ألقى فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، اليوم الثلاثاء، كلمة في افتتاح مؤتمر «قمة الإعلام العربي»، الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية بحضور صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ولفيف من القيادات الإعلامية العربية.

أعرب فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لـ«قمة الإعلام العربي» بدبي، عن تمنياته للقائمين على المؤتمر والمشاركين بالتوفيق في الوصول إلى استراتيجية إعلام عربي مشترك قابلة للتطبيق، وقادرة على التعبير عن واقع هذه الأمة، وعن آلامها ومآسيها، وقادرة على حماية شبابنا، وقد أوشك على الوقوع فريسة في شباك منصات رقمية تتحكم في توجيه مشاعره وعواطفه، وتعمل -جاهدة- على تغييبه عن واقع أمته وعن مواجهة تحدياتها، بل وأوشكت أن تزين له سوء عمله بهدم الفوارق وإزالة الحدود بين الفضيلة والرذيلة في أذهان كثيرين منهم، ومع تسويق شعارات زائفة وشديدة الإغراء، مثل: التقدم والانفتاح والحرية والحداثة ونبذ الرجعية والظلامية والتخلف، وشعارات أخرى أصابت بلادنا بشيء غير قليل من الأمراض المجتمعية التي أثرت بالسلب على الذوق العام والفطرة السليمة، واضطربت بسببها معايير الحٌسن والقبح، وموازين الخطأ والصواب.

حفظ ابنك القرآن مجانا .. كيفية التقديم في المشروع الصيفي للأزهر الشريفالبعض يذهب بجسده فقط.. عالم أزهري يكشف خطوات التأهيل الصحيح لرحلة الحجأستاذ بالأزهر: الدعاء بزيادة الرزق يحتاج إلى سعي وعملدعوة رسمية.. شيخ الأزهر يصل الإمارات للمشاركة في «قمَّة الإعلام العربي»

وأكد فضيلة الإمام الأكبر أن العرب والمسلمين قد عانوا من رسائل وتقارير إعلامية شوهت صورتهم في مرآة الغرب، بعد ما ربطت بين الإسلام وبين العنف والتطرف، وظلم المرأة، وصورته -زورًا وبهتانًا- في صورة «حركة اجتماعية» أو «أيديولوجية سياسية» تدعو للعنف والتعصب والكراهية والتمرد على النظام العالمي. لافتًا أن الإعلام الغربي قد تولى كبر هذه المفتريات، ولا يزال يمارسها حتى يوم الناس هذا، مستشهدًا بما سجله الكاتب والمفكر الفلسطيني المسيحي المنصف: الدكتور إدوارد سعيد في كتابه الذائع الصيت: «تغطية الإسلام»، حيث يقول في وصف تناول الإعلام الغربي لهذا الدين، الذي يدين به ما يقرب من ملياري مسلم في شرق العالم وغربه، يقول: «لقد أظهرت البحوث الدقيقة أنه لا يكاد يوجد برنامج تلفزيوني في وقت الذروة دون عدة حلقات تحتوي على صور نمطية عنصرية، ومهينة للمسلمين، وبالتالي يعتبر المسلم الواحد ممثلا لجميع المسلمين وللإسلام بشكل عام».

وشدد فضيلته على أن الكثير من الصور المضللة قد تسللت إلى بلاد العرب والمسلمين، والتي انعكست آثارها –سلبا واستلابًا- على خطابنا الإعلامي العربي، واستخدمت في سبيل هذه الخطة شخصيات من بني جلدتنا برعوا في تصدير ثقافة زائفة، تعني بنقد كل ما هو عربي المنشأ أو إسلامي الفكر والتوجه، ما زاد من جسامة التحديات الراهنة، وفي مقدمتها توسيع الفجوة بين وعينا المعاصر، وبين تراثنا الذي كان بالأمس القريب من أقوى مصادر عزنا وفخارنا وصمودنا في وجه العابثين بماضي هذه الأمة وبحاضرها.

وحول ما يؤرق المهمومين بهموم العرب والمسلمين، قال فضيلة الإمام الأكبر: "ما أظن أن منصفًا –في الشرق أو في الغرب- يتمارى في أن القضية التي يجب أن تدور  حولها ماكينة الإعلام العربي صباحًا ومساءً، هي: قضية «غزة» وما نزل بساحتها من عدوان ودمار، وما صاحبها من انتهاكات بشعة أنكرتها شعوب العالم ولازالت تنكرها وتزدريها وعلى مدى تسعة عشر شهرًا متواصلة"، مؤكدًا على تزايد الأهمية القصوى والمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الإعلام العربي، ودوره في الكشف المستمر عن مظلومية أصحاب الأرض وأصحاب الحق، وإبراز صمود هذا الشعب وتشبثه بأرضه، وإبقاء قضية فلسطين شعلة متقدة في وجدان شعوب العالم شرقًا وغربًا، وأن من واجب الإنصاف أن نقدر وأن نرحب بما نشهده اليوم من تغير في مواقف دول كثيرة من دول الاتحاد الأوربي حيال ما حدث ولا يزال يحدث في غزة، ونحيي كثيرا يقظة ضميرهم الإنساني النبيل.

