دعت أكبر شركة اتصالات يابانية وأكبر صحيفة في البلاد إلى تشريع سريع لتقييد الذكاء الاصطناعي، قائلتين إن الديمقراطية والنظام الاجتماعي قد ينهاران إذا ترك الذكاء الاصطناعي دون رادع.

وقدمت شركة "نيبون تلغراف أند تيليفون" (NTT) والمجموعة الإعلامية "يوميوري شيمبون" الاقتراح في بيان، وفق صحيفة "واشنطن بوست" .

 

ويشير البيان، إلى جانب القانون الذي أقره البرلمان الأوروبي في مارس الماضي والذي يقيد بعض استخدامات الذكاء الاصطناعي، إلى القلق المتزايد بشأن برامج الذكاء الاصطناعي التي كانت الشركات التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة في طليعة الدول التي تطورها.

وفي حين أشار بيان الشركات اليابانية إلى الفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي، في تحسين الإنتاجية، اتخذ نظرة ناقدة بشكل عام لهذه التكنولوجيا. 

ودون تقديم تفاصيل، أشار البيان إلى أن الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل في الإضرار بالأخلاق الإنسانية لأن أدواته مصممة -في بعض الأحيان- لجذب انتباه المستخدمين دون النظر إلى الأخلاق أو الدقة.

وقال البيان إنه ما لم يتم تقييد الذكاء الاصطناعي، "في أسوأ السيناريوهات، يمكن أن تنهار الديمقراطية والنظم الاجتماعية، ما يؤدي إلى نشوب حروب".

وطلب البيان من اليابان أن تتخذ إجراءات فورية، بما في ذلك قوانين حماية الانتخابات والأمن القومي من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي.

وتجري الآن حملة عالمية لتنظيم الذكاء الاصطناعي، ويأتي الاتحاد الأوروبي في المقدمة. 

ويدعو قانون الاتحاد الأوروبي الجديد صانعي أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي إلى إخضاعهم لتقييمات السلامة وإخطار المنظمين بالحوادث الخطيرة. 

ومن المقرر أيضا حظر استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على المشاعر في المدارس وأماكن العمل.

إعادة هيكلة النظام الاجتماعي

يقول دانييل أرايا، الباحث في السياسة العامة والابتكار التكنولوجي، إن الذكاء الاصطناعي يتطور باستمرار ويمتلك القدرة على إعادة هيكلة النظام الاجتماعي بأكمله في مجتمعنا.

وتابع وفق ما نقل عنه موقع جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا "لن أقلل من شأن المدى الذي سيصل إليه هذا الأمر، إنه مثل تدريب طفل.. هذا طفل رضيع يبدأ في الوقوف، وفي النهاية سيكون شخصًا بالغًا".

ولفت إلى أن البشرية شهدت عصرين، الأول عرف الثورة الصناعية، أعقبها عصر ثورة معلوماتية تقنية. لكن الفرق بين العصرين صارخ  من حيث أنواع التكنولوجيات المنتجة. 

وأردف قائلا إن الثورة الحاسوبية تفعل كثيرا من الأشياء التي لم تتمكن الثورة الصناعية من القيام بها. "إنها تصنع تقنيات يمكنها الأتمتة والتعلم".

في عام 2016، تغلب جهاز ذكاء اصطناعي يُدعى AlphaGo على بطل العالم البشري، Lee Sedol، في لعبة Go. 

وفي ذلك الوقت، كان الخبراء يعتقدون أن التكنولوجيا لم تكن قادرة بعد على إتقان مثل هذه اللعبة المعقدة. 

و"غو" هي لعبة لوحة إستراتيجية بين لاعبين اثنين، حيث يكون الهدف هو الاستيلاء على مساحة أكبر من الخصم من خلال تسييج المساحة الفارغة.

أرايا قال معلقا على ذلك  "كانت عواقب تلك اللحظة هي الاعتراف بأننا ندخل عصرا جديدا من الذكاء الاصطناعي".

Former Go champion beaten by DeepMind retires after declaring AI invincible https://t.co/PK92k6ue3g pic.twitter.com/JAbFkL326N

— The Verge (@verge) November 27, 2019

وفي الآونة الأخيرة، أظهر إصدار "شات جي بي تي" Chat GPT التقدم الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي وشهد ظهور الذكاء الاصطناعي العملي. 

ويرمز "شات جي بي تي" إلى "المحول التوليدي المُدرب مسبقًا"، وهو نموذج لغوي كبير يمكنه معالجة المهام وتقليد عمليات اللغة البشرية. "كان هذا النهج واحدًا من العديد من المنهجيات.. كان هذا النهج عبارة عن خلق شيء مثل الدماغ".

