في العاشر من مارس/ آذار تجمع الآلاف في قاعة ضخمة بمدينة سان خوسيه في ولاية كاليفورنيا  الأمريكية. إنها ليست حفلة موسيقية، بل عرض متميز. نجم العرض هو جين- سون هوانغ. صعد الخشبة بسترته الجلدية السوداء ليعرض شريحة جديدة سيتم إطلاقها في وقت لاحق من العام. وحتى تاريخ 28 آذار/مارس شاهد ما يقرب من 27 مليون شخص عرضه الذي استمر ساعتين على موقع يوتيوب.



جين- سون هوانغ هو الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "إنفيديا" Nvidia. على الرغم من أنها لا تزال اسماً غير مألوف خارج مجتمع التكنولوجيا، إلا أن الشركة أحدثت في الآونة الأخيرة قفزات هائلة بعد أن تجاوزت قيمتها السوقية 2 تريليون دولار، مما يجعلها ثالث أكبر شركة مدرجة من حيث القيمة في الولايات المتحدة بعد ميكروسوفت وآبل.

حققت الشركة هذا النجاح من وراء أشباه موصلات، والتي تسمى "وحدات معالج الرسومات/ GPUs". تصمم الشركة الرقائق، ومن ثم تقوم بالاستعانة بشركات أخرى خبيرة في تصنيعها. تم استخدام "وحدات معالج الرسومات" بداية الأمر في ألعاب الفيديو. لكن الشركة وجدت لاحقا خيارات أخرى لاستغلالها مثل تعدين العملات المشفرة، والنمذجة ثلاثية الأبعاد، والمركبات ذاتية القيادة.

والأهم من ذلك، أنهم ركزوا على دمج رقائقهم في أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي/ GAI، وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي للتعلم الذاتي القادر على توليد النصوص أو الصور أو الوسائط الأخرى.

اليوم، أكبر عملاء "إنفيديا" هم عمالقة الحوسبة السحابية. والشركات التي تبني نماذج الذكاء الاصطناعي.

شريحة سوبر

ومن خلال خبراتها ومعارفها، تتمتع الشركة بفرصة للسيطرة على هذه التكنولوجيا التحويلية. وتمتلك اليوم حوالي 80 بالمائة من السوق العالمية لهذا النوع من رقائق الذكاء الاصطناعي.

الشريحة الجديدة التي قدمها جين- سون هوانغ في كاليفورنيا تسمى "بلاكويل/ Blackwell". تحوي الشريحة 208 مليارات ترانزستور، ما يشكل ترقية لشريحة H100 التي صممتها الشركة. وقال جين-سون هوانغ إنها اليوم "وحدة معالجة الرسومات" الأكثر تقدماً. تعد شريحة الجيل التالي أسرع 30 مرة في بعض المهام من سابقتها.

وقال جين- سون هوانغ إن الشركة أنفقت نحو 10 مليارات دولار لتطوير شريحة "بلاكويل". ستتكلف كل شريحة ما بين 30.000 إلى 40.000 دولار. وتأمل الشركة أن تؤدي هذه الشريحة إلى زيادة قبضتها على سوق شرائح الذكاء الاصطناعي.

كيف تعمل؟

 شريحة "بلاكويل" جزء من نظام وتقوم بتقسيم المهام إلى أجزاء صغيرة. تتيح هذه المعالجة المتوازية إجراء العمليات الحسابية بشكل أسرع.

تحتوي الشريحة الجديدة على عدد من الميزات الرئيسية التي تقلل من زمن الوصول واستهلاك الطاقة، كما يقول بيبو داتا ساهو، الأستاذ في مجال تقنيات أشباه الموصلات المتقدمة في جامعة بافالو الأمريكية.

ومن بين الميزات الأخرى، تتيح شريحة "بلاكويل" ربط عدد كبير من وحدات معالجة الرسومات في نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة ما ينتج بصمة كربونية أقل. وتقوم الشريحة بتخفيف الضغط المتسارع لمعظم أشكال البيانات الرئيسية، مما يتيح تحويل معالجة البيانات من أنواع مختلفة من الرقائق.

ورداً على سؤال عما إذا كانت الشريحة يمكن أن تغير العالم، قال بيبو داتا ساهو لـ DW إنه من الصعب قول ذلك. ويبرر رأيه بوجود شركات كبيرة أخرى تعمل على ابتكارات يمكن أن تحدث ثورة في التدريب على نماذج الذكاء الاصطناعي. ولكنه يستدرك: "وبالرغم من ذلك، تعتبر شريحة بلاكويل خطوة جيدة جداً في الاتجاه الصحيح".


