سودانايل:
2025-05-19@13:33:00 GMT

الحل السياسي بين الرغائب وأحداث الواقع

تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بدأ الحديث السياسي يأخذ موقعه في خطاب الحرب عند القيادات العسكرية، و التي يقع عليها عبء إدارة شأن البلاد، كان أخر الخطابات ما جاء في إفادات الأستاذ محمد محمد خير الصحافي بعد اللقاء الذي كان قد جمعه بالفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش في بورتسودان.

. و ما يستخلص من الإفادة تشكيل حكومة تكنوقراط بهدف انجاز مهام الفترة الانتقالية، و تكوين جمعية وطنية تراقب الحكومة، و من خلال خطابات القيادات العسكريين الآخرين، نجدهم قد أشاروا إلي أن الجيش هو الذي سوف يشرف على الفترة الانتقالية حتى يسلم البلاد لحكومة منتخبة.. و يفهم أيضا من خطابات القائد العام للجيش و نائبه و مساعديه انهم يحاولون دفع القوى السياسية، و خاصة التي تقف بجانب الجيش في الحرب التي يخوضها ضد الميليشيا أن تفكر في القضايا و الآراء المطروحة، و تقدم تصوراتها عليها، أو أن تفتح حوارات في هذه الأفكار فيما بينها.. و فتح حوار سياسي عبر الأفكار المرسلة يؤكد أن الجيش بدأ يفرض سيطرته بشكل كامل على مجريات الحرب، خاصة أن قيادات الجيش نفسها قالت في العديد من خطاباتها أن العملية السياسية تبدأ بعد الانتهاء من الحرب.. ففتح الحوار حولها الآن تبين أن قيادة الجيش تتحكم على مجريات الحرب و السيطرة..
القضية الأخرى أيضا التي تفهم من هذه الخطابات، أن قيادة الجيش تحبذ النصر العسكري الذي يغيب الميليشيا من المشهدين السياسي و العسكري مستقبلا، و أن التفاوض مع الميليشيا لن يتم إلا إذا استطاعت أن تخرج من منازل المواطنين، و أيضا من مؤسسات الدولة إذا كانت سيادة مثل القصر الجمهوري، أو مؤسسات خدمية، و من واقع الأحداث الجارية أن قيادة الميليشيا ليس لديها أي سيطرة على عناصرها، الأمر الذي يقلل فرص أي تفاوض في المستقبل.. القضية الأخرى أن الأجندة السياسية التي كانت مطروحة قبل الحرب أو حتى الشهور الأولى و التي نشطت فيها عدد من الدول إلي جانب الاتحاد الأفريقي و منظمة الإيغاد قد تجاوزتها الأحداث، كما أن الحرب نفسها خلقت واقعا جديدا أفرز قيادات جديدة لها لحمة قوية مرتبطة بالجماهير، خاصة الذين قدموا ارواحهم فداء للوطن من خلال المشاركة في الحرب بالسلاح. هذا واقع جديد فرضته الأحداث يجب النظر إليه بعقلانية. كما أن الأجندة نفسها بدأت تتغير.. بالأمس كانت تفرض السياسة شيئا من المناورة في الخطاب السياسي، باعتبار أن السياسة تؤسس على المصالح إذا كانت فردية أو حزبية، أما في ظل الحرب تغيب المصالح تماما و تبقى وحدة الوطن و الدفاع عنه هي المصلحة العليا، الأمر الذي دفع أغلبية الشعب أن يقف إلي جانب الجيش مما يؤكد على الوعي الشعبي، و أي أجندة أخرى دون ذلك غير مطروحة للحوار.. لذلك غابت المناورة و أصبح الحديث يفرضه واقع الحرب.. مما جعل قيادات الجيش تحدثت بشكل واضح أن الفترة الانتقالية سوف تكون تحت إشراف الجيش. و أن تكون حكومة الفترة الانتقالية مكونة من التكنوقراط حتى لا يقع أي جدل سياسي يخل بالأمن في البلاد. معلوم بعد الانتهاء من الحرب، أن البلاد تحتاج إلي فترة زمنية يعاد فيها الاستقرار الأمني و الاجتماعي و السياسي، من خلال جمع السلاح حتى يكون فقط عند القوات المسلحة، و أيضا تحتاج البلاد لإعادة التعميير و إعادة كل الخدمات " الكهرباء و الماء و الصحة و التعليم... الخ" و تمشيط البلاد من المرتزقة و كل الأجانب، خاصة أن الحرب قد بينت أن الأجانب في السودان بهذه العداد الكبيرة دون أوراق ثبوتية كانت في ضرر البلاد.. و هؤلاء أصبحوا داعمين للميليشيا في حربها.
