حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على مصافحة الشيخ أحمد عمر هاشم واستقبله بحفاوة بالغة خلال دخوله احتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر.

وما أدراك ما ليلة القدر؟ الآلاف يؤدون صلاة التهجد بالجامع الأزهر ويدعون أن تكون ليلة القدر

مضى جُل رمضان وأصبحنا على موعد مع ليلة مقدسة لم تشهد الأرض مثيلًا لها، ليلة خير من ألف شهر، فيها تتنزل الملائكة فتُسلم على الصائمين القانتين لله رب العالمين، وفيها قد نَزلت آيات الذكر الحكيم على قلب سيد الخلق وأشرف المرسلين، بواسطة ملك شَدِيدُ الْقُوَى، ولأجل أمة ذات شأن وقدر، فقال الله عزوجل: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ *سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ».

معنى ليلة القدر

ليلة القدر تعنى المغفرة وقبول الأعمال والعتق من النار، والعبادة فيها خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ، وفيها تتنزل الملائكة إلى الأرض يسلمون على المؤمنين الصائمين، ويستغفرون لهم، ولعظيم فضلها أخفاها الله فى العشر الأواخر ليجتهد المسلم فى إدراكها من خلال الصلاة والقيام وقراءة القرآن وطلب العفو والمغفرة من الرحمن، فقال تعالى: «وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ».

وقال الخليل بن أحمد: «أن ليلة القدْر أُخذت من قوله تعالى: (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أى ضُيِّق، وسميت بذلك لأن الأرض تضيق من الملائكة النازلين إليها فى تلك الليلة، ونزول الملائكة كلّه خير وبركة لأهل الأرض، فقال تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ»، وكما جاء فى الحديث الشريف الذى رواه أبوداود عن أبى هريرة رضى الله عنه: «وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ فِى الْأَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى».

كيف نزل القرآن فى ليلة القدر؟

وفقًا لعلماء الدين فإن القرآن الكريم قد أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ فى ليلةِ القدر جملةً واحدةً، ثم وُضع فى بيت العزة فى السماء الدنيا، ثم بعد ذلك أنزله جبريل عليه السلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مُفَرَّقًا سورة تلو سورة وآية تلو أخرى على مدة النبوة كاملة، وإن هذا القرآن قد أُنزل هداية للناس بإعجازه وإرشاداته، وإن آياته واضحات فى الهداية إلى الحق وبيان الأحكام، وهذا معنى قوله تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ».

ليالى أقدار

كثيرًا ما نتسأل لماذا لم يُحدد الله ليلة القدر لنغتنمها، وكثيرًا ما وضح العلماء والأئمة، أن حكمة الله اقتضت أن يُخفِى ليلة القدر فى رمضان ليجتهد الصائم فى طلبها كل الأيام ويضاعف العمل أملًا أن يدركها، فإن أدركها ينال رضوان الله فى الدارين، وقد قال الإمام محمد متولى الشعراوى رحمة الله فى خواطره القرآنية فى تفسير سورة القدر، إن الله تعالى أخفى ليلة القدر ولم يحددها فى ليلة بعينها لنجتهد فى قيام جميع الليالى فلا تكون ليلة واحدة بل ليالى أقدار، وهذا من وسع الله ورحمته بنا، فإن لم تُقبل فى ليلة قُبلت فى الأُخرى، وإن لم توفق فى ليلة وفقت فى الأخرى، وقد كان سيدنا النبى يجتهد فى طلبها فى العشر الأواخر من رمضان.

وكما أن الله يُخفى رضاه فى طاعته، ليكثر أصحاب الطاعات فى أعمالهم، ويُخفى غضبه فى معصيته؛ ليبتعد أصحاب السيئات عن أعمالهم، ويُخفى أعمار الناس وآجالهم؛ ليجتهد ويواصل الإنسان فى طاعة ربه، لينال رضاه، كذلك أخفى الله ليلة القدر فى رمضان لِيَجِدَّ الصائم فى طلبها، وخاصة فى العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا فى أن توافقه ليلة القدر.