ماذا عن الاستدامة؟

يرى جين- سون هوانغ أننا "نشهد بداية ثورة صناعية جديدة". وأضاف: "يجب إيجاد طرق مبتكرة لتوسيع نطاق العمل مع خفض التكاليف حتى يتمكن المجتمع من استهلاك المزيد والمزيد من الحوسبة مع الحفاظ على الاستدامة".

ولتحقيق ذلك الهدف تحتاج مراكز البيانات إلى النمو لتصبح أكثر قوة. لكن يخشى البعض من أن رقائق الذكاء الاصطناعي المتعطشة للطاقة لن تؤدي إلا إلى زيادة استخدام الطاقة وإجهاد الشبكات. وتحاجج شركة "إنفيديا" أن شريحتها الجديدة أعلى كفاءة وتوفيراً في استهلاك الطاقة رغم أنها أكثر قوة.

يتفق الخبراء مع ما تذهب إليه الشركة. وقال بيبو داتا ساهو، استناداً إلى البيانات المتاحة، يمكن للأداء الهائل لشريحة "بلاكويل" أن يقلل من استهلاك الطاقة مقارنة بالجيل السابق من "وحدات معالجة الرسومات" لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة.

وتعد كفاءة الطاقة هذه ذات أهمية خاصة "بالنظر إلى أنه من المتوقع أن يصل استهلاك الطاقة في مراكز البيانات في الولايات المتحدة إلى 35 جيجاوات بحلول عام 2030، مقارنة بـ 17 جيجاوات في عام 2022".

طريق طويل غير معبّد

على الرغم من كل التقدم الذي تم إحرازه لتصميم شرائح قوية للجيل القادم من  الذكاء الاصطناعي، إلا أن البعض تساورهم شكوكهم ويخشون حدوث فقاعة مالية مع تزايد المستثمرين.

حتى الآن، كانت الشركات المصنعة لأجهزة الذكاء الاصطناعي هي التي شهدت أكبر طفرة. وهذا أمر طبيعي نظراً لأنه يجب أن تكون البنية التحتية الأساسية موجودة ليتم تنزيل البرمجيات (السوفتوير) عليها.

ولتأمين مكانتها، تعمل شركة "إنفيديا" على زيادة الاستثمارات في الشبكات والبرمجيات (السوفتوير) لربط وإدارة معداتها (الهاردوير) الهائلة.

ومع ذلك، يحمل المستقبل عدداً من التحديات الأخرى. ومن الممكن أن يشكل الطلب المتزايد على أشباه الموصلات ضغطاً على سلاسل التوريد العالمية. والأمر الأكثر خطورة هو أن معظم الرقائق يتم تصنيعها في  تايوان.

يضاف إلى ما سبق حقيقة أن سوق الرقائق يغص بالمنافسين الكبار مثل Intel وAMD بالإضافة إلى الشركات الناشئة كـ Cerebras وGroq. حتى أكبر عملاء "إنفيديا"، كأمازو

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: نماذج الذکاء الاصطناعی استهلاک الطاقة

إقرأ أيضاً:

أخطاء الذكاء الاصطناعي تربك ملخصات برايم فيديو

لم تبدأ تجربة أمازون مع تقديم ملخصات المسلسلات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بالطريقة التي كانت الشركة تأملها. فبدلًا من تسهيل مهمة المشاهدين وتقديم محتوى مختصر ودقيق، كشفت أولى التجارب عن مشكلات واضحة في الدقة والفهم، كان أبرزها ما حدث مع ملخص الموسم الأول من مسلسل Fallout على منصة برايم فيديو.

وبحسب ما أورده موقع GamesRadar+، فإن الملخص المُولّد بالذكاء الاصطناعي يحتوي على عدد من الأخطاء الجوهرية، من بينها معلومات غير صحيحة تتعلق بأحداث العمل وسياقه الزمني، وهو ما أثار تساؤلات حول مدى جاهزية هذه الأدوات للاستخدام الواسع دون مراجعة بشرية.

يمكن للمشاهدين الاطلاع على هذا الملخص من خلال قسم “الإضافات” الموجود ضمن صفحة الموسم الثاني من مسلسل Fallout على برايم فيديو. وعلى الرغم من أن الفيديو يبدو من الناحية التقنية متماسكًا، حيث يجمع بين المقاطع المصورة والموسيقى والحوار في قالب واحد، إلا أن محتواه يعاني من سطحية واضحة وسوء فهم لتفاصيل أساسية في القصة.

