ترامب يشبّه نفسه بـ"مانديلا العصر الحديث"
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
شبّه الرئيس الأمريكي السابق، ومرشّح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، دونالد ترامب، السبت، نفسه بـ”مانديلا العصر الحديث”، في خطوة انتقدها بشدّة معسكر منافسه الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وخلال العام الماضي، وجّه القضاء إلى الرئيس السابق اتّهامات في أربع دعاوى جنائية تصل العقوبة في كلّ منها إلى السجن.
والملياردير المثير للجدل متّهم في إحدى هذه الدعاوى بدفع أموال بطريقة مخالفة للقانون إلى نجمة أفلام إباحية للتكتّم على علاقة تقول إنها جمعتهما سوياً.
وستبدأ المحاكمة في هذه القضية اعتباراً من 15 نيسان/أبريل.
ويهاجم ترامب بانتظام القاضي خوان ميرشان المكلف بترؤس هذه المحاكمة، وذلك عبر رسائل تحريضية ينشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، في حين فرض القاضي قيوداً على التصريحات الصادرة عن المتّهم والمتعلّقة بهذه الدعوى.
وفي منشور طويل جداً نشره على شبكته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي، فصّل ترامب بإسهاب هذه القيود المفروضة عليه، متّهماً القاضي بـ”انتهاك القانون والدستور في الوقت نفسه”.
وقال ترامب: “إذا كان هذا الدجّال المنحاز يريد أن يزجّ بي في السجن لقولي الحقيقة الواضحة والجليّة، فسأصبح بكل سرور نيلسون مانديلا العصر الحديث، سيكون ذلك شرفاً عظيماً”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يقارن فيها ترامب نفسه بالزعيم التحرّري الجنوب أفريقي، الذي أنهى نظام الفصل العنصري في بلاده في تسعينيات القرن الماضي بعدما أمضى 27 عاماً في السجن.
وفي تجمّع انتخابي في 2023 قارن ترامب نفسه بالرئيس الجنوب أفريقي الذي رحل في 2013.
وقبل أيام قليلة، وصل الأمر بترامب لأن ينشر على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي رسماً يظهر فيه السيد المسيح جالساً بجانبه في قاعة المحكمة، كما لو أنّ الاثنين يحاكمان سوياً.
وسارعت حملة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، المرشّح لولاية ثانية في انتخابات الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر، إلى انتقاد ترامب على هذه المقارنات.
وبنبرة ملؤها السخرية، قالت المتحدّثة باسم الحملة ياسمين هاريس في بيان: “تخيّل أن تكون أنانياً لدرجة أنّك تقارن نفسك بالسيّد يسوع المسيح وبنيلسون مانديلا في غضون أسبوع ونيّف”.
المصدر: الموقع بوست
إقرأ أيضاً:
اللحظة الأخطر في تاريخ اليمن الحديث
كانت المنطقة تنتظر أن يذهب اليمن في اتجاه يستطيع فيه بناء نفسه ووحدته ويعيد ترميم نسيجه الاجتماعي والسياسي فإذا هو يذهب نحو صراع نفوذ وخطر تقسيم داخلي في منطقة كانت هادئة خلال العقد الماضي.. ويبدأ ذلك من الشرق المستقر.
فحضرموت والمهرة كانتا في حالة هدوء إيجابي بالنظر إلى ما كان يحدث في بقية اليمن من ضجيج وتشقق وانقسامات. وهذا العبث الخطير يعني كسر آخر ما تبقى من «الاعتياد» على الاستقرار النسبي، وفتح باب كبير لا يمكن أن يغلق بسهولة حتى لو أراد أهله غلقه في لحظة من اللحظات.
من يقرأ اليمن من الداخل يعرف أن الهدوء الذي كان سائدا في الشرق هو نتاج توازنات محلية دقيقة مرتبطة بالجانب القبلي والمصالح التجارية والمسافات البعيدة عن مراكز القرار.. وأيضا نتيجة إرث اجتماعي يحاول حماية مجتمعه من عدوى الحرب.