ووجه فضيلته التحية إلى الموقف العربي الصامد في مواجهة آلة العدوان، والساعي لوقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية رغم تغطرس الاحتلال، وإلى كل أحرار العالم الذين يرون فيما يحدث جريمة إنسانية يجب وقفها علي الفور، مشددًا على أننا لا نزال بانتظار الكثير من جهود إعلامية مكثفة تٌبذل لمواجهة الظاهرة اللقيطة المسماة بظاهرة: «الإسلاموفوبيا»، والتصدي لآثارها السيئة في الشارع الغربي، رغم أنها لا تعدو أن تكون وهمًا أو خيالًا مريضًا صنعت منه تهاويل لتشويه صورة الإسلام والحط من مبادئه التي تقوم على السلام والعيش المشترك، رغم ما هو ثابت من حقوق الإنسان والحيوان والنبات والجماد في شريعة الإسلام، ولا نعرف له مثيلا في قوانين وأنظمة وسياسات معاصرة طالما تغنى بها واضعوها، وعيرونا بافتقادها، وما إن جاءت كارثة شعب غزة حتى انكشف الغطاء وسقط القناع، وما خفي كان أعظم وأطم.

وأضاف شيخ الازهر أن حملات الإعلام الغربي تعدت مهمة تشويه الإسلام، وما نشأ في ظلاله من حضارة كبرى يعرف الغربيون قيمتها وقدرها وإسهامها في تنوير البشرية، وتعليمها وترقيتها، إلى مهمة أخرى هي: محاولة الطعن في ثوابت حضارة الشرق وأصول أخلاقياتها واجتماعها الإنساني والأسري، والدعوة إلى طمس معالم هذه الأخلاق، وقد نادت هذه الحملات بالحرية الشخصية أولا حتى لو أدى ذلك إلى تدمير الأسرة وتغيير شكلها، واستبدالها بأنظمة أخرى تضرب حقوق الأطفال في مقتل، وتبيح اقتراف ما حرمته الشرائع، بل الذوق الإنساني والأعراف البشرية، وسمحت بأن يتزوج الرجل الرجل، والمرأة المرأة، جنبًا إلى جنب إلى تسويغ الإلحاد والتمرد على فطرة التدين، وفي مسعى يهدف إلى تجفيف كل منابع القوة والاستقلال ومشاعر الاعتزاز بالشخصية العربية والإسلامية، وكل ذلك، أو بعضه، جدير بأن يضع في رقابنا جميعًا -وبخاصة الإعلاميون- أمانة التفكير الجاد في كيفية التصدي لهذه الرياح المسمومة وإنقاذ شبابنا وأوطاننا مما تحمله من عوامل الاستلاب والفناء والذوبان.

كما أكد فضيلته أن التطور التقني والتكنولوجي الذي يشهده عصرنا الحاضر، في مجال الذكاء الاصطناعي لابد أن يحاط بسياج من المسؤولية الأخلاقية والضوابط المهنية، وذلك حتى لا ينقلب إلى وحش كاسر يهدد الإنسانية بأسرها، والمسؤولية هنا تقع على عاتق الخبراء والمشرعين، وعليهم وحدهم حراسة هذه التقنيات من الانحراف عن غاياتها الصحيحة، انطلاقًا من مبادئ إنسانية بعيدة كل البعد عن أغراض الهيمنة والسيطرة والغزو الثقافي، مشيرًا إلى مشروع إصدار وثيقة جامعة حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، الذي كان قد بدأه مع الأخ الراحل البابا فرنسيس، وكانت على وشك الظهور لولا أن الأقدار شاءت -برحيل البابا- ترتيبًا آخر، مؤكدًا استمرار التواصل مع الفاتيكان في عهدها الجديد لإتمام هذا المشروع.

واستحضر شيخ الأزهر في ختام كلمته مأساة الصحفيين الفلسطينيين، وغيرهم ممن شاءت أقدارهم أن يدفعوا حياتهم ثمنا لشرف الكلمة وحرمة الحقيقة وتصوير الواقع دون تدليس أو تزوير، وقد استشهد منهم ما يزيد على مائتي إعلامي على تراب غزة، وآخرون غيرهم ممن أصيبوا بجروح بالغة، أو ممن بترت أطرافهم، أو هدمت بيوتهم، أو فقدوا أسرهم، أو تشردت عائلاتهم، مؤكدًا أن الاستهداف الممنهج للصحفيين في غزة إنما يهدف إلى إسكات صوت الحقيقة، ومنع الصورة الشاهدة والفاضحة لبشاعة العدوان، وطمس الأدلة وتضليل العدالة والحيلولة دون توثيق الجرائم التي ترتكب آناء الليل وأطراف النهار. ومن هذا المنطلق دعى فضيلة الإمام الأكبر كل من ينتسب إلى مهنة الإعلام النبيلة، أن يشارك في وضع استراتيجية إعلام عربي، تكون درعًا يحمي الحق، ويصون قيم الأمة ويحفظ هويتها. 

