‬يمشون‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬هوناً‭).. ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬جرير‭: ‬أى‭ (‬بالسَّكينة‭ ‬والوقار‭) ‬أى‭ ‬ليس‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬الخِفَّة‭ ‬والطَّيش‭ ‬والاندفاع‭ ‬والطَّمع‭ ‬والشَّره‭ ‬والسَّفه‭ ‬وقلة‭ ‬العقل‭ ‬والجُنوح‭ ‬إلى‭ ‬الجدل‭ ‬والخصومة،‭ ‬كما‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬غيرهم‭ ‬ممَّن‭ ‬لم‭ ‬يتصف‭ ‬بصفاتهم‭ ‬ويهتدى‭ ‬بهديهم‭. ‬قال‭ ‬الحسن‭ ‬البصرى‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭: ‬إنَّ‭ ‬المؤمنين‭ ‬قومٌ‭ ‬ذُلُلٌ‭ (‬أى‭ ‬انكسرت‭ ‬شوكة‭ ‬نفوسهم‭ ‬وانقطع‭ ‬عنهم‭ ‬الطَّمع‭ ‬فى‭ ‬شىءٍ‭ ‬ممَّا‭ ‬فى‭ ‬الدُّنيا‭) ‬ذلَّت‭ ‬منهم‭ - ‬والله‭ - ‬الأسماعُ‭ ‬والأبصار‭ ‬والجوارح‭ ‬حتى‭ ‬تحسَبهم‭ ‬مرضى،‭ ‬وما‭ ‬بالقوم‭ ‬مِن‭ ‬مرض‭ ‬وإنهم‭ - ‬والله‭ - ‬لأصحاء‭ ‬ولكنَّهم‭ ‬دخلهم‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬غيرهم‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬الدُّنيا‭ ‬علمُهُم‭ ‬بالآخرة‭ ‬فقالوا‭: ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬الذى‭ ‬أذهب‭ ‬عنا‭ ‬الحزن‭. ‬أما‭ ‬والله‭ ‬ما‭ ‬أحزنهم‭ ‬حزنُ‭ ‬الناس‭ (‬أى‭ ‬لا‭ ‬يُحزنهم‭ ‬الذى‭ ‬يُحزِنُ‭ ‬الناس‭ ‬عادةً‭) ‬ولا‭ ‬تعاظَمَ‭ ‬فى‭ ‬نفوسهم‭ ‬شىءٌ‭ ‬طلبوا‭ ‬به‭ ‬الجنة‭ (‬أى‭ ‬ذهب‭ ‬عنهم‭ ‬التَّعلُّق‭ ‬والشَّوق‭ ‬لشىءٍ‭ ‬من‭ ‬الدنيا‭ ‬تركوه‭ ‬للآخرة‭) ‬أبكاهم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬وإنَّه‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يتعزَّ‭ ‬بعزاء‭ ‬الله‭ (‬أى‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬فيما‭ ‬وعد‭ ‬اللهُُ‭ ‬ما‭ ‬يُصبِّره‭ ‬عن‭ ‬الدُّنيا‭) ‬تقطَّعُ‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الدُّنيا‭ ‬حسرات‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬لله‭ ‬نعمة‭ ‬إلَّا‭ ‬فى‭ ‬مَطعمٍ‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬مَشربٍ،‭ ‬فقد‭ ‬قلَّ‭ ‬عِلمُه‭ ‬وحَضَرَ‭ ‬عذابه‭.‬

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ابن جرير

إقرأ أيضاً:

الرفض الإستراتيجي.. فن القادة في عصر الأهداف المستحيلة

استوقفتني مؤخرًا مقالة قرأتها حول موضوع يهمّ كل من يعيش في بيئة عمل ديناميكية تتغير باستمرار، وتُلقى على كاهله مسؤوليات ضخمة قد تتجاوز حدود المعقول. المقالة تحدّثت عن مفهوم بالغ الأهمية في عالم الإدارة، وهو “الرفض الاستراتيجي”، ووجدت فيه ما يستحق أن يُشارك مع القارئ، لأننا جميعًا، بدرجات مختلفة، نعيش تحت وطأة مطالب تفوق طاقتنا، ونقف حائرين بين القبول الذي قد يهلكنا، والرفض الذي قد يُساء فهمه.
القصة التي افتُتحت بها المقالة تدور حول “جون”، وهو مدير تنفيذي في شركة تقنية ناشئة، وُضِع أمامه هدف ضخم لا يمكن تحقيقه: زيادة غير واقعية في المبيعات ضمن إطار زمني قصير، مع تنفيذ تحوّل شامل في نموذج العمل، وتحديثات تقنية كبرى، وإعادة هيكلة شاملة، بل وإلزام الموظفين بالعودة إلى المكاتب. تلك المهام، لو طُلبت من عدة فرق على مدار أعوام، لربما كانت ممكنة، لكن أن تُطلب دفعة واحدة من فريق واحد؟ فتلك وصفة حتمية للفشل أو الانهيار.
هنا تبرز المعضلة التي يواجهها كثير من المدراء: هل يقولون “نعم” على أمل إثبات الذات؟ أم يتحلّون بالشجاعة ليقولوا “لا”، ولكن بطريقة مدروسة ومبنية على معطيات واقعية؟ فالقول “نعم” قد يُرضي رؤساءهم على المدى القصير، لكنه يضعهم في دوامة من التوتر والضغط والفشل المحتمل. أما “الرفض الاستراتيجي”، فهو لا يعني الهروب من المسؤولية، بل هو ممارسة واعية للحفاظ على استدامة الأداء وحماية الفرق من الإنهاك.
الرفض الاستراتيجي لا يقوم على العاطفة أو التهوّر، بل على معادلة عقلانية تُوازن بين أهمية المهمة وإمكانية تنفيذها. فهناك مهام قد تبدو جذابة أو ضرورية، لكنها في الواقع تُهدد التوازن العام للمؤسسة. هنا يصبح الرفض هو القرار الحكيم. ويمكن التعبير عن هذا الرفض بلغة ذكية لا تُقلّل من أهمية المقترح، وإنما تُعيد توجيهه نحو ما هو أكثر جدوى. فبدلاً من أن يقول المدير: “لا يمكننا تنفيذ هذا”، يستطيع أن يقول: “يمكننا تنفيذه، ولكن بشرط تأجيل مشروع آخر أكثر أهمية، فهل توافقون؟”.
القادة الناجحون لا يخشون هذا النوع من المحادثات، لأنهم يعلمون أن وظيفتهم ليست تنفيذ كل ما يُطلب منهم، بل قيادة فريقهم نحو أفضل النتائج بأقل التكاليف البشرية والمادية الممكنة. وهم يدركون أن الرفض الذكي قد يكون أعظم أداة لحماية جودة العمل وسمعة المؤسسة، لا سيما عندما يكون مبنيًا على بيانات واضحة، وتحليل للموارد، وتقييم للأولويات.
بعض المؤسسات المتقدمة باتت تُدرج أدوات عملية لدعم هذا التوجه، مثل “مراجعات الفريق الأحمر” التي تختبر واقعية أي مشروع قبل اعتماده، أو جلسات “التحليل المسبق للفشل” التي تفترض أسوأ السيناريوهات لتجنّبها مسبقًا. والهدف من هذه الممارسات ليس تثبيط المبادرات، بل التأكد من أنها قابلة للتنفيذ دون استنزاف الفرق أو إضعاف الثقة الداخلية.
القيادة ليست في عدد المشاريع التي تُطلق، بل في نوعية القرارات التي تُتخذ. القائد القوي هو الذي يملك الشجاعة ليقول “لا” في الوقت المناسب، وبالطريقة الصحيحة، من أجل “نعم” أكثر فاعلية في المستقبل. إن التوازن بين الطموح والواقعية، وبين الحماس والانضباط، هو ما يصنع الفرق بين مدير منهك يلهث خلف إنجازات متفرقة، وقائد ملهم يعرف طريقه جيدًا نحو النجاح المتوازن.
‎لا يجب ان نخجل من استخدام كلمة “لا”، ليس كرفض عبثي، بل كأداة استراتيجية ترسم لنا خارطة أولويات واقعية، وتعيد للعقل مكانه الطبيعي في قيادة القرار. فبعض النجاحات تبدأ بكلمة: “لا”.

jebadr@

مقالات مشابهة

  • تفسير رؤية التوت الأبيض في المنام
  • تفسير حلم رقم 6 في المنام للعزباء والمتزوجة والمطلقة والحامل
  • ما حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس؟.. الإفتاء تجيب
  • الصواريخ اليمنية... شوكة في خاصرة إسرائيل وتفوقها العسكري
  • بالكيماوي يا برهان – آخر هتافات الحركة الإسلامية
  • في يمن الصمود:قصص نجاح على طريق ثورة تحقيق الاكتفاء الذاتي على هدى الله
  • الرفض الإستراتيجي.. فن القادة في عصر الأهداف المستحيلة
  • الإفتاء الليبية: التبرع بثمن الأضحية لأهل غزة أولى
  • ما هي واجبات الحج.. وكيف يكون الإحرام من الميقات؟ علي جمعة يوضح
  • رجل أمن سعودي للحجاج السوريين: والله العظيم فرحانين لأجلكم… فيديو