ليلة القدر حول الكرة الأرضية

ليلة القدر تختلف من دولة إلى أخرى، فالأيام الفردية هنا تكون زوجية فى دول أخرى، وفى هذا الصدد قال الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن كل العبادات التى خصها الله بزمن معين دون مكان محدد، مثل الصلوات الخمس والصوم والإمساك تمر بنفس الاختلافات الجغرافية، لأن الأرض كروية بطبيعة الحال يجتمع فيها الليل والنهار معًا على الدوام، فيكون ليلاً فى البلد التى لا تواجه الشمس، ونهارًا فى الناحية الأخرى التى تواجهها، وبالتالى يستحيل اتحاد أهل الأرض جميعا فى ليلة واحدة كاملة بليلها ونهارها.

لذا يجب على المسلم أن يتبع رؤية هلال البلد التى يسكنها فى جميع الشرائع الدينية من الصوم وإدراك ليلة القدر ولا يضره اختلاف مطالع الهلال من مكان إلى آخر، وقد أخرج الإمام مسلم فى «صحيحه» عن ابن عباس رضى الله عنهما، أن كريبًا قدم عليه فى المدينة من الشام فى آخر رمضان، فأخبره أن الهلال رؤى فى الشام ليلة الجمعة، وأن معاوية والناس صاموا بذلك. فقال أبن عباس: «لكنا رأيناه ليلة السبت؛ فلا نزال نصوم حتى نراه أو نكمل العدة». فقال له كريب: أَوَلَا تكتفى برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: «لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».

علامات ليلة القدر

وعن علامات ليلة القدر، ذكر الإمام القرطبى فى تفسيره لسورة القدر أنه قال: «علاماتها: منها أن الشمس تطلع فى صبيحتها بيضاء لا شعاع لها»، وقال الحسن قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ». وقال عبيد بن عمير: «كنت ليلة السابع والعشرين فى البحر، فأخذت من مائِه، فوجدته عذبًا سلسًا»، وبغض النظر عن بعض الظواهر المناخية التى تحدث صبيحة ليلة القدر وليلتها، وضح العلماء أن الأهم هو الشعور بالسلام النفسى والطمأنينة واستنارة القلب والإقبال على الله بالعبادة والخشوع والتضرع.

فيما قال الدكتور محمود شلبى، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إننا لسنا مطالبين بالبحث عن علامات تحدد وتؤكد لنا ليلة القدر المباركة لأن الشرع الشريف لم يحددها، لذا يجب أن نستمر فى الطاعات والعمل الصالح خلال العشر الآواخر جميعها لعلنا نُدرك ليلة القدر.

وتابع «شلبى» أن النبى قال تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر، والعلامات قد تتشابه وتجد الأيام جميعها ذو صفاء ومعتدلة الجو، فبغض النظر أن هناك علامات ليلة القدر بالفعل، يصعب علينا تحديدها، وهى على كل حال أيام قليلة جدًا، فعلينا أن نجتهد فيها كُلها لندرك ليلة القدر بإذن الله.

تحرى ليلة القدر وإحيائها

ورد فى فضل إحياء ليلة القدر ما رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ ليلة القدر إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وأرشدنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى تحرى ليلة القدر فى هذه الأيام المباركة خاصة فى الليالى ذات الأعداد الفردية، وهى ليلة مشهودة يحصل فيها مزيد اتصال بين العباد وربهم سبحانه، وهى ليلة بدء نزول القرآن الكريم على قلب حضرة النبى عليه الصلاة والسلام، وتنزَّل الملائكة فيها بالبركة والرحمة؛ فعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة القدر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هِيَ فِى رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ؛ فَإِنَّهَا وِتْرٌ: فِى إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ فِى آخِرِ لَيْلَةٍ، فَمَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ».

وعن أفضل الأعمال التى نحيى بها ليلة القدر أوضح الدكتور أحمد وسام، أن رمضان معروف بالأعمال الصالحة كقيام الليل وصيام النهار وإطعام الطعام والتصدق، وأفضل الأعمال التى نحيى بها العشر الأواخر لندرك ليلة القدر هى قيام الليل كما كان يفعل سيدنا النبى صلى الله عليه وسلم، كما جاء فى الحديث الشريف: «إن سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخل العشر الآواخر من رمضان شد مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله»، مما يدل على الإجتهاد فى العبادة، فيجب علينا أن نواظب على الطاعة والعبادة تلك الأيام بل كلل أو تعب أو ملل سائرين إلى الله بحسن الظن أننا سندرك ليلة القدر.

الدعاء ليلة القدر

أما بالنسبة للدعاء المأثور إذا أكرم الله المسلم بهذه الليلة فعن عائشة رضى الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ ليلة القدر، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى» أخرجه الترمذى وصححه، والنسائى وابن ماجه وأحمد، وصححه الحاكم.

وصية سيد الخلق

وأخيرًا علينا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصانا أن نتعرض لنفحات الله تعالى فى أيام جهرنا، وفى هذا السياق أشار الدكتور محمود شلبى، أن هناك أيام مباركة ذو نفحات أوصى رسول الله أن نتعرض لها لعلنا لا نشقى بعدها أبدًا، واستشهد بحديث سيدنا النبى «ِإنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِى أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أبدًا»، ومن تلك الأيام العشر الأواخر وليلة القدر، لذا علينا أن نتعرض لها بالعبادة والطاعات حتى تصيبنا نفحات الله، وتلك النفحات فى تلك الأيام المخصوصة إنما وضعت لحكمة بالغة من الله عز وجل، لشحذ الهمم وإيقاظها، فيتعبد العبد إلى ربه ويشد الهمة فى مثل تلك الليالى، كشهر رمضان وليلة القدر ووقفة عرفات وغيرها من أيام الله.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: بوابة الوفد الأوقاف أحمد عمر هاشم الوفد ليلة القدر صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه صلى الله علیه وسلم فى العشر الأواخر لیلة القدر فى ى لیلة القدر سیدنا النبى ل الملائکة ع ش ر ین رضى الله الله عن فى لیلة ت لیلة

إقرأ أيضاً:

صلاة عيد الأضحى في المسجد النبوي

المناطق_متابعات

أدى المصلون صلاة عيد الأضحى في المسجد الحرام وسط أجواء روحانية وإيمانية.

وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود, أمير منطقة المدينة المنورة, و سمو نائبه, صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن خالد بن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود .

أخبار قد تهمك “حافلات المدينة” تعلن توفر خدمة نقل الزائرين والأهالي إلى المسجد النبوي لصلاة عيد الأضحى 15 يونيو 2024 - 1:32 صباحًا خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي 14 يونيو 2024 - 3:36 مساءً

وأمّ المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد المهنا , الذي استهل خطبته بالتكبير وموصيا فيا المسلمون بتقوى الله تعالى، مبينا ان تقواه رأس كل شيء، والغاية من كل أمر ونهي، وهي وصية كل نبي أرسله، وأصل كل شرع أنزله، وتقواه سبحانه أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

وقال فضيلته :هذا عيدنا أهل الإسلام، هذا اليوم أفضل أيام العام، هذا أكبر العيدين وأجلهما، هذا يوم الحج الأكبر، هذا يوم الشعائر العظيمة، هذا يوم إعلان التوحيد والتجريد، هذا يوم إخلاص العبيد، (قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي ‌وَنُسُكِي ‌وَمَحۡيَايَ ‌وَمَمَاتِي ‌لِلَّهِ ‌رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ)، هذا يوم مباركٌ جعل الله يوم عرفة قبله توطئةً له وتقدمة بين يديه، يقف فيه الحجيج بعرفات منيبين إلى ربهم مسلمين، داعين مخلصين له الدين، مکبرین خاشعين خاضعين، فيتجلى لهم الله سبحانه ويدنو منهم ويباهي بهم ملائكته، ويكرمهم بالرحمة والغفران، ويعتق كثيراً من عباده من النيران، يوم النحر هذا يومٌ عظيم، يجتمع فيه من الشعائر المحبوبة إلى الله مالا يجتمع في غيره، فيه وفادة الحجاج إلى البيت العتيق، وفيه يرمون الجمار، فيه نحر الهدايا والضحايا تقرباً للعزيز الغفار، فيه حلق الرؤوس والتقصير، والتهليل والحمد والتكبير.