ومن أجل إنشاء ذكاء اصطناعي، يتم استخدام التعلم العميق، وإنشاء نظام إشارة يسمح بتحويل البيانات إلى نموذج نهائي. 

تتضمن هذه العملية إدخال البيانات، وتدريب النموذج باستخدام الخوارزميات، والانتهاء بالحل. "وقد أتاح لنا ذلك العمل مع جهاز كمبيوتر كما لو كنت تعمل مع إنسان"، وفق أرايا.

تهديد

مع التطور السريع والملفت للذكاء الاصطناعي العملي المتقدم، هناك قلق بشأن ما سيحدث عندما تصبح هذه المعرفة وفيرة على نطاق أوسع مع مرور السنين. 

يُظهر التهديد المحتمل الذي قد يشكله الذكاء الاصطناعي على أنظمتنا المجتمعية الحالية، من خلال تكرار العمل البشري في قطاعات متنوعة. 

قال أرايا في الصدد "إذا تمكنت من إنشاء آلة تتمتع بخبرة درجة الدكتوراه، فإن قيمة الدكتوراه تنخفض".

ويرى هذا الخبير أن البشر يمكنهم التكيف للعمل مع التكنولوجيا لكن ليس استبدالهم بها. 

وفي حين أن الذكاء الاصطناعي سوف يتطور لجعل بعض الوظائف أسهل أو غير ضرورية، فإنه قد يفتح أيضًا مزيدا من الفرص للأشخاص للعمل جنبًا إلى جنب معه. 

ووفق عدة خبراء، لن يؤثر الذكاء الاصطناعي على القوى العاملة والاقتصاد فحسب، بل سيؤثر أيضًا على نظامنا الاجتماعي. "هذه التقنيات ستغير هياكلنا، ستغير مجتمعنا، وكيفية بنائه، والبنية الطبقية" يؤكد أرايا.

ويُعتقد أن هياكلنا الاجتماعية الحالية جامدة للغاية بحيث لا يمكنها التكيف بسرعة مع التغييرات التي سيبدأها الذكاء الاصطناعي، "لكن هذا قد يوفر فرصة للتقدم، إذ من المحتمل أن ينكسر شيء ما، وسيضطرون نتيجة للأزمة، إلى محاولة الإصلاح" يجادل أرايا.

وصحيفة "يوميوري شيمبون"، التي يبلغ توزيعها الصباحي حوالي ستة ملايين نسخة، هي الصحيفة الأكثر قراءة في اليابان. 

وفي عهد رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي وخلفائه، كان للخط التحريري المحافظ للصحيفة تأثيره في دفع الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم إلى توسيع الإنفاق العسكري وتعميق تحالف البلاد مع الولايات المتحدة.

وقالت الشركتان إن مديريهما التنفيذيين كانوا يدرسون تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ العام الماضي في مجموعة دراسة يشرف عليها باحثون من جامعة كيو.

وكثيرا ما تسلط الصفحات الإخبارية والافتتاحيات في صحيفة يوميوري الضوء على المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي. 

وفي مقالة افتتاحية في ديسمبر الماضي، أشارت إلى اندفاع منتجات الذكاء الاصطناعي الجديدة القادمة من شركات التكنولوجيا الأميركية، وقالت إن "نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تعلم الناس كيفية صنع الأسلحة أو نشر الأفكار التمييزية". 

وأشارت أيضا إلى المخاطر الناجمة عن مقاطع الفيديو المزيفة المتطورة التي يُزعم أنها تظهر السياسيين وهم يتحدثون.

من جانبها، تنشط شركة NTT في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتقدم وحداتها منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية لعملاء الأعمال. 

وفي شهر مارس، بدأت في تقديم نموذج كبير الحجم لهؤلاء العملاء أطلقت عليه اسم "تسوزومي" الذي يشبه ChatGPT ولكنه مصمم لاستخدام قوة حاسوبية أقل والعمل بشكل أفضل في سياقات اللغة اليابانية.

