يرى الكاتب الأميركي الفلسطيني رمزي بارود أن دعم عواصم غربية لغزة له تأثير بالغ وخطير على قيادة الولايات المتحدة للغرب وعلى النظام الدولي.

وسرد بارود، في تقرير له بموقع "كاونتربنش" الأميركي وقائع دعم غزة من بعض الدول الغربية وغيرها من دول العالم في مخالفة لرغبة واشنطن. ومن ذلك انضمام إسبانيا إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بالإبادة الجماعية، وكذلك اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج بدولة فلسطين.

ووصف هذه الوقائع بأنها خروج عن السياسة الغربية الراسخة التي تقودها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

تهديد الهيئات الدولية

وأضاف أن واشنطن ظلت لعقود طويلة تدعم إسرائيل سواء أكان على رأس السلطة الأميركية رئيس جمهوري أم ديمقراطي، وبلغ بها الانحياز لإسرائيل أن بذلت مؤخرا كل ما في وسعها لدعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في غزة، وذلك بتزويد إسرائيل بالأسلحة اللازمة لتنفيذ جرائمها، وتهديد الهيئات القانونية والسياسية الدولية التي حاولت محاسبة إسرائيل على جرائمها.

وأفاد بأن هذا الواقع فرض معضلة سياسية لأوروبا، التي غالبا ما كانت تتبع خطوات الولايات المتحدة -أو خطواتها الخاطئة- في الشرق الأوسط بشكل أعمى، وهي القاعدة التي استمرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، والتي شهدت استثناءات تاريخية قليلة، مثل تحدى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الإجماع الذي فرضته الولايات المتحدة عندما رفض بشدة سياسات واشنطن في العراق في الفترة التي سبقت حرب 2003، لكن تم في نهاية الأمر إصلاح هذه التصدعات، حيث عادت الولايات المتحدة إلى دورها كقائد للغرب بلا منازع.

تجاوز الحد الأخلاقي

وذكر بارود أن غزة أصبحت نقطة انكسار رئيسية للوحدة الغربية، فقد انقسم الغرب بسبب دعم إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول مباشرة، واستمرت الولايات المتحدة، وإلى حد ما ألمانيا، بالالتزام بدعم الحرب الإسرائيلية، في حين أبدت العديد من الدول الأوروبية مواقف قوية مؤخرا، متهمة إسرائيل بالإبادة الجماعية واتحدت مع دول الجنوب العالمي بهدف محاسبة إسرائيل، وهو تحول كبير لم نشهده منذ سنوات عديدة، وهو ما يعني أن حجم الجرائم الإسرائيلية في غزة قد تجاوز الحد الأخلاقي الذي يمكن أن تتحمله بعض الدول الأوروبية.

شرعية النظام الدولي

وأوضح الكاتب أن الأمر المهم يكمن في مسألة شرعية النظام الدولي ومستقبل الغرب، إذ لا يتردد القادة الغربيون في صياغة لغتهم على هذا النحو. ففي مقال نُشر مؤخرا، تحدثت رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون باسم "مجموعة الحكماء"، وحذرت من "انهيار النظام الدولي"، حيث قالت: "نحن نعارض أي محاولات لنزع الشرعية" عن عمل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، من خلال "التهديدات باتخاذ تدابير عقابية وعقوبات".

وأضاف الكاتب أنه صدرت إشارات إلى انهيار شرعية النظام الدولي الذي أنشأه الغرب من قبل العديد من الأطراف الأخرى في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.

وأوضح الكاتب أن واشنطن نجحت، لفترة طويلة على الأقل في نظر حلفائها، في الحفاظ على التوازن بين المصالح الجماعية للغرب والاحترام الشكلي للمؤسسات الدولية.

واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أنه من الواضح الآن أن واشنطن لم تعد قادرة على الحفاظ على هذا التوازن، مما أجبر بعض الدول الغربية على تبني مواقف سياسية مستقلة، ستكون نتائجها المستقبلية مؤثرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الولایات المتحدة النظام الدولی

إقرأ أيضاً:

"واشنطن بوست": حضور زعماء الدول عرض النصر في موسكو يمثل فشلا للغرب في عزل روسيا

رأت صحيفة "واشنطن بوست" أن العرض العسكري الذي أقيم في موسكو بمناسبة الذكرى الـ80 للنصر في الحرب الوطنية العظمى، شكل دليلا واضحا على فشل محاولات الغرب عزل روسيا على الساحة الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شارك في العرض إلى جانب ما لا يقل عن عشرين زعيما عالميا، في مشهد عكس انتصاره الشخصي كزعيم حاول الغرب عزله".

وأضافت "واشنطن بوست": "ظهر الرئيس الروسي كزعيم عالمي واثق بنفسه، يمضي نحو تحقيق الهزيمة لأوكرانيا، في ظل تآكل التحالف الأمريكي-الأوروبي، والضغوط التي تواجهها القوات الأوكرانية، والمفاوضات التي تُجرى في الغالب وفقا للشروط الروسية".

وأشارت الصحيفة إلى أن "وقوف بوتين إلى جانب رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، يعكس سعيه لتقديم نفسه كقائد في نظام عالمي جديد لم تعد الهيمنة فيه للولايات المتحدة".

وقد اختتم في العاصمة الروسية موسكو العرض العسكري بمناسبة الذكرى الـ80 للنصر على ألمانيا النازية ومرت أمام المنصة الرئيسية مختلف التشكيلات والوحدات العسكرية الروسية ومن دول صديقة كأذربيجان، بيلاروس، فيتنام، مصر، كازاخستان، قرغيزستان، الصين، لاوس، منغوليا، ميانمار، أوزبكستان، تركمانستان، وطاجيكستان.

وتابع العرض من المنصة الرئيسية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برفقة 27 من قادة الدول حول العالم الذين يمثلون نحو 3.6 مليار نسمة على أقل تقدير. واختتم العرض بأداء الفرقة العسكرية لأغنية "يوم النصر" (dien pobedy).

مقالات مشابهة

  • فورين أفيرز: هكذا تفوق الحوثيون على الولايات المتحدة
  • من الهجوم إلى الانكسار.. أمريكا تنهزم في اليمن وموازين القوى تنقلب
  • "واشنطن بوست": حضور زعماء الدول عرض النصر في موسكو يمثل فشلا للغرب في عزل روسيا
  • النظام العالمي أسسته أميركا بعد الحرب العالمية الثانية.. هل يهدمه ترامب؟
  • ارتفاع أغلب أسواق الأسهم الأوروبية.. والمؤشر البريطاني ينخفض بعد الاتفاق التجاري مع أميركا
  • داو جونز يرتفع 600 نقطة بعد إعلان تفاصيل الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة وبريطانيا
  • رغم رفض قضائي وحقوقي في واشنطن.. مصادر تؤكد قبول ليبيا استقبال مرحلين من الولايات المتحدة
  • في حدث تاريخي غير مسبوق.. انتخاب أول بابا أميركي لقيادة الكنيسة الكاثوليكية
  • تحول أميركي لافت: واشنطن تتخلى عن شرط التطبيع مع تل أبيب في المحادثات النووية مع السعودية
  • (الحوثي) تعتبر الاتفاق مع واشنطن (انتصارا لليمن) وتتوعد إسرائيل