أن الأحداث المتلاحقة بالضرورة تؤثر في الأجندة المطروحة، و أيضا تفرز قيادات جديدة لها قدرة على مواجهة التحديات الجديدة، و العقل السياسي الذي فشل في إدارة الأزمة قبل الحرب، أو بمعنى أصح قاد الأزمة للحرب، لن يكون مقبولا شعبيا ألى أدارة الأزمة بعد الحرب، و كما كانت تقول قيادات قحت لا يمكن تجريب المجرب.. مع هذا الوصف للواقع، و تناولنا فكرة الجمعية الوطنية التي تحدث عنها الفريق أول البرهان في لقاءه مع محمد محمد خير هي نفسها إشكالية.. لأن الجمعية الوطنية إذا لم تكن منتخبة لا تستطيع أن تؤدي دورها بجدارة، و يصبح أعضائها خاضعين للجهة التي قامت بتعينهم، و الأفضل منها الدعوة في ظرف سنة إلي المؤتمر الدستوري بهدف صناعة الدستور من خلال حوار بين القوى السياسية. أن فكرة تبني دستور 2005م باعتباره الدستور الذي شاركت فيه كل القوى السياسة فكرة صائبة، سوف يكون الدستور محتاج لمراجعات فقط في المواد التي لا تتلاءم مع عملية التحول الديمقراطي. و إذا قبل دستور 2005م تطرح مناقشته في كل الولايات بما فيها الخرطوم و كل هؤلاء يقدمون توصياتهم في التعديل، ثم تكون لجنة قومية تشارك فيها الأحزاب من خلال ممثلين لصياغة الدستور. ثم يطرح للإستفتاء الشعبي.. و بعد الانتهاء من الدستور تبدأ العملية الانتخابية في البلاد، تبدأ بإنتخاب المجالس المحلية و الولايات ثم الانتخابات العامة للمركز " الفدرالية" و إذا تم الاتفاق على نظام رئاسي تبدأ بانتخاب الرئيس.
الملاحظ : أن القوى السياسية وقف عقلها عند شعار " لا للحرب" و عجزت أن تخرج من هذه الدائرة، و تقدم أراء للحل، و بعض منها اعتقادا منهم أن الدعوة لوقف الحرب الهدف منها هو أن تكون هناك مفاوضات بين الجيش و الميليشيا للوصول لتسوية سياسية تعيدهم مرة أخرى للسلطة. أن العودة لأجندة ما قبل الحرب قد تجاوزتها الأحداث تماما. و هناك الفكرة التي قدمها الأستاذ تاج السر عثمان بابو في مقال كتبه بعنوان " لا بديل غير الحل الداخلي" تقول أحدى فقرات المقال ( مهم أن ننطلق من الحلول الداخلية باعتبارها العامل الحاسم التي للحركة السياسية و الجماهيرية السودانية تجربة واسعة حولها مثل؛ الاجتماع على استقلال السودان في أول يناير 1956م بعيدا عن مصر و بريطانيا و الأحلاف العسكرية التي كانت سائدة وقتها إضافة للوحدة في ثورة أكتوبر 1964م ، و انتفاضة مارس إبريل 1985م و ثورة ديسمبر 2018م) هذا تقدم كبير أن تأتي مثل هذه الفكرة من أحد قيادات الحزب الشيوعي يؤكد فيها أن التوافق بين القوى السياسية يعتبر أول عتبة يمكن الصعود عليها من أجل الحل الوطني. لكن هل الزملاء يوافقون على هذا الحل التوافقي، لأنه سوف تقدم فيه تنازلات من قبل الجميع بهدف الوصول للحل. و النظام الديمقراطية و التبادل السلمي للسلطة لا يتم إلا بالتوافق الوطني. و الحزب الشيوعي درج إلي أن يفرض آرائه على الأخرين، و يطالبهم بالتنازل كأن رؤيته " مقدسة" يجب على الكل احترامها دون السؤال عن التنازل.. الفكرة جيدة و الكل يريد أن يكون الحل سوداني سوداني بعيدا عن أي تدخلات خارجية. باعتبار أي تدخل خارجي يريد فرض أجندته.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفترة الانتقالیة القوى السیاسیة من خلال

إقرأ أيضاً:

في عامها الثالث للحرب.. الشبكة الشبابية السودانية تتحرك بحملة «رؤية جيل» من المشاورات إلى الفعل السياسي 

 

أطلقت الشبكة الشبابية لإنهاء الحرب و استعادة المسار المدني الديمقراطي أمس الخميس حملة «رؤية جيل» في العاصمة الأوغندية كمبالا وسط حضور واسع من الشباب والمهتمين بالشأن السياسي والإنساني في السودان.

التغيير – فتح الرحمن حمودة

وشملت فعالية التدشين ندوة حوارية ناقشت دور الشباب في إنهاء النزاع وبناء السلام بمشاركة عدد من الناشطين الفاعلين.

وخلال الندوة أكدت سندس حسن عضو الشبكة أن الحملة ليست حكرا على المنفى وقالت هناك فعاليات موازية تقام داخل السودان وسنواصل العمل في دول أخرى خلال الفترة المقبلة لان الحرب تمر بمرحلة قاسية جدا وهذه الفعاليات تمثل خطوة نحو فهم أعمق لما نريد كجيل يتطلع لتغيير جذري .

وتأتي الحملة في ظل دخول الحرب السودانية عامها الثالث وما خلفته من أوضاع إنسانية غير مسبوقة من نزوح واسع وانهيار في الخدمات وتشظ اجتماعي متصاعد.

و بحسب الشبكة تسعى الحملة إلى حشد جهود الشباب للمساهمة في إنهاء الحرب وتحقيق سلام عادل وضمان تحول مدني ديمقراطي شامل.

و تضمنت فعالية التدشين عروضا فنية وثقافية من بينها عرض فيلم وثائقي عن تأثير الحرب على السودانيين إضافة إلى فقرات غنائية ومسرحية ومعرض صور يعكس واقع النزوح والشتات.

و أوضح عبد الماجد محمد عضو مكتب الشبكة في أوغندا في حديثه لـ  « التغيير » أن الحملة تمثل امتدادا لمشروع المشاورات الشبابية الذي انطلق في نوفمبر 2024 واستمر حتى 2025 مستهدفا أكثر من 2500 شاب وشابة من ست دول من بينها السودان وأضاف أن المشروع كان يهدف إلى استيعاب رؤى الشباب حول الحرب والسلام، ومستقبل البلاد.

وأشار إلى أن نتائج المشاورات خضعت لتحليل من قبل فرق متخصصة وتم تطويرها خلال ورشة عقدت في مارس الماضي بالعاصمة الكينية نيروبي ما أدى إلى صياغة وثيقة سياسية تلخص تطلعات الشباب مع التركيز على قضايا اللاجئين والشباب المهاجرين.

وأكد عبد الماجد أن رؤية جيل شهدت حتى الآن تواصلا مع نحو 21 جسما شبابيا من مبادرات ومنظمات يقودها الشباب انخرط العديد منها في العمل ضمن فرق الحملة كما أشار إلى أن أحد أبرز التحديات التي تم رصدها هو التهميش السياسي المستمر للشباب السوداني وهو ما تسعى الحملة لمعالجته من خلال الضغط باتجاه تمثيل عادل لهم في مواقع اتخاذ القرار .

و رؤية جيل هي حملة مناصرة شبابية أطلقتها الشبكة بالشراكة مع عدد من الجهات الفاعلة وتفتح الحملة أبوابها أمام كل سوداني وسودانية يؤمنون بوطن موحد يسوده السلام والاستقرار، ويسعى لتحقيق تحول ديمقراطي شامل.

و تستهدف الحملة الشباب السوداني داخل البلاد وخارجها ممن يمتلكون إرادة حقيقية لوضع حد للحرب والمساهمة الفاعلة في بناء سلام عادل وصون وحدة السودان ودفع عملية الانتقال المدني الديمقراطي.

و تهدف «رؤية جيل » إلى تمكين الشباب والشابات من لعب دور محوري في إنهاء الحرب من خلال خلق فضاء جامع يعبر عن تطلعات الجيل الجديد ويعزز من مشاركتهم السياسية والاجتماعية لبناء مستقبل آمن وعادل لكل السودانيين.

و تؤمن الحملة بأن إنهاء النزاع يتطلب توافقا على مبادئ وأسس عادلة وتعاونا جماعيا يعكس روح المسؤولية والتشارك بين مكونات المجتمع وعلى رأسها الشباب.

الوسومإيقاف الحرب حملة شبابية رؤية جيل روح المسؤولية

مقالات مشابهة

  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • خط السيطرة في كشمير فاصل الأمر الواقع الذي فرضته الحروب
  • أوربان يدعو أوروبا للحاق بالنهج الأميركي في أوكرانيا: "الحل في التفاوض مع موسكو لا في العقوبات"
  • أبو الغيط: العراق هو الدولة الأولى التي تترأس القمتين السياسية والاقتصادية
  • الزيدي: فلسطين كانت العنوان الأبرز في قمتي بغداد السياسية والتنموية
  • الكوني يؤكد دعم الجهود السياسية لاستقرار البلاد
  • فيديو ذكاء اصطناعي يثير تفاعلا خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية
  • في عامها الثالث للحرب.. الشبكة الشبابية السودانية تتحرك بحملة «رؤية جيل» من المشاورات إلى الفعل السياسي 
  • رئيس وزراء فلسطين: لا حرج في الإصلاح السياسي للسلطة.. والانتخابات بعد انتهاء الحرب
  • تنويه عاجل من الأرصاد بشأن الموجة شديدة الحرارة التي تضرب البلاد غدًا