تطبيق جديد من "تشات جي بي تي" يستجيب للأوامر الصوتية أعلنت شركة "أوبن إيه آي" الخميس عن إصدار جديد من "تشات جي بي تي" من خلال تطبيق للهواتف الذكية يمكنه الاستجابة للأوامر الصوتية عبر أجهزة "أيفون"، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

وقال متحدث باسم NTT لصحيفة واشنطن بوست، إن الشركة تعمل مع عمالقة التكنولوجيا الأميركيين وتعتقد أن الذكاء الاصطناعي التوليدي له استخدامات قيمة، لكنه قال إن الشركة تعتقد أيضا أن التكنولوجيا لها مخاطر خاصة إذا تم استخدامها بشكل ضار للتلاعب بالرأي العام.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أن الذکاء الاصطناعی جی بی تی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي وقدرته على تعزيز الذكاء البشري.. قراءة في كتاب

الكتاب: صناعة العقول ـ إبداع ابتكار تجديد الذكاء الاصطناعي
الكاتب: د.عصام شيخ الأرض
الناشر: تموز ـ ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع،الطبعة الأولى 2024،(160 صفحة من القطع الكبير)


في سياق الثورات التكنولوجية والصناعية المتلاحقة، بدأ المبدعون يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأداء المهام التي يتم تنفيذها يدويًا بكفاءة أكبر، والتواصل مع العملاء، وتحديد الأنماط، وحل المشكلات. للبدء في استخدام الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون للمبدعين خلفية في الرياضيات ويشعرون بالراحة مع الخوارزميات.

فالمبدأ الرئيسي للذكاء الاصطناعي هو أن يحاكي ويتخطى الطريقة التي يستوعب ويتفاعل بها البشر مع العالم من حولنا، الأمر الذي أصبح سريعًا الركيزة الأساسية لتحقيق الابتكاروالإبداع. ‏‫بعد أن أصبحت تكنولوجيا  الذكاء الاصطناعي تعمل على تحسين أداء المؤسسات وإنتاجيتها عن طريق أتمتة العمليات أو المهام التي كانت تتطلب القوة البشرية فيما مضى. كما يمكن للذكاء الاصطناعي فهم البيانات على نطاق واسع لا يمكن لأي إنسان تحقيقه. وهذه القدرة يمكن أن تعود بمزايا كبيرة على الأعمال.

التنمية الإبداعية هنا تتمثل في قدرتنا على التخيل والحلم. والإبداع توجه أكثر منه عملاً، وأن التنمية الإبداعية تسير عكس تيار المعارف التقليدية. ليس علينا أن نصبح أكثر (خبرة) في المجال ولا أن نحشد المزيد من الحقائق حول التفكير الإبداعي وحل المشكلات، إنما علينا أن نعرف كيف ننفتح على أفكار واحتمالات جديدة، وكيف نستغل ونسخر الفضول الفطري الذي تولد به.لا يمكن  الحديث عن الذكاء الاصطناعي من دون التفكير الإبداعي بوصفه آلية ضرورية عبر التاريخ لتحسين نوعية الحياة. لكنَّ منذ سنوات، أصبح الإبداع والابتكار مرتبطين بشكل أساسي بعالم المؤسسات التكنولوجية و الصناعية العملاقة العاملة في ظل هذه العولمة الرأسمالية الليبرالية. ويمكن ملاحظة ذلك في تقرير حول مستقبل العمل نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2016، اعتبر الإبداع فيه من بين أهم ثلاث مهارات مطلوبة لعام2020. وهذا يمثل مطلباً جاداً على المؤسسات أن تكون مبتكرة لقدرتها التنافسية في سياقالعولمة الرأسمالية المتوحشة .

الإبداع أمر حاسم فيما يتعلق بمستويات القدرة التنافسية في الشركات والقطاعات وكذلك في اقتصاد البلدان في مجال الأعمال اليوم، يجب على المديرين التنفيذيين والمؤسسات المضي قدماً في إدارة الإبداع المهني في سياقهم الخاص. يجب على كل مؤسسة أو رائد أعمال أن يصمم أعماله في تركيبة فريدة تسمح لهم باكتشاف فرص الابتكار وقدرات التنفيذ الناجحة.

عندما سئل أينشتاين ذات مرة عن الفرق بينه وبين الإنسان العادي، قال: (الإنسان العادي إذا طلبت منه أن يبحث عن إبرة في كومة قش، فإنه بمجرد أن يعثر على الإبرة فسوف يتوقف عن البحث فوراً، أما أنا فسوف استمر في البحث والتنقيب في كومة القش بحثاً عن احتمال وجود إبر أخرى).

فالتنمية الإبداعية هنا تتمثل في قدرتنا على التخيل والحلم. والإبداع توجه أكثر منه عملاً، وأن التنمية الإبداعية تسير عكس تيار المعارف التقليدية. ليس علينا أن نصبح أكثر (خبرة) في المجال ولا أن نحشد المزيد من الحقائق حول التفكير الإبداعي وحل المشكلات، إنما علينا أن نعرف كيف ننفتح على أفكار واحتمالات جديدة، وكيف نستغل ونسخر الفضول الفطري الذي تولد به.