أحد أبرز الأخطاء يتمثل في تحديد الفترة الزمنية لمشاهد الفلاش باك التي تدور في مدينة لوس أنجلوس. إذ يشير الملخص إلى أن هذه المشاهد تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، بينما الحقيقة أن أحداثها تقع في عام 2077، وهو العام المحوري في عالم Fallout. وتدور السلسلة في خط زمني بديل انفصل عن تاريخنا الحقيقي بعد عام 1945، وهي نقطة أساسية لفهم أجواء المسلسل ورسائله.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد أشار موقع Gizmodo إلى أن الملخص يُسيء أيضًا فهم نهاية الموسم الأول، وهي نهاية تمهّد بوضوح لأحداث الموسم الثاني، وخاصة العلاقة التي تتشكل بين شخصية لوسي، ساكنة الملجأ، وشخصية “الغول”، أحد سكان الأراضي القاحلة المشعة. هذه العلاقة ليست مجرد تحالف عابر، بل ترتبط بشكل وثيق بالغموض الذي يدور حوله الموسم الأول بأكمله، وهو ما تجاهله الملخص أو عرضه بصورة مشوشة.

المفارقة أن الفيديو نفسه يعطي انطباعًا تقنيًا جيدًا، إذ يثبت أن نظام الذكاء الاصطناعي لدى أمازون قادر على تحرير المقاطع ودمج العناصر السمعية والبصرية بسلاسة. غير أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الفهم العميق للسرد الدرامي، وهو ما يجعل هذه الملخصات غير موثوقة كمصدر لتذكير المشاهد بالأحداث أو تمهيده لموسم جديد.

ورغم أن هذه الأخطاء قد لا تؤثر بشكل مباشر على استمتاع الجمهور بالموسم الثاني من Fallout، فإنها تطرح علامات استفهام كبيرة حول استراتيجية أمازون في الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي دون رقابة بشرية كافية. ويبدو أن حل هذه المشكلة لم يكن معقدًا، إذ كان من الممكن ببساطة عرض الفيديو على موظف شاهد المسلسل لمراجعته قبل نشره.

ولا تُعد هذه الواقعة الأولى التي تكشف عن ضعف مراقبة الجودة في محتوى الذكاء الاصطناعي لدى أمازون. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، اضطرت الشركة إلى سحب مقاطع دبلجة صوتية مُولّدة بالذكاء الاصطناعي لعدد من مسلسلات الأنمي، من بينها Banana Fish، بعد شكاوى واسعة من رداءة الصوت وعدم ملاءمته لطبيعة العمل.

هذا السياق يجعل من المرجح أن تقوم أمازون بسحب ملخص Fallout الحالي، وتصحيحه، ثم إعادة نشره لاحقًا. لكن المشكلة الأعمق تتعلق بالاتجاه العام للشركة نحو إدخال المزيد من المحتوى المُولّد بالذكاء الاصطناعي إلى منصتها، في وقت لم تصل فيه هذه التقنيات بعد إلى مستوى يضمن الدقة والموثوقية.

ومع قاعدة مستخدمين ضخمة مثل التي تمتلكها برايم فيديو، يصبح أي خطأ صغير مضخمًا، ويؤثر على ثقة الجمهور في المنصة. فالذكاء الاصطناعي قد يكون أداة فعالة لتسريع الإنتاج وخفض التكاليف، لكنه لا يزال، حتى الآن، بحاجة ماسة إلى إشراف بشري حقيقي، خاصة عندما يتعلق الأمر بأعمال درامية معقدة تعتمد على التفاصيل والسياق بقدر اعتمادها على الصورة والصوت.
 

مقالات مشابهة

  • أستاذ طب نفسي: برامج الذكاء الاصطناعي لا تتعاطف مع المريض
  • شركة عالمية تُطمئن: الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً للإنسان في كل الوظائف
  • كيف يمكن أن تعمل حوكمة الذكاء الاصطناعي عالميًا؟
  • مستقبل الفضاء الإذاعي في ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • أخطاء الذكاء الاصطناعي تربك ملخصات برايم فيديو
  • هل يهدد الذكاء الاصطناعي التعليم والجامعات ؟
  • أين تستثمر في الذكاء الاصطناعي خلال 2026؟
  • أوبن أيه آي تطلق نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-5.2 بعد تحسينات واسعة
  • بقيادة ترمب.. تشكيل تحالف دولي لمواجهة الهيمنة الصينية في الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء في تحليل الصور الطبية