ما يحدث الآن يخلق سلطات موازية تُولد سريعا ثم تتضخم. وحين تتعدد المرجعيات الأمنية وتُدار الموارد من خارج المؤسسات، يتحول الأمن إلى ولاء، وتتحول المعابر إلى نفوذ، وعندها تتراجع فكرة الدولة والشرعية، وتظهر أسواق موازية تبحث عن الربح والنفوذ، وتترك ندوبا طويلة ليس من اليسير أن تلتئم.
وحضرموت تمثل «الشرق اليمني» الذي يملك وزنا اقتصاديا وساحلا وموانئ وعمقا بشريا يصعب تطويعه بمنطق الغلبة، والمهرة مفصل حساس يجاور دولا، وتعيش فيه المجتمعات على حركة الناس والبضائع والمعابر، والذي يريد الزج بهذه الجغرافيا الهادئة ـ في الوقت الذي كان الجميع يتوقع بدء مرحلة التعافي من إرث سنوات مليئة بذاكرة الدماء والمحارق وصراع النفوذ ـ
لا ينشد أي خير لليمن واستقلالها ولا لشعبه الكريم الذي قدم الكثير من التضحيات وخسر الكثير من السنوات في حروب لا طائل منها أبدا.
وعندما تنقسم الشرعية الآن في معسكرات متعددة يفقد اليمنيون مرجعيتهم، وتتقدم «الكيانات» على «المؤسسات» وتغدو السياسة سوقا لصفقات قصيرة العمر.
ومن يعود إلى تجارب تقسيم الدول وإلى حقيقة الثقافة التي تشكل الفكرة وتدفع بها نحو الأمام يجد أن حقيقة تقسيم الدول تبدأ حين يعتاد الناس أن لكل منطقة جهازها ومعبرها وقرارها ومواردها وعلاقاتها الخاصة.. ويبدأ، أيضا، عندما يصبح الحديث عن اليمن الواحد حكرا على الخطب السياسية بينما الواقع يدار بفكر التقسيم وتنشأ الأجيال على فكرة الأجزاء لا على فكر الوحدة والكيان الواحد.
ومنذ عقود طويلة كانت سلطنة عمان تدفع من أجل أن يبقى اليمن واحدا بعيدا عن التجزئة، وأن يبني اليمنيون وطنهم بوصفه نسيجا واحدا تحضر فيه كل المكونات الطائفية والثقافية تحت سقف وطن واحد اسمه اليمن وقد بذلت في سبيل ذلك جهودا كبيرا جدا ومصلحتها الاستقرار على حدودها وفي محيطها وأن تبقى سلطة الدولة في اليمن هي المرجعية. ولم تكن عُمان منحازة لطرف ضد طرف أبدا، إنما كانت وما زالت تنحاز لفكرة أن الدولة هي الحل، وأن السيادة هي القاعدة التي على اليمنيين أن يؤمنوا بها وكل ذلك من أجل حياة كريمة للشعب اليمني الأصيل والكريم على الدوام.
بهذا المعنى لا ينبغي تحويل حضرموت والمهرة إلى ساحة تنافس نفوذ إقليمي عبر وكلاء محليين، ولا إلى ورقة ضغط في مساومات مؤقتة، والقوى المؤثرة في اليمن قادرة على كبح تمددات أحادية، ودفع الأطراف إلى ترتيبات أمنية تحمي المجتمعات المحلية وتبقى تحت مظلة الدولة اليمنية، لا تحت مظلة الأمر الواقع.
ولغة التهدئة لا تكفي إذا كانت الأرض تتحرك في الاتجاه المعاكس.. ما يلزم هو وقف واضح لأي خطوات توسعية وهو أهم شرط في سبيل إنقاذ فكرة اليمن الواحد وحماية شرقه من أن يتحول من منطقة تعافٍ إلى جبهة صراع وتقسيم جديدة.