في هذا الكتاب الجديد، الذي يحمل العنوان التالي: "صناعة العقول ـ إبداع ابتكار تجديد الذ كاء الاصطناعي" المتكون من مقدمة وأربعة فصول، ويتضمن حوالي 160 صفحة من القطع الكبير،و الصادر عن دار تموز للنشر في عام 2024، لمؤلفه الدكتور عصام  شيخ الأرض، عضو التحاد الكتاب العرب، والذي درَّس العلاقات  الدولية في عدة جامعات لبنانية وسورية خلال الأعوام 2004 ـ 2005  ـ 2006، ويشغل منصب رئيس تحرير مجلة اقتصاديات منذ عام 2003 ولغاية الآن، في هذا الكتاب يحاول فيد الدكتور عصام تقديم الإابة عن كثير من التساؤلات التي تدور حول مصطلح الإبداع والابتكار كمفهوم وعملية إنتاج لأفكار والفروقات بينهما، ورفد المعرفة وفواعل العقل البشري وتطويرها، وكذلك يسبر شمولية  الذكاء الاصطناعي إمكانية محاكاته  لأخلاق الإنسان وتأثيره عليه بشكل يتسم بالشفافية.

ماهو الإبداع؟

في الفصل الأول يتناول الدكتور عصام ماهية التفكير والإبداع، ويركز على موضوع الإبداع بوصفه روحاً حرة إضافية تضاف إلى مكنون الإنسان تجعله يقضي الساعات الطوال بسعادة في أحلامه التي لا تنتهي، فالإبداع لا يتقيد بروتين وقيود وعراقيل إدارية، ولا يتقوقع داخل توقعات وقوالب ثابتة، الإبداع يصارع دائماً لكسر القيود، والبحث عن الفرصة الذهبية للظهور والتحليق. وحين تضع القيود والعراقيل أمامه يقتل الإبداع..

والتفكير الإبداعي هو الوسيلة للحصول على حلول للمشاكل الموجودة بطرق ابداعية ابتكارية. ومن خلال هذا التفكير الإبداعي نتعلم كيف نتأقلم من أجل أن نتمكن من التعامل مع المستقبل، بدونه سنبقى دائماً عالقين في الماضي ولن نتمكن من البقاء في خضم العلوم والابتكارات السريعة التي يعيشها العالم اليوم.

ويقدم  الباحث عصام تعريفات محدّدة للمصطلحات الإبداع، الابتكار، التجديد، حيث من الممكن أن تكون لهذه الكلمات مترادفة فيما بينها بالمعنى، ولكن فعلياً، هي مختلفة فيما بينها بالمطلوب منها، فهي تعطي معاني متعددة لمفهوم واحد.

الإبداع: جاء معنى الإبداع في اللغة على النحو التالي: أصل الكلمة في المعجم بدع الشيء يَبْدَعُه بَدْعاً وابْتَدَعَه: أنشأه وبدأه وعند الفلاسفة: إيجاد الشيء من عدم.

وفي مختار الصحاح: ابتدع الشيء أو ابتدع في الشيء: بدعه، ابتكره واستحدثه، أنشأه على غير مثال سابق. ومثال على ذلك: ابتدع الطب أسلوباً جديداً في تشخيص الأمراض، يبتدع الرسامون طرائق جديدة في الرسم، ابتدع آلة أو نظاماً: اخترع، ابتكر، هو مبتدع وليس مقلداً.

الابتكار: تأتي من كلمة بكر أي إيجاد شيء لأول مرة غير مسبوق الوجود.

التجديد: وهي إعادة عمل الأمور القديمة بطريقة جديدة مستحدثة وتسمى أيضاً التطوير الابتكاري. ويطلق عليها حديثاً مصطلح إعادة التدوير.

يقول الدكتور عصام: "معظمنا يخلط بين الكلمات الثلاثة المذكورة وغالباً ما نراها مترادفة حتى في القواميس، ولكن في الواقع العملي هي متباينة فيما بينها، ومعرفة هذا التباين أساسي لمعرفة وتطوير المهارات الابداعية في حياتنا.وهنا يمكننا تعريف الإبداع بأنه القدرة على الخروج بأفكار من لا شيء بعد إطلاق العنان لكل الإمكانيات الموجودة لدينا. وينحصر الابداع بالفكر ومن هنا يأتي مصطلح (الفكر الإبداعي) والذي يتولد من الأفكار الجديدة.

في كثير من الأحيان تبقى هذه الأفكار سجينة الأذهان ولا تتحول إلى شيء ملموس في الحياة. والأفكار التي يولدها الإبداع ممكن أن تكون مفيداً جداً في حل المشاكل الابداع تعبير الفرد منا عن نفسه من خلال خلق شيء جديد، هكذا ببساطة يرتبط مفهوم الإبداع بالخلق والإنتاج، قد يكون المنتج سيمفونية أو قصيدة شعر أو رسم أو نحت أو معادلة كيميائية أو منهجية تساعد الناس على التفكير بشكل أفضل"(ص 12).

يحدِّد الباحث عصام الأساليب اللازمة لتنمية التفكير الإبداعي في العمل ومنها:

1 ـ التفكير بشكل متناظر، وهذا يقتضي الابتعاد عن عن الأجهزة الالكترونية قدر الإمكان والتوجه نحو التفكير الإبداعي المتناظر كالقيام بالأعمال الموكلة إلينا بفكر متيقظ. ذلك أنَّ الأجهزة الذكية الحديثة  قد تبقين مستمتعين ومشغولين لساعات وقد يبدو هذا رائعاً، إلى أن ندرك أنه بمجرد القيام بذلك طوعاً سيقل معدل تركيزنا بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى إعاقة التفكير الإبداعي. وتظهر الأبحاث أنه عندما نسمح لأنفسنا بالمشاركة في مهام مكررة روتينية تتطلب وظائف تنفيذية قليلة، فسوف ينعكس ذلك سلباً على عقولنا وسنكون قد قضينا على عمليات التفكير الإبداعي. لذلك فمن الأفضل الابتعاد

2 ـ مرِّن نفسك على التفكير بطرق إبداعية:تُعَدُّ هذه الطريقة مؤكدة لتعزيز التفكير الإبداعي، فلا يصنع الإبداع في جزء سحري في الدماغ. إذ يستخدم التفكير الإبداعي الأدوات نفسها التي تعمل على فعل أي شيء آخر، ولكن تطبيق هذه الأدوات يكون بطرق خاصة بالإبداع.

وتظهر الأبحاث أنه من الممكن أن يحاول الناس التفكير بشكل أكثر إلهاماً، وهذه التأثيرات كبيرة ويمكن تكرارها، وهنالك قول مأثور قديم في علم الأعصاب (الخلايا التي تعمل معاً ترتبط معاً). أي أنه كلما استخدمت عقلك لفعل شيء ما، أصبحت الروابط بين الخلايا المعنية أقوى ولكن مفتاح ذلك يكمن في تخصيص مزيد من الوقت في يومك للتفكير بنشاط، وهو ما يعني عادة إلغاء الوسائط الاجتماعية وغيرها.

3 ـ استخدم يديك: يحدث التفكير الإبداعي بشكل رئيس في الدماغ، فعندما تتدرب على مهارة تتطلب تنسيقاً مكثفاً بين اليد والعين فإن ذلك يساعد على تجديد نشاط الشبكة العصبية.

4 ـ قدر إبداع الآخرين: أشبع تفكيرك الإبداعي جيداً من خلال استيعاب الأعمال الإبداعية للأشخاص الآخرين، وتقترح جوليا كاميرون خبيرة الإبداع المشهورة ومؤلفة كتاب."The Artist's Way" القيام بهذا أسبوعياً وتطلق على ذلك اسم (موعد الفنان) كالذهاب مثلاً لمشاهدة فيلم في سينما للفنون الشعبية لم تشاهد مثله من قبل، أو المشاركة في معرض في متحف لم تزره مسبقاً، أو قراءة رواية إذا كنت عادة تقرأ كتب ريادة الأعمال (أو العكس)، أو خذ كراسة رسم وأقلام رصاص واذهب إلى الحديقة وارسم ما تراه.

كما أن هناك طريقة أخرى لتطبيق هذه النصيحة وهي تحديد نقطة للبحث عن المهارات الإبداعية لصنع القرار لدى الآخرين، كالطريقة التي يتعامل بها شخص ما مع زميله ضمن العمل أو إعلان شراكة عمل جديدة في جريدتك المحلية لم تكن تتوقعها أبداً، فقد يزودك ذلك بالكثير من التغذية الفكرية الإبداعية.

5 ـ ممارسة التأمل بانتظام:سواء كنت تمارس التأمل بشكل ثابت أو تقوم به للوصول إلى العصف الذهني والتفكير بشكل إبداعي، فمن المهم تخصيص بعض الوقت للتأمل، إذا كنت ترغب في الحفاظ على قدراتك الإبداعية.بالتأكيد سوف يجذب انتباهك تلك البقرة البنفسجية اللون، هذا ما يعني أن كل ما هو فريد، ومبدع، وجديد يؤثر بشكل كبير على الانتباه للفكرة التي تقدمها.