ومضى فضيلته قائلا ً:في مثل هذا اليوم المبارك الأغر، من السنة العاشرة من هجرة خير البشر، كان إمام الثقلين صلى الله عليه وسلم في مقدمة جموع المسلمين بمنى يقودهم في حجة الوداع، وكان أول منسك فعله أن رمى جمرة العقبة ضحىً بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم انصرف إلى المنحر، وكان عدة الهدي الذي ساقه معه مائةُ بدنة من الإبل خاصة، تعظيماً لشعائر الله تعالى، وعملاً بقوله سبحانه: (ذَٰلِكَۖ وَمَن ‌يُعَظِّمۡ ‌شَعَٰٓئِرَ ‌ٱللَّهِ ‌فَإِنَّهَا ‌مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ )، فباشر بيده الكريمة المباركة الطاهرة هذا النسك فنحر ثلاثاً وستين بدنةً، ثم أعطى علياً فنحر ما بقي، وأشركه في هديه، وأمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثم حلق رأسه الشريف، ثم ركب فأفاض إلى البيت العتيق فطاف به، وفي ذلك اليوم المبارك خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى خطبةً عظيمةً ودع فيها أمته وذكر، ووعظ وأنذر، وبلغ وأشهد على ذلك بأبي وأمي صلوات الله عليه وسلامه، قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا، وقال: هذا يوم الحج الأكبر، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اشهد، وودع الناس فقالوا: هذه حجة الوداع).

وبين فضيلته انه كان مما جاء في تلك الخطبة المباركة التأكيد على حرمة الدماء والأعراض والأموال، والتحذير من الاختلاف والفرقة والاقتتال، فقال (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، ألا فلا ترجعوا بعدي ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه) وخطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبةً ثالثةً في أوسط التشريق، وكان قبل ذلك قد خطب في يوم عرفة، فدل أمته في تلك الخطب العظيمة على خير ما يعلمه لهم وأنذرهم شر ما يعلمه لهم، ووصاهم بالاعتصام بكتاب الله، وبحفظ فرائض الدين، وبالنساء خيرا، وبتقوى الله فيهن، وأمر بلزوم الجماعة، والسمع لمن ولاه الله الأمر والطاعة.

وأشار فضيلته الى ان أعظم شعائر هذا اليوم المبارك لغير الحجاج ذبح الأضاحي اقتداءً بسيد المرسلين، من أحيا الله به سنة خليل رب العالمين، إبراهيم إمام الحنفاء، ووالد الأنبياء، صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم وعلى جميع النبيين، وذلك ليذكر العباد اسم ربهم على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، فيفردوه بالعبادة على الدوام، وينقادوا له بالطاعة والاستسلام، كما قال سبحانه: (وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا ‌مَنسَكٗا ‌لِّيَذۡكُرُواْ ‌ٱسۡمَ ‌ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ فَإِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَلَهُۥٓ أَسۡلِمُواْۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُخۡبِتِينَ )، وليكون هذا المنسك العظيم إعلاناً ظاهراً بأن العبادة حق الله الخالص على عبيده، فلا يذبح إلا له، ولا يذكر على النسائك إلا اسمه، ولا يستجار إلا به، ولا يستغاث بغيره، ولا يدعى أحد من دونه، مهما ارتفع قدره وجل شأنه، مبينا ان المسلم يفعل هذه العبادة مؤمناً بها، محتسباً لجزيل ثوابها، متحققاً حال فعلها وبعده بشكر خالقها الذي سخرها، مستيقناً بأن الله غني حميد لا يصل إليه أبعاضها ولا أجزاؤها، وإنما يصل إليه إخلاص العبد وما أريد به وجه الله منها، معظماً ربه على ما أرشده لمعالم دينه ومناسك حجه كما قال عز سلطانه: (وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ لَن يَنَالَ ٱللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقۡوَىٰ مِنكُمۡۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمۡ لِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ).

