لقد جسّد نظام الحركة الإسلامية السودانية أسوأ نموذج لحكم الدولة الإسلامية، وأحدث شرخاً بوجدان المسلمين السودانيين لا يمكن رتقه، وجرحاً عميقاً لن يندمل، فحينما أذاع العميد الركن عمر حسن أحمد البشير، ذلك الضابط المغمور، بيان انقلاب الحركة الإسلامية قبل أكثر من ثلاثة عقود، وعدّد الأسباب التي دعت لانقلابهم على الشرعية، لم يكن أكثر المحبطين يتصور أن نهاية حقبة الإسلام السياسي بالسودان، ستكون بهذه المأساوية والعسف والفجور، الذي احتقنت به صدور من بشرونا بجنة عرضها السماوات والأرض، وحور عين وقاصرات طرف، من يستحضر الزخم الديني الذي افتتح به الإخوانيون ملكهم العضوض، يستحيل أن يخطر بباله تفجيرهم للبراميل المعبئة بغاز السارين بأوساط المدن السودانية، وقتلهم لمئات النساء والأطفال، بل لم يتنبأ أخطر المحللين العسكريين بنجاحهم (المخزي) في اشعال الفتنة بين القبائل، للدرجة التي أجبروا معها قطاع عريض من الناس على الانقياد من خلفهم كالقطيع، يرددون أفظع كلمات السباب العاجزة عن شفاء غلوائهم المهووسة، لقد أدخلونا في حرج مع الشعوب المسلمة من حولنا، ولجموا ألسنتنا وهزموا عزيمتنا بأن فشلنا في الإجابة على سؤال مسلمي العالم: لماذا تقاتلون بعضكم يا سودانيين وأنتم تدينون بدين الإسلام؟.

سوف يكتب التاريخ أن أول من هزم مشروع الدعوة في إفريقيا هي الحركة الإسلامية السودانية.
تخيلوا معي أن الهتاف الأول لهذه الجماعة كان حاشداً (للمجاهدين)، وحاثهم على رفع الأذان بقبة البيت الأبيض الأمريكي، بينما الهتاف الأخير هو تشجيع قائد جيشهم على استخدام السلاح الكيماوي ضد المواطنين، انظروا كيف انقلبت دعوة (الحق) إلى مشروع للمسيح الدجال القادم في آخر الزمان بلباس الأنبياء والمرسلين، الخادع للمؤمنين والزاج بهم في أتون مشروعه الهادم للدين، هكذا فعلت الحركة الإسلامية السودانية بالمواطنين، خدعتهم بفرية إدخالهم إلى الجنة، ثم قتلتهم بدم بارد بأسلحة محرمة دولياً. جزى الله الأمريكي (الكافر) خيراً ان أظهر الحق من بين رزايا مسلمي الحركة الإسلامية السودانية، والسودانيون لديهم تجربة إنسانية نبيلة مع الأمريكان ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريقان، حينما عجز المسلمون عن إغاثة مسلمي السودان بعد اندلاع المجاعة الشهيرة، فأسقط ريقان جوالات الذرة الأمريكية على أرض مخيمات النازحين الجوعى، إنّ الدين الذي لا يوفر الخبز للمسلمين ويقتل الجائع، أفضل منه العلمانية التي تؤمّن الناس من الخوف وتطعم الجائعين من الذرة القادمة من مزارع تكساس، بعد هذه الجرائم الحاقدة التي ارتكبها علي كرتي أمين عام الحركة الإسلامية وجوقته المنحرفة، أتوقع أن تنزع العمائم من رؤوس رجال الدين المنافقين في شوارع المدن السودانية، مثلما فعل أحرار إيران بالعمائم السوداء في المظاهرات المتضامنة مع الشهيدة "مهسا أميني" بشوارع طهران.
السودان اليوم يودع الحركة الإسلامية لمثواها الأخير، ويستقبل الحلول القادمة من وراء البحار، رغماً عن انف كل من رفع عقيرته بالهتاف والشعار السياسي المهرول نحو الكرسي منذ العام الأول (للاستغلال)، والمواطن السوداني المهجّر والنازح قسراً، لا يمانع في وجود أي منظومة حكم وبرنامج لإدارة الدولة، بشرط ان يحميه من كيماوي كتائب "البراء" وحقد دواعش "المشتركة"، فلم نسمع أي تشنجات مهووسة حينما أعلن مشروع التأسيس علمانية الدولة، لأن الناس قد ملّوا الهراء والنفاق والكذب باسم الدين، ووعوا لحقيقة أن الدولة التي لا تحرس الناس وهم نيام، لا خير فيها ولو رفعت شعار القرآن والإنجيل والتوراة، هكذا أوصلتنا الحركة الإسلامية السودانية، لهذا المزاج الباحث عن الحقيقة بعيداً عن الميتافيزيقيا، التي خرج من غيبوبتها العرب أهل الرسول، فمنحوا حكوماتهم الأولوية للحاق بركب الذكاء الاصطناعي، والانخراط في المشاريع الاقتصادية العابرة للقارات، ودعم التسامح والانفتاح الثقافي والاجتماعي مع المجتمع الإنساني دون تزمت ولا هوس، ذلك الهوس الذي أتى إلينا بالسم الزعاف الذي يطلقه أبناء جلدتنا، من فوهات خراطيش أسلحتهم الكيماوية، دون أن يستدركوا أن الشعوب المحبة للسلام في العالم اتبعت موجهات الآية الكريمة :(ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا)، فلو كانت هنالك حسنة واحدة خرج بها السودانيون من تجربة حكم الحركة الإسلامية، لكانت هي العبرة من حديث رسولنا الكريم الذي لم يقرأه الدواعش: (والذي نفسي بيده لَقَتْلُ مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)، صدق أبو القاسم.


إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com


 

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة السودانیة

إقرأ أيضاً:

أمينة ترد على الانتقادات بعد مشاركتها في عزاء أحمد عامر: "اتقوا الله"

ردت المطربة الشعبية أمينة على موجة الانتقادات والتعليقات المسيئة التي وجهت لها عقب مشاركتها في عزاء المطرب الشعبي لراحل أحمد عامر، وذلك بعد تداول فيديوهات حملت عناوين وصفت بأنها "مضللة ولا تعبر عن الواقع".

 

وأوضحت أمينة، عبر منشور على حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، أن حضورها العزاء جاء من منطلق الواجب المهني والإنساني تجاه نقابة المهن الموسيقية وزملائها الفنانين، كاتبه: "جمعة مباركة عليكم إخواتي وحبايبي وأصحابي، معلش استفزني كومنتات لاقيتها على الفيديوهات بتاعة عزاء أحمد عامر، الله يرحمه ويحسن إليه، الناس معذورة برضه، العناوين المكتوبة على الفيديوهات لا تمت للواقع بصلة، أنا روحت عزيت نقابة المهن الموسيقية، كل ده تمام، يطلع واحد وغيرو كتير مش فاهمين أي حاجة، بيهبدوا وخلاص".

 

وفي سياق آخر نفت الفنانة بشكل قاطع ما تردد عن سلوكيات غير لائقة نسبت لها، مؤكدة بالقول: "خلاص مش لاقيين حاجة تتهمونا بيها، تتهمونا إن إحنا بنشرب وبندخل المكيفات مصر، أنا هتكلم عن نفسي، أنا واحدة من الناس اللي مقدرش أشرب مية ساقعة ولا دخان من أي نوع. وحسبنا الله ونعم الوكيل اللي يقول ما ليس فينا".

 

وتابعت: "اللي يشرب يشرب، هو حر ما دام مش بيأذيني. إنت كده اتهمت واحد متوفي، وغيرو فنانين كتير مالهمش في أي حاجة، اتقِ الله، واللي كاتب إني ما وقفتش في عزاء أخويا.. منك لله يا أخي! الحمد لله، صلتي بكل قرايبي زي الفل، ما بالك بأخويا! مش عايزة أشتمك عشان ما تستاهلش".


وأشارت كاتبه: "الحمد لله لا عمري طلعت من توبى، ولا عشت الدور، ولا ليا مع حد خصومة. وغصب عني كتبت كده لأول مرة، الناس بقت مستفزة جدًا وقليلة أدب، إلا من رحم ربي، إنتو لا تعرفونا، ولا تعرفوا إحنا فينا إيه، وبنعاني من إيه".
 


واكملت أمينة: "حسدتونا وعنيكم جابتنا الأرض، قاعدين تحسبوهالنا! لو دققتوا في الكومنتات شوفوا كاتب إيه الراجل الرزل البايخ، وأراهن أي حد فيكو عنده موهبة كصوت أو كممثل وما يستغلهاش، مش ذنبنا إن إحنا فنانين بالفطرة والموهبة، وإنت قاعد تحسبهالنا؟ إنت ما تعرفش بندفع إيه قدام ده، منكم لله بجد".

 

 

وختمت أمينة رسالتها بدعوة الجمهور إلى تحري الدقة وعدم إطلاق الأحكام المسبقة، قائلة: "معظم الناس حاطة الفنانين دول في فريم إن إحنا تماثيل شمع، مش بنحس، ولا عندنا دم، اتقوا الله فينا، كفاية إنتو ما تعرفوش إحنا فينا إيه، اتقوا الله".

مقالات مشابهة

  • القدرة على التخطي
  • شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو البحوث الإسلامية
  • إلهام شاهين.. زهرة الصيف التي خطفت الضوء من شمس الساحل
  • أمينة ترد على الانتقادات بعد مشاركتها في عزاء أحمد عامر: "اتقوا الله"
  • ما الذي يحرك الطلب على المشاريع العقارية التي تحمل توقيع المشاهير؟
  • التحول الكامل.. قصة الفنان الذي يعيش حياة المشاهير في باريس
  • ختام امتحانات الشهادة السودانية للعام 2024 وتدشين برنامج العمل الصيفي بولاية الخرطوم
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة غدًا... تعرف عليها
  • «لله درك يا ابن عباس».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 11 يوليو 2025
  • أوقاف طرابلس: الأمة الإسلامية تعتصر ألماً بفقدان الشيخ ربيع المدخلي