ثم يتطرق الباحث عصام إلى النظريات المختلفة للإبداع، فيستعرض عددًا منها:

1 ـ نظرية (March & Simon: 1958):

فسرت هذه النظرية الإبداع من خلال معالجة المشكلات التي تعترض فتحاول من خلال عملية البحث خلق بدائل، فعملية الإبداع تمر بعدة مراحل هي المنظمات إذ تواجه بعض المنظمات فجوة بين ما تقوم به وما يفترض أن تقوم به، فجوة أداء، عدم رخاء، بحث ووعي، وبدائل، ثم إبداع حيث عزيا الفجوة الأدائية إلى عوامل خارجية (التغير في الطلب أو تغيرات في البيئة الخارجية أو داخلية.

2 ـ نظرية (Burns & Stalker; 1961):

وكانا أول من أكدا على أن التراكيب والهياكل التنظيمية المختلفة تكون فاعلة في حالات مختلفة، فمن خلال ما توصلوا إليه من أن الهياكل الأكثر ملائمة هي التي تسهم في تطبيق الإبداع في المنظمات من خلال النمط الآلي الذي يلائم بيئة العمل المستقرة والنمط العضوي الذي يلائم البيئات سريعة التغير، كما أن النمط العضوي يقوم عن طريق مشاركة أعضاء التنظيم باتخاذ القرارات، فهو يسهل عملية جمع البيانات والمعلومات ومعالجتها.

3 ـ نظرية (Wilson; 1966):

قد بين عملية الإبداع من خلال ثلاثة مراحل هدفت إلى إدخال تغيرات في المنظمة وهي: إدراك التغير، اقتراح التغير، وتبني التغير وتطبيقه، ويكون بإدراك الحاجة أو الوعي بالتغير المطلوب ثم توليد المقترحات وتطبيقها، فافترضت نسبة الإبداع في هذه المراحل الثلاث متباينة بسبب عدة عوامل منها التعقيد في المهام (البيروقراطية) وتنوع نظام الحفظ، وكلما زاد عدد المهمات المختلفة كلما ازدادت المهمات غير الروتينية مما يسهل إدراك الإبداع، بصورة جماعية وعدم ظهور صراعات، كما أن الحوافز لها تأثير إيجابي لتوليد الاقتراحات وتزيد من مساهمة أغلب أعضاء المنظمة.

4 ـ نظرية (Harvey of Mill; 1970):

قد استفاد مما قدمه كلاً من (March & Simon) و(Burns& Stalker)، فانصب تركيزهم على فهم الإبداع من خلال مدى استخدام الأنظمة للحلول الروتينية - الإبداعية لما يعرف بالحالة والحلول، فقد وصفوا أنواع المشكلات التي تواجهها المنظمات وأنواع الحلول التي قد تطبقها من خلال إدراك القضية (المشكلة) عن طريق ما تحتاجه من فعل المجابهتها أو بلورتها (أي كيفية استجابة المنظمة) أو البحث بهدف تقدير أي الأفعال المحتملة التي قد تتخذها المنظمة أو اختيار الحل (انتقاء البديل الأمثل أو إعادة التعريف بمعنى استلام معلومات ذات تغذية عكسية حول الحل الأنسب، إذ تسعى المنظمة إلى وضع حلول روتينية لمعالجة حالات أو مشكلات تم التصدي لهما سابقاً الخبرات السابقة بينما تسعى لاستحضار حلول إبداعية لم يتم استخدامها من قبل لمعالجة المشكلات غير الروتينية أو الاستثنائية بتبني الهياكل التنظيمية والميكانيكية والعضوية.(صص 59 ـ 60).

اكتشاف الحل الفريد الإبداعي

يمرُّالتفكير الإبداعي بعدة مراحل لتصل الفكرة إلى التنفيذ، ومن هنا نرى مجموعة من المقولات الشعبية التي تؤكد مراحل الإبداع، مثلاً: (الحاجة أم الاختراع) فنرى أن الشخص يبدأ بالتفكير بالمشكلة، ينتقل إلى تبني الفكرة، ليصل إلى ايجاد فكرة الحل، ومنها يصل إلى ايجاد أدوات الحل، وفترة التحقق والوصول لنتائج عمله، وانتهاء بالحالة الأخيرة وهي النتيجة النهائية التي وصل إليها. وفي ضوء المحاولات التي يقوم بها المبدع للوصول إلى النتيجة التي يرجوها، يقوم بإعادة صياغة المشكلة والغوص في أعماقها بما يتوافق ما مشاهداته التي قام بها بالمرحلة التي سبقت من التفكير والتحليل، ليصل إلى أبعاد المشكلة الأساسية وجذورها وأصولها، مما يساعده على اكتشاف الحل الفريد لها.

ويقول تشارلز داروين في هذا الصدد بأنه عاش أعواماً عدة يجمع المعلومات حتى تكتمل الرؤية الإبداعية التي يعمل عليها، قبل أن يلهم نظريته في تطور الأنواع، حيث يقول في هذا (إنني أذكر بكل دقة ذلك الموقع من الطريق، وأنا مستلق في عربتي عندما قفز الحل إلى ذهني، وقد تملكتني ساعتها نشوة غامرة).

الربط بين المعلومات والعصف الذهني (القدرة العقلية):

العمل على تجميع مفردات الحل بالكامل، من بيانات ومعلومات لضبط الحل المناسب، وذلك عن طريق ربط المعلومات الذهنية والعصف الذهني في عملية الحل. إن على قدراتنا العقلية من ذكاء وحكم وتقييم، أن تأخذ دورها بجوار فاعلية الخيال الملهم، يقول هنري أيرنج: (ليس الإبداع مجرد لمحة حدس مفردة إنما هو تدريب على التحليل الدائم لعزل العوامل الهامة من العوامل العارضة).

يقول الباحث عصام بشأن تحقيق الفكرة الإبداعية:" تدخل العملية الإبداعية طورها النهائي في هذه المرحلة، حيث أنه أمكن من خلال الإلهام وضع الفكرة الأولى في صياغة محددة المعالم نسبياً، أما تحول تلك المادة إلى أشكال متكاملة ونهائية، فهذا من شأن ما يقوم به المبدع في هذه المرحلة أي مرحلة الصقل، والتعديل وتحقيق الفكرة، أو وضع العمل الإبداعي في صورته النهائية. ويعتبر داروين نموذجاً لهذا النموذج فقد قضى السنوات تلو السنوات، وهو يعدل من إلهاماته ويجمع الشواهد والأدلة قبل أن يجرؤ على نشر بحوثه الأولى"(ص 66)..

أما التداخل بين المراحل الإبداعية للوصول للشكل النهائي، فيتوقف على الربط بين البدائل والحل النهائي، وهي من الأمور الصعبة التي يجب العمل عليها، وتعتبر مهارات القدرة على التخيل والتصور والتوقع والمزج والربط بين الأدوات الرئيسية والمشكلة لإيجاد أفضل النتائج واستحداث أكبر قدر ممكن من البدائل على أن تكون بدائل ابداعية فريدة.

في النهاية الأمر، سنتمكن من التمسك بالأفكار التي ثبت بالتجربة الواقعية جدواها وفعاليتها، وسوف نستبعد مجموعة من الأفكار الأخرى حتى وإن كانت جديدة أو مبتكرة، لأنها لا تلبي حاجتنا الحالية فربما تكون الفكرة الحل رائداً أو جديداً ومبتكراً ولكنه غير مجد للمشكلة التي نحن بصدد التفكير بشأنها.

ويجب التنويه إلى أن هذه المراحل الإبداعية هي مراحلة مرتبطة بالشخص المبدع فأسلوب عمله وتحضيره يختلف بين شخص وآخر، وما يصلح لشخص مبدع قد لا يصلح لآخر، فالأسلوب الذي يعمل به له الأثر الكبير على تكوير الحالة الإبداعية التي تتولد من هذا العمل. فالعملية بحد ذاتها بالكامل هي عملية شخصية بحتا لا ترتبط بقواعد دقيقة وثابتة للجميع.

تواجه عملية الإبداع العديد من المعوقات والتي تؤثر على العملية الإبداعية في مضمونها الشكلي والفكري وأيضاً من قدرة المبدع على العطاء والإبداع وإمكانية استثمار قدراته وتقديم الفكرة الجديدة بقالب إبداعي مميز، فمعوقات الإبداع كثيرة، منها ما يكون من الإنسان نفسه ومنها ما يكون من الأخرين، علينا أن نستوعب نوعية هذه المعوقات لنتجنبها بقدر الإمكان في عملنا الإبداعي، لأن وجودها في حياة المبدع تقتل لديه روح الإبداع والثقة بما يقدمه.

معوقات الإبداع

يتطرق الباحث عصام في الفصل الثاني إلى الموانع التي تحول دون تحقيق الإبداع،ومنها الإحباط بوصفه عدوا للإبداع. ويؤكد الباحث على القيام بالمبادرة في إبداع شيء جديد لا أن نقوم بتجديد الموجود، فالتكرار في رفض أفكار الطفل وأجوبته واسئلته المحرجة يولد لديه نوع من التغيير الضار الحذر والذي يستمر مدى الحياة لأنه اكتسب هذه الصفة في سنة التعلم والتقليد والحفظ لكل شيء، مما يجعل الإبداع لديه في عقله الباطن منطقة غير مسموح الاقتراب والعمل بها.

لا يمكن الوصول إلى مرحلة الإبداع والابتكار والتجديد إلا عن طريق الإفراغ الذهني عندما نقوم بتفريغ دماغنا من الأمور القديمة والصلبة والسالبة، لذلك فالإبداع يبدأ عند وجود حيز له لدينا. وهنا يتولد الخوف من الفشل، والخوف من ارتكاب الأخطاء، يجب تغير منظورنا حول الفشل، بانه ليس خطأ فادح، وإنما هو مرحلة أولى من مراحل النجاح، فهل بالإمكان أن يكون الفشل جزءاً من مكونات النجاح. لا يمكن الوصول إلى مرحلة الإبداع والابتكار والتجديد إلا عن طريق الإفراغ الذهني عندما نقوم بتفريغ دماغنا من الأمور القديمة والصلبة والسالبة، لذلك فالإبداع يبدأ عند وجود حيز له لدينا.

عندما سأل الكاتب الأمريكي أرنست هيمنغواي الحاصل على جائزة نوبل في الآداب عن أهمية الدافع للمال والأمان المادي بالنسبة للكاتب أو المفكر لم يتردد في الحديث عن أهمية الدافع المادي، ولكنه سرعان ما قال: (متى أصبحت الكتابة بليتك الكبرى ومتعتك الأكبر، فلن يوقفها منك إلا الموت). من هنا يشير إلى أن هناك دوافع أخرى تدفع بالكاتب إلى مواصلة العمل والعطاء، وهي عوامل أهم في نظره بكثير من أي دوافع أخرى في الحياة بما فيها المال والأمان المادي. وهو في هذا يتفق مع كثير من المعطيات المعاصرة في الدراسات السيكولوجية للمبدعين، خاصة ما يتعلق منها بدراسة الدوافع الشخصية التي تتصل بالإبداع.

وهناك أيضاً ما يشير إلى أن النشاط في بعض جوانب السلوك الإنساني يظل مستمراً حتى بعد إرضاء الحاجة التي يسعى للوصول إليها، وأن السلوك لا يضعف بمجرد تحقيق هذه الحاجة، بل إن تحقيقها يكون دافعاً لخلق أهداف وحاجات جديدة. ففي مجال الإبداع والابتكار لا يكاد يتحقق إنجاز هدف معين حتى تتفتح أمام المفكر الإبداعي آفاق أشد اتساعاً مما كان الأمر قبل ذلك.

يرى الباحث عصامى أنَّ مفاتيح الابتكار المستقبلي تكمن في قدرة المؤسسة على رعاية الإبداع، واتخاذ قرارات واختيارات على أساس استعدادها الجيد ومعرفتها واتصالاتها. وسينتج عن مصادر الأفكار المتعددة ـ الموظفين وأصحاب المشروعات وقسم البحث والتطوير والعملاء والموردين والجامعات ـ فرص للابتكار والإبداع باستمرار، ويكمن التحدي في تشجيع أفضلها، وانتقائها وتعديلها ولاستكشاف كيف يمكن للمؤسسات التعامل في المستقبل مع هذه التحديات، نلجأ إلى مثال شركة IBM العالمية للتكنولوجيا والحاسب الآلي (الكمبيوتر)، وهي شركة تستخدم عملية إبداع منتشرة على نطاق واسع، وتتهيأ لإحداث المزيد من التطوير في المستقبل. وقد اخترنا هذه الشركة لأنها - على عكس المؤسسات مثل مايكروسوفت وتويوتا، أو شركات تنظيم المشروعات الأصغر حجماً، تتمتع بتاريخ طويل من التغييرات التي أدخلتها على نظامها فواجهت شركة IBM تحديات مستمرة، بعضها من صنعها، والآخر فرض عليها، ويعتمد بقاؤها في المستقبل، كما كان في الماضي، على الاختراع والابتكار والإبداع في العمل(ص 84).

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تقرر إحداث لجنة علمية دولية لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي
  • آبل تطلق النسخة التجريبية من خدمة الذكاء الاصطناعي
  • وعود ترامب لليوم الأول في البيت الأبيض.. من المهاجرين حتى الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي وقدرته على تعزيز الذكاء البشري.. قراءة في كتاب
  • العراق في المرتبة التاسعة عربياً في قائمة مؤشر الذكاء الاصطناعي
  • هل يمكن للبشر خسارة المنافسة أمام الذكاء الاصطناعي؟
  • تحذيرات أممية ودولية من مخاطر التصعيد بين لبنان وإسرائيل
  • الأهلي النادي الأول في مصر الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي
  • شركات الذكاء الاصطناعي في خطر.. والسبب الاستثمارات الكبيرة
  • أبرز عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل باستخدام التكنولوجيا