وأوضح فضيلته انه كانت سنة إمام المتقين صلى الله عليه وسلم المبادرة بعد صلاة العيد وخطبته إلى ذبح أضحيته بيده الكريمة، مسمياً مكبراً عليها، لا يقدم على ذلك شيئا،فضحى بكبشين طيبين، واحدًا عنه وعن أهل بيته، والآخر عمن لم يضح من أمته، ولقد دلت سنته عليه الصلاة والسلام وهدي أصحابه من بعده على فضل المحافظة على الأضحية في كل عام لمن تيسرت له، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعلى اختيار السمين المستحسن منظره من بهيمة الأنعام، وأفضلها في الهدي والأضحية الإبل ثم البقر ثم الغنم، كما دلت السنة المطهرة على وجوب اختيار الطيب الخالي من موانع الإجزاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا) وقوله عليه الصلاة والسلام: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والعجفاء التي لا تنقي).

واردف فضيلته ان الأضحية الواحدة تجزيء عن الرجل وأهل بيته، ويجوز أن يشترك سبعة في البعير أو البقرة، والسن معتبرةٌ في الأضاحي، فلا يجوز في الإبل إلا ما تم له خمسُ سنين، وفي البقر ما تم له سنتان، وفي المعز ما تم له سنة، وفي الضأن ما تم له ستة أشهر، ويسن أن يأكل المضحي من أضحيته هو وأهلُ بيته وأن يطعم الفقير لقول الله تعالى: (فَكُلُواْ ‌مِنۡهَا ‌وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ ) وإن قسمها أثلاثاً فأكل منها وتصدق وأهدى فلا بأس، ووقت الذبح يبدأ بعد صلاة العيد إلى مغیب شمس آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، والنهار والليل وقت للذبح والنهار أولى، والمبادرة بالأضحية بعد خطبة الإمام أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ومسارعة في الخير.

وختم فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد المهنا خطبته مذكرا بان التكبير ذكر عظيم يحبه الله ويرضاه، ويفتح له أبواب السماء، والتكبير أيها المسلمون تصغير لكل شيء أمام عظمة الله تعالى، وهو أبلغ لفظ للعرب في معنى التعظيم والإجلال، فكلما قال العبد: الله أكبر، تحقق قلبه بأن يكون الله في قلبه أكبر من كل شيء، فلا يبقى لمخلوق على القلب ربانية تساوي ربانية الرب، فضلاً عن أن يكون مثلها ، حاثا المسلمين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مبينا فضيلته انه من يرد الله به خيراً ييسر لسانه لكثرة الصلاة والسلام عليه فيحوز الأجر العظيم ويفوز بالوعد الكريم.
وقد أديت الصلاة في محافظات ومراكز وقرى المنطقة كافة.

مقالات مشابهة

  • صلاة عيد الأضحى في المسجد النبوي
  • محافظ جنوب سيناء يشهد احتفالية ليلة عيد الأضحى المبارك بمدينة طور سيناء
  • "التربية للطفولة المبكرة" تنظم احتفالية محاكاة الحج للبراعم
  • "لأول مرة".. كلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة أسيوط تنظم احتفالية محاكاة مناسك الحج للأطفال
  • تفاصيل زيارة الرئيس السيسي للمتحف الدولي للسيرة النبوية
  • كيف تعامل الرسول مع المنافقين؟
  • شاهد: اعمال ليلة عرفة عند الشيعة 1445-2024- دعاء ليلة عرفة مفاتيح الجنان
  • الدكتور يوسف عامر يكتب: ثواب الحج
  • السيسي يتوجه إلى مكة المكرمة لبدء مناسك الحج
  • «يوم عرفة».. رحلة إيمانية وفرصة مغفرة عظيمة