طباعة شارك منتدى الإعلام العربي شيخ الأزهر مؤتمر «قمة الإعلام العربي» الاحتلال غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: منتدى الإعلام العربي شيخ الأزهر الاحتلال غزة فضیلة الإمام الأکبر الإعلام العربی شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

هيومن رايتس ووتش تفضح ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين

أكد منظمة هيومن رايتس ووتش أن تهجير إسرائيل القسري لسكان 3 مخيمات للاجئين في الضفة خلال يناير وفبراير 2025 يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ، مشددة علي ضرورة التحقيق مع كبار المسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم نتنياهو وكاتس وغيرهم ومحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
 

وقالت هيومن رايتس ووتش في بيان لها : على الحكومات فرض عقوبات محددة الهدف واتخاذ إجراءات عاجلة أخرى للضغط على السلطات الإسرائيلية لإنهاء سياساتها القمعية" ، مشيرة إلى أن إسرائيل هجرت قسرا 32 ألف فلسطيني من منازلهم في مخيمات اللاجئين بالضفة ولم تسمح لهم بالعودة.


وذكرت أيضا في بيانها : الجيش الإسرائيلي أطلق النار على الفلسطينيين الذين حاولوا الوصول إلى منازلهم وأغلق جميع مداخل المخيمات الثلاثة وصور الأقمار الصناعية أظهرت تدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بأكثر من 850 منزلا ومبنى في المخيمات الثلاثة ، فالتقييم الأولي لصور الأقمار الصناعية أظهر أن 1,460 مبنى تعرض لأضرار في المخيمات الثلاثة.

وأضافت : السلطات الإسرائيلية لم تبذل أي محاولة واضحة لإثبات أن طرد المدنيين من المخيمات الثلاثة هو لمواجهة تهديدات أمنية ، وأن إجبار إسرائيل الفلسطينيين على مغادرة المخيمات يشكل تطهيرا عرقيا ، وأن القوات الإسرائيلية قتلت نحو ألف فلسطيني في الضفة منذ 7 أكتوبر 2023.


وواصلت هيومن رايتس ووتش بيانها قائلة : السلطات الإسرائيلية صعدت منذ 7 أكتوبر 2023 استخدام الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة وهدم منازل الفلسطينيين وبناء مستوطنات غير قانونية. والعنف الذي يمارسه المستوطنون المدعومون من إسرائيل وتعذيب المعتقلين الفلسطينيين آخذان في الازدياد.

كما طالبت هيومن رايتس ووتش الجنائية الدولية والسلطات القضائية المحلية التحقيق مع المسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الجرائم المرتكبة بالضفة ، مضيفة “ وعلى الحكومات الضغط على السلطات الإسرائيلية لإنهاء سياساتها القمعية وفرض حظر على الأسلحة”.

وختمت هيومن رايتس ووتش بيانها بالقول : على الحكومات تعليق اتفاقيات التجارة التفضيلية مع إسرائيل وحظر التجارة مع المستوطنات غير القانونية وتنفيذ أوامر الاعتقال الصادرة عن الجنائية الدولية.

الأمم المتحدة: التهجير الدائم للسكان الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة يرقى إلى جريمة حربتقارير استخباراتية أمريكية تكشف مخاوف داخل جيش الاحتلال بشأن أدلة على جرائم حرب في غزةممدوح جبر: قانون "إعدام الأسرى" بإسرائيل تشريع عنصري وجريمة حرب طباعة شارك منظمة هيومن رايتس ووتش إسرائيل مخيمات اللاجئين نتنياهو كاتس جرائم حرب

مقالات مشابهة

  • اليوم.. ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية قالون عن نافع بالجامع الأزهر
  • أحمد كريمة: الخلافة الراشدة كانت فترة دعوية لتثبيت الإسلام وليست مجرد حكم سياسي
  • رئيس القليوبية الأزهرية يتابع فعاليات مسابقة الإمام الأكبر شيخ الأزهر اللقرآن الكريم
  • مرصد الأزهر يحذر من تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا
  • شيخ الأزهر يهنئ السلطان هيثم بن طارق والشعب باليوم الوطني لسلطنة عمان
  • الخارجية: المجتمع الدولي مسؤول تجاه حماية أطفال فلسطين
  • الإعلام الحكومي بغزة: جرائم الاحتلال خرق فاضح لقرار وقف إطلاق النار
  • حماس : حرب الإبادة خلًفت أكثر من 20 ألف طفل شهيد
  • هيومن رايتس ووتش تفضح ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين
  • رئيس محكمة النقض يزور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر