صراحة نيوز-بقلم : د. نعيم الملكاوي / كاتب وباحث سياسي

حين خفّ صوت القصف في سماء الشرق الأوسط، وهدأت طبول المواجهة بين إيران وإسرائيل مؤقتاً، تحوّلت الأنظار من سماء طهران إلى أنفاق غزة، ومن صواريخ حزب الله إلى شظايا المعركة الطويلة في القطاع المحاصر. وكأنّ الصراع لم ينتهِ، بل تبدّل موضعه.

الأسئلة الكبرى اليوم لا تتمحور حول نهاية الحرب فقط، بل حول شكل “اليوم التالي” لغزة: من سيحكم؟ كيف سيُعاد الإعمار؟ وأيّ مستقبل ينتظر حماس ( المقاومة ) ؟ في خضم هذه التساؤلات، تتشكل مجموعة من السيناريوهات التي تتصارع على مائدة القرار السياسي، بتأثير أمريكي مباشر، وتردد إسرائيلي، وتباين عربي، وتوزع فلسطيني.

 

أولاً : وقف إطلاق نار “متدرج” برعاية ثلاثية

تعمل الولايات المتحدة، بالتنسيق مع مصر وقطر، على صيغة وقف إطلاق نار طويل الأمد يبدأ بتبادل للأسرى، وتدفق المساعدات، مقابل تجميد العمليات العسكرية. لكنه ليس اتفاق سلام، بل “هدنة مشروطة”، قد تُبقي على الوضع القائم في بعض أجزائه، خصوصاً بقاء حماس بوضع جديد — أقل تسليحاً وأكثر مراقبة.

 

ثانياً : احتواء حماس بدلاً من اجتثاثها

بعد أشهر من الحرب والاستنزاف، تلوح فكرة “احتواء حماس” لا استئصالها، كخيار واقعي تفرضه الجغرافيا والديموغرافيا. ستُمنع من إعادة التسلح، لكن قد يُسمح لها بدور إداري محدود، بشرط تخليها عن “خطاب المقاومة” العسكري، وانخراطها في سلطة مدنية خاضعة للرقابة الدولية.

 

ثالثاً : إدارة فلسطينية / دولية مؤقتة

من أبرز ما يُطرح الآن هو تشكيل إدارة مدنية فنية، تجمع عناصر من السلطة الفلسطينية مع طاقم دولي، تشرف على الإعمار والخدمات، وتُعد الأرضية لحكومة وحدة فلسطينية. هذه الصيغة تتجنب اصطداماً مباشراً مع حماس، لكنها تسحب منها شرعية الحكم.

 

رابعاً : احتلال غير معلن وإدارة إسرائيلية مباشرة

بعض الأصوات الإسرائيلية تدفع باتجاه إدارة مدنية إسرائيلية مباشرة لبعض مناطق غزة، لا سيما شمالها، تحت ذريعة “منع عودة حماس”. لكن هذا السيناريو يلقى رفضاً دولياً واسعاً، ويُذكّر بتجربة فاشلة قد تُفجّر المنطقة من جديد.

 

خامساً : مجالس محلية تحت سقف الاحتلال

في محاولة لتفكيك البنية التنظيمية لحماس، اختبرت إسرائيل نموذج “المجالس المحلية” المدعومة من وجهاء العشائر أو شخصيات تكنوقراطية او المجموعات المصطنعة، لكن هذه التجربة تفتقر إلى الشرعية الشعبية، وتواجه رفضاً صريحاً من الشارع الغزّي الذي يعتبرها شكلاً جديداً من أشكال الهيمنة الخارجية.

 

سادساً : دور مصري أو عربي موسّع في الإشراف والإعمار

مصر، مدفوعة بعوامل أمنية وجغرافية، تطرح نموذجاً لإدارة شاملة لملف غزة تشمل الأمن والإعمار والتمثيل السياسي، بالتعاون مع بعض الدول الخليجية. ولكن هذه الصيغة تواجه معضلتين: تحفظ حماس، وتردد إسرائيل من إعطاء القاهرة أوراقاً إضافية.

 

سابعاً : وحدة فلسطينية ؟ بين الأمل والخيبة

على الطاولة أيضاً سيناريو حكومة فلسطينية موحدة، تشمل الضفة وغزة، وتستند إلى اتفاقيات مثل “إعلان بكين 2024”. هذا السيناريو هو الأكثر شرعية دولياً، لكنه الأكثر هشاشة واقعياً بسبب الانقسام العميق، وفقدان الثقة بين فتح وحماس، وتضارب المصالح الإقليمية.

 

في الميزان السياسي : تحليل للسيناريوهات المحتملة

• وقف إطلاق نار مشروط : يتيح بقاءاً محدوداً لحماس، تقبله إسرائيل تكتيكياً، ويحظى بقبول دولي متوسط، مع فرص نجاح مؤقتة.
• احتواء حماس : يسمح بإدارة مدنية مشروطة، تتقبله إسرائيل براغماتياً، ويحظى بقبول دولي مرتفع، مع فرص جيدة للتحقق.
• إدارة فلسطينية / دولية مؤقتة : تؤدي إلى تقليص نفوذ حماس، تُقابل بحذر إسرائيلي، وتُقبل دولياً، وفرص تطبيقها قابلة للتحقق.
• احتلال مباشر : يسعى إلى إنهاء كلي لحماس، تدعمه أطراف يمينية إسرائيلية، لكنه مرفوض دوليًا، وفرص نجاحه ضعيفة جداً .
• المجالس المحلية : تهدف لتهميش حماس، بدعم وجهاء محليين، مدعومة من إسرائيل استخباراتياً، لكنها مرفوضة شعبياً ودولياً، وفرصها شبه معدومة.
• الإدارة العربية / المصرية : تطرح استبعاداً لحماس سياسياً، تُقبل إسرائيلياً بحذر، وتحظى بقبول دولي جيد، لكنها مرهونة بتفاهمات إقليمية معقدة.
• حكومة وحدة فلسطينية : تقوم على اندماج مشروط لحماس، تُرفض من قبل إسرائيل، لكنها تحظى بشرعية دولية، وفرص نجاحها مرهونة بإرادة الفصائل.

ختاماً : من يحكم غزة ؟ سؤال ما بعد الدمار والرماد

غزة ليست فقط مسرحاً للحرب، بل ميدان اختبار للمنظومة الإقليمية كلها وللضمير الانساني . حماس لن تُستأصل بسهولة، لكنها أيضاً لن تحكم كما كانت قبل السابع من اكتوبر . إسرائيل لا تريد العودة إلى القطاع، لكنها ترفض مغادرته بالكامل. العرب يريدون الاستقرار، لكنهم مختلفون على من يستحق حمل الراية.
وغزة………..

بين كل هذه السيناريوهات ، تبحث عن يوم طبيعي ، لا يُقصف فيه الأمل ولا تقتل الطفولة على ترابها .

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن أقلام

إقرأ أيضاً:

أستاذ قانون دولي: حرب إسرائيل على إيران غطاء للتعتيم على جرائم غزة

 أكد الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي، أن التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران لا يمكن فصله عن المشهد الدموي المتواصل في قطاع غزة، معتبرًا أن إسرائيل استخدمت الحرب كستار سياسي وأمني لإخفاء جرائمها اليومية بحق المدنيين الفلسطينيين، ولصرف أنظار المجتمع الدولي عن الكارثة الإنسانية المتصاعدة في القطاع. 

الصحة العالمية تسلم شحنتها الطبية الأولى إلى غزةمسئول أممي: المحاكم الدولية على علم بانتهاكات نتنياهو في غزةلا مكان آمنا.. مسئول أممي: الفلسطينيون في غزة يموتون جوعاعائلات المحتجزين الإسرائيليين: المظاهرات ستستأنف هذا الأسبوع من أجل إبرام صفقة بشأن غزة

وقال مهران في مداخلة هاتفية على قناة الحدث اليوم، إن "الاحتلال تعمد توسيع عملياته في غزة بالتزامن مع اندلاع المواجهة مع إيران، بهدف تضليل الرأي العام العالمي وخلق حالة من الانشغال الدولي تُخفف الضغط المتزايد على تل أبيب بسبب الجرائم الموثقة التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني"، مشيرًا إلى أن إسرائيل تدرك تمامًا أن جرائمها في القطاع تُمثل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.

 وأوضح أستاذ القانون الدولي أن الولايات المتحدة شريكة بشكل مباشر في هذا التعتيم، من خلال دعمها السياسي والعسكري لإسرائيل، ما يشكّل خرقًا واضحًا لالتزاماتها الدولية كعضو في الأمم المتحدة وكدولة مُصدّقة على الاتفاقيات المعنية بحماية المدنيين وقت النزاعات.

 وأشار إلى أن ما يحدث في غزة، من قصف للمدنيين واستهداف للطواقم الطبية ومنع وصول المساعدات الإنسانية، لم يعد يُصنف كمجرد تجاوزات عسكرية، بل أصبح يُشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية موثقة بالأدلة والشهادات والمشاهد المصورة. وفي السياق ذاته، شدد الدكتور مهران على أن تحوّل بعض الأصوات الأوروبية كفرنسا للمطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل يُعد تطورًا مهمًا في موقف الغرب، لكنه غير كافٍ حتى الآن للضغط الحقيقي نحو وقف العدوان المستمر.

 وختم تصريحه بالتأكيد على أن محاولات تل أبيب لاستخدام الحرب على إيران كغطاء، لن تُفلح في طمس الحقيقة، مشيرًا إلى أن "الضمير العالمي بدأ ينتبه، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك بجدية لإنهاء العدوان وإنقاذ ما تبقى من أرواح بريئة في قطاع غزة".

طباعة شارك غزة قطاع غزة الاحتلال ايران اسرائيل

مقالات مشابهة

  • إيران بعد الحرب: دولة أُنهِكت… لكنها لم تُهزم
  • إسرائيل هيوم: نتنياهو اتفق مع ترامب على إنهاء حرب غزة خلال أسبوعين
  • أستاذ قانون دولي: حرب إسرائيل على إيران غطاء للتعتيم على جرائم غزة
  • حركة فتح: إسرائيل ترى نفسها منتصرة وخطة فلسطينية مصرية لإعادة إعمار غزة
  • المرشد الإيراني: أمريكا دخلت الحرب لحماية إسرائيل لكنها تلقت صفعة قاسية
  • مؤسسات فلسطينية: إسرائيل حولت سجونها ومعسكراتها لساحات تعذيب
  • القدس: إسرائيل دمرت أكثر من 600 منزل ومنشأة فلسطينية في المدينة منذ بدء حرب غزة
  • نصر على الورق وهزيمة في الميدان.. معركة إيران وإسرائيل تنتهي وسباق الروايات يبدأ
  • فوق الركام: الطالبة سارة تحوّل أنقاض منزلها في خان يونس إلى صف دراسي